تعليم المستقبل: طلاب بلا حقائب
ينشر المعلم إعلاناً عن موقعه بالشبكة العنكبوتية http://www.------.edu على شبكة الإنترنت الدولية مبيناً رغبته في إلقاء درس الجيولوجيا، ويطلب من تلاميذه موافاته في المكان والزمان المحددين على الشبكة، وكتابة أسمائهم وعنوان البريد الإلكتروني لهم في الموقع. يبدأ المعلم الدرس عن حركية الصفائح بعد أن أعد المراجع المطلوبة من موسوعات الوسائط المتعددة، وتبدأ عملية إثارة الدافعية في العملية التعليمية بعرض صور متحركة ممزوجة بالأصوات الطبيعية للبراكين الحية في سلسلة الجبال البازلتية في وسط المحيط الأطلسي، ثم نقلة أخرى إلى جبال الانديز في أمريكا الجنوبية، ونقلة أخرى إلى قاع المحيط الهادي ليشرح عن تيارات الحمل الدورانية التي تحرك جذور القارات، ثم يطلب المعلم من أحد علماء الجيولوجيا شرح النظرية لتلاميذه وتبدأ عملية المحاورة بكتابة الأسئلة على الشاشة، وتتم الإجابة عليها فوراً من العالم الجيولوجي أو من المعلم وهو جالسون في مكاتبهم أمام الكومبيوتر في دول مختلفة تفصلهم آلاف الأميال ويرى بعضهم بعضا. إن ما كتب بعاليه ليس خيالاً علمياً بل هو حقائق مثبتة في دول العالم المتقدم على شبكة الإنترنت، وهم يدخلون القرن الحادي والعشرين بكل قوة وتنافس في إطار ما يعرف بمفهوم "العولمة". مدرسة المستقبل: سيتقدم الطالب إلى المدرسة الابتدائية التي يرغب التسجيل بها، ولا يحمل أي ملف أو إثباتات بل سيجري له فحص طبي في العيادة لقياس نسبة ذكائه، واختبار عن المبادئ الأساسية للكمبيوتر التي تعلمها من والديه، ثم يطلب مسجل المدرسة رقم السجل المدني، ويتم تسجيل الطالب آلياً ويطلب منه الحضور في بداية العام الدراسي. ستسلم له المدرسة حقيبة بها كومبيوتر نقال، ويطلب منه تسليمها نهاية العام الدراسي وذلك لاستلام الجيل الأحدث منه تطوراً العام التالي، سيستلم الطالب أيضاً المناهج الدراسية وهي عبارة عن أقراص مضغوطة، وهي مدعومة بنظام صوتي وبصور ثلاثية الأبعاد، وسيدخل الفصل الدراسي ويجد على مكتبه ثلاثة مفاتيح كهر بائية، واحد للتيار الكهربي للكومبيوتر، والثاني خط الاتصال مع كومبيوتر المعلم، والخط الثالث للاتصال الصوتي مع زملائه، وسيبدأ المعلم الدرس بالكومبيوتر المركزي في الفصل، وسيتم التحاور باستخدام تقنية الاتصال بالألياف الزجاجية عند قيامه بحل الواجبات المنزلية، وسيتصل بزميله عبر الكومبيوتر باستخدام بطاقة (PCMCIA modem) وسيشاهدان بعضها على أيقونة صغيرة في الجهاز باستخدام أدوات نظام فيديو المؤتمرات المتصل بالهاتف الجوال، حيث يمكنهما تبادل المعلومات واستقبالها من أي مصدر وفي أي مكان. سيقيّم الطالب في الاختبارات المدرسية في مراحل لاحقة عن طريق مشروع علمي يقوم به، ويصور بتكنولوجيا الكاميرات الرقمية عالية النقاء وتثبت في الكومبيوتر. نجاحات النظام التعليمي في اليابان: و شرح معرض سولن الدولي الذي أقيم مؤخرا في طوكيو كثيراً عن تطبيقات تكنولوجيا التعليم في المستقبل حيث تخطو اليابان في ذلك خطوات واسعة، وتدير وزارة التربية ذات الصلاحيات الكبيرة على كل البناء التعليمي الياباني الذي يشمل 3.1 مليون معلم يدرسون نحو 27 مليون طالب في نحو66.000 مدرسة، والأمية لا تتجاوز نسبة (0.7%)، كما يحصل الطفل الياباني على نتائج عالية في الاختبارات الدولية التي تقيس القدرات في الرياضيات والعلوم أكثر من الطفل الأمريكي والبريطاني والفرنسي وغيرهم من الجنسيات الأخرى. أما طالب المرحلة الثانوية البالغ من العمر 14 عاماً فيكون قد تعرض لتعليم لم يتعرض له طالب أمريكي إلا إذا بلغ من العمر 17 أو 18 عاماً، كما تتقدم اليابان على الصعيد العالمي في نسبة العلماء والمهندسين (60.000 لكل مليون نسمة)، وينخرط نحو (800.000) ياباني في مراكز الأبحاث والتطوير، وهذا العدد تجاوز ما لدى بريطانيا وألمانيا وفرنسا مجتمعة معاً. ويعتبر المعلمون في اليابان كنزاً قيماً، فالشعور بالانتماء إليهم قوي، وفي كل عام يتقدم المزيد من طالبي وظائف التدريس الأكثر أهلية لوظائف شاغرة. المنهج الدراسي المتقدم إن التربية هي عملية تنمية متكاملة لكل طفل إلى أقصى حد تسمح به إمكاناته في جميع جوانب النمو في توازن كامل وفي إطار متطلبات المجتمع وإمكاناته، وذلك لإعداد النشء لتحمل دور الكبار. ويمكن اختصار مزايا المنهج الدراسي في الدول المتقدمة في النقاط التالية: 1. المواد الدراسية هي وسيلة لتحقيق النمو المتزن، وطرق التدريس متنوعة، وتحتاج إلى وسائل تعليمية، ولا بد للمدرس أن ينمو وظيفيا حتى يواكب التغيرات المستجدة. 2. تغير دور المدرس من مجرد الناقل والمصدر الوحيد للمعلومات إلى وسيلة لتوضيح المعلومات ومرب ومعلم للقيم والعادات، وأصبح دوره هو اكتشاف المواهب وتنميتها وصقلها عن طريق الفهم والاستيعاب. 3. الطالب هو محور العملية التربوية، وأصبح لا يحفظ دون أن يناقش، لأن التعلم لا يأتي إلا من الفرد نفسه. 4. الكتاب المدرسي أحد وسائل فهم المادة، ويسترشد المعلم به ليفتح للطالب فرصة المعرفة المباشرة باستخدام منابع المعلومات الكومبيوترية المواكبة للانفجارات المعرفية، والتي ستضخ البيانات عبر شبكات الكهرباء بالإضافة إلى خطوط الهاتف المعمول بها حالياً. 5. الأنشطة اللاصفية هي جزء مهم من المنهج، ومكمل لجهود المعلم لاكتساب الخبرة المباشرة. 6. التقويم لم يعد مجرد قياس حفظ المعلومـات الجافـة بل أصبح يعتمد على الملاحظة والاستفتاء وتعددت أساليبه وقضت على ظاهرة الغش. تطلعات لدخول القرن القادم: هذه مقترحات وتطلعات أتمنى أن تؤخذ بعين الاعتبار من قبل المسؤولين التربويين أوجزها في النقاط التالية: تربوياً.. 1. تفعيل دور "الإدارة العامة للمناهج بالتطوير التربوي" في وزارة المعارف، وأكبر تحد لها هو إعداد مناهج العلوم والرياضيات الحديثة والحاسب وتقويمها والاستفادة من التجربـة اليابانيـة خاصة وتجارب الدول المتقدمة عامة في بناء المناهج وتطويرها، إن معلومات منهج الحاسب تتجدد كل ثلاثة أشهر وليس كل عام، إن هـذه الإدارة هـي قلـب الــوزارة ولا بد أن تــؤدي دورها بكل حيوية مطلقة بعيداً عن الجمود الإداري. 2. ضخ الدماء الجديدة من جيل المعلمين الأكفاء الشباب في عروق إدارات وزارة المعارف من مختلف مناطق المملكة التعليمية، وإتاحة الفرصة للكفاءات الوطنية بالابتعاث الداخلي والخارجي، على أن تكون أبحاث الماجستير والدكتوراه لعلاج مشكلة، أو تطوير شيء ما في نظامنا التعليمي، وتقويم هذا البحث من قبل المختصين التربويين ومن ثم الطلب من هذا المبتعث تطبيق أبحاثه ميدانياً في أطر صغيرة، وإن نجحت هذه الفكرة تعمم في أنحاء الإدارات التعليمية في المملكة ويكون هذا المبتعث مسئولا عنها. 4. ترشيح أفضل وأكفأ المعلمين لتدريس المرحلة الابتدائية، ووضع الحوافز المالية والمعنوية لهم أكثر من غيرهم. وتقنياً 3. أتمتة إدارات التعليم وربطها بالمدارس عن طريق شبكة الحاسب الآلي، وتوزيع التعاميم المدرسية عن طريق وسائط الاتصال، ودعم المدارس بمعامل الحاسب الآلي عن طريق الغرف التجارية ورجال الأعمال. 4. تفعيل دور «مركز تقنيات التعليم» عن طريق وضع الكفاءات المؤهلة لإدارة أهم شريان يغذي الطلاب بالمعرفة. 5. ضرورة إنشاء «التلفزيون التعليمي» عبر وزارة الإعلام أو عبر إحدى المحطات الفضائية، وذلك لنقل التعليم المبسط لطلاب القرى والهجر والمدن النائية، والطلب من أكفأ المعلمين إلقاء دروسهم التطبيقية والعملية معاً (هذا النموذج من التعليم مطبق في الهند عبر القمر الصناعي INDIASAT وحقق نتائج ملموسة في القضاء على الأمية)، كما ساهم إلى حد كبير في حل المشاكل التربوية في كوريا. 6. يراعى عند تصميم المدارس الجديدة، أن يوضع في الفصل الدراسي تجهيزات مشتركة للدراسات النظرية والعملية، ويطلب من المقاول تجهيز معمل الحاسب الآلي، ورفع كفاءة الأجهزة وتطويرها ولمدة خمس سنوات كشرط من بنود العقد. 7. إنشاء مدارس خاصة للمتفوقين الذين تزيد نسبتهم المئوية عن 90%، وكنت أتطلع لأن تكون مدارس مجمع الأمير سلطان التعليمي بجدة نواة أولى لمثل هذه المدارس والتي تعتبر مؤشراً بارزاً على ارتياد سلم الحضارة التعليمية على مستوى العالم، لقد أنشأنا مدارس خاصة للمتأخرين ذهنياً، وفي الطرف الآخر هضمنا حقاً مكتسباً من حقوق المتفوقين، إنه مآل صعب لهم طالما كنا قادرين على تحويل الحلم إلى حقيقة. 8. إدخال معامل اللغة الإنجليزية وتجهيزها في كل المدارس الثانوية، والطلب من المشرفين التربويين ضرورة متابعة معلمي اللغة الإنجليزية القيام بتشغيلها واستخدامها، لأن اللغة الإنجليزية من المطالب الأساسية التي ينادي بها لتسهيل نقل التقنية. 9. البحث عن المديرين القادرين على التجديد والابتكار ووضعهم في مراكز قيادية في المدارس المختلفة بالمملكة. 10. إقامة دورات مستمرة عبر المؤسسات الوطنية المتخصصة في برامج الكومبيوتر للمعلمين المميزين في المدارس المختلفة. أين نحن منهم؟! إننا مقبلون على تحد كبير في المستقبل، فنوعية القيادة والإدارة لها دور كبير في التطوير نتيجة لتركيز الأهداف التعليمية على زيادة الإنتاجية وتحسين الكفاية ونوعية التعليم، وتتطلب هذه المرحلة المقبلة توافر الإداريين والقادة التعليميين الذين يتميزون بالنشاط والإبداع والمرونة والمهارات الاستثنائية. لقد تحركت دول كثيرة في العالم تسابق الزمن لتكون لها حصة في كعكة التقدم التقني، ومنها دول النمور الآسيوية التي بدأت خططها الجذرية الأولى بتحديث مناهج التعليم لتخريج الكوادر المؤهلة لإدارة معركة التحدي الكبير. ألم يأن لنا أن نتحرك ونستقرئ موقعنا في خارطة التقدم التقني في المستقبل؟