قوله: [ 3- الترتيب في الطهارة الصغرى، فيلزم من جرحه ببعض أعضاء وضوئه إذا توضأ أن يتيمم له عند غسله لو كان صحيحا، 4- الموالاة، فيلزمه أن يعيد غسل الصحيح عند كل تيمم ] قال في الإنصاف . وقال الشيخ تقي الدين لا يلزمه مراعاة الترتيب، وهو الصحيح من مذهب أحمد وغيره. وقال: الفصل بين أعضاء الوضوء بتيمم بدعة. فإذا خرج الوقت الذي تيمم فيه لبعض أعضاء وضوئه أعاد التيمم فقط.
الشرح: الشرط الثالث من شروط التيمم الترتيب، وهو البدء بالوجه قبل اليدين كما في الوضوء، وخصوا ذلك بالتيمم عن الحدث الأصغر، فإنه الذي يجب فيه الترتيب، بخلاف التيمم عن الغسل، فلا يلزم فيه الترتيب كأصله، أي الغسل، فإنه لا يجب فيه الترتيب. ومن لازم اشتراط الترتيب في التيمم عن الحدث الأصغر أنه إذا احتاج إلى التيمم عن أحد أعضاء الوضوء أتى بالتيمم عند موضع غسل ذلك العضو، كما لو جرح في ذراعه، فإنه يغسل وجهه ثم يتيمم عن ذراعه، ثم يغسل بقية أعضاء الوضوء، فيأتي بالتيمم أثناء الوضوء، ولا شك أن هذا صعب وفيه مشقة، حيث إن يديه لا تزال رطبة، فإذا علق بها الغبار يبتل بما فيها من الرطوبة، فلذلك أنكره الشيخ تقي الدين ابن تيمية - رحمه الله- وذكر أن التيمم أثناء غسل أعضاء الوضوء بدعة، بل من لزمه التيمم عن جرح في أعضاء الوضوء فله تأخيره إلى الانتهاء من الوضوء ونشاف أعضائه، ومتى قيل ببطلان التيمم بخروج الوقت وكان قد توضأ وتيمم عن بعض أعضاء وضوئه، فإنه لا يعيد الوضوء كله كل وقت، بل يقتصر على التيمم لذلك الوضوء، ولا نحكم ببطلان وضوئه. وأما الموالاة فمعناها أن يوالي في المسح بين وجهه ويديه ولا يفرق بينهما تفريقا طويلا بحيث ينشف لو كان مغسولا، فأما إعادة غسل الصحيح من أعضائه عند تجديد التيمم فليس بجيد، بل الصحيح أنه لا يعيد غسل الصحيح إلا إذا انتقض وضوءه بشيء من النواقض المشهورة، فإذا قلنا بمشروعية التيمم لكل صلاة وكان التيمم لأجل جرح أحد أعضاء الوضوء فإنه يقتصر على التيمم بنية طهارة ذلك العضو الذي لم يغسل، أما الأعضاء المغسولة فقد ارتفع عنها الحدث، فلا حاجة إلى إعادة غسلها لأجل الموالاة بينها وبين عضوه الجريح الذي تيمم عنه.