الشهادة بالجنة

الناقل : SunSet | الكاتب الأصلى : ابن جبرين | المصدر : www.ibn-jebreen.com

[ويشهدون بالجنة لمن شهد له رسول الله صلى الله عليه و سلم؛ كالعشرة وثابت بن قيس بن شماس وغيرهم من الصحابة ]


(الشرح)* قوله: (ويشهدون بالجنة لمن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم كالعشرة، وثابت بن قيس بن شماس وغيرهم من الصحابة):
من المسائل التي تتعلق بالصحابة رضي الله عنهم: مسألة الشهادة بالجنة لمن شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بها ؛ فمن عقيدة أهل السنة أنهم لا يشهدون بالجنة ولا بالنار لمعين إلا تبعا للنصوص، فمن شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة شهدنا له بها، ومن شهد له بالنار شهدنا له بها. وأما إذا ورد وعيد عام أو ثواب عام فلا نقول: هذا من أهل الجنة، وهذا من أهل النار على الإطلاق.
تقدم لنا ما يدل على شيء من فضل الصحابة، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في أهل بدر:

إن الله قد اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم

هذا في أهل بدر الذين حضروا غزوتها وكانوا ثلثمائة وبضعة عشر، وتقدم أيضا أن أهل بيعة الرضوان قد رضي الله عنهم وكانوا ألفا وأربعمائة أو أكثر، ذكر الله أنه رضي عنهم:

لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ [ الفتح: 18 ].
وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

إني لأرجو ألا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة

؛ وذلك لأن الله رضي عنهم، ورضاه عنهم يفيد أنهم من أهل الرضا، وأهل الرضا يبقون على تلك الخصال المحمودة التي رضيها لهم ؛ إذا رضيهم ورضي أعمالهم ورضي حالاتهم، فمن آثار رضاه أن يوفقهم، ويسددهم، فلا يحدث منهم ارتداد، ولا يحصل منهم أعمال سيئة تحبط الأعمال، أما الشهادة بالجنة يقينا، فإنما تتوقف على النقل، فقد ثبت الحديث في مسند أحمد وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وأبو عبيدة في الجنة، و سعد بن أبي وقاص في الجنة، وسعيد بن زيد في الجنة

. هؤلاء هم العشرة المبشرون بالجنة، فهؤلاء نشهد لهم بالجنة.

وكذلك ثابت بن قيس بن شماس الذي هو خطيب النبي صلى الله عليه وسلم لما نزل قول الله تعالى:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ [الحجرات: 2]
خاف ثابت أن يكون قد حبط عمله؛ لأنه كان جهوري الصوت، فجلس يبكي في بيته، وجاء الخبر إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنه يقول: أخشى أن يكون قد حبط عملي وأني من أهل النار. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:

ارجع إليه وقل له: إنك من أهل الجنة

.
يقول الراوي: فكنا نراه يمشي بيننا وهو من أهل الجنة. استشهد رضي الله عنه في حرب أهل الردة؛ لما حارب الصحابة بني حنيفة، ثبت ولم ينهزم، ووقف في موقفه حتى قتل شهيدا مقبلا غير مدبر، فكان ذلك علامة على أنه وُفِّقَ للوفاة على العمل الصالح.
وثبت أنه عليه الصلاة والسلام شهد لأشخاص بدخول الجنة كقوله في الحسن والحسين:

إنهما سيدا شباب أهل الجنة

. . وكذلك قوله في فاطمة رضي الله عنها:

إنها سيدة نساء المؤمنين

. وقوله في عائشة رضي الله عنها:

إن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام

. كما سيأتي.
كما ثبت أنه شهد بالجنة أيضا لبلال وقال:

إني ما دخلت الجنة إلا سمعت دف نعليك

. فهذا ونحوه دليل على أنه شهد لأشخاص بالجنة، فيشهد بها لهم.