في الذكرى الأولى لرحيله.. نصر أبوزيد يتصدى لانتفاضة الأصولية

الناقل : فراولة الزملكاوية | الكاتب الأصلى : محمد سعد | المصدر : gate.ahram.org.eg


تمر اليوم الذكرى الأولى لرحيل المفكر المصري نصر حامد أبو زيد، الذي توفي في الرابع من يوليو العام الماضي، بمرض في المخ أودى بحياته (67 عاماً)، تاركاً وراءه إرثاً ضخماً من المؤلفات التي تشتبك مع التراث الإسلامي وأصوله المتمثلة في نصوص القرآن والسنة التي لطالما حاول أبو زيد تأسيس علاقة أخرى معها بخلاف علاقة التلقي والخضوع، وهو المشروع الذي لانزال في أمس الحاجة لتمثله في ظل الظروف الراهنة التي تنتفض فيها الحركات الدينية الأصولية في مصر.
وأدت محاولات نصر أبو زيد لتغيير العلاقة السلطوية مع النصوص، إلى استنفار جهود القائمين على تحويل النصوص الدينية من ساحات للحوار والفهم وإنتاج الوعي الجديد إلى ساحات للسلطة والمستفيدين من تلك العلاقات السلطوية مع النصوص -بحسب د. على مبروك أستاذ الفلسفة الإسلامية وصديق د. نصر أبو زيد- لتشويه صورة الراحل أكاديمياً وفكرياً وهي المحاولة التي انتهت بإقصائه من الجامعة المصرية وصدور حكم قضائي عام 1995 يقضي بالتفريق بينه وبين زوجته د. ابتهال يونس، الأستاذة بقسم اللغة الفرنسية بجامعة القاهرة على غير رغبتها، بدعوى خروج نصر أبو زيد عن الإسلام، وهو ما حدا بنصر إلى السفر إلى هولندا لاستكمال مسيرته الأكاديمية دون أن يعيش دور الضحية أو الشهيد رغم أنه الدور الذي كان ليلائمه كثيراً.
وقد أصدرت المحكمة حكمها بعد حملة التشويه والاختزال المكثف لما قدمه الراحل عبر كتبه (فلسفة التأويل، ومفهوم النص، والإمام الشافعي وتأسيس الأيديولوجية الوسطية، والتفكير في زمن التكفير) إلى صيغ شعبوية وعبارات مجتزءة لا تعبر عما قدمه نصر بحسب د. على مبروك، فاختزل كلامه عن التحرر من العلاقة السلطوية مع النصوص وفتح الباب أمام علاقات أخرى أكثر انفتاحاً مع الأصول الأولى للإسلام (القرآن والسنة والسلف) غير علاقات الخضوع والاستسلام والتلقي غير النقدي للنصوص.
وتم تصوير ما قدمه نصر عبر على أنه دعوى للتحرر من النصوص الدينية وعلى رأسها القرآن والسنة ورفض لها، وهو ما يبتعد عن حقيقة فكر نصر أبوزيد بالكلية، فما أراده نصر لم يكن التحرر من النصوص ولكن التحرر من النظر إلى النصوص على أنها سلطات قاهرة لا تقبل المساءلة والمحاورة والمناقشة، والنظر إليها على أنها ساحات للفهم لإنتاج وعي جديد أكثر تقدماً وإنتاج معرفة جديدة نستطيع من خلالها تغيير واقعنا، كما يوضح مبروك.
فجوهر تراث نصر أبو زيد هو لفت النظر إلى أن الإشكالية العربية سواء مع التراث أو الحداثة هو هذه العلاقة بيننا وبين هذه الأصول وهو تحولها إلى ساحات للسلطة والقوي.
ونتج سوء الفهم وما حدث من هجوم على نصر من واقعة أن خلخلة نصر لتلك العلاقة السلطوية يهز عروش المستفيدين من تلك العلاقات مع النصوص والتي تقف وراءها أجندات سياسية وعملية لا أجندات معرفية.
ويرى مبروك أننا في أمس الحاجة الآن إلى أن نستفيد من تراث نصر أبو زيد، ولكن لكي يحدث هذا علينا أن ننتقل من القراءة سيئة النية إلى القراءة المعرفية المستقرة بين الأكاديميين المصريين لما قدمه نصر، إلى فضاء مختلف بالكلية وهو الفضاء المعرفي الذي تفهم فيه نصوص نصر أبو زيد بعيداً عن الأكليشيهات الشائعة إلى الأفكار الأساسية في مشروع نصر أبو زيد.