الانترنت وعلاقته بالثقافة والأدب !؟

الناقل : romeo2433 | الكاتب الأصلى : يحيى الصوفي | المصدر : www.almouhytte.com

الانترنت وعلاقته بالثقافة والأدب !؟

 

دراسة وبحث وتقديم: يحيى الصوفي

 

النشر الورقي... النشر الالكتروني

 

هل نستطيع القول بان الانترنت قد فتح مجالا واسعا للمواهب -على أنواعها- بمختلف انتماءاتها الطبقية والعرقية والاجتماعية لتعبر عن نفسها بهذا الشكل الصارخ ؟ قاذفة عبر هذه النافذة الساحرة بكل ما تحتفظ به -وتتحفظ عليه- من مخزونها العاطفي ووعيها الاجتماعي ورقيها الروحي ولما لا شذوذها وعقدها وأمراضها  النفسية دون أي تفكير في العواقب !؟.

 

هل هو مجرد لعبة جديدة وحديثة ووسيلة للتسلية وتعبئة لأوقات الفراغ تعوض -لبعض الميسورين من الناس في عالمنا العربي- على النقص الحاصل في الروابط الاجتماعية وتفكك الأسرة وفقدان الثقة والمحبة مع الغير نتيجة الثقافة الجديدة التي تغزو مجتمعاتنا ؟.

 

أم هو حاجة ماسة وضرورية لدى البعض لاختصار الزمن وطوي المسافات في البحث عن المعرفة بكل أشكالها (حتى الإباحية منها) ليشفي غليله من الحرمان الذي لحق به خلال سنين مضت كان مشغولا فيها بتحقيق نجاحه في عمله واعتناءه بعائلته !.

 

أم انه لم يكن -عند البعض الآخر- أكثر من فرصة جديدة تعوض لهم فرصهم الضائعة في تحقيق أحلامهم وأمانيهم للتعبير عن مواهبهم الدفينة المؤجلة في خضم معمعة الحياة التي أبعدتهم عنها لضروريات مهنية أو اجتماعية قاهرة !؟.

 

وما هو موقف المثقفون والكتاب العرب أمام هذه الظاهرة الجديدة (النشر الالكتروني) وهل يفي بحاجتهم الماسة للتواصل مع جمهورهم والتعريف بهم وبأعمالهم بديلا عن النشر الورقي... وهل يمس هذا النشر بهيبتهم وسمعتهم الأدبية وصورتهم الجديّة المحافظة والتي لم يبخلوا في الظهور والعناية بها أمام الملأ !؟.

 

كلها أسئلة تستحق مئات الصفحات من الدراسة والتمحيص والبحث في الجوانب الاجتماعية

والنفسية والاقتصادية التي أدت إلى هذه الفورة الغير طبيعية متمثلة بفيض هائل من المواقع الالكترونية الأدبية والأدباء والكتاب والشعراء لم نكن نعرفهم أو نعلم بوجودهم منذ حين !؟.

 

فهل هذه الحالة تعكس التطور الطبيعي المأمول للثقافة والمثقفون العرب ؟؟؟.

 

أم هي فورة عابرة تشبه ثورة البراكين الغاضبة بعد فترة طويلة من الاحتقان الاجتماعي والحرمان الاقتصادي والسياسي !؟.

 

يقول الأستاذ د. نضال صالح  في كتابه "القصة القصيرة في سورية قص التسعينيات" حول النشر الورقي في سوريا خلال عقد التسعينات بأنه يمثل (ذروة ما وصل إليه الخط البياني المحدد لمسار التجربة القصصية السورية، فقد صدر فيما بين عامي 1990 و 1999 ما يزيد على خمسمائة وتسع وعشرين مجموعة قصصية، لنحو مائتين وخمسين قاصاً وقاصة، أي بمعدل ثلاث وخمسين مجموعة كل سنة، ومجموعة كل سبعة أيام!! وقد بلغت هذه الذروة حدها الأعلى في السنة الأخيرة من التسعينيات، التي شهدت وحدها صدور نحو ست وسبعين مجموعة، أي مجموعة كل أربعة أيام تقريباً!!‏). ((الوضع السوري مثال عما يحدث في العالم العربي))

 

وقد أعاد أسباب هذا التوسع في النشر إلى عدة عوامل منها زيادة عدد دور النشر ومساهمة الدولة عبر اتحاد الكتاب العرب إلى نشر أعمال عدد من الكتاب الذين اثبتوا حضورهم ما قبل التسعينات هذا بالإضافة إلى المسابقات الأدبية المحلية والعربية !؟... وأنا رغم اتفاقي معه على ما ذكر أحب أن أضيف عدة ملاحظات حولها منها:

1-رصدي -من خلال زيارتي لعدد من معارض الكتاب- لتلك الظاهرة التعيسة للنشر الورقي حيث عكف الكثير من الكتاب إلى نشر عملين أو أكثر بأعداد لا تتجاوز المئات لإثبات حضورهم ومساعدتهم للانتساب إلى اتحاد الكتاب العرب !؟.

 

2-تكلف الكتاب شخصيا وعلى نفقتهم الخاصة بكامل الأعباء المالية مع ما يرافقه من توزيع مجاني لأكثر من ثلثي إصداراتهم كدعاية وهدية إلى أصدقائهم ومقربيهم !!!؟؟؟. بحيث لا يحصدون في النهاية أي اعتبار مادي أو معنوي إلا تحقيقهم لرغبات دفينة وأحلام جميلة لطالما راودت خيالهم !!!...(بعض الموزعون والمكتبات يتململون حتى بقبول أعدادا لا تتجاوز أصابع اليد تعرض عليهم مجانا مقابل عرضها ضمن كتبهم !!!؟؟؟.)(لان الدارج والأكثر طلبا هي الكتب المتخصصة في الطبخ والرياضة والجمال والتخلص من السمنة؟.)

 

3-النشر في الدوريات المحلية أو الإقليمية أو حتى المسابقات الأدبية على أنواعها وجهاتها تتم بانتقائية غريبة وتفاهم على توزيع الأدوار من خلال المنفعة المتبادلة والشخصية للقائمين عليها دون أي اعتبار للموهبة أو القيمة الفنية للعمل !؟...

 

4-غالبية من مارسوا الكتابة غير ممتهنين لها (لعدم مردودها المادي وكفالتها للعيش الكريم لمن يمتهنها) فهم يمارسونها كهواية لملء الفراغ لا أكثر ولهذا فلقد شهدنا كتاب يمارسون مهن مختلفة ولا يرتبطون بالكتابة إلا بالاسم !؟.

 

أما وقد حللنا في عصر النشر الالكتروني ودخول الانترنت الحياة العامة للناس -منذ أعوام قليلة لا تتعدى الخمس سنوات- كوسيلة بسيطة وسهلة تجعل من العالم المترامي الأطراف أكثر قربا من أي وقت آخر بحيث تضاءلت المسافات حتى أصبحت تشبه أي حي بسيط من أحياء أي مدينة... كل فرد فيه يعرف ويلتقي ويهتم ويحتفل مع أفراده الآخرين وكأنه على صلة قرابة بهم !؟. كان لابد للعالم العربي من مواكبة هذا التحول الحاصل في مجال الاتصالات واعتماد الانترنت والنشر الالكتروني من خلاله كواقع حتمي لا بد من مجاراته إذا ما رغب حقا في دخول هذا القرن جنبا إلى جنب مع الدول المتقدمة دون تأخير.

 

وقد مرت مرحلة النشر الالكتروني (الأدبي منها) بمرحلتين

الأولى: وتمثلت بما يشبه جس النبض أو الاختبار في التعامل مع هذا المجهول الجديد القادم إلينا من خلف الفضاء والمحمول إلينا عبر الأثير، لا يربطنا به سو خط هاتفي بسيط بكل ما يحمله هذا من غموض وخوف !... وقد كثرت وانتشرت في هذه المرحلة المنتديات في كل  أشكالها وكانت للأقسام الأدبية حصة الأسد فيها وظهرت كتابات تحمل تجارب جديدة لكتاب يتخفون وراء أسماء مستعارة خوفا من النقد أو امتحانا لمواهبهم ومقدراتهم الإبداعية من خلال رصد تأثيرها على القراء وردة فعلهم عليها.

 

والثانية: وهي مرحلة التخصص وظهور المواقع الملتزمة المتخصصة -ومنها الأدبية- بحيث أصبح الكتاب يتمتعون بالثقة الكافية في النفس ويظهرون مكشوفي الأوجه ويوقعون أعمالهم الأدبية بأسمائهم الصريحة.

 

ومع تطور هذه العلاقة الودودة بين الناشر (المواقع) من جهة وبين الكاتب والقارئ من جهة أخرى ظهر نوع من التآلف والتعاون فيما بينهما بما يشبه الاتفاق (العرف) على مبادئ عامة (وثيقة شرف) غير مكتوبة بين الطرفين يتبادل كل منهما مصلحته مع الطرف الآخر في حدود الاحترام المتبادل مستفيدين من الخبرة الجديدة في أصول التعامل مع الغير عبر الانترنت من خلال احتكاكهم وممارساتهم اليومية مع مفردات لبقة لم يعهدوها من قبل.

 

وهو ما سهل انتشار وتطور هذا النوع من المواقع والمنتديات لملء هذا الفراغ الحاصل في التعريف ونشر أعمال كتاب وشعراء وأدباء مغمورون يتمتعون بكثير من الموهبة وتمتاز أعمالهم بالكثير من الجراءة والصراحة والإبداع ولا ينقصها إلا يد أمينة مخلصة وصبورة تأخذ بهم بعيدا عن المحسوبية والبيروقراطية والتسلط التي امتازت بها المؤسسات الحكومية والرسمية وهو ما سهل قيام اتحاد كتاب الانترنت العرب بعد إن حلت المواقع الأدبية كموقع القصة السورية مشكلة النشر فأصبحت هي بدورها دورا للنشر الالكتروني كبديل عن دور النشر الورقية ؟.

 

ونظرة بسيطة على المواقع التي ازدهرت وانتشرت بشكل واسع في أوساط المتعلمين أو المثقفين في العالم العربي يعطينا فكرة واضحة عن هذا الفراغ الحاصل وفي شتى الميادين والحاجة الماسة لملئه خوفا من أن تحتكره الشركات الأجنبية صاحبة النفوذ والخبرة في هذا المجال مع يتبعه من مخاطر نفسية وأخلاقية واجتماعية عليها !؟؟؟.

 

وكان للمواقع الثقافية العربية والأدب العربي على وجه الخصوص مساهمة ملفتة للنظر تمثلت بآلاف المواقع والمنتديات العامة والشخصية والتي بدأت بهمة وحماس وإخلاص وانتهى الكثير منها ضحية الإحباط أو الملل أو مجرد القرف أو الإفلاس في الأفكار والموارد !؟.

 

أما القلة الملتزمة منها والتي تتبع في غالبها مؤسسات حكومية أو خاصة ولها كوادرها الفنية وإمكانياتها التقنية وميزانيتها المالية والتزاماتها الأخلاقية والوطنية كمصدر مهم ومتخصص للمعلومات، فهي تثير الإعجاب !. وتفرض الاحترام. ولو أن مصير هذا الجهد الهائل الذي يقومون به يبقى مجهولا وأسير أقراص مضغوطة -تحتاج دائما للصيانة والتحديث والعناية- لا نعرف مستقبل لها وهي رهينة كبسة زر من شركات أجنبية كبرى لا يهمها إلا الربح ولا نملك إلى الآن بديلا مستقلا عنها !!!؟؟؟. 

قد لا نستطيع القول بان معظم الهواة ممن اوجدوا لأنفسهم مكانا على الشبكة العنكبوتية العملاقة (خاصة المنتديات وهي تعد بالآلاف) قد تجاوزوا الفخاخ التي صاحبت انتشارهم. ودخولهم عالم الإثارة والفضائح من خلال تناولهم للشؤون العامة من زوايا رخيصة جدا وتافهة ومكررة وفقدان الضوابط الأخلاقية التي تعطيها المصداقية في عملها وهذا ما نأسف عليه وندينه مع ما يخلفه وراءه من خسارة جسيمة للأخلاق والمال وفساد في  جيل ناشئ كامل من هذه الأمة لا يتمتع بالحصانة الكافية من هذه الأمراض الجديدة القادمة من ما وراء البحار !!!؟؟؟.

 

2- موقع القصة السورية وتجربته في النشر الالكتروني (أنظر مكانة موقع القصة السورية ضمن الشبكة العالمية)

 

تقديم: 

كنت قد قدمت لموقع القصة السورية في أول يوم لانطلاقته في 01/10/2004 بكلمة العدد التالية:

((بطاقتي الشخصية

اسمي: القصة السورية

تاريخ ميلادي: هو اليوم الأول من شهر تشرين الأول(اكتو بر)2004

الوقت: في الصباح الباكر جدا رأيت النور.

كنت مجرد نطفة من فكرة عابرة كغيري من الأفكار الكثيرة التي تملأ ذهن والدي الروحي. والتي حظيت بقدر اكبر من الاهتمام عن غيرها لكي يتاح لي رؤية النور والتعرف على الحياة وخوض غمار تجربتها الرائعة. هل أنا محظوظة بان أأخذ مكان شاغر ينتظرني منذ أمد بعيد على هذه الشبكة العنكبوتية العملاقة ؟. هل أنا أهلا لهذه المهمة ؟. وهل أنا قادرة بما املكه من خيال وهمة ورغبة -في صنع هذا الحلم الجميل- على إتمام دوري على أكمل وجه ؟.

فاجمع من كتاب القصة العرب السوريين على مشاربهم وانتماءاتهم الثقافية ما يكفي لأضمهم إلى صفحاتي كما تضم الأم الحنون وليدها إلى صدرها.

ليكونوا بطريقة أو بأخرى ضمير القصة السورية يعبرون عنها بوضوح ويمثلونها بكل أباء وفخر ومسؤولية.

فأغنى بهم ويغنون بي، فأصبح دون تكلف شاهدة على وجودهم وإبداعاتهم،  أسهل لهم الطريق إلى معجبيهم وقراءهم والباحثين عنهم لإكمال دراساتهم ؟!.

فاكبر مع امتلاء صفحاتي بإبداعاتهم وإخبارهم ودراساتهم الأدبية، حتى ابلغ قدرا مهما من النضج والعطاء لا يستطيع بعدها أي كان الاستغناء عني.

هل انتم أهلا للعطاء على قدر أهليتي للوفاء.؟... هل ستحفظون المودة والحب والاحترام لي كما أحفظه لكم ؟. 

فاكتسب بوجودكم معي أبديتي وتكتسبون من أبديتي كل الخلود ؟... أرجو ذلك.

التوقيع: القصة السورية في يومها الرابع عشر من ميلادها من شهر تشرين الأول 2004))

 

ثم تابعت بعد أيام موضحا الإطار العام لفكرة إنشاء موقع القصة السورية ومكوناته وأهدافه عبر طرح السؤال التالي:

((لماذا القصة السورية ؟.

-موقع القصة السورية أحببته أن يكون حجر أساس لمشروع كبير وطموح يضم فيما يضم أعمال كتاب القصة العرب السوريون الراحلون منهم (ظلال) أو المعاصرون (معاصرون) يقدمهم ويعرف بهم وبسيرتهم الأدبية وتجاربهم في كتابة القصة (القصة، القصة القصيرة، القصة القصيرة جدا) ويقدم نماذج عن أعمالهم.

كما سيهتم بكتاب القصة "المبتدئين" الهواة منهم أو الذين سيتخصصون بها والتعريف بهم وتقديمهم ونشر بعض من أعمالهم (واثق الخطوة) وسنتطرق ومن خلال صفحة (دراسات) للتعريف بالقصة العربية بشكل عام وبالسورية بشكل خاص.(تاريخها، أصولها، ميزاتها، طريقة كتابتها، خصائصها الفنية والأدبية، الدراسات والكتابات النقدية حولها).

ومن خلال صفحة (أخبار) سنقوم بتغطية آخر أخبار القصة السورية وتقديم آخر الكتب المنشورة.

ولن ننسى بطبيعة الحال كتاب القصة العرب حيث سنقوم ومن خلال صفحة (ضيوف) باختيار وتقديم عدد منهم ونشر نماذج من أعمالهم.

وأخيرا سنطل ومن خلال صفحة (طيور مهاجرة) للتعريف بكتاب القصة العرب السوريين في بلاد الاغتراب أو المهجر.

ومن هنا أرى ضرورة المساهمة من قبل الكتاب والأدباء والصحفيين والمهتمين بالقصة السورية منذ نشأتها إلى يومنا بالمساهمة في تقديم أي مادة أدبية بهذا الخصوص.

أسماء كتاب، سيرة حياتهم، نماذج عن أعمالهم، الدراسات أو المقالات التي كتبت عنهم.

وسنقوم بعد الإطلاع عليها بنشرها في الصفحات المخصصة لها وذكر اسم مقدم المادة.

يدا بيد في بناء هذا المشروع الأدبي الجديد نتمنى من القلب تعاونكم ومساهماتكم مع فائق التحية. يحيى الصوفي جنيف في 10/10/2004))

 

ثم قمت لاحقا بإضافة أبواب جديدة كباب المنوعات الأدبية ومجلة القصة السورية وصفحات جديدة خصصت لكبار الكتاب العرب ومختارات من كتب التراث ومختارات من الأدب العالمي (التي لم يسعني إتمامها لضيق الوقت) وصفحة خاصة للزوار والتعليق على القصص وصفحة من بريد الموقع (الكتاب الذهبي) والذي نعرض من خلاله بعض الرسائل المختارة الواردة للموقع بهدف الإعلان أو نشر الخبر أو الإشارة لانضمام كاتب جديد أو أعمال جديدة، أو قد لا تكون أكثر من رسائل إعجاب ومحبة من بعض الأصدقاء والقراء والمخلصين للموقع والمتابعين لأعماله.

وأنا لا اتفق مع البعض والذي يعتبر في نشر بعضها تعدي على الخصوصية إلا إذا كان في بعض ما يكتب لنا هو شيء وما يضمر هو شيء آخر وهذا محض نفاق لا نريده.

هذا طبعا بالإضافة إلى صفحتي خريطة الموقع والبحث في الموقع واللتين هما من تصميمي وابتكاري الشخصي.

 

موقع القصة السورية مكتبة الكترونية عامة ذو طابع شخصي:

الحقيقة الكبرى في هذا المشروع الأدبي والثقافي تكمن في رغبتي في إعادة تأسيس مكتبتي الخاصة -التي ابتعدت عنها لسنوات بسبب غربتي الطويلة عن الوطن- وإضافة مخطوطات وكتب جديدة كنت ارغب في إضافتها إليها ولم يسعفني الحظ في ذلك.

هذا بالإضافة إلى رغبتي في إعطاء الوقت الكافي للهواية التي اعشق ألا وهي المطالعة. واستدراك الوقت الضائع في ترميم الهوة التي نشأت بيني وبينها، بفقدان وسائلها وبعدي عن مصادر إثرائها، والتي لم تتحقق إلا بظهور هذا العملاق الساحر في حياتنا "الانترنت" !؟. والذي سهل التواصل بين الجمهور الكبير الذي يضمه سواء أكان كاتبا أم ناشرا أم قارئا ؟!. زد على ذلك حاجتي إلى نفض الغبار عن كتاباتي وإخراجها من بطون الأوراق العتيقة لتأخذ مكانها الطبيعي فيها.

 

ولهذا كان لهذا المشروع ذلك الطابع الشخصي الواضح والذي نقرأه بسهولة من خلال تميزه عن باقي المواقع -رغم كونه موقعا ثقافيا عاما- وذلك باستخدامي لأبسط البرامج الالكترونية شيوعا. واعتمادي على الخبرة الشخصية المكتسبة من التعامل معها بتزويجها (تطعيمها) بميزات وتقنيات من برامج أخرى للتغلب على بعض المشاكل الفنية التي كانت تعترضني لأجعل منه موقعا متميزا كامل المواصفات -وبما يفي حاجتي منه- دون أي تدخل أو وساطة خارجية.

 

وأنا لا اخفي عليكم بأنني ومنذ بدأت ببث الموقع بشكل رسمي من خلال شركة أجنبية (لا توجد فيها كافة المواصفات المطلوبة للتعامل مع اللغة العربية) كان يصلني وباستمرار عروض من شركات عربية رائدة تقترح علي الاهتمام بالموقع وإعطاءه الصبغة الفنية العامة والتي تشتهر بها غالبية المواقع العربية مع كافة المميزات المعروفة بها، من التنقل بين الصفحات الرئيسة والتوقيع على دفتر الزوار والتعليق على المواضيع المنشورة. هذا بالإضافة إلى استخدام ميزة البحث في الموقع وتقنية بث المعلومات من نوافذ خاصة منزلقة والتصويت على بعض المقترحات والدخول -بأسم وكلمة سر- إلى الموقع لإضافة المواضيع والمقالات والنصوص الجديدة وغيرها كثير...

 

وفضلت حرصا على استقلاليتي في الحفاظ على الموقع بعيدا عن أي تدخل خارجي وحتى لا يقع رهينة السياسات والمزاجيات الخاصة لتلك الشركات -والتي كانت بعض المواقع تدفع ثمنا غاليا له قد يصل حد الإفلاس أو الإغلاق- من العمل على تطويره وإضافة المميزات الناقصة له عبر التحايل على المصاعب التي تعترضني في انجازها، حتى الوصول إلى الحد الذي يرضيني في تقديم خدمة مميزة وكافية تسهل للراغب في الوصول إلى المعلومة التي يريد دون أدنى مشقة.

 

وكنت أتساءل بيني وبين نفسي لما علي أن أشبه الآخرين ؟. وهل من الضرورة ولكي اظهر بمظهر المواقع الأخرى (التي تكتظ بالكتاب والمقالات والقصص والنصوص والأخبار والتي تشبه حالها حال الأسواق التجارية أو أسواق الخضار أو أماكن البيع بالمزاد العلني) -يرتادها نفس الأشخاص وتعرض فيها نفس المواضيع وتتسابق فيما بينها في عرض بضائعها وكلها متشابهة وذو طعم ونكهة واحدة !؟.- أن أضحي بهذه الخصوصية وهذا الوجه الثقافي المميز وهذا الطابع الذي يشبهني بشكل أو بأخر!؟. وكانت تراود مخيلتي -وأنا في خضم تساؤلي- صورة الشاحنات والعربات الملونة الرائعة الجميلة أو تلك الأحصنة البديعة بجدائلها الموشاة بالأشرطة والتمائم، وهي تعلو السراج المحبوكة بخيوط الحرير والذهب والمزينة بألوان الفرح التي تمتاز بها بلادي العامرة بالخير والحب والعطاء، والتي لا تشبه بأي حال من الأحوال أي شاحنات أو عربات أو أحصنة أخرى !؟.

لأعثر على جوابي ها هنا ينتظرني بكل حفاوة ومحبة وتقدير وهو يقول: ليس بالضرورة أن تشبه الآخرين وعليك الحفاظ على ما عزمت بنفس الهمة والنشاط والعشق لما تعمل، ولا يهم ما يسعى إليه البعض من تقليل شأن وأهمية ما تقوم به، فالمستقبل هو الحكم الفصل في ذلك... وسواء قبل الآخرون بك كما أنت ببراءتك وكبريائك... بعفتك وإخلاصك... بكرمك وصرامتك... أم لم يقبلوا !؟. فهي السنة التي مشيت عليها باختيار أصدقائك ومحبيك ومريدك من النخبة... ومن يختار صفاء عمله يصفي خلانه... حتى تصل مع من اختاروك ورضوا بك إلى الهدف السامي الذي تسعى إليه.

 

البحث عن رواد القصة:

وضمن هذا المفهوم كان البحث عن بعض الكتاب وعن أعمالهم -(خاصة الرواد أو الراحلون منهم أو أولئك الذين لا يملكون وسائل التواصل الحديثة كالانترنت)- لإضافة صفحات لهم ضرورة حيوية تحتمها كل مرحلة وخطوة من خطوات الموقع. وهي تتوسع وتضمر تبعا للموضوع قيد البحث. والهدف منه تصنيف (أرشفة) كتاب القصة وأعمالهم وإعطائهم المكانة والقدر الذي يستحقونه... انه بمثابة إخراج تحف نادرة من صناديق مهملة مغبرة وإعادة الحياة والرونق والبريق لها... وقد بدا ذلك ظاهرا أثناء تناولي لموضوع أدب المرأة وأدب الطفل.

 

ويكفيني فخرا بأنه وبمدة وجيزة أصبح موقع القصة السورية قبلة لكل طالب معرفة أو علم. ومصدر اقتباس لكل مريد، يتزود من واحته الغنية الغناء كل دارس للأدب ومحب للثقافة وعاشق لحرية الكلمة ومخلص لها.

 

وهو الموقع الوحيد بين المواقع الثقافية الذي يقدم ويعرف بالكتاب المتواجدين فيه بطريقة سلسة ومتتابعة بحيث نقرأ وعلى نفس صفحة الكاتب سيرته الذاتية ونتنقل بين أعماله، كما يمكننا وبنقرة بسيطة التحول إلى صفحة أخرى له لقراءة أعماله الغير قصصية إن وجدت وزيارة موقعه الشخصي أو مراسلته.

كما أنه الموقع الوحيد بين المواقع الثقافية الذي أوجد الروابط التي تصل اسم الكاتب بصفحته أثناء قراءتنا لدراسة أدبية أو خبر أو مقالة حتى يستطيع القارئ (خاصة من الجيل الجديد) التعرف على أصحاب الأسماء المذكورة فيها.

 

ترفع بعض الكتاب عن العناية بأسمائهم وبأعمالهم ؟: 

والملفت للنظر فيما يخص ترحيبي واهتمامي بالكوكبة الجديدة من الكتاب الذين ابدوا اهتمامهم في الانضمام إلى الموقع، أنهم لم يطوروا هذا التواصل وهذا الاهتمام !؟. وأن البعض منهم ولمجرد أن يطمئن على صفحته يختفي عن الأنظار ؟... أو يبادرك بين الحين والأخر برسالة فارغة تحمل مرفقا لعمل له حتى دون أن يلقي التحية ؟!... وقد تفاجأ بان رسالته تلك مرسلة وبنفس الوقت إلى عشرات المواقع الأخرى ؟؟؟!!!.

 

وبما إنني لست أكثر من هاو وأنشط بدافع حبي لما اعمل. ولست بوارد أن أضع نفسي في منافسة أو سباق مع أي من المواقع ثقافية كانت أم لا... ولا ابحث عن الثراء أو الانتشار ولا ارغب في حصد المديح أو الفوز بميدالية أو لقب، لم أتردد في التنويه بين الحين والأخر عن هذه الظاهرة محاولا تنبيه الكتاب إلى احترام أعمالهم وتعليمات النشر في الموقع دون أي نتيجة تذكر !؟.

 

وقد لا يكون سرا على احد هو قيامي بين الحين والأخر بحملة رد اعتبار للموقع من خلال إلغاء بعض الصفحات لكتاب لم يحسنوا تقدير تواجدهم فيه ولم يحترموا خصوصيته بكونه نافذة ثقافية متخصصة وليست "فترينة" للدعاية الشخصية.

 

ولهذا فلن يضيرني بأي حال من الأحوال تلك الظاهرة المعيبة لعشرات الرسائل الفارغة المرفقة بعشرات النصوص والأعمال الأدبية أو الصور الشخصية والتي تحط رحالها -عن خطا أو صواب- في علبتي البريدية في كل يوم ؟. وقد تعفف مرسليها حتى من تقديم أنفسهم أو سبب إرسالهم لتلك الرسائل الغامضة -رغم كثرة تنبيهنا إلى ذلك- !؟. (البعض منهم يراسل الموقع لأول مرة) وكأنهم وصلوا "نجم سهيل" بأعمالهم  والتي تشكل -شاءوا أم أبو- صورة عنهم وعن مستواهم الأخلاقي والثقافي والتي لن تلقى منا -إخلاصا للمبادئ التي اعتمدناها- إلا الإهمال.

 

وأنا أأسف ألا يدرك أي ممن يحاول الانتشار بهذه الطريقة بأنها طريقة خاطئة. وبان قلة فقط من رواد المواقع الأدبية أو المنتديات من يهتم أو يقرأ أعمالهم لأنها منتشرة إلى درجة الإسفاف (نظرة بسيطة على عدد قراء صفحاتهم يكفي) هذا طبعا إذا وجد من يقرأ.؟

 

ومن هذا المنطلق وكون الموقع لا يشكل بالنسبة لي أكثر من مكتبة شخصية غنية بكل المعارف، ومفتوحة لكل راغب من الاستضافة والتنعم بفيئها... اعتني به كما يعتني كل متيم بها، فلن أجد ضيما وعند أول فشل لتجربتي هذه -والتي لا ارجوها خدمة للهدف السامي الذي نويت- من أن أفض خيمتي وامتطي ظهر بعيري لأتجول في صحرائي (أحلامي) الرحبة المعطاءة.

 

فأن من حسنات المعلوماتية في عصرنا أن تستطيع ضم مكتبتك (موقعك) على قرص مضغوط صغير لتطالعه كيف شئت ومتى أردت بنفس المتعة والرضا.

(أنظر مكانة موقع القصة السورية ضمن الشبكة العالمية)