الثورة ترفع أسهمها في السياسة الخارجية تنافس سعودي – إيراني علي العلاقات مع مصر
الناقل :
elmasry
| الكاتب الأصلى :
شيماء عبدالمنعم
| المصدر :
www.moheet.com
الرئيس الايرانى محمود احمد نجاد
يبدو أن العامل الثوري هو بمثابة " رمانة الميزان " على مسار العلاقات المصرية الإيرانية ، وهذا ما حدث بالفعل في أعقاب ثورة 25 يناير والإطاحة بنظام الرئيس المصري المخلوع، محمد حسني مبارك، والتي عرفت العلاقات بين القاهرة وطهران في عهده حالة من الجمود السياسي بسبب ارتباط نظام مبارك بالولايات المتحدة .
وهذا ما أدى إلى مرور العلاقات بين البلدين بالعديد من مراحل المد والجزر والتي كانت سمة أساسية للعلاقات المصرية الإيرانية عبر التاريخ، حيث شهدت منعطفات متعددة وفقا للتغيرات السياسية والثورية التي عاشتها كلا من مصر وإيران ، وربما أهمها قيام الثورة الإسلامية في إيران والتي استضافت القاهرة على إثرها الشاه المخلوع، محمد رضا بهلوي، مما أدى إلى توتر شديد في العلاقات بين البلدين .
وزاد من حدة التوتر بين الجانبين، توقيع مصر على معاهدة السلام مع إسرائيل، وتم على إثرها قطع إيران لعلاقتها مع القاهرة في العام 1980 ، كما ساندت مصر العراق في حربها مع إيران .
وكما أدت الثورة في إيران في العام 1979 إلى تغييرات جذرية في العلاقات بين القاهرة وطهران، دفعت ثورة 25 يناير 2011 في مصر، بمؤشرات ايجابية بدأت تلوح في الأفق لتحسين العلاقات بين البلدين في ظل الحالة الثورية التي تشهدها مصر والتي ستساهم في تحديد معالم السياسة الخارجية الإقليمية والدولية للبلاد على حد سواء.
ففى أول زيارة لمسئول إيراني لمصر بعد ثورة 25 يناير ، وصل إلى القاهرة السفير محمد على خزاعى، مندوب إيران لدى الأمم المتحدة قادما من نيويورك، ومن المقرر أن يجري المسئول الإيراني خلال زيارته للقاهرة مباحثات مع عدد من المسئولين لبحث دعم التعاون الثنائى ومتابعة بعض المشروعات المشتركة، وتأتى زيارة المسئول الإيراني لمصر فى إطار تصريحات متبادلة بين المسئولين فى البلدين لتحسين العلاقات.
خبراء مصريون ابدوا ترحيبا واسعا بما تشهده العلاقات المصرية الإيرانية من تغييرات إيجابية باتجاه إعادة العلاقات إلى سابق عهدها، محملين الرئيس المخلوع حسني مبارك مسؤولية إعاقة مسيرة هذه العلاقات.
نبيل العربى وزير الخارجية المصرى
وكان وزير الخارجية المصري نبيل العربي قد أكد أن بلاده مُستعدة لاستئناف العلاقات الدبلوماسية مع طهران بعد انقطاع دام أكثر من ثلاثين عاما، في إشارة إلى حدوث تحول في السياسة المصرية تجاه إيران منذ سقوط نظام الرئيس السابق حسنى مبارك.
واعتبر خبير الشؤون الإيرانية بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام الدكتور محمد السعيد إدريس, أن التزامات الرئيس المخلوع السياسية مع الأميركيين كانت العقبة الأساسية في طريق التقارب المصري الإيراني.
وفي تبادل للترحيب بالتقارب في العلاقات المصرية الإيرانية، أعلن السفير مجتبي أماني رئيس مكتب رعاية المصالح الإيرانية بالقاهرة، في ندوة نظمها منتدي مصر الثقافي برئاسة السفير أحمد الغمراوي، بأن هناك إرادة لدي إيران بعودة العلاقات الدبلوماسية مع مصر وفتح صفحة جديدة في علاقات البلدين.
وأضاف أن إيران تأمل أن تكون مصر دولة قوية ذات شوكة وتستعيد دورها الإقليمي الملائم لحضارتها ومكانتها وأن الثورة المصرية فتحت صفحة جديدة لاستعادة العلاقات مع إيران والخروج من أزمات العهد السابق.
غير أن الخبير في الشؤون الإيرانية, الدكتور مصطفى اللباد، قد حذر من أن فتح صفحة جديدة في العلاقات المصرية الإيرانية – رغم كونه أمرا إيجابيا في هذه المرحلة - لكن عودة العلاقات بين البلدين يجب ألا تفهم على أنها تعني التسليم لإيران بكل ما تريد فعله بالمنطقة .
بيد أن القاهرة لن تذهب بعيدا في علاقاتها مع إيران على مختلف الأصعدة ، مادام أن هناك كل هذا التوتر بين إيران ودول الخليج العربي، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، بسبب التدخلات الإيرانية في شؤون البحرين ، وعلى الرغم من الشائعات التي تتردد حول ضغوط سعودية على المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر، بترحيل العمالة المصرية وسحب الاستثمارات السعودية، في حالة محاكمة الرئيس المصري السابق، محمد حسني مبارك وأفراد أسرته بتهم فساد، وعن دور الرياض في التسجيل الصوتي الذي أذاعته قناة العربية السعودية لمبارك ، فإن هناك حرص سعودي على دعم العلاقات مع مصر ،فقد نفى السفير السعودي في القاهرة، أحمد قطان - في حديث لقناة الحياة التلفزيونية الخاصة- التقارير التي تحدثت عن دور الرياض في التسجيل الصوتي الذي أذاعته قناة العربية السعودية لمبارك، وتعهد بعدم منح تأشيرات لأي من الممنوعين من السفر مثل جمال مبارك أو أي شخص آخر من أعوان النظام السابق لدخول السعودية، مشدداً على أن السعودية لن تسمح بدخول أحد إلى أراضيها بدون تأشيرة دخول.
خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز
بل وأكد أيضا على أن هناك أخباراً سارة سيتلقاها الشارع المصري الأيام القادمة، منها أن هناك اتجاهاً بترتيب زيارة من جانب خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى مصر، مشيرا إلى حرص المملكة على الحفاظ على الاستثمارات الحالية وتشجيع الاستثمارات الجديدة فى المستقبل، بما يساهم فى خطط مصر التنموية .
تكتسب هذه التحركات من جانب الرياض أهمية - خلال هذه الفترة الانتقالية التي تعيشها مصر مع عودة العديد من القوى والتيارات السياسية على الساحة المصرية، والتي وجهت انتقادات وتحذيرات إلى المملكة بتدخلها في شؤون مصر، حيث احتشد يوم الأحد الماضي ، العشرات من الأشراف وأتباع آل البيت والشيعة أمام السفارة السعودية بالقاهرة ، للتنديد بالموقف السعودى الداعم للتيار السلفى فى مصر واحتجاجا على ما وصفوه بالضغط السعودى على السلطات المصرية لعدم محاكمة مبارك وأسرته.
ورفع المتظاهرون لافتات تحذر من المواقف السعودية التى ستقود مصر إلى مرحلة فوضى إذا ما تطور الصراع مع السلفية إلى مرحلة العنف .
وأكد محمد الدرينى ، رئيس المجلس الأعلى لرعاية شئون آل البيت على أهمية فضح النوايا السعودية أمام العالم – حسب تعبيره - مشيرا إلى استمرار آل البيت والصوفية فى الضغط عبر القنوات الشرعية حتى تكف السعودية يدها عن اللعب داخل مصر وحملوا المملكة مسؤولية ما يقوم به السلفيون من هدم للأضرحة .
وقال الناشط الشيعى ، أحمد راسم النفيس، أن الهجمة التى يقوم بها السلفيون ضد الأضرحة تعد واحدة من أبرز نتائج نظام مبارك العميل للسعودية وإسرائيل فمبارك أراد تأسيس ما يطلق عليه حزب سنى ، فى مواجهة حزب الله والشيعة، مؤكداً أن ما يحدث الآن يعد أحد تجليات هذه الحرب التى تم استخدامها مرارا وتكرارا، حسب قوله .
ووفقا للتطورات السابقة على صعيد العلاقات المصرية الإيرانية والمصرية السعودية، فان السؤال الذي يطل برأسه حاليا هو " هل تشهد الساحة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة صراعا سعوديا إيرانيا على المصالح في مصر ؟ " المتوقع إلا تشهد العلاقات المصرية السعودية تغييرات جوهرية نظرا لعمق العلاقات الإستراتيجية والسياسية بين البلدين وحرص المملكة على تلك العلاقات من ناحية أخرى، خاصة وان التقارب المصري الإيراني ما زال في مرحلة اختبار للنوايا الإيرانية تجاه مصر والمنطقة العربية .