الحسد المدمر
الناقل :
elmasry
| الكاتب الأصلى :
خالد الشافعي
| المصدر :
www.muslemzad.com
الحسد المدمر
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وبعد
فعادة يكون في رأسي أكثر من موضوع أفكر في أن أجعل من أحدهم موضوعاً لمقالي ، وأحياناً يكون بعضها أقرب لنفسي ، أو أرضى لها ومع ذلك أختار سواه حين يكون هو الأجدى والأنفع من وجهة نظري ، أختار ما يكون كاشفاً لما أغمض ، أو مفصلاً لما أجمل ، أو مفسراً لما أشكل – أيضاً من وجهة نظري
-
ومن النادر جداً أن أكتب فقط لأصرف غضبى
.
مقال اليوم ليس فيه جديد ، هو من النوع الأخير ، غضب ودهشة ومرارة يزلزلون صدري ، ويعكرون صفوي ،ويكدرون خاطري ، وفى ظني أن هناك مثلي ملايين سيكون هذا المقال مصرفاً ومعبراً عن غضب عارم و مرار بلغ حد العلقم
.
حين بدا أن الثورة في طريقها للنجاح ، وأن النظام في طريقه إلى الزوال أو على الأقل أن شوكته قد انكسرت ، في هذه اللحظة بدأ طوفان التحول أو فلنسمه ( التثور ) أي أن يصبح الشخص ثورياً ، وما يصاحب ذلك من أعراض ، كانحلال عقدة لسانه ، وانكسار حاجز الخوف والتعبير بلا سقف عن رأيه ومطالبه وقد اختلف توقيت التحول من شخص لآخر حسب توقيت اللحظة التي اقتنع فيها أن الوضع القديم وصل لنقطة اللا عودة ، المهم أن التحول بدأ وإن اختلفت لحظته إلى أن وصلنا في النهاية إلى لحظة الثورنة الشاملة أي أن الشعب كله انقلب ثورياً ، وتغير خطاب الجميع
.
شخصان فقط في مصر لم يتزحزح خطابهما ملليمتراً واحداً ، ولا يمكن أن تشعر بأي فرق يذكر بين خطابيهما قبل وبعد الثورة ، ظلت أولوياتهما واحدة ، وشدتهما على التيار الإسلامي هي هي ، بل ربما زادت وأصبحت أكثر شراسة وظلت رحمتهما بكافة أطياف البلد ما خلا السلفيين واحدة ، ظلت أولوياتهما التشنيع على السلفيين ولو أدى ذلك لتبنى أقوال خلف لا يصدقها العقل ، كتحريم النقاب ، والاستهزاء باللحية ، والثوب القصير وتحريم ختان الإناث ، وإجازة أن يوصي المسلم ببناء كنيسة من ماله ، والقول الأخير يخالف الإجماع وما أدراك ما مخالفة الإجماع ، فكيف إن جاءت ممن يفترض منه حماية الدين وحراسة حدود الشريعة ،
حين تتأمل خطاب مفتى الجمهورية وشيخ الأزهر قبل وبعد الثورة وقد جاءتهما لحظة تاريخية أن يعيدا للمنصبين هيبتهما وأن يتبوءا هما مكانة مرموقة وأن يدخلا التاريخ ، ومع ذلك لم يفعلا وظلا على عدائهما الشديد لكل ما هو سلفي ، مع رحمتهما البالغة بكل ما هو كنسي أو علماني أو ليبرالي أو صوفي ، حين تتأمل ذلك تكاد تجن من العجب
.
جعلت أسأل نفسي ترى ما السبب ؟ ما تفسير ذلك ؟ فلم أجد إلا تفسيراً واحداً : إنه الحسد ، نعم الحسد ، فالحاسد لا يرضيه إلا أن تزول عنك النعمة ، والحسد كالغضب الشديد إذا تمكن من المرء أعماه حتى يصل به إلى أن يأتي بالعجائب ، انقياداً لحسده وهو مغلوب على أمره ، فيصف السلفيين بأنهم الخوارج الجدد ، تصور ؟
ويصفهم أنهم يريدون اختطاف الأزهر، هكذا !، وأنهم أدعياء علم ، والنقاب حرام وليس من الإسلام وكذا ختان الإناث ؟ لا يمكن أن يكون هناك تفسيراً لمثل هذه العجائب إلا داء الحسد
.
السلفيون ورغم التضييق والحبس والملاحقة يحققون الانتصارات وينتشرون في كل مكان وأعدادهم تتضاعف وقنواتهم تشغل الجماهير ودعاتهم يتصدرون المشهد ويتلهف عليهم الناس ، بينما صاحبينا يظهران ويتحدثان بقوة المنصب ، ومع ذلك لا يسمع لهما أحد ولا يتناقل أحاديثهما الناس ولا يسعى إليهم إلا كتبة الصحف لنقل كلام المنصب
.
فما ذنب السلفيين ؟ السلفيون حازوا هذه المكانة بدمائهم وشبابهم بليل المعتقلات ونهار الملاحقات سنوات من الحفر في الصخر ، السلفيون لم يكونوا أعضاء في لجنة السياسات ولا نكلوا بشباب الجماعات الإسلامية أبان رئاستهم لجامعة الأزهر ، السلفيون ليسوا من قضى عمره في المنصب دون أن ينكر مخالفة واحدة فقط أو يغضب لله مرة ، السلفيون هم من قام بما كان ينبغي أن تقوما أنتما به ، ليس ذنب السلفيين أنكما لم تنكرا خطف كاميليا شحاتة ووفاء قسطنطين ولم تقفا وقفة العمر لمن قال أننا ضيوف وأن كتابنا محرف
.
من يكتفي بحضور إفطار الوحدة الوطنية واحتفالات أكتوبر وعقد الزيجات في الفنادق الكبرى وسط الخمور والرقص الشرقي ويحارب النقاب والختان واللحية ، من يفعل هذا عليه ألا يلومن إلا نفسه ، لأنه اختار الجانب الخطأ والطريق الأسهل
.
شخصياً اندهش جداً من احتفاظكما بمنصبيكما إلى اليوم مع أنكما من أخلص رجال الحقبة السابقة ، ومع ذلك فعن قريب أو بعيد ستمضيا إلى حيث مضى الراحل العظيم الشيخ طنطاوى لتسألا ، أو ربما تمران بمرحلة انتقالية كالتي يمر بها العظيم (زقزوق) الآن
.
على أية حال حسدكم مفهوم لكنه مخجل وهجومكم شديد لكنه كالزبد سيذهب جفاءاً ولا يبقى إلا ما ينفع الناس
.
بقيت ملاحظة أخيرة : حين كنت أُبتلى بهذا الهجوم والتشنيع منكما قبل الثورة كنت أشعر بالعجز والقهر ، أما الآن فأنا أشعر تجاهكما بالشفقة ، تمنياتي بالشفاء العاجل
.