إِبلا (تل مرديخ)
الناقل :
elmasry
| الكاتب الأصلى :
عيد مرعي
| المصدر :
www.arab-ency.com
إِبلا (تل مرديخ)
إبلا
Ebla
مدينة أثرية قديمة كانت حاضرة مملكة عريقة وقوية ازدهرت في شمالي
سورية
في منتصف القرن الثالث قبل الميلاد، فبسطت نفوذها على المناطق الواقعة بين هضبة
الأناضول
شمالاً وشبه جزيرة
سيناء
جنوباً، ووادي الفرات شرقاً وساحل المتوسط غرباً، وأقامت علاقات تجارية ودبلوماسية وثيقة مع دول المنطقة مثل
مصر
وبلاد الرافدين، وقد حار العلماء في تحديد م
كان
إبلا فلم يعثروا لها على أثر حتى كشفت عنها بعثة أثرية
إيطالية
من جامعة رومة يرأسها عالم
الآثار
باولو ماتييه
Paolo Matthiae
كانت تتولى التنقيب في موقع
تل مرديخ
قرب بلدة سراقب محافظة إدلب على مسافة نحو 55 كم جنوب غرب
حلب
.
التنقيبات والكشوف
شرعت البعثة ال
إيطالية
في أعمال تنقيب منظمة منذ عام 1964م في موقع تل مرديخ، ولم يكن أحد يتوقع أن الحفريات في هذا التل ستؤدي إلى الكشف عن حاضرة إحدى أهم ممالك الشرق الأدنى القديم عامة و
سورية
القديمة خاصة في مدينة إبلا.
و
كان
ذكر إبلا قد ورد أول مرة في وثائق تعود إلى عصر
شروكين
الأكدي، مؤسس الإمبراطورية الأكدية (2340 - 2284 ق.م)، إذ يقول أحد الألواح، «
شروكين
الملك خرّ خاشعاً في توتول أمام دجن وصلى،
الأرض
العليا أعطاه:
ماري
- يارموتي - إبلا وحتى غابة الأرز وجبال الم
عدن
الثمين» ويقصد من هذا القول أن الإله دجن أعطى
شروكين
المنطقة الممتدة من مدينة
ماري
على الفرات حتى جبال
الأمانوس
على ساحل
البحر
المتوسط، و
كان
يدعى
البحر
الأعلى. كذلك ورد ذكر إبلا في نصوص رافدية وغير رافدية كثيرة من غير تحديد لمكانها، واختلف العلماء في موقعها فمنهم من رأى أنها تقع في وادي البليخ، واعتقد آخرون أنها في منطقة ماردين، وافترض فريق ثالث وجودها في أماكن أخرى. وظلت البعثة ال
إيطالية
تقوم بالحفريات في
تل مرديخ
عدة سنوات قبل أن تعرف اسمه القديم عام 1968، عندما عثرت على تمثال من
البازلت
لأحد ملوك إبلا المدعو إيبيط - ليم
Ibbit - Lim
بن إغريش - خيبا
Igrish - Chepa
، والتمثال في الواقع ليس كاملاً، فالرأس مفقود ولم يبق من التمثال إلا الجذع، ولكن المهم فيه وجود كتابة مسمارية باللغة الأكدية مؤلفة من 26 سطراً على الجزء العلوي من صدر التمثال. تقع هذه الكتابة في قسمين غير متساويين يتضمن الأول تقديم نذر (جرن للتطهر) إلى الربة عشتار، ويتضمن الثاني وَقف تمثال الملك للإلهة
عشتار
. وقد بينت هذه الكتابة أن الاسم القديم لهذا الموقع هو إبلا، لورود كلمة إبلا مرتين في النص، مرة صفة ومرة اسماً. ومع ذلك رفضت طائفة من العلماء في البدء هذه المطابقة ولم يقتنعوا بأن
تل مرديخ
هو موقع إبلا.
إلا أن كشف المحفوظات الملكية في هذا الموقع في عامي 1974 و1975 لم يدع مجالاً للشك في أن إبلا تقوم في موقع
تل مرديخ
.
تعود المحفوظات الملكية إلى النصف الثاني من الألف الثالث قبل الميلاد، نصوصها مكتوبة بالخط المس
ماري
وبلغة جديدة لم تكن معروفة سابقاً، ويرى ماتييه أن التمثال يعود، لدواع تاريخية وفنية، إلى حقبة ما بين 2000 - 1900 ق.م. وتؤيد ذلك الحجج الكتابية واللغوية لتاريخ
الكتابة.
ثم إن استخدام اللغة الأكدية لكتابة النص على التمثال يدل على حدوث تحول في ثقافة إبلا نحو عام 2000ق.م. كما أن ركاكة الكتابة وعدم دقتها يدلان على تراجع ثقافي.
تاريخ إبلا من النصوص غير الإبلوية
ورد قبلاً أن إبلا ذكرت أول مرة في نص ل
شروكين
الأكدي. كذلك يفاخر حفيده نارام سين
(2259- 2223 ق.م) بأنه أخضع أرمان وإبلا والمنطقة كلها حتى جبال
الأمانوس
وشاطئ
البحر
.
وتبدو آثار حريق كبير في بقايا قصر إبلا الملكي (القصر
G
) العائد للألف الثالث قبل الميلاد، والذي كشف عام 1974. ومن الواضح أن نارام سين
كان
السبب في هذا الحريق، والظاهر أن قوة إبلا التجارية وسيطرتها على طرق المواصلات أجبرتاه وجدّه من قبله على القيام بحملة عسكرية كبيرة على هذه المملكة التي بات نفوذها يهدد مصالح الدولة الأكدية وقد استطاع نارام سين القضاء على نفوذ إبلا في أعالي بلاد الرافدين و
الأناضول
وسورية، ولكنها استمرت في الحياة من بعده إذ يرد ذكرها في وثائق تعود إلى عهد السلالة الثانية في لاغاش
Lagash
(2150 - 2110ق.م) فقد كانت شريكاً تجارياً مهماً لبلاد ما بين النهرين في هذه الحقبة، إذ
كان
غوديا
Goud
éa
حاكم لاغاش (نحو 2143 - 2124 ق.م) يستورد منها الأنسجة الكتانية وأخشاب الصنوبر والدُّلب وغيرها.
ويشير أحد النصوص من الحقبة نفسها إلى ثلاث قطع من نسيج كتاني من إبلا، يعادل طول الواحدة منها 22.5م. ولكن معظم الإشارات إلى إبلا تظهر في نصوص السلالة الثالثة في أور
Our
(2112 - 2004 ق.م)، وتدور على الأغلب حول جرايات لسعاة وتجار وأناس عاديين من إبلا، وكذلك حول تقديم هدايا ونذور من أشخاص من إبلا لمعابد سومر وآلهتها.
واستمرت علاقات إبلا مع بلاد الرافدين بعد سقوط امبراطورية أور الثالثة إذ يرد ذكر إبلا في نصوص تعود إلى هذه الحقبة. فالقائمة
الجغرافية
البابلية الكبرى تذكر مدينة إبلا، والعمل الأ
دبي
المسمى رحلة نانا إلى نيبور يذكر غابة إبلا بوصفها مصدراً لخشب البناء. وتوجد من العصر الآشوري القديم رسالة تبين أن مواطنين من إبلا سافروا لأغراض تجارية إلى كاروم كانيش، المستوطنة التجارية الآشورية المشهورة في قيادوقية الواقعة في قلب
الأناضول
والتي ازدهرت في القرن التاسع عشر قبل الميلاد. كانت إبلا في هذه الحقبة مملكة مستقلة، وتؤكد ذلك الكتابة على تمثال إيبيط - ليم والمعلومات الواردة عن إبلا في نصوص
ألالاخ
(موقع تاريخي في شمال سورية) الطبقة السابعة.
كانت تسكن إبلا آنذاك عناصر من الآموريين والحوريين، ويُستدل على ذلك من اسم إيبيط - ليم الأموري واسم أبيه إغرش - خيبا الحوري المذكورين في النص المنقوش على التمثال. وتذكر نصوص الطبقة السابعة من
ألالاخ
(نهاية القرن 18 وبداية 17 ق.م) إبلا عدة مرات. فهناك نصان يشيران إلى رحلات ملك
ألالاخ
أو سعاته إلى إبلا. ونص مؤرخ بالسنة التي حدث فيها زواج ملكي «تلك السنة التي اختار فيها أميتاكُو
Ammitaku
ملك
ألالاخ
ابنة حاكم إبلا زوجة لابنه». وهناك نص آخر يخبر عن شراء تاجر من
ألالاخ
(القرن 15 ق.م) مواطناً من إبلا يحمل اسماً حورياً، كما يرد من العصر الآشوري الوسيط ذكر ساعٍ لملك إبلا جاء إلى آشور. كذلك يرد ذكر إلهة إبلا في قائمة للآلهة تعود إلى هذه الحقبة. ويضاف إلى ذلك أن إبلا تذكر في المصادر الحثية والحورية والمصرية، مرة في كل منها، في حين لايرد ذكرها في نصوص أُغاريت.
ويبدو من المصادر الرافدية وغير الرافدية التي تذكر إبلا أن هذه المدينة
كان
لها شأن سياسي وتجاري كبير في تاريخ الممالك القديمة الواقعة شرق
البحر
المتوسط في النصف الثاني من الألف الثالث قبل الميلاد. وبدون ذلك يصعب فهم حملات الملكين الأكديين،
شروكين
ونارام سين، على إبلا. ولم يرد ذكر إبلا في نصوص
ماري
المكشوفة حتى عام 1990 ولعل ذلك راجع إلى اضمحلال دورها السياسي وبروز
حلب
عاصمة لمنطقة شمالي
سورية
.
تاريخ إبلا من النصوص الإبلوية
الحياة السياسية:
ترد في نصوص المحفوظات الملكية أسماء خمسة ملوك حكموا إبلا، ويمكن ترتيبهم على النحو التالي: (1) إغريش - خلام
Igrish
-
Khalam
،
(2)
إركب - دامو
Irkab - Damu
، (3) أر - إِنّوم
Ar - Ennum
(4) إبريوم
Ebrium
، (5) إِبِّي زكر
Ibbi - Zikir
والعلاقة ما بين الملوك الثلاثة الأُول غير معروفة حتى الآن، في حين
كان
الرابع أباً للخامس ويضيف عالم
الآثار
الإيطالي جيوفاني بتيناتو إلى هذه القائمة ملكاً آخر هو دُوبُوشو - هادا
Dubuchu - Hada
ويرى أنه
كان
ابن إِبّي زِكِر.
ولكن تجدر الإشارة هنا إلى أن تسلسل الملوك المذكور لايحظى بتأييد كل المشتغلين في الدراسات الإبلويّة، ولايمكن عدَّه نهائياً إذ إن قراءة النصوص توفر باستمرار معلومات جديدة.
يبدو أن إغريش - خلام
كان
المؤسس بين الملوك الذين حكموا إبلا في العصر الذي تعود إليه المحفوظات الملكية، أو هو على الأقل أقدم ملك إبلويّ معروف من هذه الحقبة. يمتد عصر المحفوظات الملكية نحو مئة وخمسين سنة، وقد قُدر في البداية أنه ما بين 2400 - 2250 ق.م. ولكن بعد دراسة النصوص المكشوفة تبين أن هناك تشابهاً كبيراً في شكل الكتابة، وعلاقة ثقافية قوية كانت تقوم بين إبلا وموقع
أبو صلابيخ
في بلاد الرافدين، وهذا ما جعل بتيناتو يرجع التاريخ السابق مئة سنة إلى الوراء، إي إن تاريخ المحفوظات يعود إلى 2500 ق.م، ولم يؤيد هذا التاريخ الجديد علماء البعثة ال
إيطالية
المنقبة في
تل مرديخ
وعلى رأسهم باولو ماتييه مع أن هذا التاريخ تؤيده معلومات تاريخية وتجارية وثقافية في نصوص المحفوظات الملكية.
ولاتذكر ألواح محفوظات إبلا أكّد في حين تذكر مدناً رافدية أخرى منها كيش وآداب. لذلك يظهر أن عصر المحفوظات الملكية سبق قيام أكد و
كان
معاصراً لسلالة كيش الأولى
(2600 - 2500 ق.م). وثمة برهان آخر يؤكد هذا التاريخ هو تكرار ذكر الإله زابابا، إله مدينة كيش، في النصوص الأدبية الإبلويّة، كذلك
كان
مدرسون للحساب يأتون من كيش إلى إبلا، مما يدل على أن العلاقات بين المدينتين كانت متينة، وتوجد نصوص تذكر أيضاً ملك كيش
Iugal - Kis (Ki)
ويذكر أحد النصوص شخصاً اسمه
Me - Sa - Li - Ma
وهذا يذكِّر على الفور باسم ملك كيش الذي حكم نحو 2600 ق.م. ويستنتج من هذه الوقائع أن سلالة إبلا كانت معاصرة لسلالة ميسليم في كيش في بلاد الرافدين، وللأسرة الرابعة في
مصر
.
كانت إبلا في عصر المحفوظات الملكية مملكة مستقلة مزدهرة يحكمها ملك يحمل لقباً سومرياً يعني «سيد» ويقابله في اللغة الإبلوية لقب «ملك» و
كان
الملك في إبلا رأس الدولة و
كان
مسؤولاً عن السياسة الداخلية والخارجية ويشرف على هذه الأعمال الإدارية والقضائية، و
كان
إلى جانب الملك مجلس تذكره النصوص باسم «الآبا»
Abbu
وتمكن تسميته بمجلس الشيوخ وكانت مهمته مراقبة ممارسات الملك للسلطة. و
كان
له أثر بارز في إدارة شؤون الدولة كما يظهر من النصوص المختلفة، أما الملكة واسمها
Maliktum
ف
كان
لها دور مهم في حياة إبلا، ولاسيما الاقتصادية، إذ كانت مصانع الغزل والنسيج بإشرافها.
كانت إدارة المملكة رسمياً بيد الملك ولكنها في الواقع كانت تدار من شخص يدعى بالإبلوية السيد
Adanu
، و
كان
في تصرفه عدد كبير من الموظفين، ويذكر أحد النصوص أن العدد الكامل لموظفي الدولة 11700 موظف، منهم 4700 كانوا يعملون في قصر «السيد» و7000 في المقاطعات المختلفة.
ويلي السيد في المرتبة مسؤول يدعى «لوغال»
Lugal
، وهذه التسمية معروفة في بلاد الرافدين وتعني ملكاً، في حين تدل في إبلا على الوالي أو حاكم المقاطعة. وتذكر النصوص أربعة عشر والياً. وهذا يعني أن إبلا كانت مقسمة إلى أربع عشرة مقاطعة، ولم يكن حكام المقاطعات مرتبطين بمنصب الملك أو السيد، بل كانوا يبقون في مناصبهم مدى الحياة، و
كان
بعض الملوك حكاماً في المقاطعات قبل أن يعتلوا العرش.
كان
الاعتقاد السائد لدى المؤرخين أن أكد هي أقدم امبراطوريات المنطقة ولكن النصوص المكشوفة في إبلا دلت على قيام هذه المملكة القوية قبل الإمبراطورية الأكدية بأكثر من مئة عام. كذلك تدحض نصوص إبلا الافتراضات السابقة بأن
سورية
كانت تسكنها في الألف الثالث قبل الميلاد قبائل بدوية، وتؤكد بوضوح وجود دولة منظمة هي دولة إبلا.
استفادت إبلا من موقعها الجغرافي إذ كانت تمر فيها الطرق التجارية القادمة من
الأناضول
في الشمال إلى
مصر
في الجنوب، ومن
إيران
وبلاد الرافدين في الشرق إلى سواحل المتوسط في الغرب، فغدت دولة قوية إلى جانب كيش في بلاد الرافدين، والأسرة الرابعة في
مصر
. وامتد نفوذها إلى
فلسطين
جنوباً، و
قبرص
غرباً، وشمال بلاد الرافدين شرقاً، كما امتد إلى جزء كبير من
الأناضول
شمالاً.
كانت علاقات إبلا مع الدول والمدن المعاصرة لها تتفاوت ما بين عقد التحالفات والمعاهدات وشن الحروب، وقد عمد ملوك إبلا إلى الزواج السياسي لتعزيز علاقات الصداقة مع الملوك والحكام الآخرين. فها هو ذا الملك إبريوم مثلاً يزوج إحدى بناته ملك
إيمار
[ر]، (مسكنه اليوم، وهي مدينة ذات موقع جغرافي حيوي على الفرات). وهناك أميرة أخرى أصبحت زوجة لملك مدينة لم يعرف موقعها حتى الآن.
أما التحالفات فيذكر أحد النصوص إقامة تحالف بين إبلا ومملكة خمازي
Chamazi
في شمالي إيران، والنص الذي يذكر التحالف هو رسالة موجهة من المشرف على القصر الملكي في إبلا إلى سفير مملكة خمازي في إبلا، يطلب فيها إرسال جنود جيدين، ويقول فيها: «إن ملك إبلا هو أخ ملك خمازي وإن ملك خمازي هو أخ ملك إبلا». ومن الواضح أن التحالف القوي بين المملكتين الظاهر من النص السابق هو السبب الذي دفع ملك إبلا إلى أن يطلب جنوداً من ملك خمازي. ولكن الجنود المطلوبين كانوا مرتزقة، لأن إبلا لم يكن لديها جيش دائم، وكانت مجبرة على استئجار مرتزقة، و
كان
الشاغل الأساسي للإبلويّين الزراعة والصناعة والتجارة لا الحرب. ولعل اعتماد إبلا على المرتزقة جعل الملك يزوّج إحدى بناته من زعيمهم.
أما العلاقات الدبلوماسية الدولية، فمن الشواهد عليها المعاهدات التي عقدت بين إبلا وجيرانها، فقد كشفت النصوص حتى الآن عن عشر معاهدات وأهمها المعاهدة بين ملك إبلا وملك آشور التي تنظم العلاقات ما بين المملكتين ولاسيما التجارية منها. ويتضح من هذه المعاهدة أن آشور كانت أيضاً قوة رئيسية في الألف الثالث قبل الميلاد.
ومع أن الإبلويين كانوا مهتمين بالتجارة بوجه أساسي فإنهم كانوا يلجؤون أيضاً إلى السلاح عندما كانت الحاجة تدعو إلى ذلك. ومن الحروب التي خاضتها إبلا، الحرب مع ماري، وهي معروفة من التقرير المرسل من قائد الحملة الإبلوي إنّا - دجن
Enna - Dagan
إلى سيده ملك إبلا، ويقول فيه إنه انتصر على ملك
ماري
إبلول إل
Iblul - II
وخلعه عن عرشه وتسلّم مكانه. ويتحدث أحد النصوص الاقتصادية عن ضريبة كبيرة دفعتها مدينة
ماري
إلى ملك إبلا، ربما كانت نتيجة لهذه الحملة العسكرية.
ومما يلفت الانتباه في التقرير ذكر مستوطنة تجارية إبلوية تقع بالقرب من
إيمار
حررها إنا - دجن، وكذلك ورود اسم ملك
ماري
مقروناً بلقب «سيد
ماري
وآشور» وهذا يعني أن الرابطة السياسية بين
ماري
وآشور قديمة وليست من ابتكار شمشي أدد الذي سيطر على
ماري
في القرن الثامن عشر قبل الميلاد.
وظلت
ماري
بعد حملة إنا - دجن تابعة لمملكة إبلا سنوات كثيرة.
الحياة الاقتصادية:
كان
غنى إبلا يقوم أساساً على الزراعة وتربية الحيوان، وكانتا قاعدة اقتصادها القوي وعماد صناعتها وتجارتها.
الزراعة وتربية الحيوان:
مارس الإبلويون أنواعاً مختلفة من الزراعة وساعدهم في ذلك موقع إبلا في سهول زراعية واسعة خصبة تكثر فيها الأمطار فقد كانوا يزرعون على سبيل المثال سبعة عشر نوعاً من القمح وأنواعاً من الشعير. وثمة نصوص كثيرة تصف العمليات الزراعية المختلفة كالبذار والحصاد، و
كان
الإبلويون كذلك يزرعون الكرمة. ويذكر أحد النصوص أن المشرف على زراعة الكروم أرسل إلى حاكم المملكة ما يعادل 300 طن من الخمر. كما كانوا يزرعون الزيتون للإفادة منه ومن زيته. وفي النصوص ذكر لكميات من زيت الزيتون وردت إلى إبلا من عدة قرى وإشارة إلى عدد أشجار الزيتون في بعض الأراضي وإلى تصدير زيت الزيتون إلى
إيمار
ومدن أخرى. ومن الزراعات المهمة الأخرى في إبلا زراعة الكتان الذي استعمل على نطاق واسع في صناعة النسيج التي كانت مزدهرة فيها.
أما تربية الحيوان فكانت واسعة الانتشار، وفي النصوص ذكر لأعداد كبيرة من الأغنام،
كان
بعضه يُربّى للحمه وصوفه، وبعضها يقدّم أضحيات للآلهة. وقد ورد في أحد الألواح أن عدد الأغنام التي تخص ملك إبلا
كان
79300 رأس. وفي لوح آخر ذكر لتعداد الأغنام جرى في شهر إشي
Ishi
بيّن أن العدد
كان
72240. وفي نصٍ أن عدد الأغنام المخصصة للأضحيات
كان
10796 و
كان
في نص آخر 36892, وتدل هذه الأرقام على أن الأغنام كانت تربّى قطعاناً كبيرة في مراعٍ واسعة، وإلى جانب الأغنام تذكر النصوص الماعز والخنازير والأبقار، وكانت الثيران تستخدم في الأعمال الزراعية.
الصناعة:
كانت الصناعة تؤلف أحد الأر
كان
الأساسية في اقتصاد إبلا، وأحد المناشط الرئيسة للإبلويين، وكانت تعتمد بالدرجة الأولى على المواد الأولية المحلية كالصوف والكتّان، أو المستوردة كالمعادن.
ومن أهم الصناعات الإبلوية، صناعة الأنسجة الصوفية والكتانية، وكانت عمليات الغزل والنسيج تتم في مشاغل الدولة و
كان
مشغل الغزل يدعى «بيت الصوف»، وكانت هذه المشاغل تنتج أنسجة متنوعة الألوان والأصناف وتصدّر منتجاتها إلى مختلف البلدان والممالك، ومن أشهر تلك الأنسجة النوع الذي عرف في الع
صور
الوسطى باسم الدمقس
Damask
(نسبة إلى دمشق)، وهو نسيج من الكتان أو الصوف محلّى بخيوط الذهب. ويلاحظ أن المناطق ال
سورية
المختلفة حافظت على شهرتها في صناعة الأنسجة في الحقب التاريخية التي تلت حقبة إبلا مثل يمحاض و
ألالاخ
وفينيقية، وفي الع
صور
الوسطى والعصر الحديث، وهذا دليل على رسوخ تقاليد هذه الصناعة في
سورية
.
ومع أن القسم الأكبر من عمال إبلا
كان
يعمل في صناعة النسيج فإن هذه الصناعة لم تكن الوحيدة فيها، فقد
كان
إلى جانبها صناعة معالجة المعادن وسبكها، و
كان
الإبلويون يصنعون من الذهب والفضة تماثيل للآلهة والملوك وغير ذلك من المصنوعات الثمينة.
وقد عرف الإبلويون كيف يقيسون نقاوة الذهب، وكانت الفضة متوافرة بكثرة ولكن قيمتها تقل عن قيمة الذهب بنسبة 5 إلى 1. ويذكر من المعادن الأخرى التي عرفتها إبلا واستخدمتها في صنع الكثير من الأدوات، النحاس والقصدير والرصاص وأشابات البرونز، وهناك بعض النصوص التي تذكر كميات من النحاس والقصدير والذهب كانت معدة لصهرها سبائك لصنع أدوات مختلفة. و
كان
صهر المعادن وسبكها متطورين في إبلا ولاسيما معالجة القصدير والنحاس لإنتاج البرونز. وإلى جانب ذلك عمل الإبلويون في صقل الأحجار الكريمة كالعقيق الأحمر، واللازورد الذي
كان
يستورد من
أفغانستان
في الغالب.
التجارة:
تبين نصوص إبلا أن التجارة كانت من أهم الفعاليات الاقتصادية فيها وقد برع الإبلويون في هذا المجال، وساعدهم في ذلك موقعهم الجغرافي المناسب وحسن إدارة ملوكهم الذين كانوا يعقدون اتفاقات تجارية
طيبة
ويهتمون بضمان سلامة الطرق والقوافل التجارية. وتأتي الأنسجة في رأس قائمة البضائع المصدرة. وتليها المنتجات المصنوعة من المعادن الثمينة ولاسيما المجو
هرات
والأحجار الكريمة، وكانت بعض المنتجات الزراعية تجد طريقها إلى مناطق بعيدة عن إبلا كزيت الزيتون.
أما الواردات فكانت تشمل الأحجار الكريمة كالعقيق واللازورد ومعدني الذهب والفضة اللذين كانا وسيلة في البيع والشراء ولايعرف حتى الآن من أين
كان
الإبلويون يحصلون على هذين المعدنين الثمينين، وربما كانت
مصر
المورِّد الرئيسي للذهب. كذلك كانت إبلا تستورد الأغنام إلى جانب ما كانت تمتلكه منها لحاجتها إلى كميات كبيرة من الصوف من أجل صناعتها النسيجية. ويذكر أحد النصوص استيراد سبعة عشر ألف رأس غنم من مدن مختلفة. كما يقدم أحد النصوص الكبيرة وصفاً واضحاً لعلاقات إبلا مع الدول الأخرى، وفكرة عن حجم الصفقات التي تمت في شهر واحد، ومنها صفقة المنسوجات لأناس من مدن مختلفة مثل كركميش وحماة و
ماري
وغيرها.
ومع أن المنطقة التي كانت تحكمها إبلا حكماً مباشراً صغيرة المساحة نسبياً وتمتد من الفرات في الشرق حتى سواحل المتوسط في الغرب، ومن طوروس في الشمال حتى منطقة حماة في الجنوب، فإن نشاطها التجاري امتد إلى مناطق بعيدة، وبلغ نفوذها الاقتصادي معظم مناطق شرقي المتوسط القديمة، فشمل كل
سورية
الجنوبية حتى سيناء، ويبدو أن مدينة أُغاريت الساحلية كانت ميناءً مهماً تؤمه السفن المصرية التي تحمل الذهب إلى إبلا، كذلك اتجهت إبلا إلى الغرب فأقامت علاقات تجارية مع جزيرة
قبرص
الغنية بالنحاس. ومدت نفوذها شمالاً حتى بلغ قبادوقية في وسط بلاد الأناضول، وكانت كانيش تابعة لإبلا. ولكن نفوذ إبلا التجاري
كان
أكثر امتداداً في المناطق الواقعة إلى الشرق منها، فبلغ منطقة الفرات ومدنها المشهورة مثل
ماري
و
إيمار
وكركميش، وكذلك شمال بلاد الرافدين.
إن اتساع النشاط التجاري لإبلا على هذا النحو وازدياد نفوذها المرافق له يدلان على أن إبلا أنشأت مملكة تجارية كبيرة شملت مناطق واسعة من المشرق القديم وتختلف هذه الدولة عن الممالك الأخرى في المنطقة، إذ كانت مملكة تجارية عمادها القوة الاقتصادية لا العسكرية.
الحياة الاجتماعية:
كانت مدينة إبلا مقسمة إدارياً إلى قسمين يضمان أحياء المدينة الأربعة، و
كان
لها أربع بوابات تحمل كل بوابة منها اسم إله، وهي: بوابة راساب أو رشف
Rasap
وبوابة شيبيش
Shipish
إله الشمس، وبوابة دجن
Dagan
، وبوابة
بعل
Baal
. ويمكن تخمين عدد س
كان
إبلا اعتماداً على أحد النصوص الاقتصادية الذي يذكر حصصاً من الشعير مخصصة ل- 260 ألف شخص. ولايذكر هذا النص صراحة أن هذه الحصص تشمل كل س
كان
إبلا، ولكن يمكن الاعتقاد أن إبلا كانت تعد 260 ألف ساكن على الأقل، منهم نحو أربعين ألفاً في مدينة إبلا نفسها والباقي في المدن والقرى المحيطة بها والتي كانت تؤلف إبلا الكبرى.
وتطلق الوثائق على س
كان
إبلا اسم «أبناء إبلا» و
كان
هؤلاء أحراراً يتمتعون بكل الحقوق والامتيازات، ويقسمون إلى فئات تضم: موظفي الدولة، والتجار ورجال الأعمال، والحرفيين، والفلاحين، والعمال اليدويين. وقد استخدمت عدة مفردات للدلالة على التجار، ويبدو أنه
كان
هناك تجار كبار وتجار صغار، وتجار يعملون في خدمة الدولة وآخرون يعملون لحسابهم الخاص. أما الحرفيون فكانوا يؤلفون مجموعة كبيرة من المواطنين، ولكن من غير المعروف حتى الآن أكانوا منظمين في طوائف حرفية أم لا؟ و
كان
من بين هؤلاء صانع
الفخار
والنجار والنحات وصانع التماثيل وعامل النسيج وغيرهم.
كان
الفلاحون يقيمون في القرى المحيطة بإبلا يمارسون الزراعة وتربية الحيوان.
وضمت إبلا بالإضافة إلى الإبلويين مجموعة من الس
كان
تسميها النصوص
Bar - An Bar - An
وتعني الغرباء والأجانب. ويأتي في رأس هؤلاء المحار
بون
المرتزقة الذين جاؤوا إلى إبلا من مدن مختلفة، ولاتوجد حتى الآن معلومات عن وضعهم القانوني في إبلا، والغالب أنهم كانوا يتمتعون بامتيازات ذات شأن، و
كان
إلى جانب المرتزقة هؤلاء أسرى الحروب والعبيد، و
كان
يؤم إبلا كذلك الكثير من التجار والكتاب والمغنين والكهنة.
الحياة الثقافية:
المدارس والتعليم والآداب:
لم تكن إبلا مركزاً تجارياً فحسب بل كانت كذلك مركزاً ثقافياً له مؤسساته وعلاقاته الثقافية مع البلدان المجاورة. ومن الجدير بالذكر أن الكتبة في مناطق شرقي
البحر
المتوسط كانوا يتعلمون القراءة والكتابة في مؤسسات ملحقة بالمعابد والق
صور
يمكن تسميتها بالمدارس. ولم تكن المدارس في المدن الرافدية المعاصرة لإبلا مثل أور وأوروك وفارا و
أبو صلابيخ
وكيش وأداب ونبيور أماكن لتخريج الكتَّاب وحسب، وإنما كانت كذلك أماكن لحفظ التراث الثقافي، وفيها تكتب الأساطير والأشعار المنقولة بالتواتر، وتبتكر الأعمال الأدبية والدينية، وتصنف المعارف في نصوص معجمية. وثمة نصوص مدرسية كشفت يمكن تقسيمها إلى قسمين: يتضمن الأول نصوصاً ربما تكون من كتابة الطلاب، ويتضمن الثاني النصوص التي كتبها المعلمون إما لغرض تربوي أو لحفظ المعرفة والتقاليد المروية. وتظهر أهمية مدارس إبلا بصورة أفضل في الوثائق التي يمكن أن تسمى «كتباً مدرسية»، إذ كانت وسيلة للتدريس يمكن أن تميز فيها قوائم الرموز المسمارية والمعاجم اللغوية والمعاجم ثنائية اللغة.
وقد وجدت كذلك معاجم تذكر الكلمة السومرية مع لفظها. وهكذا فإن النصوص المكشوفة ليست مهمة من أجل معرفة اللغات القديمة وحسب، بل من أجل البحث في اللغة السومرية. ومن الوثائق ما يسمى بالموسوعات أو بالأحرى هي قوائم موسوعية تضم كلمات مرتبة بحسب الموضوع كانت تستخدم كتباً مدرسية، وهناك قوائم بأسماء الحيوانات والأسماك والأحجار الكريمة والنباتات والأشجار والموارد الخشبية والمعادن والمصنوعات المعدنية.
إضافة إلى ما تقدم
كان
في إبلا أعمال أدبية متطورة، ومن بينها ما يقرب من عشرين أسطورة محفوظة في نسخة أو أكثر، وقد أمكن تعرّف نسختين من ملحمة غلغامش. ودراسة هذه الأساطير تلقي أضواء جديدة على الاتجاهات الدينية التي كانت سائدة في الألف الثالث ق.م. كذلك توجد روايات أسطورية وترانيم للآلهة ومجموعات من الأمثال. وتدل النصوص على أن إبلا أقامت علاقات ثقافية مثمرة مع عدة مراكز سومرية مهمة. ومن المعتقد أن كتّاباً من مدن أخرى كانوا يزورون إبلا، وكانت تقام بهذه المناسبة بعض اللقاءات أو ما يسمى الآن بالندوات العلمية، وهناك إشارة تدل على أن معلماً للحساب جاء من مدينة كيش إلى إبلا. والكثير من النصوص يدل على صلات ثقافية بين إبلا ومناطق الشرق الأدنى القديم الأخرى. وبعض النصوص المعجمية، ولاسيما القوائم الموسوعية، تشابه وثائق معروفة من أوروك وفارا و
أبو صلابيخ
.
المعتقدات الدينية:
اتصفت الديانة الإبلوية بصفتين: تعدد الآلهة، وسيادة الآلهة الكنعانية في بانتيون إبلا أي مجمع أربابها، وتذكر المصادر المتوافرة أن بانتيون إبلا
كان
يضم عدداً كبيراً من الآلهة والأرباب، وقد
كان
للمعبود نيداكول (ربما
كان
إله القمر) مركز مرموق بين الآلهة المذكرة. ولم يكن للمعبد والكهنة في إبلا شأن كبير في القضايا السياسية والاقتصادية على خلاف ما كانت عليه الحال في بلاد سومر. ومن الآلهة المهمة الأخرى دجن الذي دخلت عبادته بلاد الرافدين في الألف الثالث قبل الميلاد وورد ذكره في كتابات
شروكين
الأكدي الذي بنى له معبداً في توتول، وذكره أيضاً نارام سين. وبنى شولجي ثاني ملوك سلالة أور الثالثة مدينة جديدة سمّاها بوزريش - دجن
Puzrish - Dagan
أي»في حماية الإله دجن» وكانت إحدى بوابات إبلا الأربع تحمل اسم دجن، وفي التقويم الجديد خصص لهذا الإله الشهر الأول من السنة تحت لقب «سيد».
ويظهر اسم دجن في أسماء الأعلام أيضاً بمعنى «سيد»، في حين يخصص في قوائم الأضاحي بإضافة اسم مدينة لتأكيد أنه هو إلهها الحامي. ولكن تعبيرات أخرى مثل «سيد البلاد» أو «سيد كنعان» ترفع دجن إلى مرتبة أحد الآلهة الرئيسة لمملكة إبلا أو لبلاد كنعان. ومن الصفات التي كانت تطلق على دجن باللغة الإبلوية: طيلوماتيم
Ti - Luma - tim
وتعني الطل أو ندى
الأرض
. وهذا ما يدعم القول بان اسم دجن يعني الغيم أو
المطر
ويؤيد ذلك أن كلمة دجن بالعربية مرادفة لكلمة مطر.
ولدجن رفيقة تدعى بعلتو
Belatu
بمعنى «سيدة». ولكن صفتها هذه عامة لاتسمح بتعرّف طبيعتها. ومن الآلهة المذكرة الأخرى إله الشمس، وهدا
Hada
(أدد) إي إله العاصفة، وككّاب
Kakkab
(والأصل كوكب): أي إله النجم. وهذه الأرباب الثلاثة تدعى في المعاهدة التجارية بين آشور وإبلا «شهود الاتفاق» و
كان
عليهم أن يصبوا اللعنات على ملك آشور إذا لم يراع الشروط المنصوصة. و
كان
هناك أرباب أُخر مذكرة مهمة بينها كاميش
Kamish
الذي يظهر في الألف الأول قبل الميلاد إلهاً رئيساً لمؤاب، وراساب
Rasap
(رشف) أي إله الطاعون والعالم السفلي، وأشتار
Ashtar
إله الحب والحرب المذكر، والإله الأموري الكبير ليم
Lim
الذي يظهر في وثائق
ماري
. وكذلك النهران المؤلهان الفرات وبليخ. ومن الآلهة المؤنثة، بالإضافة إلى بعلتو، عشتارُت
Ashtarte
التي لها صفات أشتار، وإشاتو
Ishatu
إلهة النار، وتيامات
Tiamat
إلهة ماء
المحيط
. كذلك
كان
بانتيون إبلا يضم آلهة أجنبية بينها ما هو حوري مثل خيبات
Hepat
وسومري مثل إنكي
Enki
. و
كان
لكل إله معبد خاص به تقام فيه العبادات والشعائر، ويضم عدداً من الكهنة. وكانت المعابد تدعى بيوت الآلهة، و
كان
الإله يجسد في المعبد على هيئة تمثال من الذهب أو الفضة. ويتحدث أحد الألواح عن وزن من الفضة يعادل خمسة كيلوغرامات لصنع تمثال أبيض لدجن. وكانت التقدمات للآلهة إمّا من الخبز والزيت والجعة وغير ذلك، أو قرابين من الأغنام وغيرها. وتتحدث الوثائق عن مواكب الآلهة من العاصمة إلى مدن المملكة الأخرى، ويشير اسم إحدى السنين على موكب لدجن «السنة الذي ذهب فيها السيد على المدن» أي أن تمثال دجن غادر المدينة. وكانت هناك أعياد دينية أخرى يحتفل بها الإبلويون.
المحفوظات والكتابة واللغة
المحفوظات:
أسفرت الحفريات التي تمت في
تل مرديخ
[ر] حتى عام 1973 عن كشف عدة قطع من ألواح طينية مسمارية إلى جانب الكتابة التي على تمثال الملك إيبيط - ليم. وفي الأعوام التي تلت عثر على عدة مجموعات من المحفوظات هي:
محفوظات عام 1974: عثر في شهر آب عام 1974 في الغرفة ذات الرقم
L.2586
الواقعة في الجناح الشمالي الشرقي من القصر الملكي على 42 لوحاً وقطعة باللغة المسمارية. ومن دراسة هذه اللوحات تبين أنها ذات طبيعة إدارية، ومعظمها إيصالات تزودنا بمعلومات تاريخية واقتصادية ذات قيمة. إذ تذكر إحدى اللوحات مثلاً تسلم منسوجات من أحد الأشخاص، أما تاريخها فهو: «سنة الحملة على غارمو
Garmu
». ومن ذلك معلومات عن صناعة النسيج وعن حملة عسكرية. ويتكرر ذكر مدن كيش وتوتول و
ماري
في المحفوظات.
محفوظات عام 1975: عثرت البعثة ال
إيطالية
في آب 1975 في الغرفة ذات الرقم
L.2712
على نحو ألف لوح وكسرة، كما عثرت في الغرفة ذات الرقم
L.2769
الواقعة في الطرف الغربي من القصر الملكي على نحو أربعة عشر ألف لوح وقطعة، وتعدّ هذه الغرفة المكتبة الملكية. كذلك عثر في الغرفة ذات الرقم
L.2764
على بعض القطع والكسرات. وبذلك فاق عدد الألواح والكسرات التي عثر عليها في عام 1975 خمسة عشر ألفاً معظمها وثائق إدارية واقتصادية، ومن بينها قوائم بأسماء الموظفين وقوائم بالمخصصات اليومية والشهرية للأسرة المالكة ولموظفين في الدولة ولمواطنين إبلويين. وتشتمل هذه المخصصات على كميات من الخبز والجعة والخمر والزيت ولحم الغنم والخنازير. كذلك تذكر القوائم مخصصات لسعاة كانوا يسافرون إلى مدن صديقة، وتقدمات للمعابد والآلهة، والأموال التي كانت تؤديها الدول الأخرى لإبلا. وهناك الكثير من النصوص التي تتحدث عن الزراعة وتربية الحيوان والصناعة والتجارة. وتحتل النصوص التاريخية والحقوقية في هذه المحفوظات المرتبة الثانية من حيث الأهمية. وهي تشمل الأوامر والمراسيم الملكية والرسائل والتقارير الحربية والمعاهدات. وأهمها المعاهدة التجارية بين إبلا وآشور، كما تشمل النصوص الحقوقية مجموعات قانونية وعقود ميراث وبيع وشراء. وتليها في الأهمية النصوص المعجمية التي تدل على مكانة إبلا الثقافية والحضارية، ومن بين تلك النصوص المعجمية قوائم الرموز المسمارية ونصوص القواعد والمعاجم ثنائية اللغة (باللغتين السومرية والإبلوية)، وهي أول المعاجم الثنائية اللغة المعروفة في التاريخ. وتحتل النصوص الأدبية المركز الرابع في هذه المحفوظات وهي تشتمل على عشرين أسطورة على الأقل، وبعضها من عدة نسخ، وعلى ترنيمات وابتهالات للآلهة تلقي ضوءاً جديداً على المعتقدات الدينية في المشرق في الألف الثالث قبل الميلاد.
محفوظات عام 1976: عثر على هذه المحفوظات في الغرف رقم
L.3769
و
L.2875
و
L.3764
وهي تضم نحو
1600
لوح وكسرة. إن العدد الإجمالي للألواح التي عثر عليها يزيد على سبعة عشر ألف لوح وكسرة، وهي ذات أشكال مختلفة كتبت بقلم خاص، ربما
كان
من العظم، ولكن عدد النصوص يقدّر باثني عشر ألف نص. و
كان
اللوح يكتب ويجفف تحت أشعة الشمس، ولكن الحريق الكبير الذي التهم القصر الملكي بعد هجوم نارام - سين على إبلا أدى إلى شي الألواح الطينية المحفوظة فيه. وتعدّ محفوظات إبلا أكبر المحفوظات التي تعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد، ويمكن موازنتها بالمكتبات والمحفوظات الأخرى التي تعود للألفين الثاني والأول قبل الميلاد، مثل محفوظات
ماري
وأُغاريت ومكتبات نينوى وآشور.
الكتابة واللغة:
استعمل الإب
ليون
في كتابة وثائقهم الكتابة المسمارية [ر] التي اخترعها
السومريون
في جنوب بلاد الرافدين في نهاية الألف الرابع قبل الميلاد، ومن الجدير بالذكر أن الكتابة المسمارية استعملت في الكثير من لغات المشرق القديم كالسومرية والأكدية والإبلوية والحورية والحثية. وثمة تشابه بين الرموز المسمارية المستعملة في نصوص «فارا» و
«
أبو صلابيخ» في بلاد الرافدين، ويمكن تعليل هذا التشابه بأن نصوص إبلا معاصرة للنصوص التي وجدت في هاتين المدينتين الرافديتين ويعود تاريخها إلى 2600 - 2500 ق.م. والشكل الخارجي للألواح متشابه أيضاً. وإن مقارنة أي لوح من ألواح
أبو صلابيخ
بلوح من إبلا يكفي لتأكيد تطابق العلامات المسمارية فيهما. كذلك هناك بعض الألواح المعجمية من إبلا يتطابق فيها عدد الأعمدة والسطور مع عدد الأعمدة والسطور في ألواح من
أبو صلابيخ
.
وقد كتبت هذه النصوص على ألواح طينية مختلفة القياسات والأشكال، وعلى الوجهين، ويقسم الوجه الأمامي إلى أعمدة رأسية في كل عمود عدد مختلف من السطور، واتجاه الكتابة من اليسار إلى اليمين ومن الأعلى إلى الأسفل حتى نهاية العمود الأول، ثم العمود الثاني وهكذا حتى ينتهي العمود الأخير على الوجه الأمامي، ثم يقلب اللوح كما تقلب الورقة في الوقت الحاضر، ويقسم الوجه الخلفي كذلك إلى أعمدة تتتابع فيها الكتابة كما في الوجه الأول ولكن من اليمين إلى اليسار.
أما اللغة المستعملة في كتابة نصوص إبلا، فيدل النص المكتوب على تمثال الملك إيبيط - ليم، الذي يعود إلى العصر السوري القديم
Old Syrian Period
(3000 - 1800ق.م) والوثائق الأخرى التي تعود إلى هذا العصر على أنها كتبت جميعها باللغة الأكدية بلهجة قريبة من اللهجة الآشورية القديمة. أما نصوص المحفوظات الملكية التي تعود كما يرى ماتييه إلى العصر السوري الباكر الثاني
Early Proto - Syrian Period
(2400- 2250 ق.م)، فإنها كتبت بلغة لم تكن معروفة سابقاً هي اللغة الإبلوية. وفي الواقع استعمل الإبلويون اللغة السومرية، إلى جانب لغتهم الخاصة، في كتابة الألواح المختلفة، ولكن التعابير السومرية هي في الواقع اصطلاحات
كان
الكتاب الإبلويون يقرؤونها بلغتهم بلا صعوبة.
وقبل كشف إبلا
كان
علماء
الآثار
مثل فون سودِن
W.Von Soden
ولاندسبرجر
B.Landsberger
وغيرهما يعتقدون بوجود لغة سامية في
سورية
في الألف الثالث قبل الميلاد و
كان
آخرون يقولون بوجود لهجة أكدية خاصة ويرى غيرهم وجود لهجة أمورية قديمة.
وتبين بعد كشف إبلا وجود لغة جديدة انقسمت آراء العلماء حول طبيعتها وعلاقتها باللغات التي دعيت سامية. فيرى جيوفاني بتيناتو مثلاً أن لغة إبلا تختلف كثيراً عن اللغتين الأكدية والآمورية في نظام الأفعال والضمائر والاشتقاقات وتركيب الجملة وغيرها، وهي أقرب إلى اللغات التي تصنف على أنها سامية شمالية غربية، إذ تظهر الصلة وثيقة بالأغاريتية والكنعانية، وبناء على هذه الصلة القوية يكن أن تسمى هذه اللغة كنعانية قديمة، وهي أقدم لغة شمالية غربية معروفة حتى الآن، وتوازي زمنياً الأكدية القديمة. ويرى آخرون مثل غِلْب
Gelb
أن أوثق العلاقات اللغوية للإبلوية كانت مع الأكدية القديمة والأمورية، وبعيدة عن الأغاريتية وأبعد ما تكون عن العبرية، ولايمكن أن تعد لهجة أكدية أو أمورية، كذلك لايمكن عدّها كنعانية فهي لغة مستقلة يمكن أن تضاف إلى قائمة اللغات الثماني المعروفة التي تصنف تحت اسم اللغات السامية لتكون اللغة التاسعة فيها، وثمة رأي ثالث يقول به أركي
A.Archi
هو أن اللغة الإبلوية شديدة الصلة بالأكدية القديمة في نحوها، وبعض أشكال النحو فيها أقرب إلى العربية والعربية الجنوبية، بيد أنها من الناحية المعجمية أشد ارتباطاً باللغات الشمالية الغربية (الأغاريتية والكنعانية والآرامية) وتصعب معرفة طبيعة اللغة الإبلوية إلا بعد قراءة عدد أكبر من النصوص وتفسيرها. وكل ما يمكن عمله في الوقت الحاضر هو تقديم فكرة مختصرة عن هذه اللغة بالاستناد إلى ما نشر حتى الآن من تلك النصوص:
الأسماء:
تظهر معظم الأسماء في اللغة الإبلوية ساكنة الأواخر وقد ينتهي بعضها بالضم (
u
) المنتهي بحرف الميم أو بالتمييم (
um
)، أو بالفتحة الممدودة (
a
) أو بالياء (
i
). ومن الأسماء المعروفة التي وجدت في نصوص إبلا: أب وعبد.
ويصاغ الاسم المؤنث بإضافة علامة التأنيث
-at -um
أو
-t- um
إلى الاسم مثل:
MALIKTUM
: مكلة في مقابل
MALIKUM
: ملك.
الضمائر:
تظهر في اللغة الإبلوية ضمائر شخصية منفصلة مثل: أنا وأنت وأنتم
ANTANU
. وضمائر شخصية متصلة مثل: «ي»
i
، «نا»
NA
-، كما في الأمثلة: «
TUBI - DALU
» أي «دالو، طيبي»،
RE'INA - HADDA
: راعينا هذا،
EBDUNI
: عبدنا. كذلك هناك ضمير كا
KA
- للمفرد المخاطب المذكر كما في:
ANA - GAL - KA
: أمكَ. وقد كتب اسم الأم السومرية وأضيف إليه الضمير المتصل «
KA
–».
أدوات الاستفهام
: هناك عدة أدوات للاستفهام في لغة إبلا مثل «من»
MI
– كما في الاسم ميكائيل
MI - KA - IL
: مَنْ مثل إيل: ومينو
MI- NU
بمعنى: ماذا؟
حروف الجر:
وفي الإبلوية حروف جر كثيرة منها: «في»
IN
و
«
إلى»
LI - AN
و
«
على»
AL
، و
«
مع - من»
AS-Tu
.
الفعل:
في اللغة الإبلوية عدة أوزان للفعل الأساسي: منها وزن قَتَل،
GTL-GATAL
والوزن المضعف ويكون بتضعيف الحرف الثاني من الفعل على وزن قتيل
GITTIL
، والوزن المتعدي السببي على وزن شيقتيل
SIGTIL
. والوزن المبني للمجهول على وزن نقتال
NIGTAL
. وإلى جانب هذه الأوزان الرئيسة توجد أوزان أخرى مشتقة أو مركبة كإضافة «تا»
TA
إلى الوزن الأساس كما في: «
IS TA-MA
» : «استَمَعَ» ويبنى كل وزن من الأوزان السابقة على صيغة الماضي والحاضر بإضافة سوابق ولواحق، وفي الإبلوية إلى جانب ذلك اسم الفاعل واسم المفعول وصيغة الأمر من كل وزن. وكثيراً ما يكون الوزن الأساس على وزن إِقْتُلْ
IGTUL
كما في: إِكْتُبْ =
IK-TUB
:
كَتَبَ، إِشما إِل
IS-MA-IL
: إٍل سمَع وهما في الزمن الماضي. ويتبين منهما أن السابقة الأولى للغائب المفرد هي «
I-
« كما في اللغة الأكدية وليست «
YA-
»
كما في اللغات السامية الشمالية الغربية. وهذه السابقة للمتكلم هي «
A-
»
على زن
AGTUL
، وللمخاطب «
TA-
» على وزن
TAGTUL
.
ويكون الحاضر أو المستقبل للوزن الأساس على وزن
IGATTA/I/UL
.
المعالم والآثار
تدل
الآثار
التي كشف عنها في إبلا على أن أقدم استيطان لهذه المنطقة كما يرى ماتييه حدث في القرن الأخير من الألف الثالث قبل الميلاد، أي في العصر السوري الباكر الثاني (2400 - 2250 ق.م) وفي هذا العصر بلغت مدينة إبلا أوج تقدمها وازدهارها، واتسعت اتساعاً كبيراً، فشملت على ما يبدو مساحة تقدر بنحو خمسين هكتاراً، وكانت تتألف من قسمين: قسم مرتفع (الأكروبول) للإدارة والعبادة، ومدينة سفلى محاطة بأسوار. و
كان
القصر الملكي «
G
» البناء الرئيس للمدينة في هذه الحقبة، وهو يمتد إلى المنطقة الجنوبية والجنوبية الغربية من الأكروبول. وقد بدأت البعثة ال
إيطالية
عام 1974 بالتنقيب في القسم الإداري منه، الذي يقع في الجهة الغربية، ويتضمن البلاط الكبير مع مدخل معمّد وقاعة للاستقبال فيها منصة لعرش الملك مبنية من الآجر المجفف بالشمس.
وفي هذا القسم من القصر عثر على الألواح التي كشفت عام 1975 في غرفتين متجاورتين:
L.2712
و
L.276
، كما عثر هنا أيضاً على مواد مهمة تبين علاقات إبلا التجارية العالمية، وتشمل اكثر من 20 كغ من اللازورد الهام المستورد من أفغانستان، وكسرات كؤوس من الديوريت والهيصم المصري
Alabaster
.
كان
القصر الكبير على ما يبدو مركز النشاط الإداري والتجاري ويعتقد أنه بني في عام 2400ق.م وأدخل عليه تجديد فيما بعد وقد دمر هذا البناء على يد الملك الأكدي نارام - سين لوجود شواهد كتابية وأثرية تؤيد ذلك.
وقد أعيد بناء مدينة إبلا في أزمنة لاحقة ولاسيما بين 1900 ت 1800 ق.م، عندما أحيطت بسور ترابي مرتفع تغطي قاعدته أحجار كبيرة وتعلوه أبراج للحماية والحراسة، و
كان
للمدينة أربع بوابات كشف منها البوابة
A
.
ويعود تاريخ القصر الغربي الكبير في أسفل المدينة (في المنطقة
Q
) إلى هذه الحقبة وتم بناؤه نحو سنة 1900 ق.م، وكشف عنه عام 1978، وهو يغطي مساحة تزيد على ثلاثة أرباع الهكتار، كذلك كشفت في هذه المنطقة (
Q
) مدافن (نكروبول) تضم قبور أمراء ونبلاء. وتنتمي إلى هذه الحقبة أيضاً معابد إبلا الكبرى مثل «المعبد الكبير»
D
، الذي يعد أكبر معابد المنطقة من العصر البرونزي الوسيط، وهو يقع على الطرف الغربي للأكروبول، وربما
كان
معبد المدينة الرئيس، و
كان
مخصصاً للربّة
عشتار
. وهناك أيضاً المعبد
BI
المخصص لعبادة راساب، والمعبد
N
المخصص على مايبدو لإله الشمس. كذلك يعود تمثال الملك إيبيط - ليم والمعبد
B2
والقلعة إلى هذه الحقبة.
ويعود إلى الحقبة 1800 - 1600 ق.م، وهي حقبة سيادة يمحاض (حلب) على المنطقة، «القصر الملكي»
E
الواقع في المنطقة الشمالية من الأكروبول.
وفي نهاية هذه الحقبة (1650 - 1600 ق.م) انهارت مملكة إبلا ودمرت. ويتزامن سقوطها مع التدمير الحاصل في
ألالاخ
(الطبقة السابعة)، ويرتبط تاريخياً باحتلال الحثيين المنطقة على يد حاتوشيلي الأول وحورشيلي الأول.
وقد تحولت إبلا قي الأزمنة اللاحقة إلى تجمع بشري صغير ليس له أهمية تذكر إلى أن طوي أثرها.
الدراسات الإبلوية
استقطبت إبلا، ولاسيما المحفوظات الملكية، اهتمام علماء المسماريات في شتى أنحاء العالم، وصدرت دراسات كثيرة عنها إلى جانب التقارير والدراسات الرسمية التي أعدها الأستاذ باولو ماتييه، رئيس البعثة ال
إيطالية
المنقبة في تل مرديخ، عن أعمال التنقيب الجارية وعن الكشوف التي تمت، وكذلك كتابات جيوفاني بتيناتو وغيره من محفوظات القصر الملكي واللغة الإبلوية.
أما ما يتصل بالنصوص فقد ألفت لجنة عالمية تضم عدداً من كبار علماء المسماريات في العالم مثل: إِدزارد
Edzard
، وغاريلّي
Garelli
، وكلينجل
Klengel
، وكوبر
Kupper
، وسولبرجر
Sollberger
برئاسة باولو ماتييه وإشراف المديرية العامة للآثار و
المتاحف
في
سورية
للعمل على نشرها من قبل جامعة رومة في سلسلة تحمل اسم «محفوظات إبلا الملكية - نصوص»
Realidi Ebla, Testi (Aret) Archivi
.
وتتضمن مجلدات هذه السلسلة صوراً ونسخاً وترجمات لنصوص إبلا وشروحاً عنها، وقد صدر منها حتى بداية التسعينات أحد عشر مجلداً من النصوص الإدارية والدينية والتاريخية والمعجمية، وصدرت أربعة مجلدات أخرى عن معهد الدراسات الشرقية في جامعة نابولي بإيطالية، كما تصدر بإشراف الأستاذ باولو ماتييه مجلة للدراسات الإبلوية
Studi Eblaite
.