نادي برشلونه: اسباني الجنسية كاتالوني الروح
الناقل :
elmasry
| الكاتب الأصلى :
باسكال هارتر
| المصدر :
www.bbc.co.uk
برشلونه: تعاون وتضامن والتزام
بالنسبة لانصار نادي برشلونه، الذي سيخوض المباراة النهائية لدوري ابطال اوروبا يوم السبت المقبل امام مانشستر يونايتيد الانجليزي، لا يقتصر تعلقهم بناديهم الشهير على الكرة فقط بل يمتد ليشمل صراعهم القومي من اجل هويتهم الكاتالونية المميزة.
تخفت الاضواء في ستاد الكامب نو، وترتفع الهتافات من حناجر المشاهدين الـ 110 آلاف الذين ملأوا المدرجات عندما يخرج اثنان من نجوم برشلونه - كارليس بويول وجابي - وهما يلوحان بالبيرق الكاتالوني.
تشتد الهتافات وتومض الوف الكاميرات وكأنها نجوم في السماء. انه لمشهد مذهل ان تكون هنا، ولسنا نتحدث حتى عن مباراة بكرة القدم.
نحن هنا لحضور نهاية جولة النصر التي قام بها فريق برشلونه في شوارع المدينة احتفالا بفوز الفريق ببطولة الدوري الاسباني وتفوقه على خصمه التاريخي نادي ريال مدريد.
قالت لي احداهن: "انه شعور بالانتماء..بالانتماء الى كاتالونيا."
إرث فرانكو
كان الديكتاتور الاسباني الجنرال فرانسيسكو فرانكو (الذي توفي عام 1975) يكره الروح المستقلة التي تتميز بها كاتالونيا، ولذا عانت هذه المنطقة الامرين اثناء فترة حكمه الطويلة.
كان فرانكو يشجع نادي ريال، ولذا اصبح نادي برشلونه - وهو ناد يملكه انصاره - رمزا للديمقراطية ومقاومة الديكتاتورية.
لاعبو النادي اثناء التدريب في الكامب نو
اما الآن وقد اصبح فرانكو جزءا من التاريخ ونالت كاتالونيا قدرا لا بأس به من الاستقلالية،ما زال نادي برشلونه ينهل من ذلك التاريخ ويستغل مظلومية كاتالونيا التاريخية لصالحه.
فالنادي يطالب لاعبيه وانصاره على حد سواء بدرجة من الولاء والتعاطف لا يتمكن منها اي ناد آخر. اللاعبون - الاسبان منهم والاجانب - مطالبون بتحية كاتالونيا كلما خاطبوا المشجعين. قال لي احد انصار النادي إن على اللاعبين الاجانب ان يكونوا كاتالانيين، "فعليهم ان يشعروا كما نشعر نحن، يجب ان يحبوا كاتالونيا كما نحبها."
عند خروجنا من الستاد على صوت ووميض الالعاب النارية استوقفت رجلا وابنه كانا يرتديان ملابس برشلونه.
قالا لي انهما ليسا من كاتالونيا بل من الكاميرون، مسقط رأس مهاجم برشا السابق صمؤيل ايتو.
قال الوالد إن "برشلونه فريق عظيم. انه فريقي. سألته ان كان حبه للفريق يجعله يشعر بأنه جزء من هذه المدينة، فأجاب: "نعم، فهنا الجميع ينتمون الى اسرة واحدة."
من تجربتي الشخصية، استطيع ان اؤكد ما ذهب اليه.
فقد جئت الى برشلونه للمرة الاولى عندما كنت مدرسة للغة الانجليزية، ولم ابلغ حينها التاسعة عشر من عمري. ولم اكن افقه شيئا عن كرة القدم على الاطلاق.
ولكن في احدى الليالي، وبينما كنت اتناول طعام العشاء في بيت احد الاصدقاء يقع بالقرب من الكامب نو، سمعت صوت هتافات وتهليل الجماهير.
كنت اعلم ان البرشا كان يلعب خارج ارضه تلك الليلة، ولكن الهتافات كانت هي هي، وكأن الفريق يلعب على ارضه وبين جمهوره.
اما الاحتفالات التي تلت فوز الفريق - وكان الفريق يفوز كثيرا آنذاك، كما اليوم - فقد عمت المدينة برمتها. شعرت بأني يجب ان اكون جزءا من هذا الجو.
ليونيل ميسي - اسطورة من الاساطير الكثيرة التي خلقها نادي برشلونه
وكان ذلك زمنا ذهبيا لمشجعي البرشا، فقد كان موسم "فريق الاحلام" الذي خلقه اللاعب والمدرب الهولندي الاسطوري يوهان كرويف. ويعود لكرويف الفضل في ابتكار طريقة اللعب الساحرة التي تميز البرشا الى يومنا هذا.
وما زال البرشلونيون ينظرون الى كرويف نظرة الابطال رغم بلوغه الستين من عمره وانتهاء عهده بالتدريب.
ففي عام 1973، عندما كان يعد افضل لاعب في العالم، اختار كرويف الانضمام الى صفوف البرشا مفضلا الفريق الكاتالوني على ريال مدريد. غير ذلك القرار حظوظ البرشا الى الابد.
وتحدى كرويف الحظر الذي كان يفرضه فرانكو على الاسماء الكاتالونية فاطلق على ابنه اسم جوردي، تيمنا بالقديس جوردي الذي يتبناه الكاتالانيون.
وكان لكرويف الفضل في تأسيس اكاديمية نادي برشلونه للشباب التي تخرجت منها اجيال من اللاعبين الذين اذهلوا وامتعوا جمهور النادي وجمهور الكرة عموما ومازالوا.
تقبل الاكاديمية الصبية من عمر 11 عاما، ولا تلقنهم فنون الكرة فحسب، بل تدربهم على التواضع والتعاون والالتزام. وهذا سبب آخر للفخر الذي يشعر به مشجعو البرشا ازاء فريقهم. فكما قالت لي احداهن: "نادي برشلونه عبارة عن اسرة، فهم يدربون لاعبيهم لكي يكونوا بشرا محترمين."