المصالحة لم تكن مفاجئة.. الجديد هو (إرادة إنهاء الانقسام)
الناقل :
elmasry
| الكاتب الأصلى :
الشرق المصرية
| المصدر :
www.shorouknews.com
-
فتح عزام الأحمد
استنتاجات وتساؤلات وتحليلات اطلعت عليها فى أثناء وجودى فى القاهرة طيلة الأسبوع الأخير، قرأتها فى بعض الصحف المصرية، فيها الكثير من المغالطات والمعلومات غير الموضوعية. وهذا ربما لنقص المعلومات.. كان آخرها ما قرأته للكاتب فهمى هويدى فى جريدة «الشروق» الصادرة بتاريخ 1 مايو تحت عنوان «سقط مبارك ونجحت المصالحة».
كنت أتمنى أن يتجه الكتاب الذين تناولوا موضوع المصالحة الفلسطينية فى كتاباتهم إلى الابتعاد عن أسلوب التشكيك والسلبية وإطلاق الأحكام الجائرة فى استنتاجاتهم، والتوجه نحو تشجيع القوى الفلسطينية على أخذ العبر والدروس من حالة الانقسام التى واجهت الشعب الفلسطينى منذ أربع سنوات، وخصوصا الأضرار الفادحة التى لحقت بالقضية الفلسطينية نتيجة ذلك، وخصوصا استغلال ورقة الانقسام من الجانب الإسرائيلى للتهرب من تنفيذ استحقاقات عملية السلام.
ويجب ألا نتجاهل أن إسرائيل استغلت الانقسام فى التشكيك بالتمثيل الفلسطينى والإسراع بعمليات التوسع فى الاستيطان بالضفة الغربية والقدس واستكمال بناء جدار الفصل العنصرى وتهويد القدس.
إن الانقسام الذى حصل فى الساحة الفلسطينية جريمة بحق الشعب الفلسطينى وقضيته الوطنية، التى كاد الانقسام يعصف بها.
ولعل التصريحات المتكررة التى أطلقها أفيجدور ليبرمان، أشد قادة إسرائيل تطرفا وتنكرا للحقوق الفلسطينية، والتى كان يرددها بالتأكيد على ضرورة العمل على ما اسماه «قبرصة الحالة الفلسطينية»، وكل هذا لتتوافر كل الشروط المطلوبة للتهرب من عملية السلام من قبل إسرائيل والحيلولة دون قيام دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس.
كما أن حلفاء إسرائيل وفى مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية اتخذوا من الانقسام ذريعة للتهرب من استحقاقات عملية السلام.
وفى سياق الحديث عن اتفاق المصالحة، هناك تساؤل يجول فى خاطر البعض: ما الذى حدث حتى تم الاتفاق بهذه السرعة؟
ونجيب بأن الاتفاق لم يتم فجأة، لأن الحوار الذى جرى برعاية مصرية وبدعم عربى استمر نحو عامين، سبقته جهود سودانية وتركية وفلسطينية وغيرها، وسابقا تم البحث والتداول المستفيض للقضايا كلها، ولكن إرادة إنهاء الانقسام لم تكن موجودة داخل الساحة الفلسطينية، والآن نريد الحفاظ على الأجواء الإيجابية القائمة، ومن هنا بعد أن اتفقنا لا نريد أن نطرح من هى هذه الأطراف.
ولكن لا بد من القول إن مواقف هذه الأطراف لم تكن معزولة عن المحيط الإقليمى، حيث لعبت بعض الجهات دورا تخريبيا فى جهود المصالحة، وكان لها مصلحة فى استمرار الانقسام لأغراض وأهداف لا علاقة لها بالمصالح الوطنية الفلسطينية.
وهنا يطرح السؤال ــ كما يردد ذلك الكثيرون: أين كانت مصر ومواقفها من هذه المصالحة وهى التى ترعى الحوار؟.
وأنا بصفتى أحد المشاركين فى الحوارات والاتصالات التى جرت فى الخرطوم وعمان وأنقرة وبيروت ورام الله والقاهرة وغزة، أقول بكل وضوح: لو توافرت الإرادة لدى الأطراف الفلسطينية لما تعثرت عملية المصالحة، ومصر احتضنت الحوار الشامل بمشاركة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، وحركتى حماس والجهاد الإسلامى، بداية شهر فبراير/ أبريل 2009، ثم رعت الحوار الثنائى بين حركتى فتح وحماس، وبعد ذلك أعدت ما يسمى «الورقة المصرية»، وهى فى الحقيقة إجمال لما اتفق عليه بين الفصائل الفلسطينية واقتراحات مصرية لتجاوز الخلاف فى بعض بنود الورقة بعد زيارات لمسئولين مصريين لكل من رام الله ودمشق، وطلبت مصر فى حينه من حركتى فتح وحماس أولا التوقيع على هذه الورقة دون تعديل أو تغيير أو ملحق..الخ، ليتبع ذلك التوقيع عليها من جميع الفصائل التى شاركت فى الحوار، وحددت مصر جدولا زمنيا لإنجاز ذلك، وقامت حركة فتح بالتوقيع على تلك الورقة فى الموعد المحدد يوم 15/10/2009، على الرغم من الضغوط الأمريكية الهائلة التى تعرض لها الرئيس أبومازن، بما فى ذلك التهديد بقطع المساعدات التى تقدم للسلطة الوطنية الفلسطينية، وقد رفضت حماس فى حينه التوقيع على الورقة.
ولأننى أنا من وقع على هذه الورقة باسم حركة فتح، أبلغت القيادة المصرية فى ذلك الحين أن هناك انحيازا لوجهة نظر حركة حماس فيما يخص «الأمن» فى صياغة الورقة، وهذا ما أعلنته حينها فى تصريحات لوسائل الإعلام الفلسطينية، وأثارت غضب واحتجاج السفير المصرى لدى فلسطين؟، فأى انحياز ضد حماس يتحدث عنه السيد فهمى هويدى!!، إننى أذكر بتصريح أدلى به القيادى فى حركة حماس وعضو وفدها للحوار السيد إسماعيل الأشقر، قبيل اجتماع حركتى فتح وحماس فى دمشق فى التاسع والعاشر من نوفمبر 2010، والذى نشر فى مواقع حماس الرسمية، وأكد خلاله أن «حماس ليس لديها أى تحفظ على ما ورد فى موضوع الأمن، الذى ورد فى الورقة المصرية»، والتصريح موجود فى أرشيف هذه المواقع ويمكن الرجوع إليه.
وهذا التصريح غريب أو مستغرب بالنسبة إلينا، لأن حماس هى من صاغت الاتفاق مع مصر فى هذا الجزء «الأمن»، فأى انحياز يتحدث عنه السيد هويدى من قبل مصر لصالح وجهة نظر حركة فتح؟!.
لا أريد أن أستعرض مواقف الجميع، سواء أكانت فصائل أم دولا من عملية المصالحة الآن، بعدما تم الاتفاق والتوقيع عليه من حركتى فتح وحماس، وسيتوالى توقيع بقية الفصائل عليه، لنحتفى جميعا بالنهاية يوم 5/5/2011 م، بإعلان هذا الاتفاق.
وبما أننا اتفقنا أوضح أنه تم بالنهاية التوقيع على «الورقة المصرية» التى أعدت قبل يوم 15/10/2009، كما هى دون تعديل أو تغيير أو إضافة، وللأسف بعد إضاعة أكثر من سنة ونصف، كما تم التوقيع على محضر اجتماع بين حركتى فتح وحماس تضمن تفاهمات حول ملاحظات على بعض النقاط الواردة فى الورقة المصرية.
ونحن فى حركة فتح بالنسبة لنا لا نعتبر هذه التفاهمات تغير شيئا فيما ورد فى الورقة المصرية نفسها، لأن التفاهمات تضمنت كيفية تنفيذ ما ورد فى الورقة حول تشكيل لجنة الانتخابات، ومحكمة الانتخابات، وملف الأمن وملف منظمة التحرير الفلسطينية، وهى مسائل تم الاتفاق عليها فى شهر سبتمبر الماضى فى اجتماعات دمشق التى جرت العام الماضى بترتيب من قبل الوزير عمر سليمان بين حركتى فتح وحماس، وأضيف لها ما ورد فى مبادرة الرئيس أبومازن حول تشكيل حكومة من كفاءات وطنية مستقلة، وموعد إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطنى الفلسطينى وفق إعلان القاهرة عام 2005، وفى ضوء ذلك نسأل السيد هويدى، أين الجديد الذى تم ما بعد نظام الرئيس السابق حسنى مبارك، وبخاصة أنك تحدثت فى مقالك بأن ما ساهم فى التوصل للاتفاق أن الرئيس أبو مازن فقد حليفه وسنده، مبارك؟!.
إن سند فلسطين وشعبها وقضيته فى مصر هو الشعب المصرى، وهذا الشعب كان ومازال وسيبقى فى كل المراحل مساندا لفلسطين، وحقائق التاريخ تؤكد ذلك، والدعم لا يرهن أو يرتبط بأشخاص.
وكما قال كل المفكرين والقادة المصريين سابقا منذ عشرات السنين، واليوم بعد ثورة 25 يناير 2011، إن ثوابت مصر لا تتغير بتغير أنظمتها وحكامها، أتعرف هذه الحقيقة يا سيد هويدى؟!.
أتمنى أن يتوقف السيد هويدى وكل الكتاب عن تناول موضوع المصالحة الفلسطينية بهذه السلبية، وأدعوهم لقول كلمة حق، وإبراز ايجابيات الاتفاق الذى تم، والاتفاق كله إيجابيات ولنسمع نصائحكم وآراءكم، ونحن بحاجة لها كفلسطين فيما يخص كيف نحفظ وحدتنا وننفذ الاتفاق على الأرض، وعدم وضع عقبات أو عراقيل أمام تنفيذه بما يحمى الوحدة الداخلية الفلسطينية، ويحمى قضيتنا وحقوقنا، شعبا فلسطينيا وأمة عربية.