التوجيه بشأن عدم الاهتمام بالدعوة والتعليم بحجة الانشغال بتحصيل العلم
الناقل :
SunSet
| الكاتب الأصلى :
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
| المصدر :
www.binbaz.org.sa
التوجيه بشأن عدم الاهتمام بالدعوة والتعليم بحجة الانشغال بتحصيل العلم
بعض طلبة العلم لا يهتمون بالدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتعليم الناس؛ بحجة أنهم مشغولون بتحصيل العلم والتفرغ لذلك، فما توجيه سماحتكم لهؤلاء؟
الواجب على من عنده علم أن يدعو إلى الله حسب طاقته، فكل من عنده علم وبصيرة من طريق الكتاب والسنة عليه أن يدعو إلى الله على حسب علمه، وأن لا يقدم إلا على بصيرة، قال تعالى:
قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي
[1]
. والقول على الله بغير علم جعله الله في المرتبة العليا من المحرمات، كما قال سبحانه:
قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ
[2]
، وأخبر سبحانه أن القول على الله بغير علم مما يأمر به الشيطان، فقال تعالى:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالًا طَيِّبًا وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ
[3]
. فالواجب على من عنده علم وبصيرة أن يدعو إلى الله بالطريقة التي رسمها الله لعباده في قوله سبحانه:
ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
[4]
فمن الحكمة العلم، قال الله سبحانه وقال رسوله صلى الله عليه وسلم، والموعظة الحسنة: يعني الترغيب في الجنة والأجر والسعادة والعاقبة الحميدة، والترهيب من عذاب الله وغضبه لمن ترك الواجب أو قصر فيه، أو ارتكب المحرم، ثم قال سبحانه:
وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
[5]
يعني الأسلوب الحسن في إزالة الشبهة وإيضاح الحق، وقال تعالى:
وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ
[6]
هذا وهم أهل الكتاب اليهود والنصارى؛ لأن الجدال بالتي هي أحسن من أسباب قبول الحق والخضوع له، والجدال بالعنف من أسباب النفرة عن الحق وعدم قبوله، ولهذا أثنى الله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بما منحه الله من اللين وعدم العنف في الدعوة، فقال سبحانه:
فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ
[7]
. فالواجب على الدعاة إلى الله أن يعتنوا بهذا الأسلوب الذي رسمه الله لعباده وأمرهم به، وأن يحذروا ما يخالفه، هكذا ينبغي للدعاة أن يتكلموا بالحق ويصدعوا به، ويصبروا على ذلك، لكن بالأسلوب الحسن، بالعلم والجدال بالتي هي أحسن، لا بالعنف والشدة، ولا بالتعرض لفلان وفلان، ولكن على الداعي أن يبين الحق ويدعو إليه بأدلته، ويبين الباطل ويدعو إلى تركه بأدلته، يريد ثواب الله والسعادة لا رياء ولا سمعة، بل يريد وجه الله والدار الآخرة.
[1]
سورة يوسف الآية 108.
[2]
سورة الأعراف الآية 33.
[3]
سورة البقرة الآيتان 168 – 169.
[4]
سورة النحل الآية 125.
[5]
سورة النحل الآية 125.
[6]
سورة العنكبوت الآية 46.
[7]
سورة آل عمران الآية 159.
لقاء مجلة الإصلاح مع سماحة الشيخ، نشر في مجلة الإصلاح في العدد (241) ليوم الخميس الموافق 27/12/1413 هـ - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء الثامن.