ملف المدافن السرية للنفايات النووية التي أقامتها إسرائيل في سيناء
ما الذي نخشاه ويجعلنا ندفن كل تلك الملفات؟
ليس هناك في ملفات العلاقات الدولية ما هو أقوى من ملف علاقة إسرائيل بألمانيا ، لكن هل هذا الواقع يعني تخلي إسرائيل عن ما تعتقد أن النازي ارتكبه من محارق لليهود فيما يعرف ب ” الهولوكوست ” ، الإجابة هنا يعرفها الجميع. ولست أبالغ إن قلت بأن حجر الزاوية في تلك العلاقة ما تراه إسرائيل من ضرورة تعويض ألمانيا لها عن حرائق النازي ، أما المدهش بالفعل فهو أن الألمان أنفسهم مخلصون لتلك النظرية أكثر من الإسرائيليين أنفسهم لدرجة أن الأصوات التي تعلو أحيانا لتقول أن تلك المحارق كانت أسطورة أكثر من كونها حقيقة أو علي الأقل توصيفها بتلك البشاعة مبالغ فيه ، تلك الأصوات تجد معارضة تأخذ شكل القداسة من الألمان قبل الإسرائيليين ، وهذا موضوع متشابك لا يمكن تفصيله هنا . ما يعنيني هنا هو أن أتساءل إذا كان الوضع كذلك فلماذا لا ينطبق ذات المنطق علي العلاقات المصرية الإسرائيلية ؟ لماذا لا تطالب مصر بتعويضات عن ما ارتكبته إسرائيل من تجاوزات لا أخلاقية بحق الإنسان والمكان أثناء احتلالها لسيناء ؟ ، وفي هذا الشأن ثمة ملفات عديدة ساخنة فمن قضية الأسري المصريين الذين ارتكب الجيش الإسرائيلي في حقهم تجاوزات لا إنسانية بشعة الي المدنيين من أبناء سيناء الذين ما زال بعضهم هناك في السجون الإسرائيلية السرية ، الي ملف قطار الشرق بين القنطرة الذي خلعت إسرائيل قضبانه الحديدية الي ملف خريطة الألغام التي زرعتها إسرائيل في سيناء ويموت بسببها الكثيرون بلا ذنب وأهم من هذا تترك مناطق شاسعة بلا تعمير ثم ملف المياه الجوفية لوادي الجرافي وأخيراً الي ملف المدافن النووية الإسرائيلية لمفاعل “ ديمونة “ هذا الملف الذي لابد أن يفتح خصوصاً في تظل تزايد عدد حالات الإصابات السرطانية بين أبناء سيناء . المدهش في هذا الأمر أن الجانب المصري وعند كل إثارة لأحد هذه الملفات الساخنة هو من يسكب المزيد من الماء البارد عليه لتبريده. ومن ثم دفنه !!!! ، ولعلنا نذكر ملف الأسري المصريين فالإسرائيليون هم من أثاروه في الأساس والمصريون هم من بردوه أولاً ثم دفنوه والحجة كانت توتير العلاقات أليس غريباً هذا ؟ ايطاليا عرضت على ليبيا تعويضات عن فترة الاحتلال لتحسين العلاقات وألمانيا كما قلت سابقاً ، الحال نفسه في علاقة اليابان بأمريكا بعد تفجيرات ناجازاكي وهيروشيما ، فلماذا لا تخضع العلاقات المصرية الإسرائيلية لهذا المنطق الدولي ؟؟؟ سؤال يثير الحسرة والإحساس بالدونية المتصاعد في نفوس كل المخلصين لهذا البلد أما ما يتعلق بموضوع النفايات النووية فطرف خيطه هو التزايد الملموس في حالات الإصابة بالسرطان بين أبناء سيناء ، وهذا الموضوع رغم قدمه يحتاج المزيد من الاهتمام ، في البداية كنت اعتقد كما اعتقد الكثيرين غيري أن هذا ذا صلة بتسرب إشعاعي في مفاعل ديمونة القديم والموجود في صحراء النقب بالقرب من الحدود المصرية ، خصوصاً في ظل ما تردد عن أن هذا المفاعل لا يخضع لإجراءات أمان عالية مما دعا جماعات إسرائيلية حقوقية في إسرائيل نفسها للتحذير من خطره ، لكن وبنظرة موضوعية اكتشفت أن هذا ليس السبب الوحيد ، فثمة حالات سرطانية كثيرة في أماكن بعينها في سيناء بعيدة نسبياً عن صحراء النقب أعرفها ويعرفها غيري ولكنني لن أحددها حتى لا يصاب الناس بالهلع. ذات مرة كنت في أحد الجولات الصحراوية في صحراء سيناء فأنا ألوذ بها كلما تزايدت حاجتي للصفاء ، كانت هناك علامة مكتوبة بالعبرية تكاد حروفها تظهر وفي حديث عارض مع أحد أبناء البادية قال لي لا أحد يعلم سر هذه العلامات ولكن بعض كبار السن كانوا يقولون أن اليهود ( هكذا يسمي الكبار من أبناء سيناء الإسرائيليين ) أثناء الاحتلال كانوا يجلبون أشياء غامضة تحملها طائرات هليوكوبتر ثم يصنعون حفرة كبيرة ويضعون هذه الأشياء ومن ثم يدفنوها بعد أن يضعوا تلك العلامة ، كان هذا منذ فترة طويلة ولم تكن معي آلة تصوير لأصورها ، أيضاً كانت العلامة متآكلة بفعل الصدأ ، وحتى لا أصاب بالإحباط. قلت في نفسي لعل الرجل يبالغ كي يلفت انتباهي خصوصاً وهو يعلم أن علاقة ما تربطني بالصحافة إذ كنت وقتها قبل أن يشتريها السعوديون أكتب بعضاً من رؤاي في الحياة اللندنية . الآن وبعد كل تلك السنين تذكرت تلك الواقعة وأنا أسمع كما يسمع غيري من أبناء سيناء عن إصابات سرطانية هنا وهناك ، كل هذا يدعو للتصعيد ومساءلة الحكومة الإسرائيلية عن الأماكن التي دفنت فيها مخلفات مفاعل ديمونة في سيناء ، فهل سنفعل أم أن هذا الملف أيضاً سيحتاج المزيد من الماء البارد لتبريده ومن ثم دفنه كما فعلت إسرائيل بنفايات ديمونة.