الثورات العربية في عيون العالم

الناقل : elmasry | الكاتب الأصلى : د‏.‏دانيال بايبس | المصدر : massai.ahram.org.eg

من المؤكد أن ما حدث في مصر في الاسابيع الماضية أمر استثنائي وغير متوقع ولا سابق له‏.‏ كتلة بدون قيادة استقطبت المواطن العادي كما هو الحال في تونس ولم تصب غضبها علي الاجانب
 

أو تتعامل مع الاقليات ككبش فداء وبدون تمسك بأفكار جذرية ولكنها مطالبة بمحاسبة وحرية ورفاه ما وصلني من القاهرة يشير إلي حركة تاريخية متجهة نحو‏:‏ الوفاء الوطني‏,‏ التضامن‏,‏ العلمانية‏,‏ المسئولية الفردية‏.‏
وإذا كانت تطورات الأحداث في مصر قد وصلت إلي ذروة ما يتمناه أحد فإن تطلعات المستقبل غامضة والجزء المثير من الاحداث قد انتهي وحان دور القلق‏.‏
نبدأ بثلاثة أخبار جيدة رجل مصر القومي الرئيس السابق حسني مبارك انتهي دوره وقدم استقالته والإسلاميون الذين يملكون القدرة لدفع مصر باتجاه إيران لم يكن لهم دور فعال في الاحداث وتمسكوا بالبعد عن مراكز القوي أما الجيش الذي حكم مصر من وراء الكواليس منذ‏1952‏ فيبقي المؤسسة القادرة علي تأهيل الحكومة للاستجابة لمطالب المعارضين‏.‏
وعندما نتطرق إلي الاشكاليات فربما يكون الجيش المصري أقل اشكالية فقد صور لنا الكاتب المصري طارق عثمان ببلاغة في كتابه الجديد الصادر من مؤسسة نشر جامعة ييل بالمملكة المتحدة مصر علي حافة الهاوية من ناصر إلي مبارك كيف تدهور الحال وموقع مصر المتدني حاليا فإذا استعملت أي مؤشر لقياس مستوي المعيشة إلي مركز القوة‏,‏ تري مصر بعيدة كل البعد عن موقعها إبان العهد الملكي‏.‏ وفي الكتاب يبين عثمان موقع القاهرة دوليا في الخمسينيات وحالها اليوم كمثال لمدينة عالم ثالث مكتظة بالسكان‏.‏
أما الأكثر إشكالا فهي جماعة الإخوان المسلمون التي تأسست عام‏1928‏ وهي في طليعة الحركات الإسلامية وتراها تتحاشي صدام السلطة الحاكمة والحديث عن أملها في قيادة ثورة إسلامية في مصر وقد تحدث الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد بوضوح عن أمله في قيام ثورة إسلامية خلال الاحداث الأخيرة‏.‏ مشيرا إلي قيام شرق أوسط جديد دون انظمة صهيونية وتدخل أمريكي‏.‏
أما الإدارة الأمريكية وبسذاجة فلم تتطرق إلي تلك المخاوف وقلل الرئيس باراك أوباما من خطر الإخوان المسلمون مشيرا إلي كونها حزبا واحدا من عدة احزاب في مصر أما مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية جيمس كلابر فقد تطاول إلي مدح الاخوان واصفا إياهم بمجموعة متعددة الصفات وفيها انتساب للعلمانية وغير محبذة للعنف ولا تتطلع سوي إلي إدارة سياسية أفضل لمصر‏.‏
إن النقاط التي أشرنا إليها آنفا التي تخلو من الوعي تبين سياسة أمريكية تعيش حالة من الفوضي ففي يونيو عام‏2009‏ ومن خلال أحداث كان يمكن أن تتحول إلي ثورة عارمة في إيران إلتزمت إدارة أوباما الصمت عسي أن تحظي بود حكومة طهران‏,‏ ولجأت إلي سياسة بوش المتهورة والمعروفة ببرنامج الحرية وتبدأ بتضامنها مع المعارضة بعبارة أخري يشجع أوباما علي عصيان الشارع ضد الحلفاء فقط‏.‏
إن الضغط الأمريكي التدريجي والمتواصل يميز العملية الديمقراطية بأنها في حاجة إلي عقود من الزمن وليس لأشهر كي تؤدي إلي تغيير كبير ونظام مفتوح وهنا يطرح سؤال مهم‏:‏ ما هو الآتي في مصر؟ وهل يتسلم الاخوان المسلمون السلطة؟
وتأكيدا لما أشرت إليه استشهد باستفتاءين أولهما اجرته ليزا بلايدز ودرو لنزر عام‏2008‏ استنتجا أن‏60%‏ من المصريين لهم ميول إسلامية لكن استفتاء مؤسسة بتشر للشرق الأوسط استنتج أن‏15%‏ من سكان القاهرة والإسكندرية يميلون إلي الإخوان المسلمون وواحد بالمائة يوافقون علي رئيس دولة من الاخوان‏.‏ هناك مؤشر آخر يؤكد لنا تراجع الاخوان ألا وهو تحاشيهم الحديث عن طموحاتهم السياسية أخيرا وحديث يوسف القرضاوي صراحة عن أهمية صيانة مصر عوضا عن قيام قانون إسلامي فيها‏.‏
لا أحد يعلم في باكر هذه الأيام من أين أتت الثورة بموقعها وإلي أين تسير لكنها حقيقة سعيدة‏.‏ القيادة العسكرية علي عاتقها الآن مسئولية نضوج ثمرات الثورة‏.‏