حكم تثويب أجر القراءة للميت
الناقل :
SunSet
| الكاتب الأصلى :
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
| المصدر :
www.binbaz.org.sa
هل يجوز تلاوة القرآن على المتوفى أو إهداء ثوابه له، علمت من ردكم أن هناك خلافاً بين العلماء في هذا الأمر، وكما قلتم: إنه ليس هناك دليل من الشارع على هذه المسألة، أرجو من فضيلة مولانا المزيد من الإيضاح في تعليقه على هذه الملاحظات: إذا جاز لنا أن نحج عن الم
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فإني أشكر للسائل عنايته واهتمامه بهذه الأمور الشرعية العظيمة، وأسال الله لنا وله المزيد من كل خير. أيها الأخ السائل: إن أمور العبادات ليست محل قياس، والعبادات توقيفية كما قال أهل العلم، لا يقال فيها بالرأي المجرد والقياس من عبادة على عبادة، ولكن يتلقى أمر العبادة عن الشارع عن الله وعن رسوله –عليه الصلاة والسلام-، ولا نقيس شيئاً على شيء بدون حجة، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- أقر الحج عن الميت وأذن فيه، وعن العاجز أيضاً كالشيخ الكبير العاجز يحج عنه، والصلاة التي يصليها الطائف تبعاً للطواف، يكون ثوابها وثواب الطواف للميت من غير حاجة إلى أن يهدي الصلاة أو يهدي القراءة؛ لأنه صلى تبعاً للطواف، وهذه الصلاة جازت تبعاً لا استقلالاً، ولا يشرع لأحد أن يصلي عن الميت أو يصوم عنه تنفلاً لأن هذا لم يرد في الشرع، والعبادات -مثل ما تقدم- توقيفية يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) ويقول الله -عز وجل- في ذلك ما هو أعم من هذا: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ..) (الشورى: من الآية21)، ويقول -عليه الصلاة والسلام-: (من أحدث في أمرنا هذا – يعني في ديننا وشرعنا- ما ليس منه فهو رد) يعني مردود، فالواجب على أهل الإسلام الاتباع لما جاء به نبيهم عليه الصلاة والسلام، وليس لهم أن يبتدعوا، فالحج بأعماله الواجبة والمشروعة جاءت عن الشارع، فإذا حج عن الميت أو عن العاجز صار الأجر للمحجوج عنه عن النفل والفرض جميعاً حسب ما جاء عن الشارع، ولا نقيس على ذلك فنقول: كما جازت الصلاة تبع الطواف للميت المحجوج عنه نقول: لنا أن نصلي عن الموتى ونصوم عنهم، لا، هذا قياس، الحج عبادة مستقلة، فلا يقاس عليها أن نصوم عنه نافلة أو نصلي عنه نافلة بل علينا أن نتبع ونقف عند الشرع، وهكذا التِّلاوة، التلاوة التي يقرؤها الإنسان في الصلاة عن الميت والتلاوة في ركعتي الطواف والتلاوة في الطواف كل هذه تبع، فلا يقاس عليها التلاوة المستقلة كونه يقرأ على الميت، ويجعل الثواب للميت أو يقرأ على القبر أو يقرأ خارج ذلك في أي مكان وينوي للميت هذا يحتاج إلى دليل، وإن كان جملة من أهل العلم ذهبوا إلى جواز ذلك وأنه لا بأس به وقاسوه على الحج والدعاء والصدقة، لكن مثلما تقدم: القاعدة الشرعية عدم القياس، وأن علينا أن نتبع ولا نخترع ولا نبتدع في الدين ما لم يأذن به الله، وإذا فتح هذا الباب دخل الناس في البدع ولم يقفوا عند حد؛ فلهذا قلت سابقاً وأقول الآن: أن الأرجح عدم تثويب التلاوة إلى الميت، وعدم الصلاة عنه وعدم الصوم عنه، إلا إذا كان عليه دين، عليه صوم واجب من رمضان أو من كفارة أو من نذر فلا مانع من الصوم عنه؛ يقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه)، وسئل غير مرة عمن مات وعليه صيام، فأفتى المستفتي بأن يصوم عن ميته، فهكذا نقول مثلما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- من مات وعليه صيام يصام عنه، هذا مشروع بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم – حتى رمضان على الصحيح، إذا مات وعليه صيام ولم يقضه من دون عذر شرع لأوليائه أن يصوموا عنه كما يصومون عن الكفارات والنذور، وبعض أهل العلم خص ذلك بالنذر، والصواب أنه لا يخص النذر بل يعم؛ لما في الصحيحين من حديث عائشة - رضي الله عنها- عن النبي - صلى الله عليه وسلم – أنه قال: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه) هكذا قال عليه الصلاة والسلام-: (من مات) هذا عموم، (وعليه صيام صام عنه وليه) فيعم من مات وعليه صوم رمضان أو صوم كفارة أو صوم نذر، ومن زعم تخصيص ذلك بالنذر فلا دليل عليه وليس معه حجة يعتمد عليها، ولم يقل -صلى الله عليه وسلم –: من مات وعليه صلاة صلى عنه وليه، ولم يقل: من مات فليقرأ عنه وليه، لكن الدعاء نعم شرع أن ندعوا للأموت ونصلي وندعوا لهم، والله يقول سبحانه وتعالى- في كتابه العظيم مثنياً على عباده الصالحين بقوله: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ..) (الحشر: من الآية10) فالدعاء أمر مطلوب للميت والحي جميعاً، ولهذا شرع الله صلاة الجنازة لما فيها من الدعاء للميت، فأرجوا يا أخي أن لا يشتبه عليك الأمر، وأن تطمئن إلى أن السنة أن تلزم ما جاءت به السنة والشريعة وأن لا تحيد عنه وأن لا تزيد عليه في العبادات لأنها توقيفية، والله ولي التوفيق. - شيخ عبد العزيز يكثر بعض إخواننا من كلمة (مولانا) وقد علقتم ذات مرة في إجابة في حلقة مضت على هذه الكلمة. ج/ كذلك ينبغي أن لا يستعمل هذا؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم – قال: (لا تقولوا: مولانا، فإن مولاكم الله) هكذا رواه مسلم في الصحيح، فينبغي للمؤمن تركها، وقد أجازها بعض أهل العلم واحتجوا بقوله -صلى الله عليه وسلم- في حق العبد: (وليقل: سيدي ومولاي) قالوا فهذا دليل على جوازها لما جازت في حق العبد لأنه يقولها لسيده، فالأولى في هذا أن لا نقيس على العبد، بل هذا خاص بالعبد يقوله لسيده، أما غيره فينبغي له أن يتأدب بالأدب الشرعي فيقول: يا فلان، يا أخي، يا أبا فلان، يا شيخ فلان، ويكفي هذا، ويحتاط لدينه ويبتعد عن الشيء الذي فيه شبهة.