وهل نجح في تنفيذ جميع أهدافه؟ فقد ذكرت صحيفة واشنطن بوست أن الولايات المتحدة الأمريكية مازالت صامدة بينما اختفي زعيم القاعدة إلي الأبد, ويقول الكاتب عزرا كلين: إنه سأل ديفيد جارتنشتاين الخبير في مكافحة الإرهاب والمتخصص في أعمال تنظيم القاعدة: هل استطعنا هزيمة بن لادن؟ فجاء رده: لا.. بوضوح.أعلن جارتنشتاين أن بن لادن كان يمتلك استراتيجية واضحة لم نعبأ بأنفسنا لمحاولة فهمها أو نحاول ذات مرة أن ندافع عن العكس, فبن لادن, بصراحة, فعل ما اعتقد هو أن يستطيع فعله, وهو تخريب وإفلاس الولايات المتحدة.وأضاف أن بن لادن فعل ما خطط له في تخريب الاقتصاد, وبصورة خارقة لم يسبق لها مثيل, ولابد لنا من الاعتراف بذلك.انتقل بن لادن من أسرة ثرية إلي أن أصبح العقل المدبر للإرهاب في بداية الثمانينيات عندما حاول الاتحاد السوفيتي السابق احتلال أفغانستان, فكان بن لادن جزءا من المقاومة الناجحة, ليس فقط في ردع الغزو السوفيتي, ولكن بالمساهمة أيضا في انهيار الدولة الشيوعية العظمي بعد سنوات قليلة من المقاومة, حين حل بها الإفلاس بعد عشر سنوات.لقد استفاد بن لادن كثيرا من حملات المقاومة ضد السوفيت, وأهم هذه الاستفادات أنه إذا أردت تخريب دولة عظمي فعليك بإفساد اقتصادها وليس هزيمتها في ميدان المعركة.وجاءت خطة بن لادن تجاه الولايات المتحدة في السياق نفسه عندما تأكد من أن الدول العظمي لن تسمح لكرامتها أن تهتز, وبناء عليه ستعمل علي إفلاس نفسها بنفسها عندما تستمر في غزو كتل من صخور الجبال والرمال في أفغانستان. عمل بن لادن علي مقارنة الولايات المتحدة بالاتحاد السوفيتي السابق في نقاط عديدة, وكانت أبرز هذه المقارنات واضحة في الاقتصاد.وفي مقال آخر لجارتنشتاين عن السياسة الخارجية, أكد في مقال له أن بن لادن أعلن في أكتوبر عام2004 أن المجاهدين والمسلحين العرب استطاعوا تدمير روسيا اقتصاديا, أما الآن فتنظيم القاعدة يحتذي المسار نفسه مع الولايات المتحدة وأكد الاستمرار في طريق استنزاف الولايات المتحدة حتي الخراب.وأكد الكاتب أن النجاح بالنسبة لبن لادن بمعني آخر لم يكن مقياسه عديد الأجساد, لكن بإحداث عجز في تكاليف الاقتراض وفي الاستثمارات التي لم نكن قادرين علي صنعها في اقتصاد بلادنا القوي المستمر, لذلك تلك هي المقاييس التي زرعها بن لادن لتتحول إلي قنابل موقوتة. قام جوزيف ستيجليتز الحائز علي جائزة نوبل للسلام بتقدير تكلفة الحرب علي العراق وحدها لتبلغ3 تريليونات دولار علي الأقل, أضف إليها أفغانستان وتبلغ تريليون أو تريليوني دولار, ولم تقف المصروفات عند هذا الحد فقط, بل يجب إضافة تريليون دولار أخري في الحماية الأمنية داخل الولايات المتحدة بعد11 سبتمبر2001, علاوة علي التكاليف غير المباشرة لهذا الاضطراب. وأعرب بنك الاحتياطي الأمريكي وقتئذ عن قلقه من إحداث تضخم نتيجة الخوف المزروع, وانخفاض معدلات الفائدة بعد الهجمات علي مركز التجارة العالمي, ومن استمرار المصروفات لمكافحة الارتفاع الصاروخي لأسعار النفط. مرت هذه السنوات من السياسة المالية غير الحكيمة, وقد تكون أسهمت في الأزمة الائتمانية التي صدعت الاقتصاد في2007 و2008. وجاءت بعد أحداث سبتمبر مرحلة التباطؤ الاقتصادي وأوقات الانتظار الطويلة في المطارات, وخسارة عوائد الاستثمارات التي لم نصنعها, وكذلك تكلفة إعادة بناء الطابق الأرضي في مركز التجارة العالمي, وارتفاع أسعار النفط بسبب حرب العراق وقانون الرعاية الصحية. ويؤكد محللون أنه ليس من الإنصاف أن نقول إن بن لادن هو الذي كلفنا كل هذه الأموال, فنحن من قرر إنفاق تريليون دولار من أجل إجراءات الأمن الوطني لمنع حدوث هجمات أخري, ونحن من قرر غزو العراق كجزء من استراتيجية ما بعد الحادي عشر من سبتمبر, وإعادة تشكيل الشرق الأوسط, ونحن من قرر شطب مئات المليارات من عوائد خفض الضرائب في الوقت الذي نتورط فيه في حربين. وأضاف أن بن لادن لم يستطع تخريب اقتصادنا, لكن تمكن من استفزازنا للدخول في إفلاس أنفسنا. في النهاية يقول كلين: إن بن لادن فهم أخيرا عقلية الدولة العظمي بشكل جيد, حيث كان يختبئ عبارة عن جثة من اللحم والعظام في مخبأه بباكستان, وعندما هاجمته القوات الأمريكية, استخدم زوجته كدرع بشري, ربما يكونقد خسر لكنه نجح جزئيا.