يلقى الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء مساء اليوم الخميس كلمة للشعب المصرى بمناسبة مرور 100 يوم على تشكيل حكومته، التى جاءت من ميدان التحرير.ويشرح شرف خلال كلمته التحديات التى واجهت الحكومة خلال الفترة الماضية، وتوجهات كل وزارة فى المرحلة المقبلة، ويقدم من خلال الكلمة أيضا كشف حساب لما قدمته الحكومة خلال الـ 100 يوم، وما كان صعباً عليها تقديمه.ومن هنا تنشر"بوابة الأهرام" نص كلمة رئيس الوزراء دون حزف أو تغيير أى كلمة أو معنى. يبدأ شرف كلمته: إن لقائى معكم اليوم يتزامن مع مرور حوالى 5 أشهر على ثورة 25 يناير العظيمة وحوالى مائة يوم على تسلم الوزارة المسئولية .. فى حديثى لكم اليوم سوف استعرض بصورة عامة وبالتفاصيل أهم ملامح فترة المائة يوم هذه . كما تعلمون فقد كلفت الحكومة بمسئوليات جسيمة تفرضها الظروف الإستثنائية الصعبة التى تلت نجاح ثورة 25 يناير والتي تم بدء العمل فى إطارها وهذا شىء طبيعى . الحكومة كان عليها بعض المسئوليات الأساسية التى تمثلت فى الآتى : 1- مواجهة الأزمات الشرسة التى خلفها النظام السابق، ومواجهة صعاب صياغة جديدة للحياة السياسية ، ورعاية مرحلة العبور نحو الديمقراطية .. ديمقراطية حقيقية بكل ما يلزمها من إصلاحات تشريعية أساسية، وتحرير تأسيس الأحزاب واستنهاض المناخ الملائم لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية حرة، وصياغة دستور عصري جدير بالبلاد. وفى ظل هذا المناخ الصعب كان على الحكومة أيضاً أن تواجه العديد من التحديات أهمها: 2- كان هناك تراجع كبير في كافة المؤشرات الاقتصادية. 3- كان هناك انفلات أمني. 4- كان هناك بعض المطالب الإنسانية لبعض فئات المجتمع والتي يسميها البعض "فئوية" ونحن على قناعة بشرعية هذه المطالب ولكن يجب الالتفات أننا نحتاج إلى العمل بقوة حتى نستطيع أن نعبر تلك المرحلة. 5- كانت تواجهنا بعض التوترات الطائفية. 6- كانت هناك حاجة إلى تعديل موقف مصر ودورها في قضايا السياسة الخارجية (القضية الفلسطينية-أفريقيا وحوض النيل- الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحقوق الانسان). كل هذه التحديات واضحة جدًا أمامنا فى هذه الفترة ونعمل على التعامل معها ووضع الحلول المناسبة لها . الآن من الضرورى أن أذكر هنا أهم ملامح الوضع فى بداية مارس عند تكليف الحكومة: 1- شهد الاقتصاد المصرى لأول مرة انكماشًا فى الناتج منذ عشرات السنين بنسبة 4.2% خلال الشهور (يناير- مارس 2011) مقارنة بما كنا ننتجه فى نفس الفترة من العام الماضى. 2- كان هناك انخفاض إنتاج القطاعات الرئيسية مثل الصناعة والتشييد والبناء والنقل والتجارة وبالطبع السياحة (حيث تراجع عدد السياح بنسبة حوالى 50%). 3- كان هناك تراجع ضخم فى الإيرادات العامة وإرتفاع فى العجز الكلى للموازنة. 4- تحول ميزان المدفوعات الكلى من فائض إلى عجز كبير. 5- أيضًا تراجعت كافة مؤشرات سوق المال وقيمة التداولات فى البورصة وقدرت خسائرها بـحوالى من 81 مليار جنيه. 6- توقف انسياب رأس المال الأجنبى المباشر، وبالتالى ارتفع معدل البطالة. كل هذه المؤشرات الضخمة توضع على رأس أولويات الحكومة وتتعامل معها الحكومة بفدائية . هنا أود أن أذكر أهم محاور العمل الذى قمنا ومازلنا نقوم به، وهى : توجهات جديدة للسياسة الخارجية، تطوير البنية التشريعية والمؤسسية لبناء الديمقراطية، اتخاذ كافة الإجراءات القانونية لاستعادة الأموال المنهوبة، تأمين الاحتياجات الأساسية للمواطنين فى ظل تحديات نقص الموارد واضطراب الأمن فى ظل ظروف صعبة، زيادة ثقة المؤسسات الدولية فى استعادة الاقتصاد المصرى لعافيته وهذه سياسة هامة جدًا لبناء جسور ثقة وتوفير الاحتياجات الرأسمالية، إستعادة تدريجية للأمن وإحساس المواطن بالأمان، التفاعل الإيجابى مع التوترات الطائفية والمطالب المشروعة لتحقيق التلاحم الوطنى وهذه قضية نعمل على حلها من جذورها ووضع أسس سليمة للعمل على الوصول لحل بشأنها، مساندة مصابى الثورة وأهالى الشهداء إذ نبذل جهدًا كبيرًا بهذا الشأن وتم عمل لجنة لها نتائجها الايجابية، ولكننا نعمل بصورة مؤسسية لذا سيأخذ الموضوع منا بعض الوقت. وأذكر هنا بعض التفاصيل المتعلقة بهذه الأعمال :- 1- تنفيذ الاستفتاء علي التعديلات الدستورية بشفافية منقطعة النظير . 2- إصدار قانون مباشرة الحقوق السياسية بعد تعديله. 3- إعادة تشكيل لجنة شئون الأحزاب. 4- تقديم رموز النظام السابق للمحاكمة العادلة. 5- إقرار علاوة 15% للعاملين بالدولة. 6- توفير أكثر من 10 مليارات جنيه لتوفير الاحتياجات الأساسية من السلع. 7- إعداد مشروع قانون إنشاء مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا من خلال خطة عامة لتشجيع البحث العلمى وإقامة المؤتمرات فى الداخل والخارج . 8- توقيع العديد من الاتفاقيات مع شركات التكنولوجيا العالمية. 9- تشكيل لجنة لتسوية عقود الاستثمارات ، حيث إن هناك عقودًا كثيرة قائمة شابها بعض القصور ونفذت بطرق معيبة أخذنا العهد على حل هذه المشاكل حتى يعود الاستثمار الأجنبى بقوة . 10- اتخاذ حزمة إجراءات لتشجيع وجذب استثمارات جديدة. 11- قررنا فتح صفحة جديدة فى العلاقات بيننا وبين الدول الأفريقية وخاصة دول حوض النيل . 12- التعاون المشترك مع دولة السودان شماله وجنوبه في مجالات الزراعة والري والثورة الحيوانية. وننتقل الآن إلى بعض نتائج هذه الأعمال التى قمنا بها والله وحده يعلم مدى الجهد الذى بذل مع زملائى الوزراء : 1- القطاع السياحى: ارتفع عدد السياح إلي نحو 800 ألف سائح، وذلك مقارنة بنحو 500 ألف فى شهر مارس وبنحو 200 ألف سائح فى شهر فبراير. 2- زيادة عمليات البناء وانعكس ذلك على زيادة مبيعات الأسمنت والحديد 3- زيادة كبيرة فى الصادرات (غير البترولية). 4- استقرار حصيلة الإيرادات بالعملة الصعبة من قناة السويس وتحويلات المصريين بالخارج وهذا يعكس ثقة العالم فى مصر ويعكس ثقة المصريين فى الخارج فى وطنهم الأم مصر. 5- ومن الناحية السياسية، فإن البعض يظن أن هناك تباطوءًا أو تقصيرًا في أداء الحكومة، والحقيقة أن هذا ليس بالضرورة صحيحاً. الحكومة ورثت مشاكل لها أبعاد مؤسسية وثقافية عميقة، وكان لابد أن نعالج جذور كل المشاكل من خلال ترتيبات مؤسسية تضمن ألا تتكرر المشاكل في المستقبل ، لقد أخذنا العهد على أنفسنا أن نسلم الأمانة لمن يأتى بعدنا ومصر على طريق الانطلاق وبحيث لا يوقفه أى شىء. مثلا: 1- طرح مشروع القانون الموحد لدور العبادة للحوار المجتمعي. وهذا الموضوع يعالج مشكلة عمرها أكثر من150 سنة وتسببت في احتقان ومشاكل كثيرة على مر التاريخ. وقد آن الأوان أن توضع هذه المشكلة على مائدة النقاش المجتمعي والسياسي لضمان العدالة للجميع ويعمل وزير العدل بجهد كبير للوصول إلى إطار سليم بهذا الشأن. 2- طرح قانون مجلس الشعب للحوار المجتمعي والنقاش بين القوى السياسية المختلفة لأننا نقبل على مرحلة جديدة. 3- معالجة المشاكل العاجلة لقطاعات من المجتمع الذين عانوا من مظالم حقيقية خلال الفترة الماضية مثل الفلاحين والعمال والخريجين وبالذات المتفوقين منهم ونتفاعل معها بصورة عاجلة للاستجابة لها ووضع الحلول المُناسبة لها. 4- لجنة الحوار الوطني وكذا لجنة الوفاق القومي، ورغما عما وجهه البعض لهما من انتقادات إلا أنهما في النهاية يفيدان جدًا في فهم مساحات الاتفاق والاختلاف بين القوى السياسية والشخصيات العامة. 5- قضية إعادة هيكلة بعض الوزارات مثل وزارة الداخلية، وهى مسألة ستأخذ بعض الوقت بالضرورة، والإصلاح الداخلي ينعكس تباعًا على التواجد الأمني والكفاءة الشرطية، وهناك إحساس متزايد بعودة الأمن والأمان لمصر. وبعد هذا الإستعراض السريع أود أن أذكركم بماهية هذه الحكومة. هذه الحكومة جاءت لتدير أزمة طبيعية تلازم الثورات ، حيث يتم فيها الانتقال من نظام قديم إلى نظام جديد. نظام قديم كان يحمل فى طياته مؤشرات انهيار سياسى واقتصادى واجتماعى. ونظام جديد نريد أن نقدم له عوامل النجاح للانطلاق نحو مصر النهضة .. نظام مبنى على نداءات أبناء الشعب التى تعالت فى ميدان التحرير وتنادى بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية. وبتوفيق من الله سبحانه وتعالى نجحنا في وقف النزيف الاقتصادي ودخلنا مرحلة البناء علي أسس سليمة قائمة علي الشفافية ومعايير العدالة الاجتماعية ومكافحة الفساد، وحيث إننى استقبل العديد من السفراء والوزراء من دول العالم فى الخارج فقد قابلت وزير خارجية بولندا الذى أخبرنى أنهم أفلسوا بعد الثورة وأخذوا أعوامًا حتى يصلوا إلى مثل ما نحن عليه الآن. وفى النهاية أود أن أرسل بعض الرسائل السريعة: رسالة لشباب الثورة: الحكومة تلتزم بتطلعاتهم وآمالهم، والحرص الكامل علي تحقيق الثورة لأهدافها فيما يتعلق بالمسارين السياسي: وهدفه تحقيق الديمقراطية السليمة. والاقتصادى: القائم علي أساس مباديء العدالة والشفافية وإننى دائمًا استمع إلى الشباب واستلهم من أرائهم وحماستهم الكثير لأنهم رأس حربة ثورة 25 يناير وهذا الشعب العظيم. رسالة للشعب المصرى الأصيل : إذا كنت تحدثت عن التحديات الاقتصادية والأمنية، فإننى هنا أود أن أشير إلى نوع آخر من التحديات يجب ألا نغفل عنه، نحن بحاجة إلى قدر أكبر من التماسك وقدر أكبر من التوافق حول المستقبل، اختلاف الرؤي وارد ومفيد مادامت المصلحة العامة هي الغاية ولكن تحول الاختلاف إلى معارك تفتت قوي الثورة سيعود بعقارب الزمن إلى الوراء وهو ما لايجب أن نسمح به. "إننا نتطلع لتسليم مصر وهي علي أعتاب النهضة لمن يكمل مسيرة العمل والبناء". ولو بقي يوم واحد في عمر هذه الحكومة، فستعمل جاهدة من أجل بناء المرحلة وبث الأمل". وفى النهاية الي كل مصري ومصرية اسمحوا لي أن أطلب منكم أمرين: مزيدًا من العمل. ومزيدًا من الأمل..فالمزيد من العمل والانتاج سيسمح للاقتصاد المصري بالنمو وبالتالي نحافظ علي ثورتنا وتعود مصر كما يجب أن تكون ذات اقتصاد قوى يتمتع بقدرة تنافسية عالية، ونشكر الله سبحانه و تعالى الذى حبانا بالموقع والمناخ والبشر فيجب أن نعمل ونستغل هذه الأصول الهامة فى العمل والإنتاج لكى ننعم باقتصاد تستحقه مصر ويبارك الله فيه. والمزيد من الأمل لأن الأمل هو فى الحقيقة الوسيلة الوحيدة نحو صناعة المستقبل والثقة في أنفسنا وفي بعضنا البعض سيسمح لنا بتجاوز كل الصعاب التى نواجهها، فبدون الأمل المستقبل غير واضح الملامح، وعراقيل وبالتالي هذا شيء لا نتمناه ولكنى كلى ثقة فى الشعب المصرى العظيم بجميع فئاته وطبقاته مؤمن معنا بهذا ويجب بذل مجهود أكبر ونحتاج في هذه الفترة الصعبة إلى دعمكم ومساندتكم للوصول بمصر إلى بر الأمان.