وهذه هي الإجابة عليه: ـ
هذا حديث مشهور وله طُرقٌ وروايات ذكر ابن عبد البر في أول كتابه (جامع بيان العلم وفضله) وهو من أحاديث الوعيد التي تُجرى على ظاهرها ليكون أبلغ في الزجر عن المعاصي، وفيه التحذير من كتمان العلم إذا سُئل عنه ولم يُجب بما عنده من العلم حيث إن لفظ الحديث المشهور: من سُئل عن علم فكتمه أُلجم يوم القيامة بلجام من نار فهو يدل على أن الكتمان يكون بعد السؤال، فإذا سألك أحد عن حكم وأنت تعلمه فعليك البيان بحسب ما لديك من العلم والتصريح بذلك ولو كان مُخالفًا لعمل أكثر الناس، ويدخل في ذلك من سُئل عن حكم حلق اللحى أو سماع الغناء أو حكم إسبال اللباس أو حكم سُفور النساء أو الاختلاط بين الجنسين أو غير ذلك من المُحرمات الظاهرة وهو يعرف الحكم ويتأكد منه، ففي هذه الحال يلزمه أن يُصرِّح بالجواب ولا يكتمه موافقة لما يميل إليه السائل أو لما عليه أكثر المجتمع؛ فإن ذلك من كتمان العلم ولبس الحق بالباطل، وقد قال الله تعالى: وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ولا يلزم كل شخص رأى عاصيًا أن يُصارحه بالإنكار عليه إذا كان يعرف أنه عالم بالحُكم ولكنه مُعاند أو مُقلِّد لمن حوله وذلك لكثرة المعاصي وانتشار العُصاة ومشقة الإنكار على جميع الأفراد، ومع ذلك على طالب العلم الحرص على البيان والنصيحة بقدر الاستطاعة. والله أعلم.