هل نزع موسى حذاءه تعظيما لله أم لطهارة الوادي المقدس؟
الناقل :
SunSet
| الكاتب الأصلى :
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
| المصدر :
www.binbaz.org.sa
يقول الله -تعالى- مخاطباً نبيه موسى -عليه السلام-: إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى[طه:12]، هل الأمر بخلع النعلين تعظيماً لله أم تعظيماً للوادي المقدس؟ وإذا كان تعظيماً لله فكيف يجوز للمسلم أن يقف في الصلاة بين يدي ربه وهو لابس نعليه؟
هذا شيء يتعلق بشريعة موسى حين أمره الله أن يخلع نعليه، ظاهره أن الوادي المقدس لا يطأه بنعليه، فيحتمل أنها نعلان فيهما شيء من القذر، أو لأسباب أخرى، وقد أمر الله نبيه -صلى الله عليه وسلم- محمد أن يخلع نعليه في الصلاة، جاءه جبرائيل وقد صف في الصلاة وكبر فأمره أن يخلع نعليه فخلعهما، فلما سلم قال للصحابة: (إن جبرائيل أخبرني أن بهما قذراً فخلعتهما، فإذا أتى أحدكم الصلاة فلينظر في نعليه فإن رأى فيهما قذراً فليمسحهما ثم يصلي بهما) وكان يصلي في نعليه -عليه الصلاة والسلام-، فشريعة موسى تخصه وليست شريعة لنا قال -تعالى-: لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً[المائدة: 48]، أما شريعتنا فإنها تبيح لنا الصلاة في النعلين والخفين، كما صلى فيهما النبي -صلى الله عليه وسلم-، بل ذلك سنة لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم)، فالسنة لنا أن نخالف اليهود في ذلك, وأن نتبع محمد -صلى الله عليه وسلم في ذلك، فكان يصلي في نعليه، فلهذا يشرع لنا أن نصلي في نعلينا وخفينا إذا كانا نظيفين، فعلى المؤمن عند إتيان المسجد أن يلاحظ نعليه وخفيه وينظفهما إن كان بهما شيء حتى لا يدخل بهما وبهما قذر، كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- حين أخبره جبرائيل خلعهما. وإذا كانا نظيفين ليس بهما شيء فلا حرج أن يصلي فيهما، في المسجد إذا كان حصباء أو تراب، أما إن كان بفرش فلا بأس، لكن إذا خلعهما احتياطاً، خلع النعلين مثلاً احتياطاً لئلا يكون فيهما تراب كثير يوسخ المسجد ،أو يكدر المصلين فهذا حسن، وليس بلازم، وأما الخفان فلا، إذا كان قد مسح عليهما فلا يخلعهما يصلي فيهما؛ لأنهما إذا خلعهما بطل الوضوء، فإذا كان الخفان يعني قد مسح عليهما للطهارة فلا يخلعهما بل يصلي فيهما، لكن لا يدخل حتى ينظر فيهما، ويزيل ما بهما من أذى إن كان هناك أذى، حتى لا يدخل فيهما إلا وهما نظيفان. أما النعل فأمرها أسهل، فإمكان خلعها، لأن النعل لا يمسح عليها، فإذا كان جاء على الطهارة وعليه نعلان إن شاء خلعهما في المساجد المفروشة، وإن شاء تركهما، وإذا خلعهما من أجل مراعاة الناس لئلا يستنكروا منه أو لئلا يتكلموا عليه، أو لئلا يكون فيهما تراب يوسخ الفرش من باب التحري للخير ومن باب البعد عن التشويش فهذا حسن، وإلا فالأصل مع من قال بالصلاة فيهما ولو كان المسجد مفروشاً، إذا كانت النعلان نظيفتين، فلا بأس بذلك لفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- ولقوله -عليه الصلاة والسلام- ولكن مراعاة للناس اليوم في المساجد المفروشة، إذا راعى الناس وخلعهما خوف أن يكون هناك تراب أو أوساخ ما فطن لها، أو أن الناس يستنكرون منه ذلك، وربما تكلموا عليه وجهلوه جهلاً منهم، فاتق القالة، وحسن المادة وجعلهما في مكان آخر، هذا لا بأس به إن شاء الله، مراعاة لأمور الناس اليوم واتقاء لما قد يقع من بعضهم من الجهل والكلام الذي لا يناسب، والله -سبحانه وتعالى أعلم-.