أطفالنا حبات القلوب نحرص على تربيتهم وتعليمهم في سن مبكرة حتى تستخرج كوامن الخير منهم – رجالا ونساء – رياض الأطفال هي العتبة الأولى التي يخطو عليها الطفل أولى خطواته التعليمية وتحدثنا عن رياض الأطفال والطفل الدكتورة منى جاد – عميدة كلية رياض الأطفال بجامعة القاهرة وهو الحديث المنشور بمجلة (الزهور) المصرية.
تقول : في الواقع معظم دور الحضانة عبارة عن شقق لا ابنية متكاملة ولا توجد مربية مؤهلة تربويا ومحليا ونفسيا وبالتالي لا تثق الأم أن تترك أولادها في هذه الدور ومشكلات رياض الأطفال أن نسبة الاستيعاب في مصر لا تتجاوز 12% بمعنى ( كل 100 طفل لهم 12 مكانا فقط ) .
ويمثل هذا مع زيادة خروج المرأة للعمل مشكلة فنحن بحاجة لزيادة رياض الأطفال وطبقا للبنك الدولي ينبغي أن تصل نسبة الاستيعاب إلى 65% عام 2010 وفي هذه الحال نحن بحاجة إلى زيادة عدد الخريجات المؤهلات تربويا للعمل في دور الحضانة، فضلا عن زيادة عدد هذه الدور .
طفل الروضة في مرحلة نمو عقلي وجسدي واللعب هو أهم ما ينمي شخصيته في هذه المرحلة فلغته ومهاراته كلها تنمو من خلال اللعب ويخطئ كثير من الآباء حين يضغطون على الأبناء ليكتبوا ويمسكوا القلم في مرحلة مبكرة ففي هذه المرحلة لا يكون التكامل بين العين واليد قد حدث مما قد يسبب تشوهات في اليد كما أن الضغط على الطفل في مرحلة مبكرة لعمل الواجبات قد يسبب عبئا نفسيا على الطفل يدفعه لكراهية العلم متمثلا في الحضانة ثم المدرسة .
نحن لا ندعو إلى ترك الطفل دون أن يتعلم مبادئ القراءة والكتابة في رياض الأطفال ولكن المشكلة في الإجبار وليس في التعليم وحتى لا تحدث الفجوة لابد من تكامل المقررات المدرسية في الصفوف الثلاث الأولى في المدرسة مع مقررات رياض الأطفال ولكن للأسف لا يؤخذ رأي المستشارين والمتخصصين في هذا الأمر .
القدوة هي انجح الوسائل في تغيير سلوكيات الطفل فكيف أعاقب الطفل على كذبه في حين أكذب انا على من حولي ؟ ! ثم ما معنى أن تفشل وسائل التربية في تهذيب سلوك الطفل ؟! إن الفشل حينئذ من نصيب المربى من الأساس فهو سبب سلبيات الطفل إذا لا يولد طفل بسلبياته ومع أن السنوات الخمس الأولى من عمر الطفل تشكل شخصيته إلا أنه يمكن التعديل بعدها ولكن بصعوبة ومن الأفضل إيجاد الأساس السليم بدلا من الهدم ثم إعادة البناء .
ويمكن للأم أن تعدل السلوك أولا بفحص أسباب المشكلة ومحاولة علاجها أو بوسائل أخرى غير القدوة مثل المناقشة والرحلات والزيارات وأسلوب الخبرة المباشرة من الأساليب الجيدة مثل : ترك الطفل يمر بالسلوك الخاطئ – غير الخطر – ليرى نتائج سلوكه بنفسه ويتعلم منه .
أول يوم ينفصل فيه الطفل عن أمه يسمى بالفطام الاجتماعي ولابد للأم أن تهيئ الطفل لهذا اليوم وخروج الطفل للروضة أفضل من أن يتم هذا الفطام على أعتاب المدرسة ومن هذه التهيئة ألا تخيف الأم طفلها من الروضة ولا تجعلها وسيلة عقاب ولا تنفق هي ومشرفته عليه وان تعلمه الاعتماد على النفس كأن يدخل الحمام بنفسه ، ويأكل بنفسه وان يعبر عما يريد وما لا يريد.
وتتركه في الروضة بشكل تدريجي وقتا قليلا في الأيام الأولى ثم يزيد تدريجيا ومن المهم معرفة انه إذا كره الطفل الروضة فإنه لن يسعد بحياته الدراسية فيما بعد إلا إذا وجد ما يحببه في الدراسة ويربطه بها وان يحب الطفل روضته ومدرسته منذ البداية أفضل من أن نبحث بعد أن يكرههما عما يمكن أن يربطه بهما .
هناك فرق بين رياض الأطفال كمرحلة تعليمية وهي تبدأ من سن ثلاث سنوات إلى ست سنوات وبين دور الحضانة التي تبدأ في استقبال الأطفال من عمر ثلاثة شهور بعد انتهاء إجازة الوضع للأم إلى ثلاث سنوات ويجب أن تكون المعلمة أو المشرفة في المرحلتين مؤهلة تربويا ونفسيا وصحيا خاصة مرحلة الحضانة لتعاملها مع " الرضع " الذين يحتاجون إلى صبر وخبرة اكثر .
هناك شروط لدار الحضانة أو رياض الأطفال منها توافر المكان الملائم والحديقة الواسعة التي تحتوي على ألعاب لها أهداف تربوية أكثر منها ترفيهية وإذا كانت بعض الدور تقوم على خبرة أمهات أو جدات فنحن لا ننكر دور الخبرة ولكن مع الاستعانة بالعلم فهذا ضرورة أما إذا لم تتوافر الدار الجيدة الصحية فمن الأفضل أن تحصل الأم على إجازة لرعاية الطفل .
يمكن للأم أن تبدأ القراءة للطفل منذ الشهور الستة الأولى من عمره ولا تنتظر حتى يستطيع الطفل النطق الصحيح عند ثلاث سنوات مثلا فالقراءة للطفل تزيد من حصيلته اللغوية منذ هذه السن المبكرة وذلك من خلال اختزال عقل الطفل للمعلومات في شكل صور ذهنية يستخرجها العقل حين يراها أمامه مرة أخرى .
فالأم حين تقرأ له في الكتاب عن قطة أو عصفورة أو ما شابه فإنه حين يراها في الحقيقة يطلق عليها الاسم الذي سمعه كما أن القراءة للطفل تعوده التعامل مع الكتاب واحترامه والوعي بقيمته ولكن يجب مراعاة نوعية الكتب التي يمسكها الطفل وان تكون قابلة للغسيل : لأن الطفل في هذه المرحلة التي تسمى المرحلة الفمية يلجأ للتعرف على البيئة المحيطة به واكتشافها من خلال الفم فيجب أن تقوم الأم بغسل الكتب بشكل دوري للحفاظ على نظافتها وكذلك ألعابه .
لا يوجد طفل فوضوي وآخر غير فوضوي وإنما الآباء والأمهات أو القائم على تربية الطفل هو الذي يعلمه النظام أو الفوضوية أو على الأقل يقبل الفوضى منه فالطفل عندما يلقي أشياء بشكل عشوائي ولا يجد من ينصحه يعتقد أن هذا السلوك حسن أو مقبول فإذا تكرر الأمر دون توجيه استقر ذلك في ذهنه ثم نشكو من فوضوية أطفالنا وعشوائيتهم نحن في الواقع الذين نترك سلوك الطفل دون تعديل ثم نشكو منه بعد ذلك .
أقول للأمهات أن أسلوب التربية هو الذي يتحكم في سلوك الولد أو البنت وهذه حقيقة يجب أن يعيها القائمون على التربية فأحيانا ما تبالغ في حب الأولاد وحمايتهم ، وخاصة لو كان الولد وحيدا على عدة بنات فينشأ الأبناء – من النوعين – اتكاليين لا يحسنون أو لا يستطيعون التصرف حين يكونون بمفردهم أو حين يكبرون ويطلب منهم بعض المهام فلا يجدون من يساعدهم .
من هنا يجب على الأسرة أن تعلم ابناءها الاعتماد على الذات – ذكورا وإناثا – وذلك عن طريق مواقف تضعهم فيها لترى كيف يتصرفون فإن أحسنوا فخيرا وإلا كان دور التوجيه والإرشاد .
الطفل عند سن ثلاث سنوا يبدأ في الإحساس بذاته ويقبل أشياء ويرفض أخرى ويعبر عن هذا الرفض أو القبول ويصر عليه وتشكو الأم هنا من عناد الطفل وتصفه بهذه الصفة ولكن الأمر ليس كذلك وإنما هو محاولة من الطفل لتاكيد ذاته وهذه فرصة حقيقية للأم لتنمية شخصية الطفل.
كما أن الطفل في سن 5 سنوات يبدأ خياله في النمو ولا يستطيع التفريق بين الزمن بالتحديد بين الأمس واليوم وغدا فيتحدث عن شيء سيفعله غدا كزيارة مثلا للجد أو الجدة على انه حدث بالأمس . وأحيانا ينتج حرج اجتماعي نتيجة لتلك المواقف داخل الأسرة وتنهره الأم وتصفه بالكذب وما هو بكاذب وتكون الأم هنا أول من يعرفه معنى الكذب وتدمره نفسيا حين تصفه بسلوك لم يقصده ولا يفهمه ثم بعد أن يفهم الطفل الحقائق تتلاشى هذه الصفة اما العناد فيعود مرة أخرى في مرحلة البلوغ وهو محاولة لإثبات الذات ويجب التعامل معه بالحكمة والاحتواء .
في الأمس كان للأسرة الممتدة دور في تربية الطفل وتنشئته أما الآن فقد تدخلت الوسائل التقنية الحديثة في تربية الطفل وهو ما نسميه الآن بشركاء التربية وهذه الوسائل مثل : التليفزيون، الدش ، الإنترنت .
وهي ليست شرا كلها ولا خيرا كلها . ويتوقف نجاح الأسرة على قدر سماحها لهذا الشريك كما وكيفا بالتأثير وتكون القيم والأخلاقيات والدين هي صمام الأمان داخل الأسرة فينشأ الفرد ولديه ميزان للقيم يزن به ما يجوز وما لا يجوز . ما يجب وما لا يجب وخاصة في ظل ضعف قدرة الأسرة على الرقابة الخارجية ومحاولة غزونا بأخلاقيات غريبة علينا .
فالمنع لن يحل المشكلة فالممنوع مرغوب ولكن الضمير والرقابة الذاتية في نفوس أبنائنا هي حائط الصد .
في ظل غلاء الأسعار ليس شرطا أن تكون الألعاب غالية الثمن ولكن يمكن للأم أن تستخدم معطيات البيئة في صنع ألعاب الطفل وكل بيئة تختلف معطياتها عن الأخرى فالبيئة الساحلية غير البيئة الريفية ويمكن أن تعلم الأم طفلها صنع لعبة بنفسه إذا كان غير قادر على ذلك أو تتركه يستخدم مكونات غير مستعملة في المنزل لينتج شيئا إبداعيا فيمكنه أن يتخيل صناديق الكارتون سريرا ودولابا أو بيتا.