مواطن فلسطينى يناضل للحصول على الجنسية المصرية: أنا نص مصرى.. والنص الفلسطينى لا يخدم القضية.. وزهقت من كلمة لاجئ

الناقل : elmasry | الكاتب الأصلى : أروى أيمن | المصدر : www.almasry-alyoum.com

كتب   أروى أيمن    ١٢/ ٥/ ٢٠١١


محمود يوقع طلب حصوله على الجنسية المصرية
لم يرث كثيراً عن والده، الذى غادره وإخوته إلى غزة، وقبل أن يغادرهم ترك لكل منهم وثيقة تنفى أى حق لهم فى مصر، وتوصمهم باسم «لاجئ».. وهو ما عانى لسنوات فى سبيل التخلص منه، ليس عن جحود للوطن الأم فلسطين، لكن عن قناعة بأنه مصرى.
 
 
ربما تتشابه أو تتطابق معاناته مع مئات بل آلاف غيره، شاءت ظروفهم أن يولدوا لآباء فلسطينيين وأمهات مصريات، لكنه تميز عن هؤلاء جميعاً، بدأ البحث عن سبيل يخلصه من وصمة «لاجئ» ويعيد إليه حقوق المصرى، لذا لا يندهش موظفو مصلحة الجوازات فى مجمع التحرير من حضوره شبه اليومى منذ الثامنة صباحاً للبحث عن مخرج من الأزمة التى طالت ٢٦ عاماً هى عمره.
 
على سلالم المجمع، يقف محمود حسن ليلتقط أنفاسه، ثم يواصل رحلته إلى الطابق الأول ومنه إلى الثانى، وفى طريقه يحييهم: «صباح الفل يا عم محمد، ادعى لى ربنا يسهلها النهاردة»، يبتسم محمد وهو يرد السلام: «ياريت كل الفلسطينيين يبقوا زيك».. فيكتئب حسن ويرد عليه: «برضه فلسطينى، يا عم محمد أنا باجى هنا كل يوم عشان أبقى مصرى، والله مصرى».
قبل ٣٠ عاماً، فطن جد حسن لوالدته إلى المشكلة التى يعانى الحفيد وإخوته منها، إذ رفض وبشدة زواج ابنته من فلسطينى، لكن والدة حسن أصرت على الزواج من والده.. لم يشعر حسن بأزمة كونه مصرياً - فلسطينياً، إلا بعودة والده إلى غزة قبل ٧ سنوات، إذ أصبحت والدته الموظفة البسيطة العائل الوحيد للأسرة.
وبما أنهم مجموعة من الإخوة اللاجئين، أصبح على الأم مهمة شاقة، هى توفير مصروفات التعليم والإقامة والعمل لهم، ورغم محاولاتها تحقيق كل هذا، فقد فشلت فى الجانب الأكبر منه، إذ ارتضى «حسن» الحصول على شهادة ثانوية فنية ومعهد للكمبيوتر واللغات غير المعتمد من وزارة التعليم، وتدبر والدته مصروفات الإقامة وكلها بالعملة الصعبة، وتبقى مشكلته الأكبر فى العمل، فالوظائف إن وجدت تذهب للمصريين لأنهم الأولى، فضلاً عن حاجته لاستخراج تصريح عمل سيكلفه مبلغاً لا تلبيه ظروف أسرته.
«الحاجة أم الاختراع».. هكذا قال لنفسه وهو يستخرج تأشيرة سفر للسعودية باعتباره معتمراً، فهى الطريقة الوحيدة التى يستطيع بها السفر خارج مصر بتلك الوثيقة التى لا تعترف بها أغلب دول العالم، ربما يحالفه الحظ بالعثور على وظيفة فى السعودية، فلم تفلح محاولته، بل تم القبض عليه، وقتها انتظر أن يتم ترحيله إلى مصر، لكنه للأسف لا يملك ما يثبت أنه مصرى.
وبإحساس مصرى صادق، شارك فى ثورة يناير، لاعتبارات يراها وجيهة من وجهة نظره: «كنت حاسس إن النظام لو مشى هاعرف آخد الجنسية، وزى أى مصرى كنت مظلوم ومش عارف أعيش».. وهو ما دفعه أيضاً إلى خوض حرب إثبات الوجود، والبحث عن الفلسطينيين من أمهات مصرية ودعوتهم إلى تنظيم مظاهرة يوم عيد الأم الفائت أمام مجمع التحرير، للمطالبة بحقهم فى الحصول على الجنسية، بناءً على القانون الذى صدر فى ٢٠٠٤ ويعطيهم الحق بذلك، وكان يتم رفض أوراقهم دون سبب معلن، وبالفعل استطاع الوصول إلى عدد من الأسر فى عدة محافظات.. لكن - وحسب قوله - «البركة فى أمهات الشرقية، اللى فضلوا واقفين فى المظاهرة حتى والدنيا بتمطر».
«بمنطق الجعان يحلم بسوق العيش»، أطلق حسن العنان لأحلامه، التى يتمنى تحقيقها بمجرد امتلاكه ما يثبت أنه مصرى، أولها: إقامة حفل للحاصلين على الجنسية مثلى، بعدها هاكمل تعليمى فى الجامعة المفتوحة، وأخيراً هاخطب أى بنت مصرية، خلاص ماعدش لأبوها حجة، ما أنا بقيت مصرى زيه، وإن شاء الله لما أخلف هادخل ابنى كلية الشرطة»، ولا يجد حسن غضاضة فى التخلى عن الجنسية الفلسطينية، إذ تربى وعاش فى مصر، لكنه يعتبر أن فلسطين قضية كل عربى، ولا يشترط لمن يهتم بها أن يكون فلسطينياً.