روى البخاري في كتاب الإيمان من صحيحه، عن النعمان بن بشير رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: ”إن الحلال بيِّن والحرام بيّن، وبينهما أمور مشتبهات، لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله في أرضه محارمه“.
استجدت معاملات معاصرة حظيت باهتمام واسع من علمائنا، ومن ذلك التأمين بأنواعه المختلفة الذي يعد أحد سمات العصر، والذي فرض نفسه على المجتمعات الإسلامية، وعلى الفقه الإسلامي، ويعد التأمين التعاوني من هذه المستجدات التي اختلط فيها الأمر هل هي من الحلال البيّن أو الحرام البيّن أو أنه من الأمور المشتبهة التي لا يعلمها كثير من الناس، وأصدق وصف في بيان حال الناس من هذه المستجدات ما ذكره المؤتمر الأول لمجمع البحوث الإسلامية الذي اجتمع في شوال سنة 1964م، وقد تحدث في بيانه عن موقف المسلمين من المعاملات المعاصرة فقال: بأنهم وقفوا يجيلون النظر فيما حولهم من صور الحياة وألوان السلوك، وأنواع المعاملة، وألوان من المعاملة لا عهد لهم ببعضها فيما يعرفون، فمنهم من أنكر ذلك كله، ورآه بدعة يضل بها المسلم عن سبيل الله، ومنهم من ولغ فيه ولوغ الظمآن في ماء آسن، لا يبالي أن يكون ما يشربه طيباً أو خبيثاً، ومنهم من توقف ليسأل نفسه أو يسأل غيره الرأي في حلال ذلك وحرامه، ومنهم من تجرأ على الفتوى لنفسه أو لغيره، بأهلية للإفتاء أو بغير أهلية، انبهم الأمر على الكثرة الغالبة من المسلمين فقعدوا حيارى لا يدرون ما يأخذون من ذلك وما يدعون.. [السالوس حكم فوائد البنوك – مجلة المجمع الفقهي – السنة الرابعة، ص56].
لذلك هدفت هذه الدراسة إلى بيان موقع التأمين التعاوني على خريطة الحلال والحرام، وتنقيته من كل الشوائب والشبهات، وإبراز الفقه الإسلامي ووضوحه واستيعابه لكل المستجدات حيث إن التأمين من المسائل الدقيقة وشديدة التعقيد.
ولعل الدراسة تصل إلى رأي قريب من مضمون الشريعة الإسلامية في شرعية التأمين التعاوني، فما كان من خطأ فمني ومن الشيطان، وما كان من حق وصواب فمن الله. والله أسأل التوفيق والسداد.
واقتضت الدراسة تقسيمه إلى ثلاث مباحث:
المبحث الأول: التعريف بالتأمين التعاوني ونشأته وتطوره.
المبحث الثاني: خصائص التأمين التعاوني وتميزه.
المبحث الثالث: موقف الإسلام من التأمين التعاوني.
من طبيعة الحياة تفاوت الناس في المواهب والملكات والجهود والطاقات، وإذا ترك هذا التفاوت دون امتداد الأيدي المصلحة للتخفيف من حدتها، أصبح ذلك من عوامل الهدم في المجتمع.
لذا كان لابد من تقريب التفاوت عن طريق التراحم والتعاون بين أفراد المجتمع.
والباحث في علم الأحياء يجد أن التعاون غريزة في أنواع مختلفة منها، فأسراب النمل تتعاون في دأب وصبر على أعمالها المتعددة والمتكررة.
وجماعات النحل تتعاون في دقة تنسيق على القيام بواجباتها وتنظيم بيوتها وتعمير خلاياها.
والإنسان هو سيد الأحياء وأذكاها وأرقاها، لذا كان لزاماً أن يكون تعاونه أوثق وأعمق.
وأسلوب التعاون هو دعامة من عقيدتنا حيث يقول تعالى: { وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ } [المائدة: 2].
التأمين لغة:
مشتق من مادة أمن، والتي تدل على طمأنينة النفس وزوال الخوف، والأصل أن يستعمل في سكون القلب [المصباح المنير للفيومي ج1 ص42].
ويقال أمن أمناً وأماناً وأمانة وأمنة: اطمأنَّ ولم يخف فهو آمن وأمين، ويقال لك الأمان: أي قد أمنتك.
وأمن البلد: اطمأن فيه أهله، وأمن الشر: منه سلم، وأمن فلاناً على كذا: وثق فيه واطمأن إليه أو جعله أميناً عليه [المعجم الوسيط ج1 ص27].
أما التعاون فيقصد به المساعدة المتبادلة، ولأهمية ذلك جاءت النصوص القرآنية، ونصوص السنة النبوية تحث عليه من ذلك قوله تعالى: { وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ }. وقوله تعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ} [آل عمران: من الآية 103].
وفي السنة النبوية قوله صلّى الله عليه وسلّم: ”المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً“ [متفق عليه].
وقديماً ذكر عن أفلاطون أنه قال: "إن الجماعات ظهرت قبل كل شيء نتيجة للحاجات البشرية التي لا يمكن إشباعها إلا حين يكمل الناس بعضهم بعضاً، فللناس حاجات كثيرة ولا يوجد من يستطيع العيش على أساس الاكتفاء الذاتي، ومن ثم كان لزاماً أن ينشد كل من الآخر العون والمبادلة" [عبد الرحمن بدوي: أفلاطون ص118]].
التأمين التعاوني في المفهوم الاصطلاحي:
نظراً لحداثة التأمين التعاوني فقد وردت مفاهيم متعددة لـه نختار منها:
1 - قيل إنه: "نظام يقوم على التعاون بين مجموعات أو أفراد يتعهدون على وجه التقابل بتعويض الأضرار التي تلحق بأي منهم عند تحقق المخاطر المتشابهة، وهؤلاء المساهمون في تحمل المخاطر لهم من المصالح ما للمؤمّن لـه الذي أصابه الضرر" [محمد زكي السيد نظرية التأمين، ص230].
2 - وقيل في معناه إنه: "اشتراك مجموعة من الناس في إنشاء صندوق لهم يمولونه بقسط محدد يدفعه كل واحد منهم، ويأخذ كل منهم من هذا الصندوق نصيباً معيناً إذا أصابه حادث معين" [فيصل مولوي: نظام التأمين ص136].
فالتأمين التعاوني بهذا المفهوم لا يهدف إلى تحقيق الربح، كما لا يهدف إلى تحقيق الغنى لأفراده، بل مجرد رفع الضرر اللاحق بهم.
وفكرته يمكن أن تكون بيت مال مصغر لمجموعة من المسلمين ترعى بعض جوانب التكافل الاجتماعي الأكثر ضرورة عندهم [فيصل مولوي: ص137].
3 - ونجد تعريفاً آخر للتأمين التعاوني يقول: "بأنه عمل مجموعات من الناس على تخفيف ما يقع على بعضهم من أضرار وكوارث من خلال تعاون منظم، يضم كل مجموعة يجمعها جامع معين، وبحيث يكون المقصود من هذا التعاون المؤازرة، ورأب الصدع الذي ينزل ببعض الأفراد من خلال تكاليف مجموعهم على ذلك، فقصد التجارة والكسب والربح الذاتي معدوم عند كل منهم في هذا التجمع" [محمد بلتاجي: عقود التأمين ص202].
وخلاصة القول: إن هذه التعريفات جميعها متقاربة من حيث المفهوم، وتعبر عن أفضل الصور التطبيقية لمبدأ التعاون والتضامن الذي أمر بها الإسلام.
لا شك أن الحياة لا تخلو من كوارث ومخاطر تصيب حياة الإنسان في ماله أو بدنه، لهذا يلجأ الإنسان إلى وسائل وقائية أو علاجية لمواجهة ما يتعرض إليه من خطر، فقد يدخر بعض المال لمواجهة أقدار الحياة، إلا أن هذا المال قد يهلك كلياً أو جزئياً، ومن ثم لا يجبر الضرر، لهذا لجأ الإنسان إلى عون الغير.
ويرى بعض الباحثين أن التأمين أول ما بدأ تعاونياً، وقد نشأ مع نشأة الإنسان ذاته في صورة بسيطة، إما فردياً لدوافع إنسانية أو فطرية كالسخاء، وحب الخير والرغبة في الثواب الأخروي، أو عائلياً بين أفراد الأسرة أو القبيلة، أو جماعياً بين مجموعة من الأفراد المعرضين لمخاطر مشتركة نتيجة لعوامل اجتماعية واقتصادية، ثم تطور هذا التعاون بنوع من التنظيم في صورة جمعيات تأمين تعاونية يدفع أعضاؤها اشتراكات معينة، ومن حصيلة هذه الاشتراكات تتحمل الجمعية أعباء الأضرار التي تقع على أحد أعضائها أو ماله [صادق مهدي: أصول التأمينات ص1].
كما تدل الدراسات التاريخية على أن التأمين التعاوني بطريق الجمعيات يضرب بجذوره في أعماق التاريخ، قبل ظهور التأمين التجاري بحقب طويلة، ويرجع ظهوره إلى نظام الطوائف الحرفية بين جماعات التجار والصناع والمحاربين، على أساس فكرة تضامن أهل الحرفة أو المهنة الواحدة والمعونة المتبادلة بينهم.
وقد وجد لـه أثر في العراق القديم أيام البابليين ولدى الفينيقيين واليونان والرومان من قبل ميلاد المسيح بثلاثة آلاف سنة، كما وجد في جنوب العراق في القرن السادس الميلادي، بين البحارة الذين كانوا يتفقون فيما بينهم على تعمير المركب المفقود لأحدهم بلا خطأ منه، ثم انتشر في أوروبا خلال القرون الوسطى في الأوساط المهنية والحرفية وغيرها.
حيث وجد في لندن ما بين (827-1015م) جمعيات لتعويض السيد الذي يفقد خادمه، ولتعويض الأموال التي تسرق [صادق مهدي ص11].
ورغم انتشار التأمين التجاري فقد ظلت جمعيات التأمين التعاوني قائمة تؤدي رسالتها، وحديثاً أنشئت في أمريكا جمعيات تعاونية متعددة تباشر أعمال التأمين، وأكبر هيئة للتأمين على الحياة في سويسرا حتى الآن هيئة تعاونية، وفي إنجلترا وغيرها من سائر بلدان أوروبا جمعيات تعاونية تقوم بأعمال التأمين [الدسوقي: التأمين وموقف الشريعة منه ص51].
ينفرد التأمين التعاوني بخصائص تميّزه عن غيره من أنواع التأمين الأخرى وأهمها:
أولاً: اجتماع صفة المؤمِّن والمؤمَّن لـه لكل عضو:
وهذه من أهم الخصائص التي يتميز بها التأمين التعاوني عن غيره، حيث إن أعضاء التأمين التعاوني يتبادلون التأمين فيما بينهم، إذ يؤمن بعضهم بعضاً، فهم في نفس الوقت مؤمنون ومؤمن لهم، واجتماع صفة المؤمن والمؤمن لـه في شخصية المشتركين جميعاً، يجعل الغبن والاستغلال منتفياً، لأن هذه الأموال الموضوعة كأقساط مآلها لدافعيها [السيد عبد المطلب: الأسلوب الإسلامي لمزاولة التأمين ص108].
ثانياً: دميقراطية الملكية والإدارة:
ومعنى هذا أن باب العضوية مفتوح لكل راغب في الانضمام، دون تمييز بين فرد وآخر بسبب الجنس أو اللون أو العقيدة، ومعاملة الأعضاء بمساواة تامة بين الجميع [السيد عبده: ص108-109].
ثالثاً: عدم الحاجة إلى وجود رأس مال:
حيث يتم إنشاء مشروعات التأمين التعاوني عندما يتفق عدد كبير من الأعضاء المعرضين لخطر معين على توزيع الخسارة التي تحل بأي منهم عليهم جميعاً، مما يؤدي إلى عدم الحاجة إلى رأس مال.
رابعاً: انعدام عنصر الربح:
ينحصر الهدف في التأمين التعاوني في توفير الخدمات التأمينية لأعضائها على أفضل صورة وبأقل تكلفة ممكنة. وبمعنى آخر لا يسعى هذا النوع من الهيئات إلى تحقيق أي ربح من القيام بعمليات التأمين.
وبناء عليه يتحدد اشتراك التأمين لدى هذه الهيئات على أساس ذلك المبلغ الكافي لتغطية النفقات الخاصة بالحماية التأمينية المقدمة، وتحقيق أي فائض يعد دليلاً على أن الاشتراك الذي يتم تحصيله كان أكثر مما يجب تقاضيه مما يستتبع رد هذه الزيادة إلى الأعضاء.
خامساً: توفير التأمين بأقل تكلفة ممكنة:
تعتمد الفكرة التي تقوم عليها مشاريع التأمين التعاوني على توفير الخدمة التأمينية لأعضائها بأقل تكلفة ممكنة وذلك لعدة عوامل منها:
ـ غياب عنصر الربح.
ـ انخفاض المصروفات الإدارية وغيرها، فلا يحتاج الأمر إلى وسطاء أو مصروفات أخرى مثل الدعاية والإعلان.
سادساً: قيامه بدور اجتماعي لخدمة البيئة والمجتمع:
ويتضح ذلك في أكثر من مجال منها:
ـ مجال توفير الحماية التأمينية لمن هم في أشد الحاجة إليها.
ـ مجال الاستثمارات: تقوم السياسة الاستثمارية لهذا النوع من المشروعات على تحقيق التوازن بين الصالح العام والصالح الخاص، وذلك من خلال نظرة تكاملية تأخذ بعين الاعتبار البعد الاجتماعي.
ـ مجال التعليم والتدريب المهني، تقدم مشروعات التأمين التعاوني الكثير من المنح الدراسية لأعضائها والعاملين بها [السيد عبد المطلب: ص113].
وخلاصة القول: إن قيام مشاريع التأمين التعاوني وانتشارها تقوي بصورة عامة من الحركة التعاونية، وتعمل على نموها وازدهارها سواء على المستوى المحلي أو الوطني أو العالمي.
يمكن تلخيص أهم الفروق الأساسية بين التأمين التعاوني والتأمين التجاري في الأمور التالية [عبد السميع المصري: التأمين بين النظرية والتطبيق ص16]:
أولاً: التأمين التعاوني لا يستهدف الربح إلا عرضاً، على عكس الحال في التأمين التجاري الذي استغرقه طلب الكسب وانحرف به عن غايته التأمينية الأصلية.
ثانياً: المؤمنون في التأمين التعاوني هم المستأمنون أنفسهم فلا تعارض مصلحياً بينهم، بخلاف الحال في التأمين التجاري الحالي، حيث يوجد انفصام تام بين الطرفين تختلف به مصالحهما، ويكون نفع أحدهما مضاداً لمصلحة الآخر فتنعدم فرص التعاون بينهما.
ثالثاً: من نتائج النظام التعاوني تقديم الخبرة التأمينية للمستأمنين بأقل تكلفة، وفي حال تحقيق أرباح من استثمار الفوائض، فيعود نفعها على المشتركين جميعاً، بينما تزيد تكلفة الخدمة التأمينية في التأمين التجاري بسبب الرغبة المستمرة للشركة المؤمنة في الكسب، ويستأثر أصحاب الشركة بالأرباح من دون المستأمنين.
رابعاً: إدارة التأمين التعاوني نابعة من المشتركين أنفسهم، وهم المستأمنون جميعاً الذين ينتخبون من بينهم مجلساً للإدارة ويشتركون في مراقبته، بينما الإدارة في التأمين التجاري حكر على أصحاب الشركة المساهمة في رأس مالها وليس للمستأمنين حقوق في الإدارة أو الرقابة أو الملكية.
خامساً: في التأمين التعاون – وعلى وجه الخصوص في الصيغة الإسلامية المطلوبةله – يتبرع الأعضاء المشتركون بمساهمتهم وأقساطهم من أجل تحقيق الغاية التأمينية، وتصبح هذه الأموال المقدمة منهم ملكاً للشخصية الاعتبارية للجمعية التي يمتلكونها جميعاً، ويتمتعون بما تقدمه من خدمات لجميع أعضائها، بينما المستأمنون في التأمين التجاري لا يدفعون الأقسام على سبيل التبرع بل شراء للخدمة التأمينية التي تزينها لهم شركات التأمين، وهي شركات مساهمة ملك لأصحابها، لم ينشئوها إلا طلباً للربح، وفي حالة التعويض المالي عن الحادث المحتمل إذا وقع يأخذ التعامل شكل المعاوضة المالية بأجل مع تفاوت في قيمة النقدين، ويشوش عليه بتلك الصورة الربوية المنهي عنها شرعاً [عبد السميع المصري: ص16. فيصل مولوي: ص137. محمد عبد الجواد: بحوث في الشريعة ص107].
ذكرت سابقاً أن التأمين، فكرة ونظاماً، يتفق مع مبادئ الشريعة الإسلامية وأهدافها ومقاصدها، إلا أن شرعية الهدف أو الغاية لا تسبغ الشرعية على كل الوسائل التي يمكن استخدامها لبلوغ الهدف، فلابد أن تكون الوسيلة مشروعة لتحقيق المقاصد الشرعية.
وقد جدت في عصرنا الحاضر وسائل كثيرة لتحقيق فكرة التأمين، وقد تناولها العلماء بالبحث والدراسة، لمعرفة مدى توافقها مع قواعد الشريعة الإسلامية وأحكامها، وفي ضوء ذلك أخذت وسيلة من هذه الوسائل ألا وهي التأمين التعاوني لنتبين مدى شرعيته.
أولاً: من القرآن الكريم:
يقول تعالى: { وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ } [المائدة: من الآية 2].
ويقول تعالى: { وَالْعَصْرِ، إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ، إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ } [العصر الآيات 1-3].
فالآيات التي تحث على التعاون في شتى المجالات، تدل على أن الإسلام دين التعاون والتراحم، فالخالق سبحانه أمرنا بالتعاون على الخير ومحاربة الشر، وأوجب على الناس أن يعين بعضهم بعضاً في ميادين الحق والخير والبر [أحمد الشرباصي: الإسلام والاقتصاد ص149].
ثانياً: من السنة النبوية:
1 - قوله صلّى الله عليه وسلّم: ”من نفَّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة“ [الصنعاني: سبل السلام ج4 ص168، رواه مسلم].
2 - قوله صلّى الله عليه وسلّم: ”والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه“ [سبل السلام ج4 ص168، رواه مسلم].
3 - وفي قولـه صلّى الله عليه وسلّم: ”إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو أو قل طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية فهم مني وأنا منهم“ [أرملوا: فني طعامهم أو قارب. ابن حجر: فتح الباري ج6 ص55. شرح النووي على مسلم ج5 ص370].
فهذه صورة مثالية للتكافل والتعاون، وفي عمل الأشعريين دليل واضح على التأمين التعاوني أيده رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بقوله عنهم إنهم مني وأنا منهم.
وبنظرة فاحصة للفقه الإسلامي نجد فيه مسائل تناظر الفكرة العامة للتأمين التعاوني بوصفه وسيلة تكافلية لتوزيع الخسائر التي تلحق بالفرد على مجموعة متضامنة من الأفراد.
وعلى سبيل المثال ما يذكره القرافي تحت عنوان: "الفرق بين قاعدة ما يضمن بالطرح من السفن وقاعدة ما لا يضمن" [القرافي: الفروق ج4 ص8].
قال مالك: "إذا طرح بعض الحمل للهول شارك أهل المطروح من لم يطرح لهم في متاعهم، وكان ما طرح وسلم لجميعهم في نمائه ونقصه بثمنه يوم الشراء إن اشتروا من موضع واحد، بغير محاباة، لأنهم صانوا بالمطروح ما لهم، والعدل عدم اختصاص – أي عدم تحمله له وحده – أحدهم بالمطروح، إذ ليس أحدهم بأولى من الآخر، وهو بسبب سلامة جميعهم" [القرافي: الفروق ج4 ص8].
وأوضح أن قول مالك يدخل في باب توزيع الخسائر التي تلحق بالفرد على مجموعة من الناس تجتمع معه في رابطة تبرر هذا التوزيع، وهي نفس فكرة التأمين التعاوني [محمد بلتاجي: عقد التأمين ص212].
كما نرى أن نظام العواقل في الفقه الإسلامي شاهد على التأمين التعاوني وصورته:
إذا جنى شخص جناية قتل خطأ بحيث يكون موجبها الأصلي الدية وليس القصاص، فإن دية المقتول توزع على أفراد العائلة وهم عصبته [عبد القادر عودة: التشريع الجنائي ج1 ص672].
ومن الشواهد الدالة أيضاً على التأمين التعاوني ما يسمى بـ"ولاء المولاة" عند الحنفية وصورته:
"أن يقول شخص مجهول النسب لآخر أنت وليي تعقل عني إذا جنيت، وترثني إذا مت. فيقول: قبلت" أو يقول: "وليتك فيقول قبلت" [حاشية ابن عابدين ج6 ص125-126. محمد بلتاجي: ص211].
ومن الشواهد أيضاً التي تصلح مستنداً للتأمين التعاوني، قضية تجار البزّ مع الحاكة، وهي حادثة حصلت في المغرب في مدينة سلا خلاصتها:
أن هؤلاء التجار اتفقوا فيما بينهم على أنهم إذا اشترى أي واحد منهم سلعة، عليه أن يضع درهماً عند رجل يثقون به، ليستعينوا بها على أي غرم يصيب أحدهم، وهي صورة من صور التكافل الاجتماعي، كما هو الحال في الجمعيات التعاونية التي يتفق عليها بعض الناس فيما بينهم ليعينوا بعضهم بعضاً عند الحاجة [الفكر السامي ج4 ص308-310. محمد بلتاجي: ص105].
فهذه الشواهد وغيرها كثير في الفقه الإسلامي تشهد للتأمين التعاوني مادام المقصود منه أن يكون المسلمون كجسد واحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى [محمد بلتاجي: ص213].
ورغم هذه الشواهد من القرآن والسنة والفقه الإسلامي، التي تؤكد شرعية التأمين التعاوني وخلوه من أية شبهة تحريم، رأيت أن أعرض أقوال العلماء في المطلب التالي:
اجتهد العلماء في البحث عن موقف الإسلام من التأمين التعاوني وكانت مذاهبهم في اتجاهين: الإباحة، التحريم.
أولاً: فريق من العلماء ذهبوا إلى تحريم التأمين التعاوني، وجعلوه كالزهرة الصناعية الكاذبة التي قد ينظر إليها إذا أجدبت الأرض وخلت من كل زهرة طبيعية.
ومن الذين سلكوا هذا المسلك الدكتور عيسى عبده، وطرح للدلالة على التحريم مجموعة من الأسئلة يطلب الجواب عنها منها:
ـ هل قامت في المجتمع الإسلامي حاجة إلى هذا العقد المستحدث وضاقت الشريعة لسد هذه الحاجة ؟
ـ هل يفرض على الشريعة الإسلامية أن تقعد لاجتهاد كل إنسان وإن جاء بما أغنت عنه الشريعة ؟
ـ هل التأمين التعاوني بديل عن التكافل الإسلامي القائم على الزكاة والصدقات وما يلتزم به بيت مال المسلمين؟ [عيسى عبده: التأمين الأصيل والبديل ص20-21].
وقد أجاب عن هذه الأسئلة فيصل مولوي ومحمد بلتاجي، ما أغنانا عن الدخول في هذه المناقشات، التي لا علاقة لما ذكره الدكتور عيسى عبده في أسئلته من شرعية التأمين التعاوني، وأنه ليس بديلاً عن التكافل الإسلامي كما قال، بل هو ضرب من ضروب التكافل الاجتماعي في الإسلام، اقتضته مستجدات العصر، على القاعدة الشرعية المعروفة أن مصالح الناس تتجدد ولا تنتهي [انظر: الإجابات عن أسئلة الدكتور عيسى – فيصل مولوي: نظام التأمين ص73. ومحمد بلتاجي: عقد التأمين ص228].
ثانياً: الفريق الثاني ويمكن القول إنه شبه إجماع منهم على إجازة التأمين التعاوني بوصفه ضرباً من ضروب التكافل في الإسلام.
على اعتبار أنه معاملة أساسها التعاون والتبرع، وهي خالية من معنى المعاوضة، لذا انتفى عنها مفسدة الجهالة والغرر والغبن وشبهة الربا [محمد زكي السيد: نظرية التأمين ص223].
وقد أقرته مؤتمرات مجمع البحوث الإسلامية وعدّته مشروعاً لخلوه من المحاذير الشرعية.
وهو ما أفتت به ووافقت عليه هيئة الرقابة الشرعية لبنك فيصل الإسلامي السوداني، فقد جاء في موافقتها على إقامة شركة التأمين التعاوني: "إن التأمين التعاوني جائز شرعاً باتفاق جميع الفقهاء، بل هو أمر مرغوب فيه، لأنه من قبيل التعاون على البر وعلى هذا يجوز.." [محمد زكي السيد: ص223].
ويقول محمد أبو زهرة: "إن التأمين التعاوني أن يتفق جماعة على تكوين رأسمال يساهمون فيه، ويستغلونه استغلالاً غير مخالف لأوامر الشرع الإسلامي، على أن يعينوا أسرة من يموت منهم بمال يعطونه أو يسددون دين من بذمته مغارم مالية، أو يعالجون مرضاهم أو نحو ذلك.. إلى أن يقول: ولا شك أن هذا النوع من التأمين هو من قبيل التعاون على البر والتقوى" [غريب الجمال: نحو نظام تأمين إسلامي ص2-73]. وهذا يشبه مشروع التكافل الاجتماعي في جامعة اليرموك.
وقد أكد ذلك الشيخ أبو زهرة في أسبوع الفقه الإسلامي ومهرجان ابن تيمية في دمشق سنة 1961م، حيث قال: "فهلا دعونا العالم الإسلامي إلى إيجاد نظام تأمين تعاوني، بدل هذا النظام غير التعاوني الذي لا نزال مصرين على أنه بدعة يهودية".
ومما يؤكد جواز التأمين التعاوني ما قرره المجمع الفقهي الإسلامي في دورته الأولى المنعقدة في 10 شعبان 1398هـ بمكة المكرمة، ومن قراراته:
قرر مجلس المجمع بالإجماع الموافقة على قرار مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية رقم 51 بتاريخ 4/4/1397هـ من جواز التأمين التعاوني بدلاً عن التأمين التجاري المحرّم للأدلة الآتية:
الأول: أن التأمين التعاوني من عقود التبرع التي يقصد بها أصالة التعاون على تفتيت الأخطار، والاشتراك في تحمل المسؤولية عند نزول الحوادث، وذلك عن طريق إسهام أشخاص بمبالغ نقدية تخصص لتعويض من يصيبه الضرر، فجماعة التأمين التعاوني لا يستهدفون تجارة ولا ربحاً من أموال غيرهم، وإنما يستهدفون توزيع الأخطار بينهم والتعاون على تحمل الضرر.
الثاني: خلو التأمين التعاوني من الربا بنوعيه، ربا الفضل وربا النسيئة، فليس عقود المساهمين ربوية ولا يستغلون ما جمع من الأقساط في معاملات ربوية.
الثالث: أنه لا يضر جهل المساهمين في التأمين التعاوني بتحديد ما يعود عليهم بالنفع، لأنهم متبرعون فلا مخاطرة ولا غرر ولا مغامرة، بخلاف التأمين التجاري فإنه عقد معاوضات مالية تجارية.
الرابع: قيام جماعة من المساهمين أو من يمثلهم باستثمار ما جمع من الأقساط لتحقيق الغرض الذي من أجله أنشئ هذا التعاون، سواء كان القيام بذلك تبرعاً أو مقابل أجر معين، ورأى المجلس أن يكون التأمين التعاوني على شكل شركة تأمين تعاونية مختلطة للأمور التالية:
أولاً: الالتزام بالفكر الاقتصادي الإسلامي الذي يترك للأفراد مسؤولية القيام بمختلف المشروعات الاقتصادية، ولا يأتي دور الدولة إلى عنصراً مكملاً لِمَا عجز الأفراد عن القيام به ودوراً موجهاً ورقيباً لضمان نجاح هذه المشروعات وسلامة عملياتها.
ثانياً: الالتزام بالفكر التعاوني التأميني الذي بمقتضاه يستقل المتعاونون بالمشروع كله، من حيث تشغيله ومن حيث الجهاز التنفيذي ومسؤولية إدارة المشروع.
ثالثاً: تدريب الأهالي على مباشرة التأمين التعاوني وإيجاد المبادرات الفردية والاستفادة من البواعث الشخصية، فلا شك أن مشاركة الأهالي في الإدارة تجعلهم أكثر حرصاً ويقظة على تجنب وقوع المخاطر التي يدفعون مجتمعين تكلفة تعويضها، مما يحقق بالتالي مصلحة لهم في إنجاح التأمين التعاوني، إذ إن تجنب المخاطر يعود عليهم بأقساط أقل في المستقبل، كما أن وقوعها قد يحملهم أقساطاً أكبر في المستقبل.
رابعاً: إن صورة الشركة المختلطة لا يجعل التأمين كما لو كان هبة أو منحة من الدولة للمستفيدين منه، بل بمشاركة منها معهم فقط لحمايتهم ومساندتهم بوصفهم هم أصحاب المصلحة الفعلية، وهذا موقف أكثر إيجابية يشعر معه المتعاونون بدور الدولة، ولا يعفيهم في الوقت نفسه من المسؤولية.
كما يرى المجلس أن يراعى في وضع المواد التفصيلية للعمل بالتأمين التعاوني على الأسس الآتية:
الأول: أن يكون لمنظمة التأمين التعاوني مركزاً له فروع في كافة المدن وأن تشتمل المنظمة على أقسام تتوزع بحسب الأخطار المراد تغطيتها وبحسب مختلف فئات المتعاونين ومهنهم، كأن يكون هناك قسم للتأمين الصحي، وثان للتأمين ضد العجز والشيخوخة .. إلخ.
أو يكون هناك قسم لتأمين الباعة المتجولين، وآخر للتاجر، وثالث للطلبة، ورابع لأصحاب المهن الحرة كالمهندسين والأطباء والمحامين.. إلخ.
الثاني: أن تكون منظمة التأمين التعاوني على درجة كبيرة من المرونة والبعد عن الأسباب المعقدة.
الثالث: أن يكون للمنظمة مجلس أعلى يقرر خطط العمل، ويقترح ما يلزمها من لوائح وقرارات تكون نافذة إذا اتفقت مع قواعد الشريعة.
الرابع: يمثل الحكومة في هذا المجلس من تختاره من الأعضاء، ويمثل المساهمين من يختارونه ليكونوا أعضاء في المجلس، ليساعد ذلك على إشراف الحكومة عليها واطمئنانها على سلامة سيرها وحفظها من التلاعب والفشل.
الخامس: إذا تجاوزت المخاطر موارد الصندوق بما قد يستلزم زيادة الأقساط فتقوم الدولة والمشتركون بتحمل هذه الزيادة [مجلة المجمع الفقهي الإسلامي، ط5 1412هـ، ص43 وما بعدها].
وخلاصة القول: إن شبه الإجماع قائم بين العلماء في قراراتهم وتوصياتهم في مجمع البحوث الإسلامية على جواز التأمين التعاوني، والمطالبة بإحلاله محل التأمين التجاري في جميع صوره وهذا يؤكد مشروعية التأمين التعاوني وخلوه من كل شبهات التحريم، لا سيما أنه يتفق اتفاقاً تاماً مع قواعد الشريعة الإسلامية ومقاصدها، وأنه ضرب من ضروب التكافل الاجتماعي في الإسلام للأدلة التي ذكرها العلماء في قرار مجمع الفقه الإسلامي، والشواهد التي ذكرتها في المطلب الأول من المبحث الثالث.
وهذه بعض قرارات العلماء وتوصياتهم في ذلك:
أولاً: أسبوع الفقه الإسلامي، ومهرجان الإمام ابن تيمية – دمشق، سنة 1961م:
قال الأستاذ المرحوم الشيخ أبو زهرة: "فهلا دعونا العالم الإسلامي إلى إيجاد نظام تأمين تعاوني، بدل هذا النظام غير التعاوني الذي لا ينزال مصرين على أنه بدعة يهودية".
ثانياً: ندوة التشريع الإسلامي – البيضاء – ليبيا، 1972م: من توصياتها العشر:
التوصية السادسة: "أن يعمل على إحلال التأمين التعاوني محل التأمين التجاري..".
التوصية السابعة: "يجب تعميم الضمان الاجتماعي، حتى تطمئن كل أسرة إلى مورد يكفل رزقها عند وفاة عائلها أو عجزه، أو غير ذلك من انقطاع الرزق لسد حاجة المحتاجين".
ثالثاً: قرار هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية رقم (52) تاريخ: 4/4/1397هـ - 1977م.
بعد الدراسة والمناقشة وتداول الرأي، قرر المجلس جواز التأمين التعاوني وذلك للأسباب التالية:
أ - "إن التأمين التعاوني من عقود التبرع، يقصد به أصلاً التعاون على تفتيت الأخطار، والاشتراك في تحمل المسؤولية عند نزول الكوارث، وذلك عن طريق إسهام أشخاص بمبالغ نقدية تخصص لتعويض من يصيبه الضرر..".
ب - "خلو التأمين التعاوني من الربا، فليست عقود المساهمين ربوية، ولا يستغلون ما جمع من الأقساط في معاملات ربوية..".
رابعاً: رأي مجمع البحوث الإسلامية – المنعقد بالأزهر في شهر محرم عام 1385هـ:
"التأمين الذي تقوم به جمعيات تعاونية يشترك فيها جميع المستأمنين لتؤدي لأعضائها ما يحتاجون إليه من معونات وخدمات، أمر مشروع وهو من التعاون على البر" [عيسى عبده: التأمين بين الحل والتحريم ص65].
على الرغم من أن هيئات التأمين التعاوني قد تتنوع فإن ما يجمعها أنها جمعيات تعاونية، هدفها تقديم الخدمات التأمينية لأعضائها بطريقة أفضل وبأقل تكلفة، وليس هدفا الربح كما بيَّنّا، ومن صور هذه الهيئات:
أولاً: هيئات التأمين التعاوني ذات الحصص البحتة:
وهي تتكون من أفراد يتعرضون لأخطار معينة أو متشابهة، وفي معظم الأحوال تكون ممتلكاتهم المؤمن عليها متساوية وإن كان هذا لا يشترط.
والأعضاء فيها يؤمنون أنفسهم من هذه الأخطار بحيث يتحمل كل واحد الخطر المؤمن منه طوال فترة الاتفاق، وعندما يلتحق العضو بها يؤخذ منه مبلغ مالي منجز لتغطية نفقات الهيئة حتى لا تتوقف عن العمل.
وتُسَيَّرُ هذه الهيئة من قبل مجلس منتخب مدة يحددها القانون الأساسي [غريب الجمال: ص276].
ثانياً: هيئات التأمين التبادلي ذات الأقساط المقدمة:
وهي لا تختلف عن سابقتها إلا أن في هيئات التأمين ذات الأقساط المقدمة، يجبر الفرد على دفع اشتراك معجمل أو قسط مسبق، وبذلك تستطيع أن تعوض من تلحقه خسارة من أعضائها دون انتظارهم أن يقدموا حصصهم بخلاف الأولى، فإنها تنتظر أعضاءها لتقديم حصصهم ثم يعوض المصاب بالضرر.
ثالثاً: جمعيات الأخوة، أو صناديق التأمين الخاصة وتسمى أحياناً صناديق الإعانات:
وتتكون من أشخاص تجمعهم مهنة واحدة، أو عمل واحد، أو صلة واحدة اجتماعي فيقع بينهم اتفاق على تكوين صناديق خاصة للتأمين من أخطار يعينونها كالوفاة، أو العجز عن العمل، أو التقاعد وتُسَيِّرُ هذه الجمعيات مجالس منتخبة من بين أعضائها.
وهذه الهيئات بأنواعها لا نرى فيها أية شبهة لعدم تعارض أعمالها وأنشطتها مع نصوص الشريعة التي تحث على التعاون.
ونكون بذلك قد وظَّفْنَا النصوص الشرعية في استيعاب الأحداث والمستجدات في حياة الناس، وأكسبناها مرونة في التمشي مع أغراض الحياة، شرط عدم مصادمتها لأصل شرعي. والله تعالى أعلم.
1- إبراهيم مصطفى وآخرون: المعجم الوسيط، دار إحياء التراث العربي – بيروت (د. ت).
2- بدوي عبد الرحمن: أفلاطون – مكتبة النهضة – بيروت – ط1 – سنة 1956م.
3- بلتاجي: الدكتور محمد: عقود التأمين من وجهة الفقه الإسلامي – دار العروبة – الكويت (د. ط) 1982م.
4- الجمال: الدكتور غريب: التأمين التجاري والبديل الإسلامي – دار الاعتصام – القاهرة – ط1 – 1977م.
5- حرك أبو المجد: من أجل تأمين إسلامي معاصر، دار الهدى – مصر – ط1 1993م.
6- ابن حزم، أبو محمد بن أحمد: المحلى – دار الآفاق الجديدة، بيروت (د. ت) (د. ط).
7- حسن بن منصور: التأمين في الشريعة الإسلامية – مطابع عمار قرفي – باتنة – ط1 – 1992م.
8- الدسوقي محمد السيد: التأمين وموقف الشريعة الإسلامية منه – المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية – القاهرة – ط1 – 1967م.
9- الشرباصي أحمد الدكتور – الإسلام والاقتصاد – (د. ت) (د. ن).
10- الصنعاني – محمد بن إسماعيل – سبل السلام شرح بلوغ المرام مكتبة الحلبي – القاهرة، 1960م.
11- ابن عابدين – محمد أمين – رد المحتار على الدر المختار – المطبعة العثمانية – (د. ن) (د. ت).
12- عبده السيد عبد المطلب – الأسلوب الإسلامي لمزاولة التأمين – دار الكتاب الجامعي – القاهرة – ط1 – 1988م.
13- عبده عيسى الدكتور – التأمين بين الحل والتحريم – دار الاعتصام – القاهرة – (د. ت) (د. ط).
14- الفيومي أحمد بن محمد، المصباح المنير، مكتبة الحلبي، القاهرة (د. ط) (د. ت).
15- القرافي شهاب الدين – الفروق – دار المعرفة – بيروت – (د. ط) (د. ت).
16- المصري عبد السميع – التأمين الإسلامي بين النظرية والتطبيق – مكتبة وهبة – القاهرة – ط2، 1987م.
17- مولوي فيصل – نظام التأمين في الفقه الإسلامي – بيروت – ط1 – 1988م.
18- النووي – أبو زكريا محيي الدين بن شرف – شرح صحيح مسلم – دار إحياء التراث العربي – بيروت – ط1 (د. ت).
مجلة البحوث الفقهية المعاصرة
العدد الثالث والستون – السنة السادسة عشرة – ربيع الآخر – جمادى الأولى – جمادى الآخرة 1425هـ - يونيه (حزيران) يوليه (تموز) أغسطس (آب) 2004م
الدكتور / فخري خليل أبو صفية
جامعة اليرموك – قسم الفقه والدراسات الإسلامية – إربد – الأردن.