إنَّ الحمدَ لله نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه ، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا ومن سيِّئاتِ أعمالِنا ، من يهدِه الله فلا مُضِلَّ له،ومن يُضلِل فلا هاديَ له،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله،صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً . هذا الموضوعُ هو ضمن سلسلةٍ سبقَ أن بدأنا بها ، وهيَ سلسلةُ وسائلَ وتوجيهاتٍ ، وقد كانَت الحلقةُ الأولى بعنوان : أربعون وسيلة لاستغلالِ رمضان ، ثُمَّ أربعون وسيلة لاستغلالِ موسم الحجِّ ، ثم أربعون وسيلة لاستغلالِ الإجازةِ الصيفيَّةِ ، ثُمَّ هذه هي الحلقةُ الرابعةُ ، وهي أيضاً : أربعون وسيلة . وهذه التَّوجيهاتُ وهذه الأفكارُ هي مجموعةُ توجيهاتٍ وأفكارٍ ووسائلَ في تربيةِ الصِّغارِ كنتُ قد جمعتُ شيئاً منها في درسٍ قبلَ خمسِ سنواتٍ تقريباً ، وكان يراودُني تجديدُ هذا الدَّرسِ وإلحاقُ بعضِ الوسائلِ والتوجيهاتِ ، وكان للتَّسويفِ والانشغالِ وقِلَّةِ البضاعةِ دورٌ في التَّأخيرِ . حتَّى وقعَ بين يديَّ بحثٌ تكميليٌّ لنيلِ درجةِ الماجستير بعنوانِ : مسؤوليَّةُ الأبِ المسلمِ في تربيةِ الولدِ في مرحلةِ الطفولةِ ، والحقُّ يُقَالُ فهو كتابٌ جامعٌ فريدٌ أنصحُ الآباءَ والأمَّهاتِ بالقراءةِ فيه والنَّظَرِ والاستفادةِ منه ، فقد جمعَ صاحبُه الأستاذُ : عدنان حسن باحارث ، كثيراً من الفوائدِ و الشَّواردِ والتَّوجيهاتِ والتَّجاربِ لعلماءِ التَّربيةِ والمتخصِّصين في هذا الشَّأنِ ، جزى الله كاتبَه خيرَ الجزاءِ ونفعَ اللهُ به ورعاه . ولو كُمِّلَ هذا الكتابُ بتخريجِ الأحاديثِ والآثارِ فيه والحكمِ عليها من متخصِّصٍ في هذا الفنِّ لزادَ العقدَ بهاءً وجمالاً ، ولقد استفدتُ منه كثيراً في هذا الموضوعِ الذي أسألُ الله عز وجل أن ينفعَ به الآباءَ والأمُّهاتِ في وقتٍ تخلَّى كثيرٌ منهم عن هذه المسؤوليَّةِ العظيمةِ ، تربيةِ الأبناء . فالأبُ في وظيفتِه وتجارتِه ، ورُبَّما الأمُّ في وظيفتِها وزياراتِها ، والضحيَّةُ هم الأولادُ ، ورُبَّما تُرِكُوا للأعاجمِ و الجُهَّالِ من السَّائقين والخادماتِ ! ألا فاتَّقِ الله أيُّها الأبُ ، واتَّقي الله أيَّتُها الأمُّ ، فإنَّكما مسؤولان أمامَ الله عن هذه الأمانةِ ، وتذكَّرا جيِّداً هذا الموقفَ عندَ السُّؤالِ والحسابِ : قال صلى الله عليه وسلم في الحديثِ المشهورِ " كلُّكُم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّتِه ، فالإمامُ راعٍ ومسؤولٌ عن رعيَّتِه ، والرَّجُلُ راعٍ في أهلهِ ومسؤولٌ عن رعيَّتِه ، والمرأةُ راعيةٌ في بيتِ زوجِها ومسؤولةٌ عن رعيَّتِها..".(متفق عليه ) وقال صلى الله عليه وسلم " ما مِن عبدٍ يسترعيه الله رعيَّةً فلم يُحِطها بنصحِه إلا لم يجِد رائحةَ الجنَّةِ "(متفق عليه ). وقال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } [التحريم :6] . إذاً فاعلما أنَّ مسؤوليَّةَ تربيةِ الأولادِ بينكما مشتركةٌ تقتضي التَّعاونَ والتَّفاهُمَ ، واعلما أيضاً أنَّ مرحلةَ الطفولة مرحلةٌ مُهِمَّةٌ جدَّاً في توجيهِ الوَلَدِ وتأديبِه ، قال الإمامُ الماورديُّ مؤكِّداً على هذا المعنى : فأمَّا التأديبُ اللازمُ للأبِ فهو أن يأخذَ ولدَه بمبادئ الآدابِ ليأنسَ بها وينشأَ عليها فيسهلَ عليه قبولُها عندَ الكبرِ لاستئناسِه بمبادئها في الصِّغَرِ ، لأنَّ نشأةَ الصَّغيرِ على شيءٍ تجعلُه متطبِّعاً به ، ومن أُغفِلَ في الصِّغَرِ كان تأديبُه في الكِبَرِ عسيراً . وإليك مقطوعة لأحمد شوقي تلخِّصُ هذا المعنى وتعرضُه في أبهى صورةٍ ، يقولُ : بينَ الحديقةِ والنَّهَـرْ وجمالِ ألوانِ الزّهَرْ سارَت مها مسرورةً مع والدٍ حانٍ أَبَـرّ فرأَت هنالك نخلـةً معوجَّةً بين الشَّجَرْ فتناولَت حبلاً وقالَت يا أبي هيَّا انتظِــرْ حتَّى نقوِّمَ عودَهـا لتكونَ أجملَ في النَّظَرْ فأجابَ والدُها : لقد كبرَت وطالَ بها العُمُرْ ومن العسيرِ صلاحُها فاتَ الأوانُ ولا مَفَـرّ قد ينفعُ الإصلاحُ والتَّـهذيبُ في عهدِ الصِّغَرْ والنَّشءُ إن أهملتَـه طفلاً تعثَّرَ في الكِبَـرْ الوسائل والتوجيهات الوسيلةُ الأولى : الحرصُ على تعويدِه على مراقبةِ الله ، وغرسُ ذلك في نفسِه كلَّ لحظةٍ ، وتخويفُه بالله سبحانه وتعالى لا بأبيه ولا بالحرامي ولا بالبعبعِ كما تفعلُ كثيرٌ من الأمَّهاتِ ، فإنَّ الصَّغيرَ يتعلَّقُ بالله ، فلا يرجُو إلا الله ، ولا يخافُ إلا الله . وهذا ما يسمِّيه علماءُ التَّربيةِ بالوازعِ الدينيِّ ، وهذا جانبٌ مهمٌّ جداً يغفلُ عنه الآباءُ والأمَّهاتُ ، واسمع لقولِ الحقِّ عز وجل حاكياً عن لقمانَ وهو يؤصِّلُ هذا الجانبَ في نفسِ ولدِه ، يقول I على لسانِ لقمان } يَابُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُنْ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ{ [لقمان:16]. انظُر للتَّربيَةِ العميقةِ التي تملؤُ نفسَ الولدِ بعظمةِ الله ، بعظمةِ علمِ الله واطَّلاعِه عليه ، حتَّى وإن كانَت هذه الحبَّةُ في حقارتِها لا وزنَ لها ولا قيمةَ ، ولو كانت هذه الحبَّةُ داخلَ صخرةٍ صلبةٍ محشورةٍ ، أو كانت هذه الحبَّةُ في السماواتِ ذلك الكيانِ الهائلِ الشَّاسعِ الذي يبدو فيه النجمُ الكبيرُ ذرَّةً تائهةً ، فكيف بهذه الحبَّةِ الحقيرةِ ؟ أو حتَّى كانَت هذه الحبَّةُ في الأرضِ ضائعةً ، فإنَّ الله I سيبديها ويظهرُها بلطيفِ علمِه ، فأين الآباءُ والأمَّهاتُ عن هذه التَّربيةِ ؟! املأ قلبَ صغيرِكَ بخوفِ الله، وأخبره بأنَّ الله يراه في كلِّ مكانٍ،وأنَّه مطَّلِعٌ عليه في كلِّ حالٍ، فإذا كذبَ قُل له : إنَّ الله يعلمُ ما تُخفي ، وإنَّ الكاذبَ في النَّارِ ، وإذا سرقَ فقُل له : إنَّ الله يراكَ وإنَّ الله يغضبُ على السَّارقِ ، وإذا عصاك فقُل له : إنَّ الله يغضبُ عليك ، وإذا أطاعَك فقُل له : إنَّ الله يُحبُّك ، هكذا في كلِّ أفعالِه ذكِّره بالله I . إذاً فلنربِّ أبناءنا على هذا المنهجِ ، ثُمَّ بعدَ ذلك أطلِق له العنانَ ، فكلمَّا حدَّثَته نفسُه بأمرِ سوءٍ تذكَّرَ أنَّ الله عز وجل معه يراه ويعلمُ ما يصنعُ . ويؤكِّدُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم على هذا المنهجِ ، فنجدُه يوصي ابنَ عبَّاسٍ وهو صغيرٌ ، فيقولُ له صلى الله عليه وسلم " يا غلامُ - وفي روايةٍ : يا غليّم - إنِّي أعلِّمُك كلماتٍ ، احفظِ الله يحفَظْك ، احفظِ الله تجدْه أمامَك ، إذا سألتَ فاسألِ الله ، وإذا استعنتَ فاستعِن بالله ، واعلَم أنَّ الأمَّةَ لو اجتمعُوا على أن يضرُّوك بشيءٍ لن يضرُّوك إلا بشيءٍ قد كتبَه الله عليك ، وأنَّ الأمَّةَ لو اجتمعُوا على أن ينفعُوك بشيءٍ لن ينفعُوك إلاَّ بشيءٍ قد كتبَه الله لكَ ، رُفِعَت الأقلامُ وجَفَّت الصُّحُفُ "[1]. هكذا كان صلى الله عليه وسلم يغرسُ هذه المعاني الجميلة في نفسِ ابن عبَّاسٍ وهو صغيرٌ . حَمَّادُ بن زيدٍ يقولُ : كنتُ أسيرُ مع أبي فمرَرنا من جدارٍ فيه تبنٌ فأخذتُ عودَ تبنٍ ، فقال لي أبي : لِمَ أخذت ؟! – ينهرُني – فقلتُ : إنَّه عودُ تبنٍ ! فقال أبي : لو أنَّ النَّاسَ كلَّهم مرُّوا من هاهنا فأخذُوا عودَ تبنٍ هل كان يبقى في الجدارِ تبنٌ يا بُنَيَّ ؟! هكذا كانوا يربُّونَهُم على الأمانة حتى في أحقرِ الأشياءِ ، لا تمتدُّ اليدُ على أحقرِ الأشياءِ حتى إذا كبرَ لا تمتدُّ يدُه على أيِّ شيءٍ مهما كان صغيراً أو كبيراً . سهلُ التَّستُري يقولُ : كنتُ مع خالي صغيراً وأنا ابن ثلاثِ سنين وكان يقولُ لي: انظُر ألا تذكرُ الله الذي خلقَك ؟ قال : كيف أذكرُه ؟ قال لي خالي محمَّد بن سِوار : قُل بقلبِكَ من غيرِ أن تحرِّكَ به لسانَك : اللهُ معي ، اللهُ ناظرٌ إليَّ ، اللهُ شاهدي ، ثلاثاً ثُمَّ سبعاً ثُمَّ أحد عشر . تأصيلُ رقابةِ الله عزَّ وجلَّ في نفسِ الصَّغيرِ حتَّى وإن كان ابن ثلاثِ سنين ! بائعةُ اللَّبَنِ تقولُ لأمِّها : يا أمَّاه إن كان أميرُ المؤمنين لا يرانا فإنَّ ربَّ أميرِ المؤمنين يرانا . فعلِّمِ الصَّغيرَ من هو الله ، وأنَّه هو الذي خلقَه وأنعمَ عليه ، ليمتلئَ قلبُه بحبِّ الله ، فيحرصَ بعدَ ذلك ألا يغضبَ الله بقولٍ أو فعلٍ. ذكرَ ابنُ سعدٍ في الطَّبقاتِ:أنَّ أمَّ سُليمٍ كانَت تلقِّنُ أنساً ولدَها الشَّهادتين قبلَ أن يبلغَ سنتين. الوسيلةُ الثانيةُ : التأكيدُ على تعليمِه الوضوءَ والصَّلاةَ ، وإنَّ أخطرَ شيءٍ نلحظُه اليومَ على صغارِنا هو إهمالُ هذا الجانبِ ، فتجدُ غالبَ الأولادِ يبلغُ العاشرةَ من عُمُرِه لا يعرفُ كيفَ يصلِّي ! وهذا أمرٌ مشاهَدٌ محسوسٌ ، فانظُر إليهم في المساجدِ عندَ ركُوعِهم وسجُودِهم ولَعبِهم وضَربِهم لبعضٍ ! فلماذا لا يجلسُ الأبُ أو الأمُّ وقتاً يسيراً لتعليمِ صغارِهم هذا الرُّكنَ العظيمَ ؟ وذلك بالتَّطبيقِ العمليِّ أمامَه ثُمَّ ليطبِّقْ الولدُ ما يراه ، فإن أخطأَ وُجِّهَ بدون تعنيفٍ . إنَّ أولادَنا الصِّغارَ كثيراً ما يندفعُون لتقليدِ آبائهم وأمَّهاتِهم في الصَّلاةِ ، فيقفُون بجوارِهم ، ويفعلُون كما يفعلُ آباؤهم ، ولذلك نوصي الأبَ بأن يحرصَ على صلاةِ الرَّواتبِ والنَّوافلِ في البيتِ ، بل هذه هي السنَّةُ فقد قالَ صلى الله عليه وسلم " صَلُّوا- أَيُّهَا النَّاسُ- فِي بُيُوتِكُمْ ، فَإِنَّ أَفْضَلَ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ "[2] . وفي صلاةِ النَّافلةِ في البيوتِ فوائدُ كثيرةٌ منها : تشجيعُ الزَّوجةِ والأهلِ على العبادةِ ، وإحياءُ البيتِ وطردُ الشَّياطين ، وكثرةُ مشاهدةِ الصِّغارِ والدَهم وهو يُصلِّي ، وهذا ما يُسمَّى عندَ علماءِ التَّربيةِ بأسلوبِ التَّربيةِ بالعادةِ وهو من أسهلِ الأساليبِ وأفضلِها . وكم نغفلُ عن هذا المنهجِ النبويِّ في أمرِ الصَّلاة ،فقد قالَ صلى الله عليه وسلم " مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ "[3] ، وفي هذا الحديثِ يَمرُّ الصَّغيرُ بثلاثِ مراحلَ : · قبلَ السَّبعِ ، وهذا أمرٌ مندوبٌ إليه أن يُشَجَّعَ الصَّغيرُ بالتَّلميحِ والتَّعريضِ في الصَّلاةِ . · وما بعدَ السَّبعِ ،وهنا يجبُ على الأبِ وعلى الأمِّ أن يعلِّما صغيرَهما على الصَّلاةِ وأركانِها وما يقولُ فيها . · ثُمَّ المرحلةُ الثالثةُ عندَ العشرِ وما بعدَها ، فإن لم يستجِب الصَّغيرُ فكما قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم " وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ " ، ولا يُستعمَلُ العقابُ البدنيُّ _ أي الضَّرب _ إلا بعدَ فَشَلِ جميعِ الوسائلِ والعقوباتِ الأخرى من وعظِه وتعنيفِه وهجرِه - أي لا يكلِّمُه ولا يمازحُه ويحرمه بعضَ ما يحبُّ - . وكم نقعُ في أخطاء تربويَّةٍ جسيمةٍ في أمرِ الصَّلاةِ بدون أن نشعرَ ، ومن هذا الحرصُ الشَّديدُ على إيقاظِه للمدرسةِ والاهتمامُ بذلك ، وألاَّ يتأخَّرَ لحظاتٍ ورُبَّما عقابُه لو تأخَّرَ ، أمَّا صلاةُ الفجرِ فتأخذُ الأمَّ الشَّفَقَةُ والرَّحمةُ بإيقاظِ ولدِها لها ، فلا يصلِّيها إلا عندَ ذهابِه للمدرسةِ ، مع أنَّ الولدَ بلغَ العاشرةَ ، يندب له أن يصليها لوقتِها مع جماعةِ المسلمين ! ولاشكَّ أنَّ الأمَّ آثمةٌ في مثلِ هذا الفعلِ ، وأنَّ الشَّفقةَ والرَّحمةَ تكون في إيقاظِه وصلاتِه مع المسلمين ، ولذلك قال الحقُّ عز وجل } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا{[التحريم:6]، فإذا أردنا الشَّفَقَةَ ووقايةَ أولادِنا فذلك يكونُ بتعليمِهم وتأكيدِ أهميَّةِ صلاةِ الفجرِ معَ المسلمين في وقتِها . يُروى في سيرةِ الإمامِ أحمدَ أنَّ أمَّه كانَت توقظُه في ثُلُثِ الَّليلِ الأخيرِ فتسخِّنُ له الماءَ فيصلِّي ما شاءَ الله أن يُصلِّي ، ثُمَّ إذا أذَّنَ لصلاةِ الفجرِ أخذَت بيدِه وسارَت معه حتَّى أدخلَته المسجدَ ثُمَّ قبعَت عندَ عَتَبةِ المسجدِ تنتظرُ صغيرَها حتى ينتهي من الصَّلاةِ ،فإذا انتهى أخذَت بيدِه وأرجعَته إلى بيتِها . هكذا كانت الأمَّهاتُ رضوانُ الله تعالى عليهِنَّ في الحرصِ على تربيةِ الصغيرِ والاهتمامِ به ، ولذلك كان خلفَ الإمامِ أحمدَ من خَلْفَهُ من أمٍّ صالحةٍ تحرصُ على تربيةِ هذا الصَّغيرِ تربيةً ربانيَّةً . الوسيلةُ الثَّالثةُ : القدوةُ الصَّالحةُ ،فإنَّ الصِّغارَ يبدؤون التَّقليدَ من السَّنَةِ الثَّانيةِ أو قبلَها بقليلٍ ، وهم يتعلَّمُون بالقدوةِ والمشاهَدَةِ أكثرَ مِمَّا نتصوَّرُه ، فالطِّفلُ يحاكي أفعالَ والدِه ، والطِّفلةُ تحاكي أفعالَ أمِّها ، وهذا يؤكِّدُ أموراً عدَّةً ، منها : - ألا نظهرَ أمامَه إلا بصورةٍ حسنةٍ . وليسَ النَّبتُ ينبتُ في جنانٍ كمثلِ النَّبتِ ينبتُ في فلاةِ وهل يُرجى لأطفالٍ كمالٌ إذا ارتضعُوا ثُدُيَّ النَّاقصَاتِ ؟! فانتبهي أيَّتُها الأمُّ لأفعالِكِ وأقوالِكِ خاصَّةً أمامَ صغارِكِ . - ثُمَّ الإبتعادُ عن المتناقضات في الحياةِ ، فإنَّها تهلكُ الطِّفلَ وتمزِّقُ نفسيَّتَه ، وخُذ أمثلةً على ذلك : · المدرِّسُ يحذِّرُ الطِّفلَ من الدُّخانِ والتَّدخينِ مثلاً وخطرِه، وأنَّه محرَّمٌ يغضبُ الله عز وجل ، ثُمَّ إذا رجعَ الطِّفلُ إلى بيتِه وجدَ أباه يدخِّنُ ، وأخاه أيضاً فما رأيكُم وما هو تأثيرُ ذلك على هذه النفسيَّةِ ؟ · وأيضاً الطفلُ يسمعُ عن الصَّلاةِ وأهميَّتِها ، وأنَّ تركَها جريمةٌ وكُفرٌ ، ثُمَّ يرى والدَه أو أخاه لايصلُّون أو لا يحرصُون عليها . هذا في أمورِ العبادةِ .. وخُذ أمثلةً في الأمورِ الاجتماعيَّةِ : · عندَ إعطائه علاجاً مُرَّاً مثلاً ، تؤكِّدُ الأمُّ لصغيرِها أنَّ هذا العلاجَ حلوٌ ، فإذا شربَه الصَّغيرُ وجدَهُ مرَّاً علقمَاً ، وانظُر إلى تأثيرِ ذلك في نفسيَّةِ الصَّغيرِ . · أو لو أنَّ الطبيبَ مثلاً كتبَ حُقنةً و إبرةً لذلك الصَّغيرِ فرُبَّما أنَّ أباه قال للصَّغيرِ: إنَّها لا تؤلِمُ ، فإذا بالصَّغيرِ عندَما يُضرَبُ هذه الحقنةَ يجدُ ألَمَها في نفسِه !!ولك أن تتصوَّرَ كيف تكونُ نفسيَّةُ هذا الصَّغيرِ . · أو رُبَّما أيضاً عندَ غيابِه عن المدرسةِ بسببِ نومِه أو نومِ والديه ، فغابَ الصَّغيرُ هذا اليومَ عن المدرسةِ فإذا بأبيه غداً يأخذُ بيَدِ الصَّغيرِ فيدخلُ على مديرِ المدرسةِ فيقولُ له مثلاً : إنَّ فلاناً كان مريضاً ، ويسمعُ الصَّغيرُ هذه الكلماتِ ! فماذا ستُحدِثُ هذه الكلماتُ في نفسِ الصَّغيرِ وهو يعلمُ أنَّه لم يكُن مريضاً ؟! هذه أمثلةٌ .. فأيُّ جريمةٍ نرتكبُها في حقِّ هؤلاء الصِّغارِ ونحنُ لا نشعرُ ؟! إنَّك مهما وعظتَ ، ومهما سمعُوا من المدرِّسين فإنَّهُم لن يحملُوا في داخلِ نفوسِهم سوى الصُّور التي يرونها أمامَهم ، إنْ خيراً فخيرٌ وإنْ شرَّاً فشرٌّ . وقد تنبَّهَ السَّلفُ الصَّالحُ رضوانُ الله تعالى عليهم إلى هذا الأمرِ وأهميَّتِه ، فهذا عمرو بن عتبةَ ينبِّهُ معلِّمَ ولدِه لهذا الأمرِ فيقولُ : ليَكُن أوَّلَ إصلاحِك لولدي إصلاحُك لنفسِك ، فإنَّ عيونَهم معقودةٌ بعينِك ، فالحَسَنُ عندَهم ما صنعتَ ، والقبيحُ عندَهم ما تركتَ . إذن فليسمِع الآباءُ ولتسمَع الأمَّهاتُ ، وليسمَع المدرِّسُون ولتسمَعِ المدرِّساتُ ، إنَّكُم مهما قلتُم فأولادُكم وطلاَّبُكم يفعلُون ما فعلتُم ، فالله الله في القُدوةِ ، وإنَّ الأزمةَ التي يعيشُها التَّعليمُ اليومَ في الأمَّةِ أجمعَ هي أزمةُ قدواتٍ . الوسيلةُ الرَّابعةُ : الدُّعاءُ ، للدُّعاءِ واللُّجوءِ إلى اللهِ عز وجل أثرٌ عجيبٌ في صلاحِ الأولادِ واستقامتِهم ، ولقد كان الأنبياءُ صلواتُ الله وسلامُه عليهم أكثرَ النَّاسِ دعاءً لله بإصلاحِ أولادِهم ، فهذا إبراهيمُ عز وجل يقولُ كما يخبرُ الله عنه } وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ {[إبراهيم:35]، وهذا زكريَّا يقولُ كما يخبرُ الله عنه أيضاً } قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ { [ آل عمران: 38] ،ويقولُ الله عز وجل على لسانِ إبراهيمِ عز وجل } رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ{ [ إبراهيم:40] ويخبرُ الله I على لسانِ المؤمنين الصَّالحين } وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا {[ الفرقان:74]. واحذَر أيها الأب، واحذري أيَّتُها الأمُّ من الدُّعاءِ على الأولادِ ، خاصَّةً أنتِ أيَّتُها الأمُّ عندَ الغَضَبِ ، فرُبَّما أطلقَت الأمُّ للسانِها العنانَ في السبِّ واللعنِ ! وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال " ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لَا شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ الْوَالِدِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ " [4] . وقال صلى الله عليه وسلم " لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ، لَا تُوَافِقُوا مِنْ اللَّهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ " [5]، وهذا نهيٌ صريحٌ عن الدعاءِ على الأولادِ ، فأكثرُوا أيُّها الآباءُ والأمَّهاتُ من الدُّعاءِ لأولادِكم ، وألِحُّوا عليه بركوعِكُم وسجودِكُم واستعينُوا بالله في تربيَتِهم فإنَّه خيرُ معينٍ ، وإذا استعنتَ فاستَعِن بالله. الوسيلةُ الخامسةُ : الحرصُ على تعويذِ الأولادِ وتعليمِهم الأذكارَ ، فعن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنه قال : كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يعوِّذُ الحَسَنَ والحسينَ ويقولُ " إنَّ أباكما كان يعوِّذُ بها إسماعيلَ وإسحقَ ، أعوذُ بكلماتِ الله التَّامَّةِ ، من كلِّ شيطانٍ وهامَّةٍ ، ومن كلِّ عينٍ لامَّةٍ " [6]. وعن البيهقيِّ في الآدابِ بلفظ : كان صلى الله عليه وسلم يعوِّذُ حَسَناً وحُسَيناً يقولُ " أعيذُكما بكلماتِ الله التامَّةِ ، من كلِّ شيطانٍ وهامَّةٍ ، ومن كلِّ عينٍ لامَّةٍ " ، ويقولُ صلى الله عليه وسلم " عوِّذُوا بها أولادَكم ، فإنَّ إبراهيمَ عز وجل كان يعوِّذُ بها إسماعيلَ وإسحق عز وجل "[7] . وليحرِص الوالدان على تشجيعِ صغارِهم على تعلُّمِ الأذكارِ وحفظِها ، ومن أفضلِ الوسائلِ في ذلكِ ما يلي : · القدوةُ ، وأن يرى الصِّغارُ حرصَ آبائهم وأمَّهاتِهم على الذِّكرِ . · أن يرفعَ الأبُ أو الأمُّ صوتَه ليُسمِع الصِّغارَ ، فإذا سمعَ الصِّغارُ كثرةَ الذِّكرِ بلسانِ الأبِ أو بلسانِ الأمِّ تجدُ أنَّ الصَّغيرَ يردِّدُ هذه الأذكارَ بدون أن يشعرَ . · الحرصُ على اختيار الأذكارِ القصيرة وأيسرِها لفظاً ، فعندَ النَّومِ مثلاً ردِّدي أيَّتُها الأمُّ على الصِّغار قولَه صلى الله عليه وسلم " ربِّ قني عذابَك يومَ تبعثُ عبادَك " أو ردِّدي قولَه صلى الله عليه وسلم "بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ وَضَعْتُ جَنْبِي، وَبِاسْمِكَ أَرْفَعُهُ " . · استغلالُ الأوقاتِ وبعض المناسباتِ السارَّةِ لتلقينِهم بعضَ الأذكارِ ، كالخروجِ للنُّزهةِ في البرِّ أو في الحدائقِ ، وتعليمِهم دعاءَ نزولِ المكان " أعوذُ بكلماتِ الله التامَّةِ من شرِّ ما خلقَ " . · وضعُ المسابقاتِ والحوافزِ التشجيعيَّةِ والهدايا كُلَّما حفظَ الصَّغيرُ شيئاً من هذه الأذكارِ . وسيرى الوالدان بعدَ فترةٍ قصيرةٍ أنَّ الصَّغيرَ يعتمدُ على نفسِه بترديدِ هذه الأذكارِ ، بل أقولُ : رُبَّما ذكَّرَ هو أمَّه و أباه بهذهِ الأذكارِ . الوسيلةُ السَّادسةُ : الحذَرُ من جهازِ التلفاز عامَّةً ومن أفلامِ الكرتون أو الصُّوَرِ المتحرِّكَةِ خاصَّةً ، وهذا موضوعٌ يطولُ ؛ ولكن اسمع لهذه التوجيهات : · أكثرُ أفلامِ الكرتون خياليَّةٌ تحملُ عقائدَ وثنيَّةً ، وهذا النَّوعُ من الخرافةِ يفسدُ عقليَّةَ الطِّفلِ وتفكيرَه ويطبعُه بطابعٍ خياليٍّ بعيدٍ عن الواقعِ . · أيضاً بعضُ أفلامِ الكرتونِ تدورُ قصصُها حولَ الحبِّ والغرامِ كما هو الحالُ بالنِّسبَةِ لمسلسلاتِ الكبارِ ،ولك أن تتصوَّرَ أثرَ ذلك على الطِّفلِ وهو يرى كلَّ يومٍ ولعدَّةِ ساعاتٍ تلك الغراميَّاتِ والقُبُلاتِ ، سواءً كان ذلك بين ذكرٍ وأنثى من البَشَرِ أو من الحيواناتِ أو الحشراتِ ، تعريضٌ بالفاحشةِ وتحريضٌ على تكوينِ علاقاتِ الحبِّ والغرامِ . · وأيضاً بعضُ الأفلامِ من الصُّوَرِ المتحرِّكةِ تظهرُ فيها علاماتُ العنصريَّةِ وتشويهُ الصُّورةِ ، مثالُ ذلك أذكرُ قصَّةً واحدةً : قصة ( بوباي ) وهي تحكي قصَّةَ البحَّارِ الأبيضِ الموحي شكلُه ولونُه بالرجُلِ الغربيِّ صاحبِ الغليون ، وصراعَه المستمرَّ مع خصمِه الأسمرِ الشرِّيرِ ذي الشَّعرِ الأسوَدِ واللحيَةِ السَّوداءِ ، الموحي شكلُه ولونُه بالرجُلِ العَرَبِيِّ ، ثُمَّ في نهايةِ الصِّراعِ يكونُ الانتصارُ المؤزَّرُ للأبيضِ صاحبِ الحقِّ على الأسمرِ صاحبِ الباطلِ .. إلى آخرِ القصَّةِ . · وأقلُّ أثرٍ تحدثُه هذه الصُّورُ المتحرِّكةُ في الولدِ فسادُ التفكيرِ ، والإثارةُ والعنفُ . · هذا فضلاً عن الإعلاناتِ التجاريَّةِ وإقبالِ الصِّغارِ عليها وضياعِ شخصيَّةِ الطِّفلِ وذوبانِها مع هذه الإعلاناتِ ، فلم يَعُد لنا نحنُ الكبار اختيارٌ واستقلالٌ بالرأيِ أمامَ المؤثِّراتِ الجذَّابَةِ ذاتِ الألوانِ والموسيقى والكلماتِ القصيرةِ ، فكيفَ بالصِّغارِ ؟! · وأيضاً كم يفعلُ جهازُ التلفازِ من رسمِ قدواتٍ فاسدةٍ ، وبطولاتٍ زائفةٍ لأولادِنا من الفنَّانين والرياضيِّين ، وقد أُجرِيَت دراسةٌ في كليَّةِ التربيةِ في جامعةِ الملك سعود بالرياضِ حولَ المثلِ الأعلى والقُدوةِ عندَ الطُلاَّبِ ، فأسفرَت النتائجُ عن أنَّ أكثرَ قدواتِ الشَّبابِ من عيِّنَةِ الدِّراسةِ تركَّزَت في المجالِ الرياضيِّ بالدَّرَجةِ الأولى ، ثُمَّ في مجالِ الأُسرةِ بالدَّرَجةِ الثَّانيةِ ، ثُمَّ في المجالِ الدينيِّ ، مِمَّا يدلُّ على سوءِ التَّوجيهِ الأُسريِّ ، وضعفِ المفاهيمِ المتعلِّقَةِ بحسنِ اختيارِ القدوةِ ، وضعفِ حبِّ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم في نفوسِ بعضِ الشَّبابِ وعدمِ استحضارِ شخصِه الكريمِ على الأقلِّ عندَ إجابةِ الاستبيانِ ، وهذا بالنِّسبةِ للكبارِ ذوي العقُولِ المميِّزَةِ المتعلِّمَةِ ، فكيف بالصِّغارِ وأثَرِ الإعلامِ عليهم ؟! والحديثُ عن التلفازِ وأخطارِه – كما أسلفتُ – يطولُ ، والعجيبُ أنَّ النَّاسَ على الرَّغمِ من قناعاتِهم بأخطارِه لا يمكنُ أن يتصوَّروا كيف يعيشُون بدونه ، وقد تخلَّصَ أعدادٌ كبيرةٌ من النَّاسِ من هذه الأوهامِ والحِيَلِ الشَّيطانيَّةِ وعاشُوا بدونِ تلفازٍ عيشةً هنيَّةً سعيدةً ، بل والله وجدُوا راحةَ القلبِ والاستقرارَ النفسيَّ لَمَّا جرَّبُوا هذا ،وأصبحَ أولادُهم من الأوائلِ والمتفوِّقين ، هذا من النَّاحيَةِ الاجتماعيَّةِ . أمَّا من الناحيَةِ الشرعيَّةِ فيكفي - لضيقِ الوقتِ - هذا الحديثُ المفزِعُ الذي قالَ فيه صلى الله عليه وسلم :"مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ " (متفق عليه) ، فأسألُك بالله أيُّها الأبُ وأسألُكِ بالله أيَّتُها الأمُّ هل إدخالُ مثلِ هذه الوسائلِ للبيتِ وعكُوفِ الصِّغارِ عليها ليلَ نهارَ هو نصحٌ للرعيَّةِ أم غشٌّ لها ؟ هل هو نصحٌ لأولادِك أم غشٌّ لهم ؟! اسأل نفسَك قبلَ أن يسألَك الله عزَّ وجلَّ عن هذا الأمرِ . ومن المقترحَاتِ للبديلِ عن التلفاز ، لأنَّني أعلمُ أنَّ كثيراً من الآباءِ ومن الأمَّهاتِ سيقولُ : طيب ما هو البديلُ إذن للتلفازِ ؟ أقولُ قبلَ أن أذكرَ المقترحَاتِ : المسلمُ لا يطلبُ دائماً البديلَ ، فإنَّ المسلمَ إذا علمَ أنَّ هذا الأمرَ محرَّمٌ فإنَّما عليه أن يقولَ : سمعتُ وأطعتُ ، هذا هو الأصلُ في المسلمِ ، فلماذا كُلَّما ذكَرنا أمراً محرَّماً طالبَنا كثيرٌ من النَّاسِ بقولِه : ما هو البديلُ ؟! هذا أصلٌ يجبُ أن يتربَّى المسلمون عليه ، ولا بأسَ أن أذكرَ بعضَ البدائلِ للتلفازِ: الوسيلةُ الثَّامنةُ : مثلاً شراءُ الحاسبِ الآليِّ والحرصُ على اختيارِ الألعابِ العقليَّةِ التي تنمِّي عقلَ الصَّغيرِ وتفيدُه . الوسيلةُ التَّاسعةُ : ومن البدائلِ أيضاً اجعل لأولادِك الصِّغارِ مكتبةً خاصَّةً بهم،تحتوي على أشرطةٍ خاصَّةٍ للصِّغارِ من تلاواتٍ للقُرآنِ مناسبةٍ لهم، وقصصٍ ومواقفَ وأذكارٍ وأناشيدَ ، وتحتوي أيضاً على بعضِ الكتيِّباتِ والقصصِ والمجلاَّتِ الإسلاميَّةِ الخاصَّةِ بالأطفالِ، ولتكُن بشكلٍ جذَّابٍ جميلٍ ذي ألوانٍ مميَّزَةٍ ليحرصَ عليها الصِّغارُ وتشدَّ انتباهَهم . ولو تَمَّ أيضاً وضعُها في غرفةٍ مستقلَّةٍ لوحدِها ولا تُفتَحُ لهم إلا بأوقاتٍ خاصَّةٍ وساعاتٍ معيَّنةٍ لكانت الفائدةُ أكبرَ ، فإنَّ كلَّ ممنوعٍ مرغوبٌ كما يقالُ . وعوِّدهم على تنظيمِها والمحافظةِ عليها،ولا بأسَ من مشاركتِهم والجلوسِ معهم في بعضِ الأحيانِ، بل والقراءة لبعضِ القصصِ وروايتِها لهم بأسلوبٍ مناسبٍ جذَّابٍ ، فإنَّ لهذا أثراً كبيراً على سلوكيَّاتِ وعقليَّةِ الصِّغارِ . وجرِّب فالتَّجرُبَةُ خيرُ برهانٍ ، لماذا لا يجلسُ الأبُ أو الأمُّ في بعضِ الأحايين مع صغارِهم لروايةِ بعضِ القصصِ المناسبةِ لهم ؟! الوسيلةُ العاشرةُ : ومن المقترحَاتِ كبديلٍ : اللعبُ ، واللعبُ في حياةِ الصِّغارِ أصلٌ في خلقتِهم وتكوينِهم ، فلا يجزَع الوالدان من كثرةِ حركةِ أولادِهما ولعبِهم فهو ضرورةٌ لنموِّهم . ومن ذلك تخصيصُ وقتٍ للعبِ وضبطِه بالتَّفاهُمِ مع الصِّغارِ ، وليكُن ذلك باستشارتِهم وأخذِ آرائهم فإنَّ لذلك أثراً كبيراً على نفسيَّاتِهم . الوسيلةُ الحاديةُ عشرة : أيضاً محاولةُ توفيرِ مكانٍ خاصٍّ في المنزلِ لِلَعبِ الأولادِ وألعابِهم،والحرصُ على شراءِ الألعابِ التي تنمِّي قُدُراتِ ومواهبَ الصِّغارِ بدلاً من إضاعةِ المالِ بأشياءَ لا معنى لها سرعانَ ما تتلفُ ، وذلك كما أسلفتُ كالحاسبِ الآليِّ أو كألعابِ الفكِّ والتَّركيبِ ، وهذه كلُّها تكونُ معينةً للصَّغيرِ في نموِّ عقلِه . واحرص عندَ شراءِ أفلام للحاسبِ الآليِّ (الكمبيوتر)،لأنَّه بدأَت تغزو الأسواقَ أفلامٌ للحاسبِ الآليِّ مليئةٌ بالفسادِ الأخلاقيِّ والعقديِّ ، بل رُبَّما تبادَلَ بعضُ الصِّغارِ هذه الأفلامَ خفيةً بينهم ، فهل يتنبَّهُ الوالدان لذلك ! الوسيلةُ الثَّانيةُ عشرة : ثُمَّ أيضاً في التَّوجيهاتِ في اللَّعبِ ، الابتعادُ قدرَ المُستطاعِ عن الألعابِ المجسَّمَةِ والصُّوَرِ ومحاولةُ تعريفِ الصَّغيرِ أنَّ هذا النَّوعَ من الألعابِ يغضبُ الله عز وجل ، وأذكِّرُ هنا بالحديثِ المتَّفَقِ عليه الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم " إنَّ البيتَ الذي فيه صورةٌ لا تدخلُه الملائكةُ " . وسيأتي مزيدٌ من التَّفصيلِ إن شاءَ الله حول هذا الحديثِ . أيضاً إعطاءُ الصَّغيرِ حقَّ اختيارِ اللُّعبَةِ مع التَّوجيهِ والإرشادِ للأنفَعِ ، فإنَّ لمثلِ هذا العطاءِ أثرا كبيرا في نفسيَّةِ الصَّغيرِ . الوسيلةُ الثَّالثةُ عشرة : اصطحابُهم في بعضِ الأحيانِ في نزهةٍ خارجَ المدينةِ لممارسةِ بعضِ الألعابِ ، وقد ينشغلُ بعضُ الآباءِ بالجلسَاتِ والدوريَّاتِ عن أولادِهم والجلوسِ معهم . وأقولُ : ما دمتَ تريدُ أن تُخرِجَ مثلَ هذه الوسائلِ عن البيتِ لا بُدَّ أن تحرصَ على أن تجالسَ الأولادَ وأن تقضي بعضَ أوقاتِ الفراغِ معهم . وهذا كان أيضاً من عهدِ السَّلَفِ ، فقد روي عنه صلى الله عليه وسلم من حديثِ فاطمةَ رضي الله تعالى عنها " أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أتاها يوماً فقال : أين ابناي ؟- يقصدُ الحسنَ والحسين - فقالت : ذهب بهما عليُّ ، فتوجَّه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فوجدَهما يلعبان في مشربَةٍ [8] وبين أيديهما فضلٌ من تمرٍ فقال " يا عليُّ ألا تقلبُ ابنيَّ قبلَ الحرِّ ؟ "[9]. و الشَّاهدُ أنَّ عليَّاً رضي الله عنه أخرجَ الحسنَ والحسينَ للنُّزهَة . الوسيلةُ الرَّابعةُ عشرة : الحرصُ على مشاركةِ الأطفالِ في لعبهم ولو في بعض الأحايين ، وتوجيهُ الأخطاءِ من خلالِ اللعبِ ، وهذا أفضلُ وسائلِ التَّوجيه مداعبةُ الصِّغارِ وملاطفتُهم ، ويتوسَّطُ في هذا الأمرِ فلا إفراطَ ولا تفريطَ . · فقد كان صلى الله عليه وسلم يضعُ في فمهِ قليلاً من الماءِ الباردِ ويمجُّه في وجهِ الحسنِ فيضحَكُ . · وفي صحيح البخاري وغيره عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ قَالَ : عَقَلْتُ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَجَّةً مَجَّهَا فِي وَجْهِي وَأَنَا ابْنُ خَمْسِ سِنِينَ مِنْ دَلْوٍ ". · وكان صلى الله عليه وسلم يمازحُ الحسنَ والحسينَ ويجلسُ معهما ويُركِبُهما على ظهرِه .[10] · عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدلع لسانه للحسين بن علي ، فإذا رأى الصبي حمرة لسانه بهش إليه "[11] · وكان صلى الله عليه وسلم يخطبُ مرَّةً الجمعةَ فإذا بالحسنِ يتخطَّى النَّاسَ ويتعثَّرُ في ثوبِه الطَّويلِ فينزلُ صلى الله عليه وسلم من منبرِه فيرفعُ الحسنَ معه [12]. · عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : إِنْ كَانَتْ الْأَمَةُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَتَأْخُذُ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا يَنْزِعُ يَدَهُ مِنْ يَدِهَا، حَتَّى تَذْهَبَ بِهِ حَيْثُ شَاءَتْ مِنْ الْمَدِينَةِ فِي حَاجَتِهَا. [13] هكذا كان بأبي هو وأمِّي صلى الله عليه وسلم ، هكذا كان منهجُه مع الصِّغارِ ، فلماذا يتكبَّرُ بعضُ الآباءِ أو بعضُ الأمَّهاتِ من تخصيصِ وقتٍ للجلوسِ مع الصِّغارِ واللعبِ معهم ؟! وقد كان عمرُ يمشي على يديه ورجليه وأولادُه على ظهرِه يلعبُون وهو يسيرُ بهم كالحصانِ ، فيراه بعضُ النَّاسِ فيقولُون له : أتفعلُ ذلك وأنت أميرُ المؤمنين ؟ فيقول : نعم ، ينبغي للرجُلِ أن يكونَ في أهلِه كالصبيِّ - أي في الأُنسِ وسُّهولةِ الخلق ، هكذا نكونُ معهم في البيتِ - فإذا كان في القومِ كان رَجُلاً . وعندمَا تخلَّى الآباءُ والأمَّهاتُ عن أطفالِهم وملاعبَتِهم نشأَ بعضُهم معقَّداً ، وبعضُهم منطوياً وكان أكثرَ عرضةً للانحرافِ والضَّياعِ كما نرى على كثيرٍ من الصِّغارِ . ومن العجيبِ في هذا ما أخرجه البخاريُّ من حديثِ عائشةَ قالت : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤْتَى بِالصِّبْيَانِ فَيَدْعُو لَهُمْ ، فَأُتِيَ بِصَبِيٍّ فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ فَدَعَا بِمَاءٍ فَأَتْبَعَهُ إِيَّاهُ وَلَمْ يَغْسِلْهُ". وفي المسند عن أبي ليلى قال : كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى صَدْرِهِ أَوْ بَطْنِهِ الْحَسَنُ أَوْ الْحُسَيْنُ قَالَ فَرَأَيْتُ بَوْلَهُ أَسَارِيعَ - يعني طرائقَ يمشي - فَقُمْنَا إِلَيْهِ فَقَالَ دَعُوا ابْنِي لَا تُفْزِعُوهُ حَتَّى يَقْضِيَ بَوْلَهُ ثُمَّ أَتْبَعَهُ الْمَاءَ ..." [14]. وهذا أنموذجٌ تربويٌّ فريدٌ منه صلى الله عليه وسلم . الوسيلةُ الخامسةُ عشرة : · الحرصُ على المظهَرِ الخارجيِّ للطِّفلِ من لباسٍ وشَعرٍ ونحوهما ، عوِّد الطِّفلُ على المظهَرِ الرجوليِّ كلبسِ الثِّيابِ أو الشماغِ والبُعدِ عن ملابسِ الميوعةِ . · وعوِّد الطِّفلةُ على السِّترِ والحجاب من الصِّغرِ لتلتزمَه في الكبرِ ، وإيَّاكَ واللِّباسَ القصيرَ، وهذا مِمَّا ابُتِليَ المسلمون به وللأسفِ ، فنجدُ أنَّ كثيراً من أصحابِ المعارضِ يبيعُون الملابسَ القصيرةَ ، وإذا سألناهُم أو وجَّهناهم قالوا لنا : النَّاسُ يطلبُون ذلك ! ومن هؤلاء النَّاسُ ؟ هُم المسلمون ! ولذلك علينا أن نحرصَ ، فإنَّهُ كما يُقالُ : العلمُ في الصِّغَرِ كالنَّقشِ على الحَجَرِ ، والصَّغيرُ يتربَّى وتترسَّخُ مثلُ هذه المفاهيمِ في نفسِه من حيث لا تشعُر . · أيضاً التمييزُ بين لباسِ الذُّكورِ والإناثِ ، حتَّى رأينا بعضَ الأطفالِ لا نميِّزُ بينهم هل هم ذكورٌ أم إناثٌ لمجرَّدِ لباسِهم ! الابتعادُ أيضاً عن الملابسِ التي فيها صُورٌ ؛ لأنَّ الملائكةَ لا تدخلُ في المكانِ الذي فيه صورةٌ ، قال صلى الله عليه وسلم " إنَّ البيتَ الذي فيه صورةٌ لا تدخلُه الملائكةُ "(متفق عليه) . فهل ترضى أن يحيطَ الشَّياطينُ بطفلِك ؟ فالمكانُ الذي لا تدخلُ فيه الملائكةُ يحلُّ فيه الشَّياطينُ ولا شكَّ ، ولعلَّ ذلك يفسِّرُ لنا قضيَّةَ هيجَانِ بعضِ الأطفالِ وصراخِهم وتعكُّرِ نفسيَّاتِهم ، فتجدُ رُبَّما أنَّ لباسَه فيه صورةٌ ، فلننتبِه لمثلِ هذا الأمرِ. الوسيلةُ السَّادسةُ عشرة : تعويدُه على احترامِ الكبيرِ وتقديرِه ،وذلك بتقبيلِ رأسِه والسَّلامِ عليه ، ومنه احترامُ الضُّيُوفِ والسُّكُونُ عندَهم - هذا بالنِّسبةِ للذُّكُور - وعدمُ السَّمَاحِ للإناثِ بالدُّخولِ على الرجالِ في المجالسِ خاصَّةً بعدَ سنِّ الرابعةِ . الوسيلةُ السَّابعةُ عشرة : الحذرُ من تحطيمِ المعنويَّاتِ العاليةِ عندَ الطِّفلِ ، بل بالعكسِ ارفَع من معنويَّاتِهِ وأشعِره بأنَّه مُهِمٌّ وأنَّه يستطيعُ أن يفعلَ أفعالاً عظيمةً ، فإنَّ هذا من الأُسِسِ لبناءِ شخصيَّةٍ قويَّةٍ متميِّزَةٍ للصَّغيرِ . وإذا كان الطِّفلُ كثيرَ الحركةِ وفيه شدَّةٌ وشراسةٌ فإنَّ هذا دليلٌ على فطنتِه وذكائه ، لا كما يعتقدُه بعضُ الآباءِ أنَّه دليلٌ على فسادِه ! فقد أكَّدَ البحثُ الحديثُ الذي قامَ به بعضُ علماءِ النَّفسِ أنَّ هناك رابطةً لا تنفصِمُ بين الحركةِ والعقلِ . فعلى الوالدين توجيهُ الصَّغيرِ لاستغلالِ نشاطِه وحركتِه فيما يفيدُه وينفعُه ، وتشجيعُه على هذا . ورُبَّما لاحظَ الأبوان بعضَ التصرُّفاتِ والكلماتِ العجيبةِ من الصَّغيرِ التي تدلُّ على ذكائه وتفوُّقِه ، إذن فمنِ الخطأِ هنا كثرةُ التَّعنيفِ والصُّراخِ والكبتِ لهذا الصَّغيرِ ، وإنَّما الأسلمُ هو التَّوجيهُ ، بل لا بُدَّ من تنميةِ ذكائه ومن ذلك تكليفُه ببعضِ المهامِّ المُناسبةِ وإعطاؤه الفرصةَ للكلامِ والحديثِ ،والإجابةُ على أسئلته والاهتمامُ به. الوسيلةُ الثَّامنةُ عشرة : لماذا نلاحظُ بعضَ الصِّغارِ أنه مزعجٌ لوالديه ومعاندٌ لهما ؟ لا شكَّ أنَّ لذلك سبباً ، والسَّبَبُ هو القسوةُ على الصَّغيرِ وضربُه بشدَّةٍ من قِبَلِ أبويه أو أحدِهما ،وعدمُ إظهارِ المحبَّةِ والمودَّةِ له ، ولذلك فإنَّ الصَّغيرَ يعاندُ قاصداً إزعاجَ والدِه والانتقامَ منه ، وعلاجُ ذلك أن يُظهِرَ الوالدُ لولدِه أنه يحبُّه ويعزُّه . ورُبَّما كان سببُ المعاندةِ هو شعوره بتفضيلِ إخوانِه عليه ،وقد اتَّفقَ الباحثون على أنَّ أشدَّ العواملِ إثارةً للحسدِ في نفوسِ الأطفالِ هو تفضيلُ أخٍ على أخٍ أو أختٍ ، أو العكسُ ، والموازنةُ بين الواحدِ والآخرِ أمامَ عينيه وعلى مسمعٍ منه . ومع ذلك لا بُدَّ أن يُعَوَّدَ الصَّغيرُ على الطَّاعةِ إذا أمره أحدُ أبويه أو من هو أكبرُ منه ، وأن يُعالَجَ فيه العنادُ بردِّهِ إلى الحقِّ طوعاً إن أمكنَ ، وإلا فلا شكَّ أنَّ الإكراهَ على الحقِّ خيرٌ من بقاءِ الصَّغيرِ على العنادِ والمكابرَةِ ، ولئلا ينشأ على ذلك فيذيقَ أهلَه الأمرَّين ، ولابأسَ بالضَّربِ غيرِ المبَرِّحِ إذا دعَت الحاجةُ لذلك . الوسيلةُ التَّاسعةُ عشرة : تعويدُه على الآدابِ الإسلاميَّةِ والإجتماعيَّةِ ، مثل آدابِ الطَّعامِ والشَّرابِ والاستئذانِ والسَّلامِ عندَ الدُّخولِ والخروجِ وآدابِ العطاسِ وغيرِ ذلك . ومنه أيضاً تعويدُه على تَنظيمِ غرفتِه وملابسِه وكتبِه وألعابِه وغيرِها ، وتعويدُه على النَّومِ المبكِّرِ ، فللسَّهرِ على الأطفالِ - خاصَّة الذين يذهبُون إلى المدرسةِ- آثارٌ سيِّئةٌ في استيعابِه وسلوكه وصحَّتِه . فيجبُ إذن تعويدُه على هذه الآدابِ كلِّها وتشجيعُه عليها وتكرارُها عليه خاصَّةً من قِبَلِ أمِّه لكثرةِ التصاقهِ بها . والذي يُلحَظُ على كثيرٍ من أبناءِ المسلمين وللأسفِ أنَّهُم رُبَّما لا يتقِنُون حتى السَّلام أو حتَّى تشميت العاطسِ وغيرِها من الآدابِ ! الوسيلةُ العشرون : الحذرُ من رشوةِ الصِّغارِ ، مثلَ أن يُقالَ له : خُذ هذه الحلوى وافعل كذا ، أو خُذ هذه النُّقودَ وكُفَّ عن العَبَثِ أو الصُّراخِ ، فيعتادَ على هذا فلا يعملُ شيئاً إلا بمقابلٍ . وهذا لا يخالفُ مبدأَ المكافأةِ والتَّشجيعِ ، فعندَ الفعلِ الحسنِ لا بأسَ من المكافأةِ أو التَّشجيعِ للصَّغيرِ . الوسيلةُ الحاديةُ والعشرون : لا بُدَّ من مخالفةِ هواه أحياناً فلا يُعطى كلَّ ما يطلبُه من أكلٍ أو لعبٍ أو غيرِ ذلك ، فإنَّه إن اعتادَ على ذلك ولم يسمَع كلمةَ ( لا ) أو ( غير موجود ) في منزلِه ، فسوفَ يؤثِّرُ ذلك على سلوكِه وتصرُّفاتِه فلا يخطرُ ببالِه أن يقالَ له ( لا ) ! وإذا تعوَّدَ على هذا السُّلوكِ أصبحَ من الصَّعبِ مستقبلاً أن يحتملَ عدمَ تحقُّقِ رغباتِه فيصطدمَ بمشكلاتِ الحياةِ المتنوِّعَةِ فيصيبَه اليأسُ ورُبَّما الانحرافُ . الوسيلةُ الثَّانيةُ والعشرون : وهي من أهمِّ التَّوجيهاتِ ، تشجيعُ الصَّغيرِ على الإقدامِ وإعطاؤه الثِّقةَ بنفسهِ ، فإذا وقعَ في مشكلةٍ كمحاولتِهِ الأكلَ بالملعقةِ مثلاً أو لبسِ نعليه أو خلعِ ملابسه ، فلا بُدَّ من إعطائه الفرصةَ للمحاولةِ بل وتشجيعِه ، بشرطِ أن يكونَ تحتَ عيني أحدِ أبويه . فمن الخطأِ إذن المبادرةُ بمساعدته أو القيامُ بالعملِ عنه ، بل لا بُدَّ أن يعتادَ على مواجَهةِ الصُّعوباتِ والتغلُّبِ عليها . ومثلُ ذلك أيضاً في تدريبِه على تحمُّلِ المسؤوليَّةِ ، فإذا أفسدَ تركيبَ لعبةٍ جديدةٍ له مثلاً وأتى إليك لإصلاحِها ، فاجعله يتحمَّلُ خطأه ويحاولُ هو إصلاحَها ، ولا بأسَ لو سكبَ شيئاً مثلاً على السجَّادِ فطالبه بتنظيفِه وإن لم يستطِع ، وشجِّعه إن رأيتَ منه إقبالاً وحسنَ عملٍ في مثلِ التَّنظيفِ مثلاً ليزدادَ ثقةً بنفسِه ، ولهذا أثرٌ كبيرٌ في مستقبَلِه . الوسيلةُ الثَّالثةُ والعشرون : الحرصُ على تنميَةِ مواهبِ الصَّغيرِ وهواياتِه النَّافعةِ وتشجيعِه ، كالإلقاءِ مثلاً والخطابَةِ أو الاهتمامِ بالأجهزةِ والمخترعَاتِ ، فإنَّنا نرى بعضَ الصِّغارِ لديهم بعضُ الميولِ لمثلِ هذه الأمورِ ، أو تنظيمِ البيتِ وتجميلِه عندَ بعضِ الفتياتِ الصَّغيراتِ ، ولا بُدَّ أن يتحمَّلَ الأبوان كثرةَ الأخطاءِ والمحاولاتِ بل وعليهم تشجيعُه ومكافأتُه. الوسيلةُ الرَّابعةُ والعشرون : أسئلةُ الصِّغارِ كثيرةٌ جدَّاً ، وبعضُها مهمٌّ وبعضُها تافهٌ ، ومن الخطأِ إهمالُها وعدمُ الإجابةِ عليها ظنَّاً بأنَّه صغيرٌ لا يعقلُ أو أنَّ الأمَّ أو الأبَ مشغول عنه . بل إنَّ بعضَ الآباءِ والأمَّهاتِ ينهرُ الصَّغيرَ ويغضبُ عليه إذا كثرَت أسئلتُه ، وهذا من أكبرِ الأخطاءِ التربويَّةِ وفيها كسرٌ لنفسِ الطِّفلِ ورُبَّما كان له أثرٌ عكسيٌّ على الصَّغيرِ . بل إنَّ أفضلَ وقتٍ لتوجيهِ الصِّغارِ هو عندَما يكونُ متطلِّعاً لأجوبةِ والدِه أو والدتِه مُقبِلاً على سماعِها . بل رُبَّما سألَ الصَّغيرُ أسئلةً غريبةً لا يملكُ له الكبيرُ إجابةً إلا التهرُّبَ والتوبيخَ ،وهذا خطأٌ ! بل عليه أن يحرصَ على توجيهِ الصَّغيرِ بحسبِ عقلِه وإدراكِه . ورُبَّما يقول بعضُ الآباءِ : لا أجدُ إجابةً على أسئلةِ الصَّغيرِ ، فنقولُ : وجِّهه بأنَّه صغيرٌ وإذا كبَرَ سيعرِفُ الإجابةَ ، لأنَّ الصغيرَ إن لم يَجِد الإجابةَ عندَك فرُبَّما أجابَه أحدٌ آخرٌ فأعطاه إجابةً منحرفةً ! والطِّفلُ كثيرُ الأسئلةِ دليلٌ على سعةِ إدراكِه وسعةِ عقلِه . الوسيلةُ الخامسةُ والعشرون : الحرصُ على تعليمِه في سنواتِه الخمسِ الأولى ، وانتبه أيُّها الأبُ وانتبهي أيَّتُها الأمُّ - فإنَّ الطِّفلَ يتعلَّمُ في سنواتِه الأولى أكثرَ بكثيرٍ مِمَّا يتصوَّرُ الآباءُ . إنَّ الطفل كلما كانت سنه أصغر يكتسب العادات بسهولةٍ أكثر، فإنَّ 90 % من العمليَّةِ التربويَّةِ تتِمُّ في السَّنواتِ الخمسِ الأولى. كما أنَّ الطِّفلَ في هذه الفترةِ يميلُ إلى إرضاءِ والدِه ويحاولُ أن يُخرجَ منه عباراتِ الثَّناءِ والإعجابِ ، فمن البديهيِّ أن يستغلَّ الوالدُ هذه الفترةَ الهامَّةَ في تعليمِه وتوجيهِه الوِجهةَ الحسَنَةَ . يقولُ ابنُ الجوزيِّ رحمه الله تعالى في هذا المجالِ : أَقْوَمُ التَّقويمِ ما كان في الصِّغَرِ ، فأمَّا إذا تُرِكَ الولدُ وطبعه فنشأ عليه ومُرِن ، كان ردُّه صعباً . وقال الشَّاعرُ : إنَّ الغُصونَ إذا قوَّمتها اعتدلَت ولا يلينُ إذا قوَّمتَه الخَشَبُ قد ينفعُ الأدبُ الأحداثَ في مَهَلٍ وليس ينفعُ في ذي الشَّيبَةِ الأدَبُ الوسيلةُ السَّادسةُ والعشرون : التغافُلُ عن الطِّفلِ وعدمُ فضحهِ إذا أخطأَ وحاولَ هو سترَ خطئه وإخفائه ، فإنَّ إظهارَ ذلك رُبَّما عوَّدَه وجرَّأَه على ارتكابِ الخطأِ مرَّةً أخرى وأصبحَ لا يبالي بظهورِ أخطائه . ولذلك نقولُ للأبِ أو الأمِّ : إذا أخطأَ الطِّفلُ خطأً غيرَ مقصودٍ أو حرصَ الطِّفلُ على إخفاءِ ذلك الخطأِ فلا تفضَح الطِّفلَ، وإنَّما حاوِل التغافُلَ عنه وإظهارَ عدمِ انتباهِك لمثل هذا الأمرِ ، لأنَّه إذا تعوَّدَ كثرةَ المعاتبةِ خاصَّةً والصَّغيرُ كثيرُ الأخطاءِ غيرِ المقصودةِ فإنَّه إذا عادَ للخطأِ مرَّةً أخرى وتعوَّدَ على كثرةِ المعاتبةِ تعوَّدَ على الرُّجوعِ لهذه الأعمالِ أيضاً مرَّاتٍ وكرَّاتٍ . وإن عاد للخطأِ الذي أخفاه ثانيةً فأقولُ : ينبغي أن يعاقَبَ سرَّاً وليس كلُّ خطأٍ أو زلَّةٍ توجِبُ العقابَ والزَّجْرَ . الوسيلةُ السَّابعةُ والعشرون : تذكيرُ الصَّغيرِ بوجهٍ مستمرٍّ بمواقفَ بطوليَّةٍ لأبناءِ الصَّحابةِ والسَّلَفِ الصَّالحِ y ليتأسَّى بهم وتمتلئَ نفسُه عزيمةً وقوَّةً . فإنَّ الصِّغارَ يتعلَّقُون بالقصصِ ، بل يطلبُونها من آبائهم بإلحاحٍ ،فلماذا لا يروي الأبُ قصَّةً من هذه القصصِ لأولادِه قبلَ النَّومِ ويبسطُها لهم بأسلوبٍ يناسبُهم ؟! وسيلحظُ الأبوان عندَ الاستمرارِ على هذا الأمرِ سعةَ ثقافةِ الصِّغارِ ونموَّ عقولِهم بسرعةٍ عجيبةٍ ،بعكسِ روايةِ القصَصِ الخياليَّةِ كما يفعلُ بعضُ الآباءِ. الوسيلةُ الثَّامنةُ والعشرون : الحرصُ على انتقاءِ المدرسةِ الجيِّدةِ بإدارتِها ومدرِّسيها ،فإنَّ هناك من المدارسِ من تحرصُ وتُخلِصُ في توجيهِ الصِّغارِ وإفادتِهم وزرعِ الخيرِ في نفوسِهم ، ولا أنسى ذلك الطِّفلَ الذي يردِّدُ ويحفظُ كثيراً من الأدعيةِ والأذكارِ فلمَّا سألتُه : من علَّمَك هذا ؟ قال : الأستاذُ فلان . وجزى الله المخلِصين كلَّ خيرٍ وبرٍّ ،وسيرون أَثَرَ ذلك على أولادِهم ، وصدَق اللهُ عز وجل إذ قالَ ]وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا [ [الكهف:82]،وليحذر أولئك المدرِّسُون الذين لا همَّ لهم سوى ضياع الحصَصِ وانتظار آخرِ الشَّهرِ . الوسيلةُ التَّاسعةُ والعشرون : اعلم أيُّها الأبُ أنَّ لأكلِ الحلالِ أثَراً كبيراً وواضِحاً على صلاحِ الأولادِ ،وأنَّ لأكلِ الحرامِ أثراً كبيراً على فسادِهم وسوءِ أخلاقِهم ، وهذا أمرٌ محسوسٌ مُشاهَدٌ واللَّبيبُ بالإشارةِ يفهمُ ، فاحفَظ الله في أبناءِ المسلمين وأموالِهم يحفظك الله بمالِك وأولادِك ، والجزاءُ من جنسِ العملِ، وكما تدينُ تُدانُ . الوسيلةُ الثلاثون : على الآباءِ والأمَّهاتِ الاجتهادُ في توزيعِ الحبِّ والعواطفِ على جميعِ أولادِهم بالتساوي ، وقبولِهم جميعاً على علاَّتِهم ولا يفرِّقْ بينهم حتى وإن كان بعضُهم أفضلَ من بعضٍ ،ولا تعقُدْ المقارناتِ بينهم فإنَّ هذا كلَّه يولِّدُ فيهم الأحقادَ والضَّغائنَ . ومثالُ هذا : بغضُ الولدِ الكبيرِ لأخيه الصَّغيرِ عندَما يجدُ أنَّ الاهتمامَ من الوالدين قد اتَّجَه نحوَ أخيه الصَّغيرِ ، فيلجَأُ إلى الإنطواءِ على النَّفسِ أو البكاءِ أو التبوُّلِ اللاإراديِّ ، أو رُبَّما ادَّعى المرضَ والألَمَ ليجذِبَ نظرَ والديه إليه ، فهذه الأحوالُ لا ينبغي أن يُساقَ الولَدُ إليها، بل ينبغي أخذُ الاحتياطاتِ اللازمةِ لمنعِ حدوثِ هذا ، فيُذكَرُ له أثناءَ الحملِ محاسنُ الطِّفلِ الجديدِ وأنَّه قادمٌ ليلعبَ معه إذا كبرَ وأنَّه يحبُّه .. إلى آخرِ ذلك مِمَّا يشعرُ الكبيرَ بحبِّ الصَّغيرِ له . الوسيلةُ الحاديةُ والثلاثون : يمتازُ الصِّغارُ بقدرةٍ عجيبةٍ على الحفظِ ، فعلى الوالدين استغلالُ هذه الفرصةِ وعدمُ إهمالِها ، وأقصدُ بإهمالِها أن يُتركَ الطِّفلُ يحفظُ أيَّ شيءٍ ، ولذلك نرى بعضَ الصِّغارِ يحفظُ عبارةَ الدِّعايةِ والإعلانِ أو يحفظُ بعضَ القصصِ والأغاني التي يسمعُونها من التِّلفازِ أو من زملائهم . ولذلك على الآباءِ استغلالُ هذه الفرصة والحرصُ على وجودِ المربِّي الخاصِّ إن استطاعوا ، وهذا اقتراحٌ وفكرةٌ : الحرصُ على وجودِ مربٍّ ومؤدب خاصٍّ لأولادِك -إن استطعتَ ذلك- يبدأُ بتلقينِ الصِّغارِ للقرآنِ منذُ الصِّغَرِ . وإنِّي أعجبُ من بعضِ الآباءِ فإنَّ لديه عدداً كبيراً من العمالةِ في مؤسَّسَتِه أومتجرِه ويعجزُ أو يغفَلُ عن إحضارِ واحدٍ لتربيةِ أولادِه والاهتمامِ بهم خاصَّةً إذا كان الأبُ مشغولاً بعملِه وتجارتِه . وقد كان هذا هو منهج السَّلَفِ ، حيث كانوا يدفعُون أولادهم لمربٍّ خاصٍّ يؤدِّبُهم ويُقرِؤهم القرآنَ . فقد ذكرَ ابن خلدون في مقدَّمَتِه ، أنَّ هارون الرَّشيدَ لَمَّا دفعَ ولدَه الأمين للمؤدِّبِ قال له : يا أحمر : إنَّ أميرَ المؤمنين قد دفعَ إليك مُهجةَ نفسِه ، وثمرةَ قلبِه ، فصيَّرَ يدَك عليه مبسوطةً ، وطاعتُك له واجبَةٌ ، فكن له بحيث وضعَك أميرُ المؤمنين ، أقرئه القرآنَ،وعرِّفه الأخبارَ، وروِّه الأشعارَ، وعلِّمه السُّنَنَ، وبصِّره بمواقعِ الكلامِ وبدئِه ، وامنعه من الضَّحكِ إلا في أوقاتِه، ولا تَمُرَّنَّ بك ساعةٌ إلا وأنت مغتَنِمٌ فائدةً تفيدُه إيَّاها من غيرِ أن تحزنَه فتميتَ ذهنَه ، ولا تُمعِن في مسامحتِه فيستحلي الفراغَ ويألفه ، وقوِّمه ما استطعتَ بالقربِ والملاينَةِ،فإن أبى فعليك بالشدَّةِ والغِلظَةِ .. إلى آخرِ كلامِه . إذن فاحرص على الإتيانِ بمربٍّ خاصٍّ لصغارِك ، ولا يكلِّفُك ذلك شيئاً،كم يكلفك ؟ ألف ريال ؟! ليس بشيءٍ أمامَ صلاحِ أولادِك وحفظِهم للقرآنِ ، وإنِّي أُؤكِّدُ على هذا الاقتراحِ وأتمنَّى أن يجدَ طريقَه لقلوبِ الآباءِ . ولا بأسَ أن يشتركَ ثلاثةٌ أو أربعةٌ من الآباءِ بإحضارِ مربٍّ واحدٍ لأولادِهم جميعاً ، المهمُّ أن يكونَ ثقةً عدلاً حافظاً للقُرآنِ أو مُجِيداً له ومُجيداً لفنِّ التعامُلِ مع الصِّغارِ . ولا بُدَّ من تقديرِ هذا المربِّي و المدرِّس واحترامِه ، خاصَّةً أمامَ الأولادِ ليتقبَّلُوا منه ويسمعُوا منه. الوسيلةُ الثَّانيةُ والثَّلاثون: الحرصُ على بعضِ الأشرطةِ المفيدةِ الخاصَّةِ بالأطفالِ ، والتَّسجيلاتُ بحمدِ الله مليئةٌ بأعدادٍ من هذه الأشرطةِ فيها برامجُ تعليميَّةٌ بأسلوبٍ مُميَّزٍ جميلٍ يساعدُ الصَّغيرَ على التَّركيزِ والانتباهِ وسرعةِ التعلُّمِ والحفظِ . ففي أشرطةِ القُرآنِ ، هناك القراءةُ البطيئةُ المركَّزةُ فيها تُردَّدُ الآياتُ مرَّاتٍ كثيرةٍ ، وفي بعضِها ترديدٌ من الصِّغارِ خلفَ القارئ ، وكان لهذا نتائجُ طيِّبةٌ على كثيرٍ من الصِّغارِ وهي ما تُسمَّى بطريقةِ التَّلقينِ . وهناك أشرطةٌ قصصيةٌ جميلةٌ مثلُ شريطِ أم سلمةَ أو أسرةُ الشُّهداء أو حديقةُ الحيوان أو الأصابعُ الخمسة أو غيرها مِمَّا تُمتلئ به التَّسجيلاتُ الإسلاميَّةُ . وهناك أشرطةُ أناشيدٍ خاصَّةٍ بالصِّغارِ جميلةٌ بكلماتِها التي تزيدُ الصَّغيرَ إيماناً وحبَّاً بالله . ليسَت أيَّةَ أناشيدَ وإنَّما تلك الأناشيدُ التي تزيدُ الصَّغيرَ إيماناً وحبَّاً بالله ، واسمع لكلماتِ هذا النَّشيدِ ، عندَما يسمعُها الصَّغيرُ ويحفظُها فكم يكون لها أثر محمود على نفسِه ؟!: هذي الأزهارُ الحمراءُ من أين سيأتيها الماءُ ؟ من يُسقيها وينمِّيهـا ويزيُّنها بالألـوانْ ؟ الله ربُّ الأكوانْ هذا نملٌ ما أصغـرَه يمشي هوناً ما أصبرَه من علَّمَه هذا الصَّبْرا ؟ من أسكنَه هذا الوَكْرا ؟ الله تعالى علَّمَــهُ الله تعالى ألهمَـــهُ هذا نحلٌ من علَّمَـهُ من زهراتٍ قد أطعمَهُ ؟ من ألهمَهُ أن يعطينا عسلاً فيه شفاءُ النَّاسْ ؟ الله تعالى الرَّحمن هذا جَمَلٌ ما أكبـرَه لا يعصينا إذ نأمـرُه طفلٌ مثلي يمشي معَهُ كي يركبَه في الصَّحراءِ الله تعالى ألهمَــه أن يبرُكَ حتى نركبَهُ هذا طفلٌ دونَ الفهمِ من علَّمَه ثديَ الأمِّ ؟ من عوَّدَه أن يرضعَهُ ؟ أن يأخذَه عندَ الجوعِ ؟ الله تعالى الرَّحمن هذا بصرٌ من واهبُه ؟ من في الإنسانِ يركِّبُه ؟ من يملكُ هذا الإنسانْ وله قد أعطـى الآذانْ ؟ أقولُ : أيَّ أثرٍ ستبقيه مثلُ هذه الكلماتِ في نفسِ الطِّفلِ ! الوسيلةُ الثَّالثةُ والثَّلاثون : من الخطأِ أن يكونَ الصِّغارُ ضحيَّةً لمزاجيَّةِ الأمِّ أو الأبِ ، فإذا حصلَ خصامٌ أو سوءُ فهمٍ بينهما صبَّت الأمُّ جامَّ غضبِها على الصِّغارِ ، أو الأبُ كذلك ، وهذا من الظُّلمِ الذي لا يرضاه الله ، وما ذنبُ هؤلاء حتى نغضبَ عليهم أيضاً . وهذا أمرٌ مُشاهَدٌ ، فإنَّ طلباتِ وأسئلة الصِّغارِ بعدَ خصامٍ بين الأبوين مرفوضةٌ مُهانَةٌ ولا يسلَمُ الصِّغارُ في الغالبِ من الزَّجرِ ورُبَّما الضَّربِ في مثلِ هذه الظُّروفِ . وعلى الأبوين ضبطُ النَّفسِ قدرَ الإمكانِ وعدمُ الخصامِ بين الأولادِ ، وإن ظهرَ هذا فأقولُ : من الظُّلمِ العظيمِ أن ينتقلَ هذا الأمرُ إلى الأولادِ بدونِ سببٍ . الوسيلةُ الرَّابعةُ والثلاثون : ألايُعوَّدَ الطِّفلُ الوقوفَ على بابِ الدَّارِ ولا الخروجَ إلى الشَّارعِ أو الجلوسَ مع أولادِ الحيِّ في الشَّارعِ ، فهي قاصمةُ الظَّهرِ ، فمن الشَّارعِ يتعلَّمُ الألفاظَ السيِّئةَ وبذاءةَ اللِّسانِ، ومنه يبدأُ الضَّياعُ فالتَّدخينُ واللِّواطُ والمخدِّراتُ .. إلى آخرِ سلسلةِ الضَّياعِ التي يعيشُها بعضُ شبابِ المسلمين اليومَ و8للأسفِ . ومع ذلك مازلنا نرى الصِّغارَ يملؤون شوارعَ الأحياءِ ! فمتى يتنبهُ الآباءُ والأمَّهاتُ إلى خطرِ خروجِ الصِّغارِ إلى الشَّارعِ ؟ فإنَّ ما يُبنى في سنواتٍ يهدمُه الشَّارعُ في أيَّامِ ، وإنَّنا نريدُ وقفةً جادَّةً منك أيُّها الأبُ تجاهَ هذا الموضوعِ . الوسيلةُ الخامسةُ والثَّلاثون : وهي حلٌّ لآثارِ الشَّارعِ وأخطارِه ، وجودُ ملعبٍ أو استراحةٍ في وسطِ الحيِّ لأطفالِ وصغارِ الحيِّ ، ويتمُّ تجهيزُه والإشرافُ عليه ومتابعتُه من قِبَلِ أولياءِ الأمورِ ولا أظنُّ أن المسؤولين في البلديَّاتِ إلاَّ ويشجِّعُون ويمدُّون يدَ العونِ قدرَ المُستطَاعِ لإيجادِ مثل هذا الطَّرحِ . المهمُّ هو الجديَّةُ في تبنِّي مثلِ هذه الفكرةِ من الآباءِ والتحمُّس لها بدَلَ التخبُّطِ والضَّياعِ الذي يعيشُه صغارُنا في الشَّوارعِ والأرصفةِ يتخطَّفُهم تُجَّارُ الرَّذيلةِ ، فأتمنَّى أن يجدَ هذا الطَّرحُ طريقَه لقلوبِ الآباءِ . الوسيلةُ السَّادسةُ والثلاثون : فكرةُ المراكزِ الصيفيَّةِ للصِّغارِ فكرةٌ جديدةٌ جميلةٌ نشكرُ القائمين عليها ونتمنَّى أن نرى تطويراً لها واهتماماً ببرامجِها لحفظِ أولادِ المسلمين . ولعلَّنا نستفيدُ مِمَّا يفعلُه النَّصارى وللأسفِ من تبنِّي الصِّغار والتَّركيزِ عليهم والاهتمامِ بالموهوبين والمتفوِّقين منهم ، ولو أنَّ مدراءَ المدارسِ والمدرِّسين حرصُوا على متابعةِ المتفوِّقين والتَّركيزِ عليهم لنفعَ الله بهم في المستقبَلِ نفعاً عظيماً. الوسيلةُ السَّابعةُ والثَّلاثون : احرص أيُّها الأبُ على أخذِ أولادِك معك للمجالسِ النَّافعةِ كالدُّروسِ والمحاضرَاتِ ، واجعَل عيونَهم تكتحِلُ برؤيةِ الصَّالحين والمشائخِ ، فإنَّهُم يفخرُون بذلك أمامَ أقرانِهم ويتمنُّون الوصُولَ لمكانتِهم ، وعوِّدهُم على مجالسِ الرِّجالِ والتأدُّبِ فيها . واحرص على إلحاقِهم بمدارسِ تحفيظِ القُرآنِ في المساجدِ مع المتابعةِ والحرصِ ، وإذا أردتَ أيُّها الأبُ ويا أيَّتُها الأمُّ أن تريَا مقدارَ الرِّبحِ لهذه الحلقاتِ فانظُر لحفظِ أبناءِ فلانٍ وبناتِ فلانة ، فأعمارُهم الآنَ في الثَّامنةِ والعاشرةِ ويحفظُون من القرآنِ عشرين جزءاً تزيدُ أو تقلُّ وأبناؤك ما زالُوا على أوضاعِهم . إنَّه أعظمُ كسبٍ يفوزُ به الوالدان في الدُّنيا والآخرةِ ،ونحن نسمعُ ونقرأُ في كُتُبِ السِّيَرِ والتَّراجمِ أنَّ كثيراً من العُلماءِ الأفذاذِ حفظُوا القرآنَ قبلَ العاشرةِ كأحمدَ بن حنبل والبخاريِّ وابن تيميَّة ومحمَّد بن عبد الوهَّابِ وغيرِهم ، وذلك يعني شيئاً ، وهو أنَّ حفظَ القرآنِ هو الرَّكيزةُ والقاعدةُ التي انطلقَ منها هؤلاء العلماء وغيرُهم . فاحرصا أيُّها الأبوان فليس بعيداً إن شاءَ الله تعالى أن يكونَ ابنُكما عالماً من علماءِ هذه الأمَّةِ ولن يكونَ ذلك إلا بالصَّبرِ والمتابعَةِ . الوسيلةُ الثَّامنةُ والثلاثون : عوِّد الصِّغارَ على البذلِ والعطاءِ وحبِّ الضُّعفاءِ والمساكين ، وأخبره أيها الأب وأخبريه أيَّتُها الأمُّ أنَّ له إخواناً من المسلمين لا يجدُون ما يأكلُون ولا ما يلبسُون . أعطه بعضَ الرِّيالاتِ وشجِّعه على التبرُّعِ والتصدُّقِ ببعضِها ليتعوَّدَ البذلَ في الكِبَرِ ويأخذَ عليه . أشرِكه في الإنفاقِ على بعضِ مشترياتِ البيتِ البسيطةِ وبعضِ حاجيَّاتِه وليدفَع هو من حصَّالته الخاصَّةِ على شراءِ كيسِ الرَّغيفِ للبيتِ مثلاً . قُصَّ عليه قصَّةَ ذلك الصَّغيرِ الذي تبرَّعَ ببعضِ ألعابِه لأولادِ جيرانِه المحتاجين ، فإنَّ هذه الوسائلَ تحرِّرُه من البُخلِ وحُبِّ جمعِ المالِ ، وتعوِّدُه حبَّ الفُقَراءِ والمساكين والبذلَ والعطاءَ . الوسيلةُ التَّاسعةُ والثَّلاثون : لنحذَر من كثرةِ تخويفِ الصَّغيرِ مِمَّا حولَه من الأشياءِ والأشخاصِ ، فإنَّ كثرةَ مخاوفِه تدلُّ على جبنِه وهَلَعِه ، وذلك أن نُجَنِّبَه قدرَ الإمكانِ مِمَّا يؤذيه ويخيفُه كالتَّخويفِ بالحراميِّ مثلاً أو البعبعِ كما أسلفتُ أو بخروجِ الدَّمِ من الجُرحِ ، كما تفعلُ بعضُ الأمَّهاتِ بقولِها : انظُر دَمَ فلان خرجَ .. على سبيلِ التَّخويفِ للصَّغير ، أو من تخويفِه ببعضِ القصصِ المرعبةِ حولَ الشَّياطينِ والجنِّ ، فإنَّ هذه الأمورَ تزرعُ في نفسِ الطِّفلِ الرُّعبَ والفَزَعَ وينشأُ خوَّافاً رعديداً كما نرى في بعضِ الصِّغارِ . الوسيلةُ الأربعون : اعلم أيُّها الأبُ وأنتِ أيَّتُها الأمُّ أنَّ الصَّغيرَ لا يُدرِكُ الكذبَ إلا بعدَ الخامسةِ من العُمرِ ، أمَّا قبلَ هذا فإنَّ خيالَه واسعٌ فيكونُ كذبُه في هذه الفترةِ غيرَ مقصودٍ ولا متعمَّدٍ ، وهو بحاجةٍ للتَّوضيحِ والتَّوجيهِ في هذه المرحلةِ بدلاً من عقابهِ وزجرِه كما يفعلُ بعضُ الآباءِ ظنَّاً منَّه أنَّه تعمَّدَ الكذبَ عليه . واعلما أيضاً أنَّ الكذبَ خُلُقٌ يكتسبُهُ الصَّغيرُ من بيئتِه ، فالوالدُ الذي لا يفي بوعودِه لأولادِه يزرعُ الكذبَ فيهم بدونِ أن يشعرَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قَالَ: دَعَتْنِي أُمِّي يَوْمًا، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَاعِدٌ فِي بَيْتِنَا، فَقَالَتْ: هَا تَعَالَ أُعْطِيكَ. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :" وَمَا أَرَدْتِ أَنْ تُعْطِيهِ ؟" قَالَتْ : أُعْطِيهِ تَمْرًا ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :" أَمَا إِنَّكِ لَوْ لَمْ تُعْطِهِ شَيْئًا ، كُتِبَتْ عَلَيْكِ كِذْبَة ٌ " [15] وفي المسند عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال:" مَنْ قَالَ لِصَبِيٍّ تَعَالَ هَاكَ ثُمَّ لَمْ يُعْطِهِ فَهِيَ كَذْبَةٌ " [16] . والأبُ الذي يُمثِّلُ أنَّه يضربُ ولدَه لأنَّه ضربَ أخاه الصَّغيرَ وهو في الحقيقةِ لا يضربُه ، يزرعُ الكذبَ في نفسِ ولديه الضَّاربِ والمضروبِ وهو لا يشعرُ . من الأسبابِ التي تدفعُ الصَّغيرَ للكذبِ : تقليد والديه ، وقد يكذبُ الطِّفلُ حتَّى يتجنَّبَ العقابَ الشَّديدَ ، أو لنيلِ شيءٍ يريدُه ، وغيرِها من الأسبابِ ، فحاول دائماً أن تبحثَ عن السَّبَبِ ، لماذا لجأ الصَّغيرُ إلى الكذبِ ، حتَّى تصلَ للعلاجِ المناسبِ والصَّحيحِ مع استخدامِ أسلوبِ التَّرغيبِ واللِّينِ والرِّفقِ والتَّشجيعِ ، فلا يتأصَّلُ عندَه هذا الخُلُقُ الذَّميمُ . هذه أربعون وسيلة وتوجيها لتربيةِ الصِّغارِ ، فأقولُ : أيُّها الوالدان ، إنَّ أجرَكما عندَ الله عظيمٌ إن حرصتُما على القيامِ بالواجبِ عليكما تجاهَ أولادِكما ، فلا بُدَّ من الصَّبرِ وعدمِ المللِ في متابعةِ الصِّغارِ وتربيتِهم واحتسابِ الأجرِ والثَّوابِ من الله . وثقا أنَّ كلَّ شيءٍ بالتَّدريبِ والمتابعةِ والمجاهدةِ ممكنٌ ، وهذا ما أكَّدَه الغزاليُّ بقولِه : ولو كانت الأخلاقُ لا تقبَلُ التغييرَ لبطلَت الوصايا والمواعظُ والتَّأديباتُ ، ولما قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم " حسِّنُوا أخلاقَكم " وكيف يُنكَرُ هذا في حقِّ الآدميِّ وتغييرُ خُلُقِ البهيمةِ ممكنٌ ، إذ يُنقَلُ البازيُّ - أي : الصَّقرُ - من الاستيحاشِ إلى الأُنس ، والكلبُ من شرهِ الأكلِ إلى التَّأديبِ والإمساكِ والتَّخليةِ ، والفرَسُ من الجماحِ إلى السلاسَةِ والانقيادِ ،وكلُّ ذلك تغييرٌ للأخلاقِ ، فإذا كان هذا ممكناً في حقِّ الحيوانِ الأعجمِ ففي حقِّ الولدِ الذي هو أعقلُ وأقدَرُ على الفهمِ من البهيمةِ أولى . لذلك أقولُ : علينا أن نحرصَ وأن نصبرَ على تربيةِ أولادِنا ونحتسبَ الأجرَ عندَ الله عز وجل ولن يكونَ ذلك إلاَّ بالتَّدريبِ والمتابعةِ . وأهدي هذه الكلماتِ وهذه التَّوجيهاتِ إلى الآباءِ والأمَّهاتِ معطَّرَةً بالحبِّ والتَّقديرِ والدُّعاءِ بالتَّوفيقِ لكُلِّ أبوين حريصين على تربيةِ أولادِهما وصلاحِهم ، وغفرَ الله لمن تجاوزَ عن الزلاَّت والهنَّاتِ والتمسَ لي العُذرَ في النَّقصِ والتَّقصيرِ . اللهُمَّ أصلِح أولادَ المسلمين وبناتِهم ، اللهُمَّ اجعَلهُم قرَّةَ أعينٍ لآبائهم وأمَّهاتِهم ، ربَّنا هَب لنا من أزواجِنا وذريَّاتِنا قرَّةَ أعيُنٍ واجعَلنا للمتَّقين إماماً ، ربَّنا آتِنا في الدُّنيا حسَنَةً وفي الآخرةِ حَسَنَةً وقِنا عذابَ النَّارِ ، اللهُمَّ أصلِح أبناءَ المسلمين والمسلمات ، اللهُمَّ نسألُك الذريَّةَ الصَّالحةَ التي تكونُ عِزَّاً للإسلامِ والمسلمين . اللهُمَّ أصلِح أبناءَ المسلمين وحبِّب إليهم الإيمانَ وزيِّنه في قلوبِهم وكرِّه إليهم الكُفرَ والفُسوقَ والعصيانَ واجعلهُم من الرَّاشدين . سبحانك اللهُمَّ وبحمدِك نشهدُ أنَّ لا إلهَ إلا أنت نستغفرُك ونتوبُ إليك . وصلَّى الله وسلَّمَ وباركَ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِه وصحبِه وسلَّمَ تسليماً كثيراً . -------------------------- [1] - رواه الترمذي في صفة القيامة ، (ح:2516) وقال: حسن صحيح . وأحمد في المسند (4/233ح:2669و2763و2804) وصحح الحديث أحمد شاكر في حاشية المسند برقم (2669و2763). وصححه الألباني في تخريج أحاديث(السنة) لابن أبي عاصم (1/138ح:316). [2] - أخرجه البخاري في صحيحه من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه. [3] - أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة(ح:495)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (ح:466). [4]- أخرجه أبو داود، والترمذي ،وابن ماجة، وقال الترمذي: حديث حسن .وحسنه الألباني في صحيح الجامع (ح:3031). [5]- أخرجه مسلم . [6] - أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الأنبياء . [7] - الآداب، للبيهقي،باب ما يعوذ به الأولاد ،(ح:996). [8]- المشربة هي المكان الذي يشرب فيه ، وهي الأرض الليّنة دائمة النبات . [9] - أخرجه الحاكم في المستدرك، كتاب معرفة الصحابة، (3/165)وصححه وخالفه الذهبي . [10] - انظر: المسند للإمام أحمد (4/172). والمستدرك للحاكم (3/165،166). [11] -ذكره البغوي في شرح السنة بدون السند(13/36). وقال محققاه:زهير الشاويش وشعيب الأرنؤوط : أخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي" (ص:90)و سنده حسن . [12] - رواه أهل السنن وصححه الألباني في صحيح الترمذي (ح:4045). [13] - رواه ابن ماجه في الزهد، باب البراءة من الكبر، والتواضع (ح:4175) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه (ح:3366). [14] - رواه أحمد في المسند (4/348) والطبراني في الكبير، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد(1/284): ورجاله ثقات . [15] - رواه أبو داود في الأدب ، باب في التشديد في الكذب(ح:4991) .وأحمد (3/447).وحسنه الألباني في صحيح أبي داود (ح:4176). وذكره في "الصحيحة" (ح:748). [16] - رواه أحمد في المسند ( 2/452 ) قال الألباني في "الصحيحة" (2/385) وهذا سند رجاله ثقات ، لكنه منقطع بين ابن شهاب وأبي هريرة ، فإنه لم يسمع منه كما قال الحافظ المنذري والعراقي.