ورد الرهان في قوله تعالى: فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ والمراد أن الدين الذي في الذمة إذا لم يتوثق منه بكتابه أو شاهدين فإنه يتوثق منه بأخذ صاحب المال رهنًا أي عينًا مالية يمكن استيفاء الدين من ثمنها عند حلول الدين وتأخر الوفاء، وقد بوب لذلك العلماء في كتب الفقه من كل مذهب وتوسعوا في ذكر الصور والحالات التي تعرض للراهن والمرتهن، ولكن هناك ما يُسمى بالمراهنة والرهان ويُراد به ما يُقرب من المسابقة كأن يُقال لمن أصاب الجواب لك جعل وعوض، أو يُقال من أصاب في جوابه فله كذا، وهذا يحدث كثيرًا عند الاختلاف بين اثنين وكل منهما يؤيد ما يقول ويلتزم إن كان خاطئًا أن يدفع للطرف الثاني مالا قدره كذا.
فالظاهر جواز ذلك ودليله قصة أبي بكر مع قريش لما نزل قوله تعالى: غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ فإن قريشًا كذبوا بهذا الخبر فراهنهم أبو بكر إذا غلبوا دفعت له قريش كذا وإن لم يغلبوا دفع لهم إلى آخر القصة كما رواها ابن كثير في التفسير وكذا وقع لغيره، فأما حديث: لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر فهو دليل على جواز الرهان في النصال والسباق على الخيل والإبل وعدمه في غيرها ولعله للكراهة خوفًا من شبهه بالقمار لكن إذا كان شيئًا يسيرًا لا يضر من بذله وكان لهدف وقصد صحيح جاز بلا كراهة، والله أعلم.