س 52: وسئل -رعاه الله- كثر الكلام في مسألة الجمعية ما بين الحل والحرمة، صورتها: أن بعض المدرسين يقومون في نهاية كل شهر بجمع مبلغ من المال من رواتبهم ويعطى لشخص معين منهم حسب الاتفاق، وفي نهاية الشهر الثاني يعطى لشخص آخر، وهكذا حتى يأخذ كل من شارك في الجمعية نصيبه، فما هو القول الراجح عندكم -وفقكم الله- في هذه المسألة. فأجاب: لا بأس بها؛ فإن فيها مصلحة وليس فيها مضرة ولا محذور، حيث إن كلا منهم يقرض زملاءه شهريًّا ألف ريال، ثم يردونها عليه كما هي بلا زيادة ولا نقص، ففيها مصلحة لبعضهم، وهو من مسته حاجة لقضاء دين أو تأثيث منزل أو شراء سيارة بنقد أو شراء حاجة بثمن رفيع قد لا يجده، فلو اشتراه من التاجر بدين أو أقساط لزاد عليه في الثمن، فزملاؤه يرفقون به ويقدمونه في هذه الجمعية لحاجته الماسة، ثم هو يرد ذلك من راتبه كل شهر بدون زيادة حتى يرد ما أقرضوه، فهم يقدمون في الأشهر الأول من به حاجة ماسة، ثم الذي يليه، ويتأخر من عنده سعة، ومع ذلك فإن كلا منهم يأخذ هذا المجموع دفعة واحدة كل سنة أو كل عشرة أشهر، مع تقييد الأسماء في دفاتر عندهم، وتقييد المبالغ المجموعة، وإثبات من قبض وما يلزمه كل شهر، ومع الاحتياط في أخذ عنوان كل واحد منهم ورقم هاتفه وحفيظته وعنوان سكنه وبلده؛ مخافة أن يتوفى أو ينتقل من تلك الإدارة، حتى يوصلوا إليه ما أقرضهم أو يستوفوا منه ما اقترضه. وبهذه الاحتياطات يسلمون من الاعتراضات والتقديرات، ولا يقال: إنه قرض جر منفعة؛ فإن المقرض لم ينتفع وإنما رجع إليه قرضه كما هو، أما المقترض فقد خفف عليه، ومعلوم ما ورد من الثواب في قرض المسلم المحتاج للتخفيف عنه والنهي ورد عن القرض الذي جرّ منفعة للمقرض، وهذا ليس كذلك، وقد عرضت هذه المسألة على هيئة كبار العلماء فوافقوا عليها، وشذ فرد أو فردان منهم، ولم يعيروا ذلك التفاتًا، ثم كتب فيها الدكتور عبد الله بن عبد العزيز الجبرين بحثًا وافيًا، وقد نشر في مجلة البحوث العلمية، وظهر من بحثه مناقشة المسألة واستيفاء الكلام حولها، وبذلك نقول: إنه لا بأس بها ولا محذور فيها، إذا عمل فيها بالاحتياط والتحري والبعد عن الجهالة والمحذورات، والله أعلم.