تمر بعض الفتيات، في فترة المراهقة، بنوع من الصراعات الداخلية هذه أهمها :
فهي في الوقت الذي ترغب في الاستقلال والاعتماد على النفس والتحرر المادي بكل معنى الكلمة، نجدها في مجتمعنا محتاجة إلى الاعتماد على الأبوين للحصول على الأمان المعنوي والسند العاطفي والماديات التي يوفرها الوالدان والمحيطون بها في أقارب .
وفي هذه المرحلة تمر المراهقة بصراع البحث عن الذات، أو تحديد " الهوية " فهي تخاف من أن تكون لا شيء، وفي الوقت نفسه تخاف من تقليل صورة شخص آخر، وهي لذلك تنطلق لمواجهة العالم لتخوض بنفسها التجربة، ولكنها تجد نفسها مقيدة بالتقاليد والعادات والأعراف الأسرية العميقة تحيط بها كما يحيط بها البرج العالي بأمير الأحلام .
وبين ما يمارسه الكبار في المجتمع والحياة اليومية من شواذات، يؤدي إلى وقوعها في حيرة من أمرها، فيدخل الشك في نفسها وتصبح عاجزة عن التفرقة بين ما هو صواب وما هو خطأ في الحياة .
إن الاضطرابات والانحرافات السلوكية في سن المراهقة هي نتيجة للتربية العائلية الناقصة أو المحرفة والتوجيه السيئ، ورد فعل طبيعي لمراحل اعتبرت فيها البنت، حتى بعد بلوغها، بأنها " صغيرة " لا تفهم، وعدم الاعتراف بأنها قد كبرت وكونت شخصيتها .
وقد تحدث هذه الاضطرابات نتيجة للهوة بين الأجيال وعدم التفاهم بين الأهل والشباب، لأن شباب اليوم يفكر بمنطق قد لا يفهمه الوالدان، ويعتقد بأن الكبار قد فشلوا في تهيئة المجتمع المثالي المناسب لهم مثل عليا ومفاهيم عصرية جديدة وبيوت ملائمة ووظائف مناسبة، وكل ما يفكرون به هو ثورة عارمة على " التقاليد والنظم العائلية البالية " والمختلفة برأيهم، وهذا ما يدفعهم للتعاطي مع أصدقاء ذوي تأثير سلبي على سلوكهم .
وقد تتخذ هذه الاضطرابات اتجاها عدوانيا، فنرى بعض الفتيات يكثرن من المشاجرة مع إخوتهن أو أهلهن أو أقاربهن مع ميل واضح إلى رفضهن سلطة الآخرين عليهن . لذلك، يلجان إلى الهرب من البيت أو يعتمدن التأخر خارج المنزل لاستثارة كل ما يمس ممتلكي السلطة، أي الأهل، وما يمثلون من عادات وتقاليد متعارف عليها في المجتمع الشرقي، وهذا بدوره قد يدفع بهؤلاء الفتيات، في الغالب، للوقوع فريسة سهلة بين أحضان شلل المراهقين المنحرفين، الذين يمارسون الفسق والانحراف ويتعاطون المخدرات أو الحبوب المنشطة التي تؤدي إلى الإدمان في الشقق وفي علب الليل .
وهناك العديد من الاضطرابات النفسية قد تبرز في مرحلة المراهقة، وبدرجات مختلفة، مثل الاكتئاب، والفصام الذهني، والهستيري، وكلها قابلة للشفاء على يد أطباء في علم النفس .
ويميل بعض الباحثين، على الرغم من اعترافهم بأهمية الأسباب الوراثية أو الهورمونية لهذه الأمراض والانحرافات، إلى الاعتقاد بأن للبيئة المنزلية، بشكل خاص، والمجتمع، بشكل عام، المقام الأول في التسبب بحدوثها، وتتلخص بعدم التكليف مع البيئة والمجتمع وبخيبة الأمل والإحباط عند هؤلاء المراهقين .
ترافق سن المراهقة تبدلات نفسية واضحة تنعكس على سلوك المراهقة، وهي تغيرات ناجمة عن التحولات الفيزيولوجية والهورمونية .
فبعض الفتيات تمر بهذه التبدلات دون أن تشعر بتعقيداتها، وبعضهن الآخر يتأثر بها ويضطرب وذلك وفقا لطبيعة كل فتاة .