يعتقد كثير من المراقبين لسوق الأسهم السعودي أن نوعية الممارسات والسلوكيات الاستثمارية في السوق تعتمد بدرجة كبيرة على نظرة المستثمر واعتقاده حول كفاءة (فاعلية) السوق.
وبالتالي فإن التحليل المالي لما يحدث في السوق لابد أن يدرس العلاقة بين وجهة نظر المستثمر حول كفاءة السوق وسلوك المستثمر وأسلوبه المحتمل للاستثمار. فالواضح أن سلوك المستثمرين في السوق السعودي يعتبر أحد العوامل الرئيسية التي سببت الارتفاع الكبير في السوق خلال الفترة الأخيرة.
وفي هذا المجال فإن المستثمر الذي يعتقد بكفاءة السوق وواقعية (منطقية) الأسعار فيه، سوف يكون مستثمراً سلبياً، وهذه النوعية من المستثمرين يتبعون المثل الشعبي "إن طاعك السوق وإلا طعه". ولاشك أن هؤلاء المستثمرين في نهاية المطاف سيطيعون السوق وسيفرض عليهم اتجاهاته، حتى وإن اعتقدوا أن السوق يطيعهم فترة من الوقت. وعلى هذا الأساس فإن هذا المستثمر سوف يقوم باختيار استراتيجية الاستثمار السلبي، التي ترى أن أسعار الأسهم في السوق تعكس الواقع الحقيقي لقيم تلك الأسهم. ونتيجة لذلك فإن المستثمرين لا يوجد ما يشجعهم على القيام بتحليل الأسهم وبالتالي فإن تلك النوعية من المستثمرين يتجنبون القيام بأية تحليلات أو بحث عن معلومات للاستفادة منها في القرار الاستثماري لأنهم يعتقدون بعدم جدوى تلك التحليلات في تحقيق عائد فوق ما تحقق له الاستراتيجية السلبية.
وفي رأيي أن هذا هو سلوك كثير من المستثمرين في سوق الأسهم السعودي حيث يتابعون حركة المؤشر العام للسوق دون معرفة لكيفية حساب المؤشر. كما أن هؤلاء المستثمرين عادة ليس لديهم الخبرة أو المعرفة لبناء برنامج استثماري خاص بهم. لذا فإن هذا النوع من المستثمرين يناسبهم استراتيجية الشراء والاحتفاظ لمحفظة متنوعة أو الاستثمار في صندوق استثماري حتى يتفادوا مخاطر الاستثمار.
وعلى الطرف الآخر فإن بعض المستثمرين يناسبهم أسلوب أكثر ديناميكية فيتبنون استراتيجية إيجابية في الاستثمار. وهؤلاء المستثمرون يستخدمون الأساليب اللازمة لتقييم الشركة التي يستثمرون فيها. كما أنهم في بحث دائم عن المعلومات مادام أن هناك عدم كفاءة كافية لتغطية تكلفة الحصول على المعلومة وتحليلها. كما أن وجود الخلل السعري في السوق يمكن المستثمرين الأذكياء (الماهرين) من تحقيق عائد غير عادي يفوق متوسط عائد السوق. والمتعارف عليه أن هؤلاء المستثمرين لن يتفقوا على القيمة العادلة للشركة، ولهذا السبب يظهر التبادل والتعامل في الأسهم بحيث يقوم المستثمر المتفائل بشراء (الحصول) على الأسهم من المستثمر المتشائم. وبعد تغير أن تحرك السعر فإن المستثمرين سيعاودون تقييم العلاقة بين السعر ورغبتهم في السهم المعين. ولاشك أن هذه الدورة سوف تستمر حتى يعتقد المستثمر أن السعر صحيح (عادل).
الرياض / الجمعة 27 ربيع الأول 1426هـ العدد 13465 السنة الثانية والأربعون
الدكتور / محمد بن سلطان السهلي
أكاديمي