تحسين القدرة التنافسية مفتاح التعامل معWTO

الناقل : heba | الكاتب الأصلى : طلعت زكي حافظ | المصدر : www.arriyadh.com

تحسين القدرة التنافسية مفتاح التعامل معWTO

 

تشرفت أن كنت من بين أحد المعلقين على محاضرة للدكتور إحسان بوحليقة، بعنوان "انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية وهاجس تحسين القدرة التنافسية"، التي ألقاها في ندوة الأستاذ سعود المريبض العلمية والثقافية، بتاريخ 3 حزيران (يونيو) 2005، التي أكد فيها المحاضر أهمية التحسين من القدرات التنافسية للمنشآت، للتعامل مع المنافسة في الأسواق الخارجية، والقدرة للنفاذ إلى الأسواق العالمية، بالذات تحت مظلة منظمة التجارة العالمية WTO.

تحسين القدرة التنافسية للمنشأة، الذي يقصد به جعل أداء منشأة ما أفضل نسبياً من منشأة أخرى مالياً وربحياً، يرتكز على الكثير من العوامل والأسس التجارية والتنافسية، التي لعل من بين أبرزها وأهمها أن تكون منتجات المنشأة ذات قيمة من وجهة نظر الزبون، بمعنى آخر أن استخدامها أو اقتناءها من وجهة نظر الزبون يحقق له أي الزبون، مستويات إشباع ورضى وارتياح تختلف تماماً عن بقية المنتجات المشابهة، بل إنه يحقق له قيمة مضافة، قد لا تحققها سلعة أو خدمة مماثلة. ومن بين العوامل الأخرى التي يقاس بها مستوى القدرة التنافسية للمنشآت، هو تمكن المنشآت من الإبقاء والمحافظة على مستويات ربحية أعلى من ربحية المنشآت المماثلة المنافسة.

حرص عدد كبير من المنشآت التجارية على تحسين القدرة التنافسية، حدا بها إلى ابتداع الكثير من أساليب العمل المتطور للتفوق على منافسيها، من خلال مثلاً توظيف ما يعرف باقتصادات الحجم واقتصاديات النطاق والاندماج والاستحواذ، التي يستهدف كل أسلوب منها التعزيز من القدرة التنافسية للمنشأة، من خلال تحقيق وفورات من الإنتاج والتخفيض في التكاليف، والقدرة على النفاذ إلى الأسواق بشكل متكامل ومؤثر يفرض ويعزز من وجودها.

ورقة الدكتور بوحليقة، أكدت أن هناك ترابطاً وثيقاً ووطيداً بين الميزة التنافسية التي تتمتع بها منشأة ما وبين الميزة التنافسية للدولة التي تعمل فيها المنشأة، بمعنى أدق وأوضح في ظل عدم وجود ميزة تنافسية للدولة، ستجد المنشآت التي تعمل في هذه الدولة صعوبة بالغة في القدرة على تحسين ميزاتها التنافسية، باعتبار أن البيئة المحيطة لا تشجع ولا تحفز على الإبداع، المتمثلة  في سهولة الإجراءات ووضوح السياسات التي تحكم التعاملات التجارية والمالية والاستثمارية التي تتم داخل الدولة، والتي تتم بين الدولة وبين دول العالم الأخرى، وبطبيعة الحال أن سهولة الإجراءات ووضوح السياسات، يرتبطان بالفكر الاقتصادي السائد في الدولة، ومدى تفاعل نظامها السياسي وهيكلها الاجتماعي ومؤسساتها الحكومية مع فكر وثقافة القطاع الخاص والمؤسسات شبه الحكومية، وقد أكدت الورقة أيضاً، أن التعامل مع المنافسة المحلية ضرورة حتمية لتلقين المبادئ الأساسية للمنافسة في الأسواق الخارجية، بمعنى آخر أن قدرة منشآت دولة ما على التنافس ضمن حدود موطنها الأصل شرط يسبق نجاح منافستها الخارجية.

الحكومة السعودية تنبهت منذ وقت بعيد جداً لأهمية التحسين من قدراتها وقدرات القطاع الخاص التنافسية، من خلال تنويع القاعدة الاقتصادية للاقتصاد السعودي، حيث قد تضاعف حجم الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي أكثر من خمس مرات خلال الفترة الماضية، كما ارتفعت نسبة إسهام القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي من 52 في المائة إلى 68.4 في  المائة.

بالنسبة إلى التعزيز من قدرات القطاع الخاص، فقد تبنت الحكومة السعودية لذلك الأمر، منذ بداية التخطيط التنموي فلسفة سياسة الاقتصاد الحر، وجعلت مشاركة القطاع الخاص في تنمية وإدارة دفة الاقتصاد الوطني، ضرورة حتمية، من خلال توليته لأعمال الإنشاء والتشغيل والإدارة والصيانة للمرافق الأصولية الإنتاجية.

ويهدف التحسين من القدرات التنافسية للقطاعين العام والخاص، انتهجت الحكومة السعودية في أواخر القرن الماضي سلسلة من الإصلاحات الهيكلية الاقتصادية والسياسية والإدارية الطموحة، بما في ذلك تطوير الكثير من الأنظمة والتشريعات والقوانين والأنظمة، التي تحكم التعاملات التجارية والمالية التي تتم بداخل البلاد وخارجها، والتي من بينها على سبيل المثال لا الحصر إنشاء الكثير من المجالس والهيئات الاقتصادية، كالمجلس الاقتصادي الأعلى والهيئة العامة للاستثمار.

التساؤل المنطقي الذي يطرح نفسه في هذا المقام هو، هل القطاع الخاص والاقتصاد السعودي بكل ما يمتلكانه من ميزات تنافسية كثيرة، جاهزان للتفاعل مع متطلبات وتحديات منظمة التجارة العالمية، بما في ذلك التعظيم من المكاسب والتقليل من التكاليف السلبية المترتبة عن الانضمام؟ في اعتقادي أن الإجابة الشافية الوافية الواقعية عن هذا التساؤل مرهونة بسرعة انضمام المملكة إلى هذه المنظمة، وبالاختبار الفعلي والحقيقي لمدى صلاحية وفاعلية تلك الإصلاحات بعد الانضمام، وإن كنت لا أقلل بطبيعة الحال، من قيمتها في أي حال من الأحوال، ولكن بسبب أن بداية التطبيق جاءت متأخرة بعض الشيء، إضافة إلى البطء في التنفيذ والتطبيق لعدد منها، وعدم اكتمال البعض الآخر منها كالتعزيز مثلاً من قدرات سوق التأمين السعودية وخلافه، فالإجابة عن هذا التساؤل قد تكون مبكرة بعض الشيء، وما قيل عن القطاع العام يمكن قوله عن القطاع الخاص، الذي على الرغم من سلسلة الإنجازات والنجاحات الكبيرة التي حققها في الماضي، إلا أنه لا يزال يفتقد  بشكل كبير إلى اقتصاديات الحجم الكبير، ويعاني فيه قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة من ضعف شديد في التحسين من القدرات التنافسية، الأمر الذي قد يضاعف من صعوبة التعظيم من المكاسب الاقتصادية لذلك الانضمام، والله من وراء القصد.

الاقتصادية / الخميس 16 جمادى الأولى 1426هـ العدد 4273

طلعت زكي حافظ / مساعد المدير العام في البنك الأهلي التجاري