التاريخ الجنسي للمصريين ...............................................................
سافرت للأردن مرتين وزرت موضع التمسح على نهر الأردن وشعرت بعبق التاريخ وقدسية الأرض العربية في فلسطين واستشعرت في المكان قوة شخصية سيدنا موسى ومأساة سيدنا يحيى وروعة سيدتنا مريم وروح سيدنا عيسى المسيح عليهم جميعا الصلاة والسلام، وما أدهشني وفاجأني هو أنني اندهشت وفوجئت عندما تحدث إلى محدثي الأردني المسيحي في حديث حماسي دفاعا عن العروبة واللغة العربية؛ وكأنني فوجئت بالمسيحية في العرب من كثرة تعودي على حساسية إخوتي المصريين المسيحيين نحو العرب والعروبة، وخصومتهم البادية لثقافة العرب الصحراوية!!!؛ كان هذا مطلع خطاب لأخ قبطي عزيز لدي منذ حوالي 40 عام، وكان ذلك في إطار حوار جميل وراق حول اللغط الذي يثار في فترات الضعف والاستعمار حول عروبة مصر، والجميل أنني لم أضطر إلى أرسال هذا الخطاب لآننا اتفقنا سريعا عبر البريد الإلكتروني على عروبة مصر ثقافيا واحتفظ كل منا برأيه في شكل العلاقة الأفضل لربط مصر مع شقيقاتها العربية مابين عروبة ثقافية واقتصادية جامعة ليس أكثر من الاتحاد الأوروبي بلغاته المتعددة، وخصوصية ثقافية مصرية أكثر انعزالا. و كان الخلاف قد نتج من قلة المعرفة العلمية التاريخية لدى صديقي، ونجاح بعض المتعصبين في إثارة حفيظته بمعلومات منتقصة ومختاره بعناية لإحداث الفتنة. وقد جاء الحل من ثقته في نفسه وفي شخصي وفي علاقتنا المصرية الأصيلة، ونقلت إليه بعض مما لدى من مصادر المعرفة وقبلها هو بكل بساطة وقوة المصري الأصيل. وإليك صديقي القارئ ما كنت انتويت أن أرسله له. هل يمكن اعتبار رائعة د. جمال حمدان "شخصية مصر" مرجعا مصريا متفقا عليه حيث لم أسمع أو أقرأ في حدود شخصي البسيط، أن قبطيا ما قد اعترض علميا على ماجاء بهذا العمل الموسوعي؟؛ لقد فتحت ياصديقي بعض صفحات التاريخ وتكلمت عن النسيج المصري أي عن الأتثروبولوجيا والتجانس البشري، وتكلمت عن الأعراب وهي الكلمة التي تتكلم بها تيارات مختلفة الآن عندما تهاجم العروبة والإسلام بطريقة غير مباشرة، على أساس استغلال الجدل حول تعريف العروبة والعرب، وبالتالي تحييد من يريدون من ناحية والهجوم على فريق آخر من نفس سلة العروبة والإسلام من ناحية أخرى؛ تماما مثل مقولة محاربة الإرهاب ويعنون الإسلام صراحة؛ والآن تعال إلى الكلمة السواء بيننا وهي كلمة العلم؛ عن التجانس البشري لمصر يقول جمال حمدان في الفصل التاسع عشر من الجزء الثاني من شخصية مصر، ما ملخصة الآتي:؛ • إن مصر ليست مهد الجنس البشري أو الموطن الأول للإنسان • الإنسان المصري من أقدم سلالات الأرض، وظهر في هذا الجزء من العالم في العصي البلايستوسيني • في العصر الحجري القديم سكنت مصر جماعات مختلفة منتشرة في معظم الوادي؛ لايوجد لها أثار من هياكل عظمية ولكن أدوات ومخلفات سكن، وبوجد فقط هياكل منذ العصور التاريخية أيام الفراعنة • لايمكن القطع علميا بشأن الأصول الجنسية لسكان مصر في عصور ماقبل التاريخ أو فترة تكوين الأجناس • من الطبيعي مادامت مصر ليست مهد الجنس البشري، أن سكانها الأوائل والأولين جاءوها من خارجها 1- العصر الحجري القديم"؛ • وفد كل سكان إفريقيا الشمالية من وسط القارة من الجنس الأورافريقي (الحامي)وهو الجد الأعلى لجنس البحر المتوسط، ويحتمل تسرب عناصر زنجية إليه؛ • يتشكل التركيب الجنسي في العصر الحجري القديم من السبيليين من عنصر حامي قديم وعنصر متوسطي عتيق وعنصر شمال صحراوي • بنهاية العصر الحجري القديم ومع تزايد الجفاف هاجر جماعات السكان إلى الشمال قرب ساحل المتوسط؛ • خلال الألف الرابع والخامس قبل الميلاد تراجع العنصر الحامي الأصلي وبرز العنصر المتوسطي وكذلك العنصر المتزنج خاصة في الصعيد 2_ العصر الحجري الحديث
• سكن مصر جنس أبيض قوقازي هم التاسيون كحلقة وصل بين المغرب والشام، وهو قد يكون به جنس الأفالو من الجزائر أو هو امتداد لجنس الناتوفي في فلسطين، وعموما اختفى التاسيون تماما ولايرتبطون بالمصريين اللاحقين • جاء البداريون من الجنوب من منابع النيل الأزرق كموجه حامية مازال بقاياها في الحبشة والصومال، وسكنو الوادي وهم مرتبطون بنمط وسلالة ماقبل الأسرات رغم خلوها من المؤشرات الزنجية 3- ماقبل وقبيل الأسرات • أولى السلالات هم النقاديون نسبة إلى أهل نقادة قرب ثنية قنا؛ وهم يشبهون البدارييين كثيرا؛ • قبيل الأسرات كانت التركيبة كالتالي: ثلث السكان أفريقيين خالصين من الأثر الزنجي؛ والربع به أصول زنجية أو متزنج؛ والخمس من أصول متوسطية؛ والعشر من أصول هللينية؛ والباقي من أصول شرق أوسطية؛ وتبلغ نسبة العناصر الأصلية أربعة أخماس والخمس أجانب مقيمين في مصر أصلهم هلليني وهي نسبة عالية للأجانب؛ • الخلاصة أن الغالبية العظمى من السكان هم من عناصر أصيلة من أفريقيا البيضاء والبحر المتوسط أضيف إليها عناصر ثانوية متزنجة وأحيانا زنجية؛ ثم أخيرا عناصر متوسطية كنعانية- سورية وحتى بلقانية ويونانية؛ • في عصر ماقبل الأسرات إلى العصر الروماني يخلص مورتون إلى أن المصريين كانوا في الشمال وسطا بين العنصر الهندو-أوروبي والعنصر السامي؛ بينما كان المصريون في الجنوب أقرب إلى العنصر الهندي-العربي، • تتلخص نظرية مورانت والبطراوي في وجود سلالتين من مصريي العصر الحجري القديم، واحدة في الشمال في مصر الوسطى و الثانية في في الجنوب في مصر العليا وتتميز بنسبة رأسية أقل ونسبة أنفية أعلى مع بروز في الفك أي مؤثرات أكثر زنجية؛ بنما كان بالدلتا جماعات من جنس البحر المتوسط أعرض رأسا وأضيق أنفا؛ وهذان النمطان في الصعيد والدلتا هما سكان مصر الأولين حيث شكلا منذ بداية عصر الأسرات وحتى العصر المسيحي القطبي أنثروبولوجيا مصر جميعا المصريون القدماء • المصريون القدماء شعب أصيل لم يفد من مكان آخر • بدأ المصريون القدماء وهم جنس متجانس في صفاته وتركيبه • قلت احتمالات الاختلاط الهامة مع ومنذ بداية عصر الأسرات التاريخية نظريات وحدة الأصل:؛ • شانتر، وسيرجي (صاحب نظرية جنس البحر المتوسط)؛ وجوفريدا روجيري (شعبتين من ليبيين وإثيوبيين)؛ وسليجمان (شعبتي حاميين شماليين وشرقيين ومنها المصريين في الأخيرة)؛ نظريات تعدد الأصل:؛ • تومبسون وماكيفر:؛ سكان طيبة القديم جنسين مختلفين أبيض وأسود • إليوت- سميث:؛ القاعدة الأساسية من بربر محدثين ثم غزو أرميني في بداية عصر الأسرات عدلت في القاعدة الأساسية؛ وفي الجنوب تأثر بالبوشمن وعناصر زنجية طوال القامة ثم ليبيون متوسطيون؛ • دارت:؛ 9 أنواع هم البوشمنية، والبوسكوية، والمتوسطية، والأرمينية، والمغولية، وأقزام أفريقيا الشرقيون، ثم 3 أنواع مختلطة؛ • فالكنبورجر:؛ 4 عناصر هم الكرمانيون والزنوج والبحر المتوسط ونوع خليط بينها • فبرتشنسكي: 8 أنواع هي المتوسطي والحامي (البربري) والشرقي (السامي) والأرميني والكروماني والنوردي والقزمي والزنجي السوداني الأنثروبولوجيا التشريحية • ماقبل الأسرات: من بين الجماعات الأربعة التي ينقسم إليها البجا وهي العبابدة والبشارية والهدندوه وبني عامر، كان بني عامر أقل جماعات البجا تعديلا واختلاطا، وهم أقرب لمصريي ماقبل الأسرات وأشدهم تمثيلا لهم؛ • مصريو الأسرات (مصر الفرعونية): هم استمرار لمصريي ماقبل الأسرات؛ التاريخ الجنسي الحديث: ؛ • الفلاحون الذين يؤلفون جسم الأمة اليوم هم النسل المباشر لفلاحي سنة 3300 ق م (كيث)؛ • منذ فجر التاريخ يبرز الشعب المصري كوحدة جنسية واحدة الأصل متجانسة بقوة في الصفات والملامح الجسمية؛ وحتى الآن؛ • مصر لم تتعرض أساسا للهجرات البشرية وإنما للغزوات الحربية؛ وهي محدودة من حركة ذكرية بحتة ولذا تذوب إن لم تبد؛ • التسلل السلمي الهادئ البطئ المستمر غير الملحوظ عرفته تخوم مصرعبر العصور بلا انقطاع وكان يعقب الغزوات عادة؛ ومصادرة قريبة في العادة من أضلاع ثلاثة: ليبيا والسودان والجزيرة العربية والشام؛ • الاستعمار الاستيطاني في مصر كان شذوذا نادرا للغاية، لايكاد يستثنى منه إلا اتجاه محدود أيام الإغريق؛ • الأثر البيولوجي للغزوات- ذات تعدد شديد نحو 40 غزوة- في مجموعه لايقل عن أثر الهجرات رغم محدودية تأثيره؛ • هناك ثلاث هجرات حقيقية لاشبهة فيها وهي الهكسوس فالإسرائيليين ثم العرب؛ والبعض يضيف الإغريق قبل العرب، ويضيف المغول ومثلها من عناصر أتراك وأكراد وشراكسة وغز وديلم أهم الغزوات:؛ • الغزوة - الهجرة الإغريقية: القرن 3 ق م وبلغ عدد الأجانب 2% من السكان • يقول ماسبيرو أن المصريين كانو سائرين إلى اليونانية كما ساروا إلى العربية بعد ذلك؛ • عندما جاء العرب إلى مصر كانت خليطا من القبط والروم والنوبة (المقريزي)؛ • من الأسماء الإغريقية وبعضها مصري الأصل بعد أن استعاره اليونانيون وحرفوه: باخوم - اسطفان - باسيلي- مقار - منقريوس - مغاريوس - مرقص- بطرس- أرمانيوس - فلتس - فلتاؤوس (حبيب الله)- أندراوس - ساويرس - إثناسيوس- تادرس؛ العصور الوسطى
من الإغريق نقفز فوق الرومان، الذين كانو مجرد غزو عسكري بحت لم تصحبه هجرة ولاكان له أثر جنسي يذكر، ونأتي إلى تلك الفترة العجيبة التي هي الفتح العربي وهجرته الكبرى واستطالت طوال العصور الوسطى والتي امتزج فيها الغزو الثانوي بالتسلل المجلوب وربما بالهجرة الخفيفة ولا نقول الخفية، وذلك في نمط جديد غير مسبوق ولا مألوف بعد أن زال الحاجز الديني تماما وانفتحت مصر على العالم الإسلامي جميعا بلا عوائق أو عقد؛ إذا كان لنا أن نقيم الوزن الجنسي لدور هذه الغزوات – التسللات – الهجرات المركبة خلال العصر العربي والإسلامي، وبدون أن نبالغ في قيمة الغزوات وحدها من حيث المبدأ، فإن علينا أن تفترض بحكم طبيعة الأشياء أنها تركت بعض أثر في تكوين أو تلوين مصر مهما يكن محدودا أو ثانويا؛ كذلك فلما كانت معظم هذه العناصر أسيوية الأصل والمصدر، وكانت تلك هي الفترة التي برز فيها واشتد فيها البعد الأسيوي في توجيه مصر؛ فلعلها هي التي تفسر بعض الملامح والسحنات الأسيوية التي تميز بعض المصريين في الوقت الحالي، وفي هذا المجال فإن تاريخ مصر التفصيلي ملئ بالإشارات والمؤشرات وبالشهادات والشواهد: • جيوش ابن طولون: 40 ألف أسود، 24 ألف تركي، 7 آلاف مرتزق • قوات الإخشيديين: 400 ألف مقاتل من السود والترك المرتزقة؛ • الغزو الفاطمي: 100 ألف معظمهم من البربر (كتامة وزويلة – قد تكون أصل العالم المصري أحمد زويل - الكاتب) مع بعض الصقليين والأندلسيين • جيوش المستنصر: 20 ألف فارس كتامي، 15 ألف مغربي، 20 ألف أسود، 10 آلاف مشرقي بين تركي وعجمي (ولد غالبهم في مصر)، بالإضافة إلى 30 ألف عبد أسود ومشترى، و50 ألف بدوى من الحجاز، و 10 آلاف رجل من أجناس مختلفة؛ ثم فرقة كاملة من أبناء الملوك وأمراء المغرب والينمن والروم والسرب والحبشة والهند وجورجيا ودلماسيا وتركستان ممن كانوا يقيمون في القاهرة • قدم صلاح الدين إلى مصر في 12 ألف فارس من الأكراد والأتراتك وأحلهم محل الجند الذين وجدهم من المصريين والعربان والأرمن والسود؛ • مئات الآلاف من تيار الحجاج المغاربة والمستقرين لم ينقطع بعد ذلك قط ويشمل أبناء المغرب الكبير ويضم الشناقطة أهل موريتانيا والتكرور من السودان وأندلسيين عائدين وليبيين (قرية كتامة بمركزي بسيون وشربين نسبة إلى قبيلة كتامة البربرية المغربية)؛ بل يري بعض العلماء أن كثرة بدو مصر من المغاربة وليس من عرب الجزيرة وكان يسمى أيام الجبرتي بـ"المغاربة البلد"؛ يبدأ المد التركي أو المغولي مع الدولة الأيوبية حيث جاء الرقيق باسم المماليك من ترك وتركمان وغز وديلم وأوزبك وخوارزمية وأكراد وشراكسة وقوقاز وقوزاق وكرج من جورجيا وأرمن؛ وهناك الروس والصقلب والأسبان والصقليين وأحيانا الجرمان الذين كانت تجمعهم مدينة البندقية ومع العثمانيين جاء ضمن الجيوش الوافدة الأتراك والبوشناق والتختجي والأرناؤوط واليوروك والقيزلباش والبكتاشية وغيرهم من الأناضول، ومعهم أهل الجبل الأسود والبوسنة والهرسك ومسلمو البلقان واليونان وحتى المحيار المجلوبون أو الوافدون من بقاع الإمبراطورية؛ بعد سقوط بغداد وفد إلى مصر – ملاذ المسلمين- موجات متتالية من الفارين واللاجئين حوالي عشرة آلاف عائلة واتصل إقبالهم حتى الحملة الفرنسية في القرن 18؛ من العائلات التي هربت إلى الصعيد وسكنت الأطراف: جماعات "الكشاف" الأتراك في النوبة وجماعات المحيار في اقصى الصعيد، وفي أطراف الدلتا المورالية من (المورة)؛ في ههيا والإبراهيمية بالشرقية والأبازة (الأباظة من أبخارزيا من القوقاز) في الشرقية والهنادي القبيلة الليبية التي نقلها محمد على من البحيرة إلى الشرقية ليضع حدا لصراعها مع أولاد علي؛ الهجرة العربية الذي لاشك فيه هو أن الهجرة العربية أول وآخر هجرة استيطان موجبة فاعلة وناجحة في تاريخ مصر؛ ومن ثم أهم وأخطر إضافة؛ ولا نقول بالضرورة تغيير أو تعديل، إلى تكوين الدم المصري منذ عصر ماقبل الأسرات، وبالتالي في تاريخ الشعب المصري برمته بعد أن وضعت فرشته الأساسية. انثروبولوجية التعريب:؛ لماذا نجحت الهجرة العربية حيث فشلت هجرة الهكسوس واليهود وهما الهجرتان الأكبر قبلها؟؛ لقد نجح رعاة الاستبس الآريون في الهند أنثروبولوجيا، حيث شكلوا كيانها الأنثروبولوجي كله وكما نعرفه الآن، وفشل رعاة الاستبس الهكسوس في مصر، حيث لفظتهم مصر كجسم غريب دخيل احتوته وعقمته حتى طردته، ويرجع ذلك إلى حيوية الشعب المصري وطاقته الكامنة منذ القدم وقدرته على لفظ الأجسام الدخيلة إذا شاء وقدرته على امتصاصها إذا أراد؛ وهم أي الهكسوس بقوا في مصر 150 عام وكان عددهم عندما رحلوا 240 ألف ويقدر بعض العلماء عددهم عندما استقروا ب 2 إلى 3 مليون، وهو رقم مبالغ فيه على الأرجح؛ وهم لم يتركوا أي أثر جنسي في تكوين الشعب المصري ولم يدخلوا دماءه؛ لقد مكث اليهود بمصر نحو 430 سنة واقتصر وجودهم في مصر على "أرض جاشان" (وادي الطليمات والشرقية)، وكانت حظيرة اليهود الأولى في التاريخ، ولكن كان وجودهم هامشيا على أطراف المعمور المصري، وكان عددهم عند طردهم حوالي 600 ألف، بعدها عادوا سكان صحراء مثلما كانت تفعل دوريات كثير من القبائل العربية، تحط حينا على أطراف الدلتا ثم ترحل" (كيث)؛ هذا بينما غيرت الهجرة العربية لسان مصر القديمة وعربتها كليا ونهائيا، فلماذا؟ إن تفسير ذلك هو التشابه الجنسي بل والقرابة الأنثروبولوجية الأساسية بين طرفي العملية. فعرب الجزيرة من الساميين، بل هم قلب السامية إن لم يكونو أصلها. وليس من شك أن الساميين والحاميين، الذي ينتمي المصريون إلي المجموعة الأخيرة منهم ، هما تعديلان من عرق جنسي مشترك أو فرعان من شجرة واحدة، وأن التمايز بينهما إنما في زمن ليس بالبعيد جدا، بدليل أوجه الشبه العديدة بينهماغ لغويا وحضاريا، فضلا عن الصفات الجسمية ذاتها التي تجعلهما معا أقارب للأوروبيين من جنس البحر المتوسط، إنهما أقارب بعيدون نوعا ما.؛ ليس من الغرابة أو من المستكثر أن نقول أنها "مسألة قرابة" عائلية،حيث من الراجح جدا أن جزءا من تقبل المصريين للعرب الوافدين يرجع إلى إحساسهم وإدراكهم بأنهم بعض أقاربهم وأصولهم وليسوا بغرباء أجانب حقا أو تماما كسابقيهم؛ إنهم من حيث اللون بنو "جلدتهم" ولا شك أن حاجز اللغة فضلا عن الدين ساعد على إزالة حاجز الجنس، بمعنى أن قرب اللغة العربية السامية من اللغة المصرية القديمة الحامية السامية – عد البعض 10 آلاف كلمة مشتركة بينهما – قد سهل التقريب بين العنصري وشجع الامتزاج الكامل بينهما بحيث تحول التعريب إلى بوتقة للشعبين.؛ ولمن قد يشكك في هذه الاعتبارات أو يقلل من أثرها، نلفت النظر إلى كيف سادت العروبة كل العالم السامي والحامي خارج الجزيرة العربية بينما توقفت عند سفوح زاجروس الآرية وأقدام الأناضول التركية كما ارتدت عن الأندلس القوطية، كل ذلك بغض النظر عما يصاحب تلك الاعتبارات من علاقات أو ملابسات تضاريسية أو مناخية أو دينية. بل وحتى في مصر نفسها من قبل، أقام اليونانيون ثم الرومان بأعداد لايستهان بها بلا شك ولنحو 3 أو 4 قرون ومع ذلك لم تحدث "أغرقه" ولا "رومنة" لغويا أو دمويا.؛ وكل مانجح اليونان والرومان في تحقيقه هو مزج الكتابة الإغريقية واللاتينية باللغة المصرية القديمة في شكل الديموطيقية التي لم تلبث أن اختفت هى الأخرى؛ وأخيرا فإن هذه القرابة الأنثروبولوجية والتقارب الإثنولوجي هو الذي يفسر"متناقضة" الأثر الجنسي العربي في مصر؛ فرغم الأعداد الكبيرة التي انصبت من العرب في مصر، ورغم الاختلاط البعيد المدى الذي تم مع المصريين فإن هذا لم يغير من التركيب الأساسي لجسم السكان أو دمهم، لماذا؟ لا لسبب سوى أن العنصر العربي من أصل قاعدي واحد مشترك مع العنصر المصري الذي لايختلف جسميا عن "البدوي" كما يضعها (كيث)؛ فكلاهما كما رأينا أقارب جنسيا منذ ما قبل الإسلام بل وما قبل التاريخ. والصفات الجسمية الرئيسية متشابهه متقاربة خاصة الرأس الطويل ولون البشرة والشعر والعين والطول والقوام..إلخ.؛ حتى عنصر الرأس العريض السائد في عرب الجنوب لم يكن غريبا على مصر حيث رأينا في المصريين القدماء عنصرا بازغا من عرض الرأس منذ عصر الأسرات المبكر.؛ هكذا فإن كان العرب قد عربوا مصر ثقافيا، فإن مصر قد مصرتهم جنسيا.؛ مراحل الهجرة من المسلم به بعد هذا أن الهجرة العربية إلى مصر سبقت الإسلام بكثير، بل ترقى إلى أقدم عصور تاريخ مصر الفرعونية على الأقل، فسجلات التاريخ الفرعوني تشير باستمرار وبانتظام إلى جماعات البدو الشرقية تطلب الإذن بالدخول إلى مصر أو تتسلل عبر سيناء من الجزيرة العربية والشام إلى صحراء مصر الشرقية وأطراف الوادي والدلتا حيث تضرب بجذورها إلى الأبد.؛ ومعنى ذلك أن تعريب مصر إن جاز التعبير في تلك المرحلة، هو سابق على الإسلام، أو على أي حال فإن الاختلاط الجنسي والدموي بين المنطقتين والشعبين هو كذلك.؛ ملحوظة إلى صديقي الذي استشهد ب"الارتباع" في غير موضعه: كان عمرو هو واضع تقليد "الارتباع" كنوع من من الترانس هيومانس البشري ينتقل به العرب كل ربيع إلى الصحراء ومراعيها حفاظا على تقاليد البدو، وقد ظلت هذه السياسة سارية ونافذة لمدة قرن كامل عقب الفتح، بعده فقط بدأ التحول إلى الزراعة والاستقرار بالتدريج؛ وأكتفي بهذا القدر من المعرفة المنقولة من موسوعة شخصية مصر للدكتور جمال حمدان، وقد يكون لنا عودة بإذن الله لاستكنال حديث قد يكون شيقا لكثيرين وقد يكون قديما جدا للبعض.