رغم ازدهار صناعتي السينما والكمبيوتر وانتشارهما بشكل كبير، ورغم زيادة استخدام التكنولوجيا في صناعة السينما، فإن التعاون بينهما في مجال البث عبر الإنترنت مازال محدودا جدا، ويعود السبب في جزء كبير منه إلى عملاق صناعة البرمجيات، شركة مايكروسوفت، التي تثير مخاوف عديدة في أوساط هوليوود.
وتعزو هوليوود مخاوفها إلى عدم وضوح الدوافع وراء محاولات شركة مايكروسوفت دخول سوق السينما، وإلى تجربتها الاحتكارية في صناعة البرمجيات.
على أن مخاوف استوديوهات السينما في هوليوود مرده هذه الأيام اتساع نطاق القرصنة الرقمية، كما حدث، ومازال يحدث في صناعة الموسيقى؛ فالقرصنة قد تحطم أرباح صناعة السينما، بل وقد تتسبب في إحداث خسائر هائلة لها.
ولعل أهم دواعي خوف هوليوود من مايكروسوفت هما، أولاً: قدرة الأخيرة على شراء الشركات، وفي هذه الصدد تقول مايكروسوفت إن لديها القدرة والمعرفة لصناعة التكنولوجيا، لكنها لا تعرف شيئاً عن السينما.
أما السبب الآخر، فهو أن استوديوهات السينما تنظر إلى الكمبيوتر باعتباره أداة الجريمة التي استخدمت في محاولة تحطيم صناعة الموسيقى.
من جانبها قامت مايكروسوفت بالعديد من المحاولات لتبديد مخاوف هوليوود، حيث كشفت للجهات المعنية في صناعة السينما عن جانب من الشفرة المستخدمة في ضغط ملفات الوسائط المتعددة الضخمة، وهو ما يعد بادرة حسنة من جانب مايكروسوفت.
كذلك عرضت مايكروسوفت إمكانية التوصل إلى اتفاقيات طويلة الأجل مع استوديوهات السينما في هوليوود تتعهد بموجبها بعدم رفع أسعار النسخ الجديدة من برامجها.
إلى ذلك، أصبحت هوليوود بحاجة ماسة إلى أدوات وبرامج لضغط ملفات الكمبيوتر الضخمة، وبخاصة الرقمية منها، والتي تحتوي على الجيل التالي من الصور متناهية الدقة، وتصغر حجمها بحيث يمكن تسجيله على قرص فيديو مدمج (دي في دي) أو إرساله عبر الإنترنت.
وحققت الشركة من وراء هذه المحاولات نجاحاً محدودا جدا، حيث توصل قسم الإنترنت في مايكروسوفت، المعروف باسم "أم أس إن" (MSN) إلى وضع رابط في موقعها لخدمات إعارة الأفلام عبر الإنترنت من قبل شركة "بلوك باستر".
بالإضافة إلى ذلك، هناك شركة "السينما الآن" (CinemaNow)، وهي من الشركات النادرة لتقديم الأفلام عبر الإنترنت في هوليوود؛ وتتبنى هذه الشركة تقنيات مايكروسوفت وتعتمد عليها بشكل حصري في بث وحماية وعرض الأفلام عبر الإنترنت.
يذكر أن مايكروسوفت تعتبر من كبار المستثمرين في هذه الشركة، التي تمتلك أيضاً ستوديو "ليونز غيت" المستقل للإنتاج السينمائي.
وكانت مايكروسوفت قد واجهت العديد من القضايا بتهمة الاحتكار، ولعل آخر قضية، تلك التي قام الاتحاد الأوروبي بفرض غرامة تصل إلى 613 مليون دولار، ومطالبة الشركة بفصل برنامج عرض الوسائط المتعددة عن نظام التشغيل "ويندوز".