حدود العلاقة بين المخطوبين

الناقل : SunSet | الكاتب الأصلى : أم يوسف | المصدر : www.koneyakon.com



نقره على هذا الشريط لعرض الصورة بالمقاس الحقيقي



عنوان الفتوى: ما يباح للخاطب من مخطوبته
اسم المفتي: أ.د. عبد الفتاح إدريس
نص الإجابة:
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
يقول الأستاذ الدكتور عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن
بكلية الشريعة والقانون بالقاهرة.
رغَّب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في النكاح، وحضَّ عليه، في أحاديث كثيرة، حتى قال جمهور الفقهاء: إن حكم النكاح في حال اعتدال مُريد النكاح هو الاستحباب والندب، من هذه الأحاديث: قول رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ للرهط الذين ذهبوا إلى بيوت زوجاته يسألونه عن عبادته: "أمَا والله إني لأتقاكم لله وأخشاكم له، ولكني أصوم وأُفطِر، وأصلي وأرقُد، وأتزوج النساء، فمَن رَغِب عن سنَّتي فليس مني"
وما روي عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال: قال لنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب مَن استطاع منكم الباءةَ فلْيتزوج؛ فإنه أغضُّ للبصر وأحصن للفرج، ومَن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وُجاء"، والباءة: هي مُؤَن النكاح، والوُجاء: هو القاطع، ويقصد به هنا: القاطع للشهَوات، وما رُوِي عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "ألا أخبركم بخير ما يَكنِز المرء؟ المرأة الصالحة، إذا نظر إليها سرَّتْه، وإذا غاب عنها حَفِظَتْه، وإذا أمرها أطاعتْه، وإذا أقسم عليها أبرَّتْه"
ورُوِي عن معقل بن يسار أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "تزوَّجوا الوَلُود الوَدُود؛ فإني مُكاثر بكم الأُمَم".
وإذا كان هذا الترغيب منه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في النكاح، فقد رغَّب فيما يكون سببًا لدوام العِشْرة بين المُتَناكِحَيْنِ، وهو رؤية الخاطب مخطوبتَه قبل العقد عليها؛ لما في هذه الرؤية من تبيُّن ما يدعو إلى نكاح امرأة بعينها، فيكون هذا أدعى إلى دوام العشرة بين هذا الخاطب ومَن يُريد الزواج بها، تحقيقًا لمقصود الشارع من استمرار العلاقة الزوجية بينهما، وقد جاء في السنَّة النبوية المطَهَّرة أحاديث كثيرة، تدل على مشروعية نظَر الخاطب إلى مخطوبته، منها: ما رُوِيَ عن جابر ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "إذا خطَب أحدُكم المرأةَ، فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فلْيَفعلْ، قال جابر: فخطبتُ امرأةً فكنْتُ أَخْتَبِئُ لها تحت الكَرَبِ "أصول سعف النخل الغِلاظ العِراض"، حتى رأيتُ منها بعض ما دعاني إلى نكاحها فتزوَّجْتُها"
وروي عن المُغيرة بن شُعبة أنه خطب امرأة، فقال له رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "انظرْ إليها؛ فإنه أحرى أن يُؤَدَم بينكما" أي تدوم بينكما المودَّة، ورُوِيَ عن أبي حميد قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: "إذا خطَب أحدُكم امرأةً فلا جناح عليه أن ينظُر منها، إذا كان إنما ينظر إليها لخطبة، وإن كانت لا تعلم".
وإذا كان نظر الخاطب إلى مَن يُريد الزواج بها مشروعًا، إلا أن الفقهاء اختلفوا في المواضع التي يجوز للخاطب أن ينظرها من مخطوبته، ومذهب جمهورهم: "الحنفية والمالكية والشافعية" أنه ينظر منها الوجه والكفين، فلا يَحِلُّ له أن ينظر فيها أكثر من ذلك، لعدم الحاجة إليه، ولأن الأصل هو حُرْمة النظر إلى جميعها، إلا أنه أُبِيح بمقدار ما تدعو الحاجة إلى النظر إليه، وهو الوجه والكفين، فبَقِيَ ما عداهما على حكم الأصل.
ومحل جواز نظر الخاطب إلى مخطوبته، إذا كان يرجو أن يُجاب إلى طلَبِه الزواج منها، أو يغلِب على ظنِّه ذلك، ولو أن يُكَرِّر النظر إليها، وأن يَستديمه ليَتَبَيَّن هيئتها، فلا يندم بعد النكاح، وإن كان الحنفية يمنعون النظر الزائد عن الحاجة؛ لأنه نظر أُبيح للضرورة، فيقدر بقَدْرها.
ولا يُشتَرط عند جمهور الفقهاء ـ غير المالكية ـ استئذانها أو استئذان وَلِيِّها عند النظر إليها، اكتفاءً بإذن الشارع له في ذلك، وحتى لا تتزيَّن، أو تُغَيِّر من هيئتها، فيفُوت الغرض من النظر إليها.
وإذا جاز للخاطب النظر إلى الموضعين السابقين من مخطوبته، فلا يحل له أن يختلي بها، أو أن يخرج معها، أو أن يَمَسَّ شيئًا من بدنها، ولو كان عضوًا يجوز له النظر إليه؛ لأنها محرمة عليه قبل العقد عليها، ولم يرد الشرع بغير النظر، فبقي ما عداه على أصل التحريم، ولأنه لا يُؤْمَن مع الخَلْوة بها، أو الخروج معها، أو مس شيء من بدنها من ثوران الشهوة ومواقعة المحظور؛ ولهذا منع الشارع من ذلك كله، وورد هذا المنع في نصوص كثيرة، منها: ما رُوِيَ عن جابر ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "لا يَخْلُوَنَّ رجل بامرأة ليست منه بمَحرَم؛ فإن الشيطان ثالثهما"، أي يكون معهما في هذه الخَلْوة، يُوَسْوِس لهما بارتكاب المعصية، وما رُوِيَ عن معقل بن يسار أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "لأن يُطعَن في رأس أحدِكم بمِخْيَط من حديد، خير له من أن يمَسَّ امرأة لا تَحِل له" وما روي عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: "مَن مسَّ كفَّ امرأة ليس منها بسبيل، وضع على كفِّه جمرة يوم القيامة"
والمرأة التي لا تَحِل للَّامس، أو التي لا سبيل له عليها، هي المرأة الأجنبية التي ليست زوجًا له، كتلك التي يَخطُبُها لنفسه ولم يَعقِد عليها بعدُ، فالالتزام بهذا الأدب الإسلامي، ينتهي بالعلاقة بين الخاطب ومخطوبته إلى الغاية التي أرادَها الشارع، من إتمام عقد النكاح بينهما، ودوام العِشْرة، وقيامها على أُسُس من شرع الله سبحانه، بدلًا من سلوك مُعْوَجٍّ قامت عليه هذه العلاقة أسفر عن مفاسد كثيرة، نسمع ونرى ونقرأ عنها، لا تنتهي بهذه العلاقة إلى خير؛ نتيجة لتنكُّب أطرافها الطريق القويم الذي رسمه الإسلام، وانصياعهم لغرائزهم وشهواتهم، فكان مصيرهم البوَار والخُسران المبين.
والله أعلم.
********************************
عنوان الفتوى:التعامل مع المخطوبة قبل العقدنص السؤال:اتفقت مع أهل فتاة على كتابة العقد بعد مدة، وقد تمت قراءة الفاتحة بحضور عدد من أقربائي وأقربائها، وقد تم تحديد المهر وشروط العقد، ولكن حتى الآن لم يتم كتابة العقد مع العلم أنني قد دفعت المهر كاملا، والآن ما الحكم الشرعي في التعامل مع الفتاة، هل هي خطيبتي أم لا شرعا؟ وما حكم النظر إليها والتكلم معها على الهاتف بحكم أننا على وشك كتابة العقد؟ وما حكم الدخول إلى بيت أهلها والجلوس معهم ومصافحة أمها؟ اسم المفتي: أ.د. صبري عبد الرؤوفنص الإجابة:بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
أولا هذه الفتاة ما زالت أجنبية، ولا يحق لك أبدًا أن تتعامل معها تعامل الزوج مع زوجته، كما لا يحق لك أن تتعامل مع أمها كتعاملك مع أم الزوجة؛ لأن هذه الفتاة ما زالت حتى الآن أجنبية عنك فتعامل معها كأية فتاة أجنبية؛ فالخلوة غير جائزة، وأي حديث في الهاتف يحرك الغريزة أو الشهوة فإنه محرم، والإنسان مسئول عن كل كلمة ينطق بها قال تعالى: "ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد".. فاتق الله في تعاملك مع الفتاة وأسرتها ولا تتعجل حتى لا تندم، والله أعلم. المصدر: إسلام أون لاين
***********************************
عنوان الفتوى: الفرق بين الخاطب والعاقد
نص السؤال:
لقد خطبت فتاة وتم إعلان الخطبة وسط الناس جميعا فهل يحل لي الخلوة بها والتمتع بجسدها كما يفعل العاقد لأني لا أصبر على فراقهاولماذ لاتعتبر هذه الخطبة في مقام العقد ؟
اسم المفتي: الدكتور الشيخ يوسف عبد الله القرضاوي
نص الإجابة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
الخطبة لغة وعرفا وشرعا شيء غير الزواج، فهي مقدمة له، وتمهيد لحصوله.
فكتب اللغة جميعا تفرق بين كلمتي الخطبة والزواج. والعرف يميز جيدا بين رجل خاطب، ورجل متزوج.
والشريعة فرقت بين الأمرين تفريقا واضحا، فالخطبة ليست أكثر من إعلان الرغبة في الزواج من امرأة معينة، أما الزواج فعقد وثيق، وميثاق غليظ، له حدوده وشروطه وحقوقه وآثاره.
وقد عبر القرآن عن الأمرين فقال في شأن النساء المتوفى عنهن أزواجهن: (ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم، علم الله أنكم ستذكرونهن ولكن لا تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا، ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله).
والخطبة مهما يقم حولها من مظاهر الإعلان فلا تزيد عن كونها تأكيدا وتثبيتا لشأنها.. والخطبة على أية حال لا يترتب عليها أي حق للخاطب، إلا حجز المخطوبة بحيث يحظر على غير الخاطب أن يتقدم لخطبتها، وفي الحديث: "لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه".
والمهم في هذا المقام أن المخطوبة أجنبية عن الخاطب حتى يتم زواجه بها، ولا تنتقل المرأة إلى دائرة الزوجية إلا بعقد شرعي صحيح، والركن الأساسي في العقد هو الإيجاب والقبول. وللإيجاب والقبول ألفاظ معهودة معلومة في العرف والشرع.
وما دام هذا العقد -بإيجابه وقبوله- لم يتحقق فالزواج لم يحدث أيضا لا عرفا ولا شرعا ولا قانونا، وتظل المخطوبة أجنبية عن خاطبها لا يحل له الخلوة بها، ولا السفر معها دون وجود أحد محارمها كأبيها أو أخيها.
ومن المقرر المعروف شرعا أن العاقد إذا ترك المعقود عليها دون أن يدخل بها يجب عليه نصف مهرها، قال تعالى: (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح).
أما الخاطب إذا ترك المخطوبة بعد فترة طالت أو قصرت فلا يجب عليه شيء إلا ما توجبه الأخلاق والتقاليد من لوم وتأنيب، فكيف يمكن -والحالة هذه- أن يباح للخاطب ما يباح للعاقد سواء بسواء؟
إن نصيحتنا للسائل أن يعجل بالعقد على خطيبته، فبه وحده يباح له ما يسأل عنه وإذا لم تسمح ظروفه بذلك، فالأجدر بدينه ورجولته أن يضبط عواطفه، ويكبح جماح نفسه، ويلجمها بلجام التقوى، ولا خير في أمر يبدأ بتجاوز الحلال إلى الحرام.
كما ننصح الآباء والأولياء أن يكونوا على بصيرة من أمر بناتهم، فلا يفرطوا فيهن بسهولة باسم الخطبة، والدهر قلب، والقلوب تتغير، والتفريط في بادئ الأمر قد يكون وخيم العاقبة، والوقوف عند حدود الله أحق وأولى: (ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون) (ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فألئك هم الفائزون).
والله أعلم.