قوله: [والموالاة] لحديث خالد بن معدان أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلا يصلي وفي ظهر قدميه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء فأمره أن يعيد الوضوء رواه أحمد وأبو داود وزاد والصلاة ولو لم تجب الموالاة لأمره بغسل اللمعة فقط.
الشرح: الفرض السادس من فروض الوضوء: الموالاة وهي عبارة عن الإتيان بجميع الطهارة في زمن متصل عادة دون تفريق كثير، ودليل ذلك قوله تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وجواب الشرط وهو
فاغسلوا يكون متتابعا لا يتأخر، ولأنه -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلا يصلي وفي ظهر قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء، فأمره أن يعيد الوضوء والصلاة، فلو لم تكن الموالاة فرضا لاكتفى -صلى الله عليه وسلم- بأمره بإعادة غسل الرجلين دون غيرها من أعضاء الوضوء. وحقيقة الموالاة أن لا يؤخر غسل عضو حتى ينشف الذي قبله، فلا يؤخر غسل اليدين مثلا حتى يجف وجهه، أو يؤخر مسح الرأس حتى تجف اليدان، أو يؤخر غسل الرجلين حتى يجف الرأس، بل يوالي بين وضوئه. والعبرة في ذلك بالزمن المعتدل احترازا من زمن الشتاء والرطوبة الذي يتأخر فيه جفاف الأعضاء، وزمن الحر والريح الذي يسرع فيه جفافها. وقد ذهب بعض العلماء إلى أن الموالاة سنة وليست بفرض؛ لأن الله قد أمر بغسل الأعضاء، وهذا يحصل بالتوالي وبالتفريق. والصواب أن الموالاة فرض من فروض الوضوء- لما سبق من الأدلة- ولكنها تسقط إذا اشتغل الإنسان بأمر يتعلق بالطهارة، فمثلا لو كان في أحد أعضاء المتوضئ حائل يمنع وصول الماء إليه فاشتغل بإزالته حتى نشف العضو السابق، فإن هذا لا يضره ولا يمنع الموالاة؛ لأنه قد اشتغل بأمر يتعلق بالطهارة، أما إذا فاتت الموالاة بأمر لا يتعلق بالطهارة فإنه يعيد وضوءه من جديد.