جدل في الجزائر اثر تصريحات الوزير الاول حول 'الإخوان' وطموحاته الرئاسية

الناقل : elmasry | الكاتب الأصلى : كمال زايت | المصدر : www.alquds.co.uk

 

الجزائر ـ 'القدس العربي': أثارت التصريحات التي أدلى بها أحمد أويحيى الوزير الأول الجزائري، وهو رئيس التجمع الوطني الديمقراطي (تحالف رئاسي)، ردود فعل غاضبة وجدلا واسعا، خاصة فيما يتعلق بشريكه في التحالف حركة مجتمع السلم (تيار إسلامي) وكذا موضوع عدم اعتماد أحزاب جديدة، كما أن كلامه عن إمكانية ترشحه للانتخابات الرئاسية القادمة فتح الباب للكثير من التساؤلات.
وكان أويحيى قد نزل ضيفا على برنامج حواري بثه التلفزيون الجزائري الأربعاء الماضي، ورغم أنه شارك في البرنامج بصفته رئيس حزب، إلا أن أغلبية تصريحاته كانت من موقع الوزير الأول.
وتحدث الوزير الأول لأول مرة منذ أشهر حول الكثير من القضايا، مؤكدا أن الأحداث التي تعرفها الكثير من الدول العربية من الصعب أن تنتقل إلى الجزائر لأن هذه الأخيرة غيرت 5 رؤساء خلال العشرين سنة الماضية، ولأن هامش الحرية فيها كبير، إضافة إلى جهود التنمية التي تقوم بها الحكومة في كل مناطق البلاد، كما قال.
وجدد التأكيد على موقف الحكومة من اعتماد أحزاب جديدة، مشيرا إلى أنه من الضروري إعطاء الجزائريين الوقت الكافي للشفاء من الجراح التي تسببت فيها الأزمة التي عرفتها البلاد في تسعينات القرن الماضي، موضحا أن هذه الأحزاب لا تقلق الحكومة في شيء.
ورد المسؤول ذاته على رئيس حركة مجتمع السلم أبو جرة سلطاني، الذي قال ان التحالف الرئاسي يجب أن يتجدد أو يتبدد، فعلق قائلا: 'لقد أشركنا الحركة في التحالف عرفانا لجهود الراحل محفوظ نحناح رئيسها السابق ومؤسسها خلال سنوات الأزمة التي عرفتها البلاد'، مشددا على أنه بإمكان هذا الحزب الانسحاب من التحالف الرئاسي، دون أن يضر ذلك بالأغلبية التي يمتلكها التجمع رفقة جبهة التحرير الوطني.
وجاء رد حركة مجتمع السلم على لسان نائب رئيسها عبد الرزق مقري الذي اعتبر أن ادعاء أويحيى بأن سبب وجود حركة مجتمع السلم في التحالف هو تقدير لمحفوظ نحناح 'سبة كبيرة للشيخ نفسه ولكل الكوادر والأعضاء الذين عملوا معه في فترة النار والدمار التي مرت بها الجزائر، وكأن أويحيى يريد أن يقول انه يتصدق علينا'.
وذكر مقري أن نحناح 'ليس في حاجة للصدقة سواء في حياته أو بعد مماته، لأنه أحق بالجزائر التي سمح لأجلها من حقه، ولم يستفد منها ولم يأكل من ريعها، وذهب بريء الذمة لم تتلطخ يداه بدماء، ولا بطنه بحرام، فهو الذي وقف وقفة الرجال حينما كانت الدار تحترق'. ومضى يقول 'حينما ترشح (نحناح) في سنة 1995 (للانتخابات الرئاسية) فعل ذلك من أجل الوطن، ولولا التزوير لكان هو رئيس الجمهورية، ولولا منعه من الترشح سنة 1999 لكان هو مرة أخرى رئيس الجمهورية'.
واعتبر مقري أن نحناح 'لما صفح عمن زوروا ضده، فعل ذلك من أجل الجزائر حتى لا يصب على النار زيتا'، واستطرد قائلا 'الأجدر بك سيد أويحيى أن تقدم الاعتذار للشيخ حينما تذكرته، بدل المن عليه وهو في قبره'.
وتساءل مقري مخاطبا أويحيى: 'إنك حينما تمن علينا بوجودنا في التحالف، لست أدري باسم من أو باسم ماذا تتكلم.. هل تتكلم باسمك الشخصي وكأنك وحدك تملك ناصية الجزائر، وأن مؤسسات الدولة ملك محصور لك لا يحق للجزائريين أن يكونوا فيها إلا ما تمن به يمناك عليهم؟'.
وأكد أنه 'لو كانت موازين القوة السياسية في البلد تخضع لإرادة المواطنين، ما كان الحال كما هو عليه الآن، وما كانت الفرصة لتمن على غيرك فأنت أعلم الناس بالتزوير الانتخابي الذي وقع في الانتخابات البرلمانية والانتخابات المحلية سنة 1997، و الذي أثبتته لجنة التحقيق البرلمانية'.
وأوضح أن تواجد الحركة في التحالف أملاه علينا في الفترة السابقة واجبنا الوطني، لكي نساعد على إنقاذ البلد، ولنتمكن بعد ذلك أن نصلحه ونغيره، أما نحن كحركة سياسية فلم نجن منه إلا المتاعب وهو ليس قدرا أبديا، فأيُّ مَنِّ هذا الذي تمن به علينا.
واعتبر مقري أن الحركة هي الأولى تمن على أويحيى لو لم يكن المن معرة لا يليق أن نتورط فيه، نحن بوجودنا في التحالف وفرنا لك الفرصة لتستفيد من استقرار مؤسسات الدولة لمصلحتك ومصلحة حزبك ولو لا شعورك بهذه المصلحة لعملت منذ زمن طويل على إبعادنا'.
وعلّق في الأخير على ما قاله الوزير الأول بشأن الإصلاحات السياسية التي تنوي الحكومة القيام بها، مشددا على أن فرصة الإصلاح والتغيير قد آن أوانها، وأنه لا يمكن لأحد أن يقف في وجهها مهما كانت الأشكال والأنماط التي تأتي بها، وأن من يعتقد بأن الجزائريين سيصبرون مدى الدهر وهم يرون الانتخابات في دول شقيقة يصبح لها معنى، ومكافحة الفساد تصبح حقيقة، وحرية التعبير سيعصف به التغيير ذاته.
أما محمد السعيد رئيس حزب الحرية والعدالة (تحت التأسيس) فأكد على أن كلام الوزير الأول عن عدم اعتماد الأحزاب السياسية غير مقنع، مؤكدا أن المبررات التي ساقها هذا الأخير لتبرير إبقاء ملفات الأحزاب الجديدة داخل أدراج مكتب وزير الداخلية لا معنى لها.
واعتبر أن أويحيى يخشى من تراجع حزبه أكثر في حالة ظهور أحزاب جديدة، وأنه يحاول إقناع الرئيس بضرورة إبقاء الباب مغلقا أمام هذه الأحزاب، لأنها قد تشكل خطرا على الأمن العام.
من جهته اعتبر عبد المجيد مناصرة الوزير السابق وأحد مؤسسي جبهة التغيير الديمقراطي (تحت التأسيس) أن كلام أويحيى بخصوص الأحزاب الجديدة لا يمكن اعتباره قرارا نهائيا، موضحا أنه ما دامت السلطات قد قررت إلغاء قانون الطوارئ، فإن مسألة اعتماد أحزاب جديدة تبقى مسألة حتمية.
وعلى جانب آخر يبقى الكلام الذي قاله أويحيى بخصوص سؤال عن نيته في الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة الأكثر إثارة للجدل، خاصة وأنه رد بتكرار نفس الجملة التي قالها الرئيس الفرنسي الأسبق فاليري جيسكار ديستان عندما سئل منذ متى كان يحضر نفسه ليكون رئيسا، فأجاب بأن 'الرئاسة لقاء رجل مع قدره'.
وما زاد في إثارة الجدل هو القراءة التي أعطتها وكالة الأنباء الجزائرية (رسمية) لهذا الكلام، مؤكدة أن أويحيى لا يستبعد ترشحه للرئاسة، علما أن الوكالة لم تتعود القيام بقراءات في تصريحات المسؤولين.
ويأتي كلام أويحيى عن طموحاته السياسية بينما أعلن شريكه في التحالف عبد العزيز بلخادم زعيم جبهة التحرير الوطني أن حزبه يساند ولاية رابعة للرئيس بوتفليقة عام 2014.