الإخوان المسلمون والنصر والتمكين

الناقل : abdelsamei ali | الكاتب الأصلى : علاء محمد عبد النبي | المصدر : www.ikhwanonline.com



علاء محمد عبد النبي

بقلم: علاء محمد عبد النبي

طبَّقت مصر على مرور السنين الماضية النظام الرأسمالي، والنظام الاشتراكي، والنظام العلماني، وغيرها ونادى الكثير بتطبيق الإسلام كمنهج للحياة الذي لا يختلف عليه اثنان، ولكن تطبيق الإسلام يحتاج إلى تربة صالحة ونفوس مهيأة للتطبيق العملي.

 

وبعد قيام ثورة 25 يناير، وزوال حكم الطاغية, فرعون هذا الزمان، وزوال دولته الظالمة، نَعِم شعب مصر الحر الأبي بالنصر, ومُنح الحرية والأمان وإفساح المجال للفكر الحر، وتقدم الإخوان المسلمون بإنشاء حزب "الحرية والعدالة"؛ ليكون الوجهة السياسية للجماعة للمشاركة في نهضة مصر، ودفعًا للمخاوف من أن الإخوان بذلك سيشكلون الحكومة بعد دخولهم انتخابات مجلس الشعب وتكون لهم الغالبية التي تمنحهم الحق في تشكيل الحكومة وبذلك سيطبقون الشريعة الإسلامية التي لا ينظر إليها الشعب إلا على أنها قطع الرقاب، والأيدي وإقامة الحدود.

 

لذلك أعلن الإخوان المسلمون أنهم لن يرشحوا أحدًا من الجماعة للانتخابات الرئاسية، كما أنهم لن يساندوا أي مرشح من الجماعة خالف هذا القرار، كذلك فهم سيشاركون بنسبة من45 إلى 50% في انتخابات مجلس الشعب على أساس المشاركة لا المغالبة؛ فلماذا لا يدخلون انتخابات الرئاسة، ويشاركون بالغالبية لتمكين شرع الله في الأرض؟
وهنا تذكرت قول الله تعالى ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ (6)﴾ (القصص).

 

وقال الإمام ابن كثير في تفسيره: "لقد سلط على بني إسرائيل هذا الملك الجبار العتيد (فرعون) يستعملهم في أخس الأعمال، ويكدُّهم ليلاً ونهارًا في أشغال رعيته، ويقتل مع هذا أبناءهم، ويستحيي نساءهم؛ إهانةً لهم واحتقارًا لهم, وخوفًا من أن يوجد منهم الغلام الذي كان قد تخوف هو وأهل مملكته منه يكون سبب هلاكه وذهاب دولته على يديه، وكانت القبط قد تلقوا هذا من بني إسرائيل فيما كانوا يدرسونه من قول إبراهيم الخليل عليه السلام حين ورد الديار المصرية، وجرى له مع جبَّارها ما جرى حين أخذ سارة ليتخدها جارية، فصانها الله منه، ومنعها منه، بقدرته وسلطانه، فبشر إبراهيم عليه السلام ولده أنه سيولد من صلبه وذريته من يكون هلاك مصر على يديه، فكانت القبط تحدث بهذا عند فرعون فاحترز فرعون من ذلك وأمر بقتل ذكور بني إسرائيل، ولن ينفع حذر من قدر؛ لأن أجل الله إذا جاء لا يؤخر ولكل أجل كتاب.

 

أراد فرعون بحوله وقوته أن ينجو من موسى فما نفعه من ذلك مع قدرة الملك العظيم الذي لا يخالف أمره القدري ولا يغلب، بل نفذ حكمه، وجرى قلمه في القدم بأن يكون هلاك فرعون على يديه, بل يكون هذا الغلام الذي احترزت من وجوده وقتلت بسببه ألوفًا من الولدان إنما منشؤه ومرباه فراشك وفي دارك, وغذاؤه من طعامك وأنت تربيه وتدللـه, وحتفك وهلاكك وهلاك جنودك على يديه، لتعلم أن رب السموات العلا هو القاهر الغالب العظيم القوي العزيز الشديد المحال الذي ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن".

 

هكذا هي نهاية كل ظالم متجبر متكبر متجبر، وعلى النقيض أن الله سبحانه وتعالى يمكن للفئة المؤمنة التي كانت تطيعه وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر الصابرة على الابتلاء والمحن التي محصها الله بها حتى جاءت ساعة النصر والتمكين، فزال فرعون مصر قديمًا وحديثًا.

 

ولسان حال شعب مصر يردد قائلاً: ﴿قَالُواْ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (129)﴾ (الأعراف).
فكان الهلاك لعدونا واستخلافنا في الأرض والتمكين لعباده الصالحين، ولكن هذا التمكين لا بد له من أهداف:

 

من أهداف التمكين ما يلي:

- أن يتمكن المجتمع المسلم من إقامة سلطة سياسية تستند إلى مبادئ واضحة وقواعد بينة وأصول متينة، وتستمد تلك القواعد والأصول من القرآن الكريم ونظام الحكومة في عصر النبي- صلى الله عليه وسلم- والزمن الراشدي؛ حيث ساد القانون الإلهي، والعدل بين الناس, والمساواة, وظهرت مسئولية الحاكم، والرعية، وطبق نظام الشورى، وإقامة نظام الحياة الإسلامية على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله، والجهاد في سبيله، وإقامة الحدود... إلخ، وقد كان ذلك كله ترجمة عملية لقوله تعالى:

﴿الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41)﴾ (الحج).

 

كما يقول الدكتور مصطفى السباعي- رحمه الله-: "إن الآية الكريمة تصرح بالنتائج التي تترتب على انتصار المؤمنين في هذا القتال المشروع، فهي ليست استعمار الشعوب، ولا أكل خيراتها، ولا انتهاب ثرواتها، ولا إذلال كرامتها، وإنما هي نتائج لمصلحة الإنسانية، ولفوائد المجتمعات فهي:

1- لنشر السمو الروحي في العالم عن طريق العبادة ﴿أَقَامُوا الصَّلَاةَ﴾.

 

2- ولنشر العدالة الاجتماعية بين الشعوب عن طريق الزكاة ﴿وَآتَوُا الزَّكَاةَ﴾.

 

3- ولتحقيق التعاون على خير المجتمع وكرامته ورقيه ﴿وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ﴾.

 

4- وللتعاون على مكافحة الشر والجريمة والفساد ﴿وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ﴾.

 

الإخوان المسلمون الآن مهمتهم أصعب عما قبل لأن الوطن محمل بالفساد الإداري والسياسي والاقتصادي وكل هذا على كاهلهم  فيجب من الشعب المصري كله حمل تلك الأمانة الثقيلة معهم ومعاونتهم في النهوض بها.فلا بد أولاً في المرحلة القادمة تأسيس البنية التحتية للدولة من أساس قوى يحمل دولة صالحة قوية وهذا يستلزم منا  الصبر والمثابرة.

 

فأعينوني

﴿قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (94) قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (95)﴾ (الكهف).

 

هذا هو المطلوب الآن من كل فرد داخل الصف خاصةً، ومن كل مصرى عامة، أن نعين بعضنا بعضًا على حمل المسئولية والنهوض بالبناء مع الأساس القوي ليرتفع البناء، وليس إعانة فقط عادية، ولكن بقوة، قوة لا تعرف الهوان أو الضعف، وكما قال أستاذنا الدكتور بديع المرشد العام للاخوان المسلمين في لقائه مع أهل المنيا "أروا الله من أنفسكم خيرًا".

 

* المطلوب العمل الجاد كل في ميدانه, وأن يتقي الله في إسلامه ودينه وعقيدته.

 

* وأن يعمل على أن لا يؤتى الإسلام من قبله.

 

* وأن يكون جنديًّا مخلصًا لعقيدته، وأن يشارك ما استطاع في العمل ورفع البناء حتى يأذن الله تعالى بالتمكين للإسلام والمسلمين.

---------

المراجع:

1- فقه النصر والتمكين: علي الصلابي.

2- المنهج الحركي للسيرة النبوية: علي الصلابي.

3- تفسير القران العظيم: ابن كثير.