تتحسن تجربة الحيض الأول من فتاة إلى أخرى وفقا لعلمها المسبق بالتغيرات التي ستطرأ عليها، وبعض الأمهات يهيئن بناتهن لاستقبال الحيض، ويشرحن لهن تفاصيل التغيرات الجسدية والنفسية، وقد تبالغ بعض الأمهات، في بعض الأحيان، في وصف ما سيحدث لابنتها أثناء مرحلة الحيض، كما أن عددا كبيرا من الأمهات يخجلن من مصارحة بناتهن بكل هذه الحقائق مما يدفع البنات للجوء إلى أخواتهن الإناث أو القريبات أو الصديقات طلبا لسد الفضول وإشباع الرغبة في المزيد من المعرفة والاستكشاف .
إن جهل الفتاة المراهقة لما تستمر فيه من تطور جسدي وغددي قد يصيبها بالهلع والخوف عندما تفاجأ بنزول دم الحيض المرحلة الأولى دون أن تكون قد فهمت وعلمت ما يجري وسيجري، فتصاب حينئذ بصدمة معنوية ونفسية .
يبدأ الحيض بين سن العاشرة والرابعة عشرة، ويكون في المتوسط في سن الثانية عشرة، ويستمر حتى سن الخامسة والأربعين أو الخمسين . وإذا ظهر الحيض قبل ذلك تكون الفتاة قد بلغت أو نضجت قبل أوانها .
أما إذا حدث تأخير في ظهور الحيض إلى ما بعد سن السابعة عشرة أو أكثر، فتكون هذه الظاهرة تأخرا وقتيا في البلوغ سببه خلل واضطراب في إفراز الغدد الجنسية، أو وجود نقص في تكوين أعضاء الفتاة التناسلية، وذلك بالرغم من أن جميع التطورات الأخرى في جسد الفتاة ونفسيتها تتم بشكل طبيعي .
تظهر أولى علامات الحيض عندما يكون هورمون الأنوثة – الإيستروجيين – قد سرى في الدم وأتى فعله وتأثيره على بطانة الرحم الداخلية تحت تأثير عدة عوامل عصبية ونفسية وبيوكيماوية، وفي مقدمها عامل الإفراز الداخلي للغدة النخامية الموجودة تحت الدماغ، التي من شأنها حث المبيض على إفراز البويضات، فتبدأ الدورة الدموية بالتناوب وتتوالى الدورات كل شهر مرة واحدة.
تظهر أولى علامات الحيض بعد بداية بروز الثديين بحوالي السنتين، فيحدث أن تشاهد الفتاة الشابة، قبل بداية الحيض بعدة أشهر، ظهور إفرازات مهبلية بيضاء اللون صافية لا رائحة لها هي بمثابة البشارة الأولى لقرب حلول الحيض، وتكون إما قليلة جدا لا أثر لها، أو غزيرة بحيث تشعر أن سروالها الداخلي مبلل من جرائها .
ثم تفاجأ لأول مرة، بظهور إفراز أحمر – قرمزي اللون مكون من دم ومخاط في البداية لا يلبث أن يتحول إلى دم أحمر اللون تكون كميته غزيرة في اليومين الأوليين ثم يخف تدريجيا، ويستمر مدة تتراوح بين ثلاثة أيام وخمسة، تقل تباعا بالتدريج حتى ينقطع، وتتراوح كميته بين 40 و60 ملجراما أو ما يعادل ربع كوب عادي .
تحدث الدورة الشهرية عادة، كل 28 يوما ؛ أي أن المدة بين اليوم الأول من الحيض الأول واليوم الأول من الحيض الثاني تتراوح بين 26 و28 يوما . . . ويندر أن تحتفظ امرأة بدورة طمثية منتظمة تماما . فبعض الفتيات يأتيهن الحيض كل 28 يوما وبعضهن كل 31 أو 32 يوما .
ويعتبر اليوم الأول من الدورة – أي اليوم الأول من ظهور الدم – هو أول يوم من الدورة الشهرية . وأي دورة تدوم بين ثلاثة وخمسة أيام تعتبر عادية . ومن جهة ثانية، هناك اختلاف في كمية الدم وغزارته بين فتاة وأخرى . . . وإجمالا لا يجب أن تتعدى أيام الدم الخمسة أيام، وإذا بلغت المدة ستة أيام أو سبعة، يمكن اعتبار الأمر طبيعيا بشرط مراقبة كمية الدم وانتظام الدورة على مدى عدة أشهر عادة .
لفترات قد تطول أو تقصر، تكون الدورة الشهرية عند الفتاة غير منتظمة، ثم ما تلبث أن تنتظم في حدود سنتين أو ثلاث . بعض الفتيات، في هذه الفترة يأتيهن الحيض كل ثلاثة أشهر أو أربعة يكون الدم بعدها غزيرا، وبعضهن يأتيهن الحيض في فترات قصيرة، أي كل ثلاثة أسابيع أو أقل، مما يحدث إزعاجا للفتاة وبلبلة عند الأهل الذي يسارعون لاستشارة الطبيب النسائي المختص .
تظهر عند معظم الفتيات في سن البلوغ إفرازات مهبلية قد تبدو غريبة بالنسبة للفتاة، فتجد الفتاة ملابسها الداخلية ملونة ببقع مما يضطرها أحيانا لتغييرها من ثلاث إلى خمس مرات يوميا، وهذا، بالطبع، يقلق الأهل، والأم بشكل خاص، فتسرع إلى الطبيب لتسأله عن طبيعة هذه الإفرازات المتزايدة .
وفي الحقيقة هذه الظاهرة ليست إلا عبارة عن إفراز فيزيولوجي طبيعي يحدث بسبب زيادة هورمون الإيستروجين في الدم وبدء نشاطه وتأثيره بين سنوات 12 و14 سنة .