ولا أُخْفِي عليك يا شيخ حتى في آخر مكالمة قبل أسبوع من كتابة هذا السؤال؛ حيث كلمها زوجي كالعادة للسلام عليها، فقالت: أنا بريئة منك إلى يوم الدين حتى تُطَلِّقَ زوجتك هذه، وأقفلت السماعة، فتأثر زوجي من هذه المُكالمة، وهدد وأرعد، ثم بعد ذلك رجع إلى حاله الطيبة، حتى إنه من حالته النفسية دخل المُستشفى مرتين مريضًا، لا يدري ما يفعل!! على الرغم من ذلك زوجي يريدني، ويرغب في العيش معي، وللعلم فأنا الزوجة الثانية، ولي منه ولد، وله زوجة أخرى هي أم أولاده، هل يحق لوالدته أن تطلب طلاقي منه وهي مُصِرَّة عليه فزوجي بين نارين في إرضاء أمه، والعيش بسعادة وطمأنينة وسَكَنٍ معي، هل يجوز فعل والدته؟ وما هي الكلمة التي توجهونها لنا جميعًا؟
وهذه هي الإجابة عليه: ـ
نقول: إن هذا من الابتلاء والامتحان، ولعل في ذلك خيرا كثيرا، فتحملي واصبري حتى يأتي الله بالفرج بعد الشدة، ولا شك أن عمل والدة الزوج مُحَرَّمٌ وفيه إثم كبير، وإنما يعمله السحرة كما قال تعالى: فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ فمتى كان الزوج راغبًا في امرأته، مُحِبًّا لها، عاملًا معها ما يلزمه، وليس مائلًا معها أكثر من الأخرى، بل يلتمس العدل والمساواة بين الزوجات، ويُعطي كل زوجة حقها من غير ظُلم ولا حَيْف، وكانت الزوجة محبوبة عنده، راغبة في البقاء معها، وهي ذات خلق ودين وجمال وحسن معاملة، لا تتبرم منه، ولا تعصي عليه، ولا تخرج من بيته إلا بإذنه، ولا يتهمها في نفسه، ولا في شرفها، ولا تفسد ماله، ولا تهمل ولده، فإنها لا ذنب لها، فيحرم التفريق بينهما. وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لعن من خَبَّبَ امرأة على زوجها، وهي التي تسعى حتى تُفَرِّقَ بين الزوجين.
فعلى هذا الزوج أن يُقْنِعَ والدته بخطئها وظلمها وعدولها على هذه المرأة الصالحة، ويأتي بمن يبين لها أنه لا ذنب لهذه المرأة الصالحة، وأن عليها أن تترك التدخل بين الزوجين ، وعليه أن يمسك زوجته، ويتقي الله أن يظلمها أو يضرها؛ لقول الله تعالى: وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ ولا شك أن فراقها ظلم وإثم كبير، وأن والدته لا ضرر عليها من هذا الإمساك، ولا ضرر على زوجته الأخرى إذا كان قد قام بحق كُلٍّ من الزوجتين، وعدل بينهما العدل الشرعي. نسأل الله أن يهدي ضَالَّ المسلمين ، وأن يَرُدَّ هذه الوالدة إلى الحق والرشد ردًّا جميلًا، والله أعلم. وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.