فصل [في المسح على الخفين والجبيرة] فإن كان عليه خفان ونحوهما مسح عليهما،
[باب: المسح على الخفين والجبيرة] . قوله: (فإن كان عليه خفان ونحوهما مسح عليهما): المسح على الخفين مشهور، وهو مما نقل بالتواتر، ولم ينقل عن أحد من السلف إنكاره إلا عن المبتدعة كالخوارج والروافض ونحوهم، فالرافضة إلى الآن ينكرونه، أما أهل السنة فيعتقدونه، حتى إنهم جعلوه من جملة العميدة وذكروه في كتب العقيدة كما في الطحاوية وغيرها؛ لأن المخالفين فيه هم المخالفون في العقيدة، ولأنهم مخالفون للنصوص القطعية، قال الإمام أحمد: ليس في نفسي من المسح شيء، فيه أربعون حديثا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أي: الأحاديث الثابتة، وإلا فهي لثر، فقد سرد صاحب (نصب الراية) ستة وخمسين حديثا عن ستة وخمسين صحابيا. والخف: اسم لنعل مصنوع من جلود ويجعل فوق ظهرها جلد آخر تربط به ويخرز فيه، ويجعل لها ساق أيضا من جلود، ثم يعقد على الساق، وتسمى قديما (الزوبول) وهي لغة فصيحة أيضا، وإن كان نوعا من أنواعها. ومن أنوعها (الجرموق): وهو خف طويل له ساق، ومما يشابهها (البسطار) الذي يلبسه العسكر ونحوهم، فإنه يستر القدم كلها، ويستر الواجب فرضه إلى نصف الساق أو ربعه، فيمسح على هذا كله إذا تمت الشروط. وأما ما يسمى بالشراب ويعرف بالجورب، فهذه في المسح عليها خلاف، فقد ذهب الإمام أحمد إلى جواز المسح عليها إذا كانت صفيقة، ولم ير ذلك بقية الأئمة، وقالوا: لأن الماء يخرقها، فلا يصح المسح عليها إذا كانت منسوجة من القطن أو الصوف أو ما أشبهها ولكن الحاجة داعية إلى ذلك فيجوز المسح عليها بشرط أن تكون صفيقة بحيث تستر البشرة، وتحصل بها التدفئة، لأن القصد من لبسها تدفئة القدم. ودليل الإمام أحمد فعل الصحابة، فقد روى عن ثلاثة عشر صحابيا أنهم مسحوا على الجورب، وينتبه إلى أن كثيرا من الناس يتساهلون فيمسحون على الجوارب وهي رقيقة أو مخرقة، وهذا لا يجوز. وأما الخف المخرق فإنه يمسح عليه؛ لأن أخفاف الصحابة كان بها خروق غالبا.