ماذا يريد السلفيون؟ – فهمي هويدي

الناقل : elmasry | الكاتب الأصلى : فهمي هويدي | المصدر : fahmyhoweidy.blogspot.com

احترنامع السلفيين بحيث لم نعد نعرف ماذا يريدون بالضبط، ولا ما هي نسبة الحقيقةأو الزيف والادعاء فيما ينسب إليهم؟


كما أننا لم نعد نعرف ما إذا كانالصحيح الذي ينسب إليهم يعبر عنهم في مجموعهم أم أنه ممارسات أفراد أوفصيل بينهم، وهل هم حقا تشكيل واحد أم فصائل متعددة بعضها في الإسكندريةوالبعض الآخر في القاهرة، في حين أن ثمة بعضا ثالثا في صعيد مصر؟


رأيت أعدادا غفيرة منهم يوم الجمعة الماضي ترفع لافتات تتحدث عن السيدةكاميليا شحاتة، القبطية التي أثير لغط حول تحولها إلى الإسلام ثم عودتهاإلى المسيحية ثم اختفائها بعد ذلك.


وتواترت أنباء الصحف التي تحدثت عننزاعهم مع وزارة الأوقاف حول منبر مسجد «النور» الذي يصرون على أن يكونخطيب الجمعة فيه من جماعتهم.


كما ذكرت الصحف أن سلفيين قاموا بهدم بعضالأضرحة في محافظتين بالدلتا، بحجة أنها بِدَع يتعين إزالتها.


أما الشائعات المثارة حولهم فحدث فيها ولا حرج. فتارة هم يريدون تطبيقالحدود الشرعية من جانبهم، واخترع الإعلام أن ثمة «حدًا» يقضي بقطعالآذان، وأن حادث الاعتداء الذي أصيبت به أذن أحد الأقباط في قنا لهأسبابه الأخلاقية هو جزء من ظاهرة وصفها بعض المهيجين بأنها حملة لتقطيعآذان الأقباط.


وأشيع في وقت متزامن أن السلفيين سيخطفون الفتيات غيرالمحجبات من الشوارع وينقلوهن إلى أماكن مجهولة لإعادة «تأهيلهن». كماأشيع أنهم هم الذين حركوا الجماهير في محافظة قنا للاحتجاج على تعيينمحافظ قبطي لها... إلخ.


أدري أن مثل هذه الشائعات يروج لها المهيجون والمتصيدون والمتعصبون، لكنالصورة التي قدمت بها ممارستهم في وسائل الإعلام أشاعت انطباعات سلبيةعنهم سمحت بتسويق ذلك الكلام. ولأنه لا دخان بغير نار، فما كان لتلكالشائعات أن يصدقها الناس لولا أن ممارسات بعض السلفيين التي رأوهابأعينهم على شاشات التلفزيون مثلا جاءت مشجعة على ذلك.


لم أفهم تدخل السلفيين بالشكل الحاصل الآن في ملف كاميليا شحاتة، رغم أناختفاء مواطنة مصرية أمر يخص الأجهزة الأمنية ويتعلق بأعمال القانون وهيبةالدولة.


وقد أقبل أن يقدم بلاغ إلى النائب العام بذلك سواء من السلفيين أوإحدى منظمات حقوق الإنسان للكشف عن حقيقة الأمر.


كما أفهم أن تتحرىالأجهزة الأمنية المسألة وأن تحل اللغز. لكن ما أستغربه أن تصبح القضيةشاغلا أساسيا للسلفيين دون غيرهم. وأن تنطلق تظاهراتهم طوال الأسبوع لهذاالغرض، وأن يهددوا بالزحف على الكاتدرائية القبطية لأجل ذلك. إذ إن موقفهمذاك يشكل عدوانا على حق الدولة في تأمين مواطنيها،

كما أنه يسهم في تعميقالفتنة الطائفية في المناخ الراهن، ناهيك عن أنه يربك الرأي العام ويصرفهعن تحديات أكبر تواجه الوطن في الوقت الراهن الذي يفترض أن تحشد فيهالجهود لصالح تأسيس النظام الجديد.


لم أفهم أيضا الإشكال الذي أثاروه بمطالبتهم باحتكار منبر المسجد بدعوى أنجمعية «الهداية» هي التي بنته وأن وزارة الأوقاف استولت عليه. وهيبالمناسبة معلومة غير دقيقة لأن الحكومة من خلال شركة المقاولين العرب هيالتي أكملت بناءه وقامت بتشطيبه وحولته إلى تحفة معمارية مميزة. فضلا عنأنني لا أعرف أن أحدا يمكن أن يدعي أنه يملك مسجدا، حيث المساجد لله فينهاية المطاف. ثم إنني أستغرب المشاحنة واستخدام القوة في اعتلاء منبر أيمسجد، وتحدي وزارة الأوقاف في هذا الصدد.


أيضا فإن موضوع هدم الأضرحة، الذي نعرف أنه يشغل غلاة السلفيين في حين أنآخرين تجاوزوه ونسوه، دليل آخر على أن إخواننا هؤلاء غير واعين لا بواقعالمجتمع المصري المتدين بطبيعته، وغير مدركين لشيء من أولويات تأسيسالنظام الجديد في مصر.


لقد دعوت من قبل إلى احترام حق السلفيين في الوجود، لكنهم مدعوون الآنوبشدة إلى احترام النظام العام والقانون، وإلى النظر بعقل واع وأعينمفتوحة إلى طبيعة واستحقاقات المرحلة التي يمر بها الوطن. وإذا كان هناكمن يتصيد لهم ويشوه صورتهم فلا مفر من الاعتراف بأنهم من يقدم لهؤلاء «الطُّعم» الذي يمكنهم من بلوغ مرادهم.


إن ممارسات السلفيين قدمت لنا أسوأ ما لديهم وليس أفضله مما شوه مشروعهمالذي التبس علينا أمره، لذلك فإنني أتمنى أن يقدموا أنفسهم بحسبانهم إضافةإلى الوطن وليس تخويفا لأهله وخصما من رصيده وإجهاضا لحلمه.

..................