المعجرة الاقتصادية هل تتحقق فى العالم العربى؟

الناقل : adham ahmed | المصدر : gate.ahram.org.eg

من وجهة نظر اقتصادية، كان الربيع العربي صفعة قوية للمنطقة. المستثمرون حذرون، وهناك علامة استفهام كبيرة تحلق فوق آفاق التنمية.
لكن خبراء البنك الدولي مقتنعون أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لا تزال تتمتع بإمكانات نمو ضخمة.
ولإثبات وجهة النظر هذه، يفضل ديمتريس تسيتسيراجوس الاستشهاد بمثال غير متوقع وهو العراق، حيث يقول النائب الجديد لرئيس مؤسسة التمويل الدولية، للشرق الأوسط وشمال إفريقيا أكبر ذراع استثمار للبنك، الدولى إن البلد المضطرب " يبدو أنه توارى عن الأنظار في الفترة الحالية".
وقال في مقابلة إن " الاحتياجات في العراق كبيرة جدا. والاستثمارات الأجنبية تتوجه إلى هناك".
وأضاف " هذا يوحي بشيء ما، العراق مر بالكثير".
ويعرف تسيتسيراجوس، الذي كان يقيم بالقاهرة كمدير إقليمي للمنظمة قبل تولي منصبه الجديد، جيدا أن العراق من الصعب مقارنته بمصر أو تونس. لكن من الذي كان يظن قبل سنوات قليلة ماضية أن هناك أملا في المستقبل أمام البلد الممزق بالحرب بعد الغزو الأمريكي؟
وقال إنه " عندما تنظر إلى مصر وتونس، فإن إمكانية حدوث تغيير سريع مرتفعة للغاية هناك... إمكانية هذه المنطقة في النمو هائلة".
وهاتان الدولتان، كما هى الحال بالنسبة لباقي المنطقة، لديهما جميع المتطلبات الأساسية وهي السكان الشباب وطبقة متوسطة ودخل متزايد، أما الشيء الوحيد الذي ينقصهما هو الاستقرار السياسي.
لكن في ظل الوضع الذي لا يمكن التبؤ به إلى الآن في المنطقة، فإنه من الصعب أن تقدم نفسها كأرضية خصبة للمستثمرين الذين يسعون لاقتناص الفرص. وبعد بداية مفعمة بالأمل، يبدو أن الربيع العربي الآن في حالة كمون. ولا يزال العالم يكتنفه القلق بشأن العنف في اليمن وسوريا. ومن ناحية أخرى، تبدو ليبيا تنزلق إلى حرب أهلية مدمرة بشكل كامل.
وكانت الدول المصدرة للنفط في المنطقة هي الأكثر تأثرا جراء الاضطراب السياسي والهزة الاقتصادية المتزامنتين. وبحدوثهما معا، يتوقع معهد التمويل الدولي أن تنكمش اقتصادات تلك البلاد بصورة طفيفة هذا العام.
ويتوقع أن تسجل مصر نموا قدره سالب 5ر2 في العام الجاري، بينما يرجح أن ينخفض اقتصاد سوريا بنسبة 3% وفقا لمعهد التمويل الدولي. ومع هذا، فإنه بفضل الدول الغنية بالنفط، يرى المعهد الذي يتخذ من الولايات المتحدة مقرا له، أن معدل النمو الإجمالي سيبلغ نحو 5% في أنحاء العالم العربي.
وحثت شامشاد اختار، نائبة رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أخيرا أن يكون " أول شيء في ترتيب الأولويات هو تقديم الإشارات الصحيحة لاستعادة ثقة مستثمري القطاع العام والخاص". من ناحية أخرى، أضافت كارولين فرويند، كبيرة خبراء اقتصاد المنطقة في البنك الدولي، أن تطبيق أفضل لسيادة القانون سيعزز المنافسة، كما أن الاستقرار السياسي سيجذب الاستثمارات.
ولايشك الكثيرون في أن القطاع الخاص هو الركيزة الأساسية في توفير النمو الذي تشتد الحاجة إليه. ويقول تسيتسيراجوس إن "التحدي الأكبر في المنطقة هو توفير فرص عمل، وعلى الصعيد العالمي، يأتي توفير فرص العمل من القطاع الخاص".
وتشير إحصائيات البنك الدولي أن معدل بطالة الشباب يزيد على نحو 25% أي أنه أكثر من أي منطقة أخرى في العالم.
وتبدو الحاجة للاستثمارات واضحة جلية. وقال البنك الدولي في أواخر مايو الماضي إنه مستعد لاستثمار ما يصل إلى ستة مليارات دولار على مدار العامين المقبلين في تونس ومصر. كما أن صندوق النقد الدولي مستعد لإصدار قروض بأكثر من ثلاثة مليارات دولار لمصر.
وفي الأسبوع الماضي، سافر عضوا مجلس الشيوخ الأمريكي جون كيرى وجون ماكين إلى مصر مع ثمانية من المسئولين التنفيذيين في "فورشن500" لدراسة كيف يمكن للمستثمرين الأمريكيين توسيع اهتماماتهم في مصر بعد سقوط الرئيس السابق حسني مبارك. كما ناقشوا أيضا نوعا من استثمار يشمل المنطقة على غرار "خطة مارشال" والمماثلة للاستثمارات الأمريكية في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.
وحددت مؤسسة التمويل الدولية البنية التحتية والخدمات وبينها السياحة وتجارة التجزئة والتمويل باعتبارها أولويات للاستثمار. ويقول تسيتسيراجوس إن " هذه المنطقة على الأرجح هي الأقل حصولا على التمويل في العالم".
ويتوقع أن تصل الأفرع الثلاثة إلى أعلى فائدة فيما يتعلق بالتنمية، كما أنها توفر الآفاق المثلى لتحقيق أرباح، وفقا لخبير مؤسسة التمويل الدولية. ويضيف "كما أنها أيضا قطاعات أبرزناها باعتبارها فرصة".
وأردف تسيتسيراجوس قائلا إن حفاظ المستثمرين على هدوئهم إلى الآن ، وعدم حدوث نزوح جماعي ملاحظ من المنطقة يعتبر رمزا على وجود الأمل. وقال إن الذين يضعون أموالهم في المنطقة يعتمدون على "توجه الانتظار والترقب".
ويصر الخبير على أن حالة العزوف عن الاستثمار مفهومة تماما.
ويقول إنه " يتعين الاحتراس دائما، كما يتعين مراقبة كيفية تطور وضع ما". لكنه لا يغير رأيه بشأن إمكانات المنطقة قائلا " نحن ننظر على المدى الطويل... إمكانية النمو موجودة هناك. وهذا لم يتغير.