حوار بين الماء والنار
الماء: هل سمعت أيتها النار عن المثل القائل (مهما سخن الماء فإنه يطفئ
النار)؟ النار: نعم سمعت به.. لكن هل تظن أن هذا المثل المغمور يعطيك مكانة أكبر
من مكانتي؟ أو يجعل لك قوة تفوق
قوتي؟ أنت إذن تحلم.
الماء : - لماذا لا يكون الأمر كذلك حقا؟
النار :- لأن النار إذا عظم أوارها واشتد لهيبها لا يطفؤها كل ماء الدنيا. المـاء :- اسمحي لخبرتي أن تعارضك فيما زعمت. فإن لكل نار ماء يطفؤها.
- فمطفئ نار الغضب!
* ماء الوضوء.
- ومطفئ نار الهوى! * ماء الوصل. - ومطفئ نار الحسد! * ماء الحمد. - ومطفئ نار الفراق! * ماء الصبر.
- مطفئ نار الشوق! * ماء الأمل.
- ومطفئ نار الوجع! * ماء الشجاعة.
- ومطفئ نار الفتنة.!
* ماء الإيمان.
النار :- كلا يا صاح.. النيران التي ذكرت لا يطفؤها ماء لأن لهيبها يزداد كل
ساعة وكل حين.
الماء :- النار موت والماء حياة، وليس في الدنيا حي يكره الحياة ويحب الموت.
النار :- الموت أكبر من الحياة.
الماء :- بل الحياة أكبر، وأرجى، وأبقى. النار :- كيف؟
المـاء: - الحياة أكبر لأنها مستمرة مهما كبر الموت وتضخم. والحياة أرجى لأن
كل حي يرجو أن يعود للحياة حتى بعد الموت. والحياة أبقى لأن نهاية العالم
بعث وبقاء فلا موت في الجنة أو السعير. النار :- صدقت. لكن نار الخوف من الموت تستعر داخل كل حي لحظة بلحظة.
الماء - وماء الرجاء يطفؤها. النار :- أتعرف الفرق بيني وبينك؟ الماء :- نعم، لولا وجودك لما كان لي معنى ولا مكان.
النار :- صدقت. ولولا وجودك لما كان لي نضال. الماء :- نضالك من أجل بقائك، ونضالي من أجل بقاء غيري. النار :- لذلك أخسر حين تكون أنت خصمي.
الماء :- ومتى تكسبين جولات المعارك؟
النار :- حين أجد الحنين إلي أكبر من الهرب مني.
الماء :- وهل يحن إليك أحد؟
النار : نعم ، فبرد الانتظار تدفئه نار الحدث، وبرد الحديث تذكيه نار الجدل،
وبرد الود تسعره نار الشوق