قال رئيس شركة كبيرة أن شخصاً على درجة كافية من المهارة والإتقان تقدم ليشغل موقعاً في الشركة، وهي رفضتُهُ لا لشيء إلا لظاهره المنتظم بشكل مذهل. وقال موضحاً سبب هذا الرفض: «أعتقد أن النظم والترتيب الظاهري شيء مهم، بيد أن هذا الشاب كان ظاهره منتظماً ومجملاً وبلا عيب أو نقص إلى درجة تبعث الغضب. ثيابه كانت كاملة وبلا أي عيب، وشعره كان مصففاً أفضل وأجمل تصفيف، وحتى أظافره لم يكن فيها نقص أو غيب، بل حتى أسنانه كانت منضودة بأجمل وأكمل وجه. .
وهذا يدل على أنه يقبل التغيير بسهولة ويخضع للتأثير بسرعة، ». «ليس ثمة انسان كامل» العديد من الأشخاص يخالون أنه إذا شاهد المدراء فيهم بعض النواقص، لن يكون لهم أمل في الصعود والرقي. مثل هؤلاء الأفراد يحتاطون دوماً في الكلام، ويجلسون في الاجتماعات في الصفوف الأخيرة، ويفضلون السكوت تفادياً للخطأ، ولكي لا تشيع بين الناس حقيقة أنهم غير كاملين. ليس العزوف عن الأعمال الجديدة، هو الطريق الوحيد لاجتناب الأخطاء. أعتقد أن الموظفين الذين لا يخطئون أبداً يوحون لنا بأنهم غير مبدعين، ولا يتمتعون بطاقة إبداعية مميزة. إنهم غارقون في تفاصيل الأعمال اليومية ولا يفكرون في المستقبل. الموظفون الذين يؤدون أعمالهم باحتياط وحذر شديد لا يتطورون ولا يبلغون شيئاً. * * * ما شغل ذهني أكثر من أي شيء آخر طيلة هذه السنوات، هو عدد الموظفين الذين يعتقدون أن تنفيذهم الدقيق لواجباتهم وتواجدهم المنتظم في محل العمل، يجعلهم مستحقين للترقية وزيادة الأجور. وعليهم أن يعلموا أن مجرد تنفيذ المهام بصورة جيدة لا يقتضي التطور والترقية. يتوقع المدراء من الجميع أن يعملون بجد وينفذوا واجباتهم بأحسن ما يمكن، وهذا هو ما يستحقون لأجله الأجور. النقطة المهمة هي أن على الأفراد الظهور فوق مستوى التوقع. فالمدراء لا يمنحون ترقية لشخص لمجرد أنه كان ذو دور مؤثر وفاعلية عالية في الماضي. بل يمنحنونها للذين يعتقدون أنهم سيكونون ذا فائدة وفاعلية كبيرة في المستقبل. لا ينظر المدراء للترفيع كمكافئة للأشخاص على إنجازات سابقة، إنما يرونها وسيلة لنيل أهداف مستقبلية. فإذا لم يؤمن المسؤول بقدراتك على تولي مهمة جديدة، فإن إنجاز كل أعمال الدنيا لن يحقق لك الترقية والترفيع. * * * كنت في كل يوم من أيام العمل انشغل بأمور من قبيل زيادة معدلات البيع، والاستعداد للاجتماع اللاحق، أو الاستعداد للقاء بمحاسبي الشركة. وربما فكرت أيضاً ببعض الشؤون الخاصة. وعلى الرغم من كل هذه الانشغالات التي تملأ ذهني، إلا أن تشخيص خيرة الموظفين كان عملية سهلة بالنسبة لي. ولهذا فإن مجرد اللياقة والقدرة وامكانية العمل لا تكفي للموظف. ينبغي أن يعلم المدير إنكم قادرون ولديكم ما تقدمونه، إنها مهمتكم أن تُلفِتوا انتباه المدير لكل حسناتكم وكمالاتكم وقدراتكم ومهاراتكم. عليكم أن تعبروا عن أنفسكم. طلب موظف شاب اسمه آندره اللقاء للتباحث في شأن يعتقد إنه على جانب كبير من الأهمية بالنسبة للشركة ولي وله على السواء. ماذا كان هذا الشأن؟ سرعان ما حضر آندره إلى مكتبي، وقال بثقة: «اسمح لي أن أتطرق للموضوع مباشرة. أنا لي استعداد ولياقة لأعمال أكثر، وأنا على أتم الاستعداد للقيام بها». لقد سررت لهذا الكلام جداً. لخص كلامه في ثلاثة جمل قصيرة صريحة وبلا رتوش. لا شك أنه يطلب أجوراً أكبر، لكنه عبر عن هذا بلغة إدارية. أي بأسلوب ينم عن أنه مستعد للعمل من أجل أجور أكبر. وباستخدام هذا الأسلوب بشكل متواصل أصبح آندره مساعدي للشؤون التنفيذية. لكنه الآن يدير شركة خاصة به