الذكـاء الاصطناعـي يتفـوق على الذكاء البشري في عام 2029 * جددت تصريحات المخترع الأمريكي (راي كرزويل) الحديث عن الذكاء الاصطناعي ومدى إمكانية الوصول إلى مستوى الذكاء البشري يوماً ما. بل ذهب إلى ما هو أبعد من هذا بنبوءته المثيرة للجدل بأن الإنسان الآلي سيعادل ذكاء الإنسان وربما يفوقه بحلول عام 2029 لدرجة أنه أعلن تحديه لمعارضيه وعلى رأسهم ميتشيل كابور. وافترض أن هذه النتيجة سيتم التوصل إليها عن طريق زرع أجهزة إليكترونية متناهية الصغر في الدماغ. * يرى العالم الشهير أن الإنسان والآلة يتشابهان في أن كلاً منهما يستطيع الحصول على معلومات وبيانات عن طريق زرع أجزاء في جسده تزيد من كفاءته الذهنية والبدنية, وأن الربط بينهما غير مستبعد. إلا أنه قلل من المخاوف بأن الآلة آنذاك ستكون بديلاً عن الجنس البشري حيث اعتاد التأكيد أن غزو الآلة غير موضوع في الاحتمالات من الأساس. واعتبر أن الآلة قد حققت بالفعل إنجازات لا يمكن إغفالها إذ أنها تقوم بمئات الأعمال التي اعتاد الإنسان القيام بها في مستوى الذكاء البشري. وفي بعض الأحيان في مستويات تفوقه بكثير. وبحلول عام 2029 فإنه سيمكن التوصل إلى تقنية تساعد في الحصول على ذكاء اصطناعي في مستوى الذكاء البشري بما في ذلك الجزء الذي يخص العاطفة والمشاعر. وتعمل الآلات الدقيقة التي يتوقع أن توضع في الدماغ البشرية على الاتصال بالخلايا العصبية الموجودة في المخ, وتوجيه الأوامر إليها مباشرة مما يجعل استجابة الإنسان أكبر. وبالتالي يصبح أكثر ذكاءً, وتزيد من قدرته على التذكر إضافة إلى تعامله بآلية مع العديد من المواقف في حياته بما يفوق قدرات البشر العادية. ويرجع سبب الجدل الذي أثارته تلك التصريحات إلى أن صاحبها ليس مجرد عالم مغمور يقدم تنبوءات عن المستقبل تفتقد للأسس العلمية بل إنه مخترع شهير يعتبر من الرواد في مجال تسخير التكنولوجيا لخدمة الإنسان. فقد كان أول من قدم خدمة النصوص المقروءة التي تمكن مستخدمي الكمبيوتر أو الهاتف المحمول من تحويل النصوص المكتوبة إلى مسموعة بما لهذا من أهمية لشريحة المكفوفين حيث أفادوا منه بطريقة خيالية. كما قام باستحداث لوحة مفاتيح ذكية فيما تعد تنبوءاته التي قدمها بشأن مستقبل التكنولوجيا بدءاً من الثمانينيات, وتعد مثالاً على عبقريته بعد أن تحقق منها الكثير خاصة فيما يتعلق بالاتصالات سواء بالهواتف المحمولة أو عبر الإنترنت. هل ينظم الروبوت الشعر بحلول 2029؟ أثار حديث كرزويل عن الذكاء الاصطناعي حفيظة الكثيرين الذين رأوا أن تنبوءاته تواجه العديد من التحديات التي تجعلها إلى الاستحالة أقرب. ومن أهم هذه التحديات أن تلك الآلات بمقدورها التفوق –نسبياً- على البشر في أمور تتعلق بالأرقام والمسائل المنطقية تماماً كما في مباريات الشطرنج التي جرت بين الإنسان والآلة. إلا أن هذا يختلف عندما يكون الحديث عن مشاعر الإنسان وكيفية التعبير عنها, وهو ما يمثله الأدب عموماً والشعر بصفة خاصة. واستدعى الأمر أن يدخل كرزويل في تحدٍ مثير مع ميتشيل كابور؛ حيث يرى الأول أنه بحلول 2029 لن يكون من الصعب على الأجهزة الإلكترونية أن تلم بكل المعارف الإنسانية بما فيها الأدب, بينما يرى الآخر استحالة ذلك. وتقرر أن يتم التحكيم في الأمر عام 2029 ويحصل الذي رجح رأيه على مبلغ رمزي قدر بـ 20 ألف دولار يمنحها بدوره لإحدى المؤسسات الخيرية. ويكون حسم الرأي آنذاك بأن يوجه المحكمون أسئلة للطرفين: إنسان وروبوت دون أن يكون لهم حق التعرف على شخصية أي منهما حيث أن كليهما يكون متخفياً. وعلى المحكم أن ينفي أو يثبت بشرية كل منهما من خلال تقويمه للأجوبة. ويسمى هذا الاختبار باختبار تيرنج نسبة إلى العالم ألآن تيرنج. وفيما يلي حيثيات آراء كل من كرزويل وكابور: كرزويل: فهم الدماغ البشري لبدء ثورة الروبوت من جانبه يرى كرزويل أن الفرض الذي قدمه ليس مستحيلاً وإن كانت هناك بعض العقبات. وضرب مثالاً بالتحكيم المنتظر عام 2029 سيكون القائم به من البشر وهو ما يهمني أنه لن يحتاج إلا إلى آلة لها ذكاء معادل لذكاء الإنسان. وإذا تحقق ذلك فقد انتهى الأمر وربح هو التحدي مشيراً إلى ما قام به العقل الآلي ديب بلو Deep Blue الذي خاض مباراة شطرنج ضد جاري كاسباروف أستاذ أساتذة اللعبة آنذاك, وانتهت المباراة بفوز الآلة على الإنسان. وقد دعا هذا الفوز كاسباروف إلى الإقرار بأنه وجد الإنسان الآلي يمتلك مهارات في اللعب لا تختلف عن تلك المتوفرة لديه هو شخصياً. ويشير كرزويل إلى أن الآلات الذكية أصبحت لاعباً أساسياً في مختلف جوانب الحياة حتى أنها أصبحت تعادل ذكاء البشر سواءً في تشخيص الأمراض أو اتخاذ القرارات فيما يخص الاستثمارات المالية, وتصميم منتجات بحجم محركات الطائرات. ولكن هذه المجالات تخضع للمنطق وتسمى "ذكاء اصطناعياً ضيقاً" لهذا فإنه يؤكد أن هناك عدداً من الخدع وهي طريق أبسط من تلك التي تحدد مستوى ذكاء البشر من شأنها أن تساعد على اجتياز منافسة مع الإنسان دون أن يكون لديها ذكاؤه بصورة كاملة. فالآلة إذا تمكنت من الوصول إلى مستوى ذكاء البشر فإنها ستعمل على تطويره بما يجعلها تتفوق إذ أن سرعة الدوائر الكهربائية الموجودة في الكمبيوتر تعادل عشرة أضعاف سرعة إجراء العمليات التي تتم في دماغ الإنسان. وفي حين تمتاز الآلة بان مشاركتها في المعلومات فورية فإن البشر لا تتوفر لديهم تلك السرعة في تحليل المعلومات في الذاكرة, ولهذا فإن الآلات المزودة بقاعدة بيانات لغوية من الممكن أن تبلي بلاء حسناً في القراءة والتعامل مع الأساليب الأدبية من استعارات وكنايات. فهذه الآلات سيكون من شأنها الجمع بين مستوى ذكاء معادل للبشر والقدرات الفائقة التي تتوفر لها. ليس هذا فحسب بل إن قدراتها ستتطور بشكل كبير. ويعد أن الطريق الأمثل لصنع آلة فائقة الذكاء هو فهم طبيعة الذكاء البشري وهو ما يعد التحدي الأكبر لتلك النظرية. وقد بدأ بالفعل مشروع ضخم لفهم مبادئ العمليات التي تتم في الدماغ البشري, كما ساعد الجينوم على توفير الكثير من المعطيات للباحثين. وقد أسفرت هذه الجهود عن التوصل إلى تكوين نماذج حسابية تفصيلية عن العديد من الخلايا. وفي خط موازٍ يتم إجراء عملية مسح لدماغ الإنسان بهدف دراسة مكوناته بشكل دقيق, ومعرفة ما يدور بداخله من عمليات معقدة. وقد تم الربط بين نماذج المحاكاة وعمليات المسح مما ساعد على التوصل إلى الإلمام بكل ما يتعلق بـ 24 منطقة مختلفة في الدماغ. وكشف كرزويل أن العمل يتم حالياً في مراحله الأولى لاستبدال بعض من تلك المناطق حال فقدها وظيفتها بسبب المرض أو الإعاقة كما تم بالنسبة لمرضى الشلل الرعاش. ويأمل أن ينجح العلماء في التوصل إلى إرسال أجهزة مسح دقيقة في حجم خلايا الدم إلى الدماغ لمراقبة الاتصالات التي تم بين الخلايا العصبية لنقل البيانات عن قرب. وكان المخترع الأشهر قد تنبأ منذ أيام أن العالم سيشهد بحلول عام 2033 ظهور أجهزة كمبيوتر في حجم خلية الدم وأن زيادة طاقتها ستزداد مليار ضعف فيما يتضاءل حجمها مائة ألف مرة خلال السنوات الخمس والعشرين القادمة. ولا يلتفت العلماء كثيراً لمسألة إرسال أجهزة لعمل مسح فقد نجح الباحثون –وعلى رأسهم لويد واتس- في معرفة الكثير عن مناطق الدماغ دون الحاجة لإجراء مثل تلك العملية للحصول على معلومات. إذ وجد أن الاتصالات بين الخلايا من الممكن معرفتها قياساً على معطيات أخرى يمكن حسابها. أما مكمن الصعوبة فهو في تفاعل الدماغ مع العالم بتعقيداته, لهذا فإن الحصول على ذكاء اصطناعي لابد أن يصحبه تعليم مثلما هو الحال في الإنسان تماماً، إلا أن الآلة آنذاك ستكون لها ميزة تنفرد بها وهي السرعة الفائقة في الاتصال بما يفوق الجهاز العصبي للإنسان بأكثر من عشرات ملايين المرات. وبذلك فإن الآلة الذكية إذا تمكنت من الإلمام بمهارات اللغة الرئيسة فإنها تستطيع بذلك ان تزيد من مهاراتها اللغوية ومعارفها العامة بالقراءة السريعة لكل ما كتب في الأدب, وكذلك ملايين مواقع الإنترنت. وبهذا تستطيع الآلة فهم الأساليب البلاغية بل واستخدامها وتوظيفها بشكل سليم, ولن يتم تصميمها وحدة بوحدة بل ككل. وبلغ الجينوم الذي يحدد سمات الدماغ البشري 32 مليون بايت من المعلومات المهمة والمفيدة مما يجعله أصغر من مجرد ملف وورد. ويطرح سؤالاً مفاده: كيف يمكن للدماغ بما فيه من 100 تريليون وحدة اتصال أن ينتج عن جينوم بهذا الصغر في حين أن جينات الاتصالات وحدها تكبره بملايين المرات؟ والإجابة أن الجينوم يخصص مجموعة من العمليات بحيث تزيد من كمية المعلومات المقدمة. ويعترف أن التحدي الأكبر يكمن في العاطفة لأن الآلة لن تستطيع بحال من الأحوال التحكم في العواطف التي تعد غير منطقية مشيراً إلى عزمه على التوصل إلى حل لهذه المعضلة حتى يتم الحصول على نموذج أقرب للبشر في هذه النقطة. كابور: الروبوت يفشل لعدم وجود خبرات حياتية يعد كابور من أبرز المعارضين لنظرية كرزويل مؤكداً أن أجهزة الكمبيوتر تبدو أكثر ذكاءً من الناحية النظرية ولكنها لا تتمكن بكل الأحوال من منافسة الإنسان في ذكائه خاصة ما يتعلق بالجوانب غير المادية كالأحاسيس والعواطف. ويوضح أن الإنسان يرتبط بالبيئة من حوله ويعد التفاعل معها بمثابة شريك مهم للإدراك في تشكيل تجارب الفرد الحياتية وهو ما لا يتاح للآلة مهما بلغ ذكاؤها الاصطناعي. كما أن العاطفة تتساوى في الأهمية مع الإدراك إن لم تكن أهم.ويضاف إلى هذا أن الإنسان مخلوق بحيث يتمكن من أن يعكس ما يشعر به حيث أن العاطفة والروحانيات جزء منه تماماً كما أنه جزء منها. ويرى كابور أنه لا يجب التقليل من أهمية جسم الإنسان في المقارنة حيث أن أعضاء الجسم يكون لها دور كبير في تكوين تجارب الشخص؛ فنحن نعرف كيف تبدو الأشياء وما صوتها ورائحتها, وكيف ترتبط في أذهاننا بصور معينة. كل هذا يلعب دوراً كبيراً في تشكيل الذاكرة والهوية الخاصة بكل فرد. ويجزم أن الآلة الذكية لن تستطيع منافسة الإنسان إذ لن تستطيع أن تخدع المحكمين وتقنعهم بآدميتها فلن تتمكن من إعطاء ردود الأفعال البشرية ولا فهم الأساليب البلاغية مثلاً. وفي قناعة كابور أن ذلك ممكن فقط إذا تمت الاستعانة بعنصر بشري للمساعدة. ويختلف مع كرزويل في أن أسلوب الحشو بالمعلومات هو السبيل لزيادة معدلات ذكاء الآلة إذ يرى أن التعليم يأتي عن طريق تراكم التجارب موضحاً أن هناك ملايين التجارب التي يمر بها الإنسان وتسهم في تكوين شخصيته وذكائه لم يتم تدوينها في كتب. فنحن مثلاً لا نستطيع أن نستخدم الكلمات في وصف كل ما نعرف إذ أن هناك العديد من المعارف التي لا تتأتى إلا بتجربة شعورية لا يعبر عنها بالكلمات. فالمشكلة من وجهة نظره لا تكمن فيما تعرف تلك الآلات حال حشوها بالكتب بل فيما لا تعرف حيث أنها تفتقد الكثير مما يتعدى حدود الكتب. وكثيراً ما أثنى كابور على كرزويل مؤكداً أن ذكاءه يفوق أية آلات قد يتم اختراعها معرباً عن أمله أن يتناقشا في ذات الموضوع عام 2029 بنهاية المدة المحددة للتحدي * ثلاث ثورات ترسم مستقبل البشرية تكنولوجيا النانو والروبوت الذكي والهندســة الوراثية * يوصف المستقبل بأنه سيشهد ثلاث ثورات: ليس من المستغرب أن يكون على رأسها ثورة الروبوت, ومعها ثورة النانو وثيقة الصلة بالعلاقة بين الإنسان والروبوت, والثورة الجينية. وهذه الثورات من شأنها أن ترسم شكل الحياة في المستقبل ومدى التقدم الذي سيشهده العالم آنذاك من خلال هذه المجالات التي تعد الأكثر ثراءً من ناحية القابلية لحدوث مثل تلك الطفرات كما جاء في تقرير لمجلة The Futurist المختصة بشؤون المستقبل. ثورة الروبوت يقصد بهذا المصطلح ثورة الذكاء الاصطناعي الشديد. ويشير إلى إنشاء أجهزة كمبيوتر ذات قدرات تفكير عالية تفوق مثيلتها في البشر. ويرى العديد من العلماء أنه بنهاية هذا القرن سيفوق ذكاء الكمبيوتر الذكاء البشري بملايين المرات. ومن جانبه يصر كرزويل على اعتبار تلك الأجهزة بشراً آنذاك نظراً لتقدم مستوى ذكائها على الرغم من أنها نتاج صنع الإنسان كما أنها ستظل بشكل أو بآخر بحاجة إلى إنسان لإدارتها. ويضع عدة أسباب لتفوق الكمبيوتر على الإنسان في الذكاء: الأول أن البشر لا يمكنهم بأي حال من الأحوال أن يقيموا نوعاً من الاتصال بين الخلايا الموجودة في أدمغتهم بما يضيف للمعارف والمهارات بل إن التواصل يتم من خلال اللغة التي تعد وسيلة بطيئة للاتصال. وهذا على النقيض من الآلات التي تستطيع تبادل المعرفة والاتصال ببعضها البعض بكفاءة تفوق الإنسان. والسبب الثاني لفرضية تفوق الكمبيوتر هو أن المهارات الفكرية للبشر قد تطورت في بيئة طبيعية. وهذه المهارات التي تعتمد على قدراتنا على إدراك واستخراج المعاني وهو ما يمكن الإنسان أن يكون ذا كفاءة عالية في مجال ما كتمييز الوجوه أو تعريف الأشياء والتعرف على الأصوات. إلا أن العقل البشري –طبقاً لهذه الفرضية- ليس مؤهلاً للأداء بنفس الكفاءة في العمليات الأكثر تعقيداً كتلك الموجودة في البيانات المالية أو العلمية. ومن هنا فإن تطبيق التكنولوجيا المعتمدة على الكمبيوتر من شأنها أن تسمح بتنمية تلك الملكات الذهنية. وآخر الأسباب هو أن معارف الإنسان اتخذت من الإنترنت مأوىً لها لذلك فإن الآلة أظهرت تمكناً ملحوظاً في قراءة وفهم المعلومات المتوفرة على الشبكة. ثورة تكنولوجيا النانو تعد تكنولوجيا النانو واعدة بتوفيرها أدوات إعادة بناء العالم المادي بما في ذلك أجسام وعقول البشر. ومن المتوقع أن تصل تكنولوجيا النانو إلى اختراع أجهزة لا يزيد حجمها على 100 نانومتر (جزء من مليار من المتر) خلال عشرينيات هذا القرن. وتعد النانوبوتس nanobots من أهم التطبيقات على الإطلاق لتكنولوجيا النانو والتي ستتبلور في الثلاثينيات وهي الأجهزة متناهية الصغر التي يتم زرعها داخل الجسم. ومن المتوقع أن تعمل على توسيع مداركنا من خلال زيادة الذكاء سواء البيولوجي أو الاصطناعي. وفي السنوات الخمس والعشرين القادمة يتوقع العديد من العلماء وعلى رأسهم كرزويل أن يتم زرع نانوبوتس ثلاثية الأبعاد في الدماغ البشري مما يزيد من كفاءته حيث يرى أصحاب هذا التوجه أن العدد الهائل من الخلايا البشرية لا تزال سرعتها محدودة. وفي رأيهم أن القدرات الإدراكية, والذاكرة, والقدرة على التفكير بشكل عام ستزداد بصورة ملحوظة. ويذهب الباحثون إلى أنه يمكن إجراء اتصال لاسلكي بين أدمغة أشخاص عدة عن طريق النانوبوتس المزروعة داخل رأس كل منهم جازمين أن السنوات القادمة ستشهد بداية عصر الاتصال عن طريق توارد الخواطر. وحتى مؤيدو هذا التوجه يعترفون أن السلبية الخطيرة في هذه التكنولوجيا أنها ستحول العالم إلى مجموعة من الآلات بما ستحويه أجساد البشر من نانوبوتس حيث اتسع مجال تكنولوجيا النانو ليشمل أية تكنولوجيا تقاس أجزاء آلاتها بأقل من 100 نانومتر وهو ما حققته بعض الإلكترونيات حالياً. كما دخلت تطبيقات المجال الطبي والبيولوجي في حقبة النانو حيث تستخدم تلك التكنولوجيا في عمل اختبارات ومعالجات أكثر فعالية. وفي المستقبل ستقوم أجهزة النانو بإجراء مئات الاختبارات على نماذج متناهية الصغر من مادة معينة, وتسمح هذه الأجهزة باختبارات مكثفة على كمية من الدم لا تكاد ترى بالعين المجردة. ومن التطبيقات المهمة لتكنولوجيا النانو تسخير الأجهزة متناهية الدقة لتوصيل الأدوية إلى مواضع بعينها داخل الجسم. حيث أنه بمقدورها أن توجه العقاقير داخل أغشية الخلية ومن خلال ناقلات الدم إلى المخ. وتمتاز هذه التقنية أن العقار يكون محمياً من أية تفاعلات غير مرغوب فيها أثناء رحلته كما يحدث في الأدوية التي يتم تعاطيها بالطرق التقليدية حيث يتم إطلاق العقار عند النقطة المراد الوصول إليها فقط. ومن أهم هذه الأجهزة جهاز يتم العمل فيه مصنوع من الذهب يتم حقنه في مواضع الأورام حيث يقوم بتسخينها بأشعة تحت الحمراء مما يدمر الخلايا السرطانية تماماً دون الحاجة للتدخل الجراحي أو العلاج بالإشعاع. وتمتد قائمة التطبيقات لتشمل جهازاً يتم العمل على تطويره ويوضع تحت الجلد حيث يمكنه العمل كبنكرياس صناعي مما يفيد مرضى السكر, كما إنه بمقدوره أن يقوم بعمل أي عضو ينتج هرمونات. ومن المتوقع أن يتم الانتهاء من إجراء التجارب النهائية تمهيداً لطرحه بالأسواق خلال العامين القادمين. كما ستسمح لنا ثورة تكنولوجيا النانو بما هو أكثر من علاج الأمراض حيث أن هذه التكنولوجيا لا تكتفي بإعادة بناء أجسادنا فحسب بل إنها تعيد تصميم كل ما نتعامل معه في حياتنا فحتى الحروب إحدى المستفيدين من تكنولوجيا النانو حيث سيتم تصنيع أسلحة تعتمد على النانوبوتس. ولا تزال التجارب الحالية لا ترضي طموح الباحثين الذين يصبون للوصول إلى النماذج التي يتخيلونها من خلال هذه التكنولوجيا. وقد تم حتى الآن الانتهاء من الإطار الخاص بالمفاهيم والأفكار التخطيطية لما ستكون عليه تكنولوجيا المستقبل التي لن تتضح معالمها إلا خلال عقدين من الزمن. بعد هذا العرض يبرز سؤال عن من يسبق الآخر: الذكاء الاصطناعي الشديد أم تكنولوجيا النانو. وبمعنى آخر هل يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى تكنولوجيا النانو الكاملة تستطيع تحويل المعلومات إلى منتجات ملموسة أم ان تحقيق مثل هذه التكنولوجيا يؤدي إلى الوصول لذكاء اصطناعي؟ في الحالة الأولى يكون الذكاء الاصطناعي قادراً على حل أية مشكلات في التصميمات المطلوبة للوصول لتطبيق تكنولوجيا النانو بصورة كاملة. بينما يعتمد الطرح الثاني على المتطلبات المادية –هاردوير- للوصول للذكاء الاصطناعي لابد أن تمر عبر تلك التكنولوجيا, كما أن السوفت وير اللازم يتم توفيره من خلال النانوبوتس. وبهذا فإن كلاً منهما يسير في خط موازٍ للآخر فهما يعتمدان كل على الآخر بطريقة متكافئة. إلا أنه من المتوقع أن تسبق الطفرة في مجال تكنولوجيا النانو مثيلتها في الروبوت ذي الذكاء الاصطناعي حيث يتنبأ الباحثون أن تكون للأولى في 2025 بينما لا يظهر ذكاء الروبوت بشكل كامل قبل 2029. وفي معرض العلاقة بين الاثنين نجد أن تكنولوجيا النانو من القوة بمكان لكنها ليست بالضرورة أن تكون ذكية. الثورة الجينية بالنسبة للثورة الجينية في الهندسة الوراثية فمن المنتظر أن تتسع مجالاتها لتعمل على تصحيح العديد من الانحرافات الجينية التي سببت العديد من الأمراض. وينتظر أن تظهر آثار تلك الطفرة بحلول عام 2020 كنتيجة للتقدم الذي أتاح الوصول إلى المعرفة والحصول على الأدوات التي تتيح التعامل مع هذه المعارف. حيث أنه من الممكن أن يصل متوسط عمر الإنسان إلى أكثر من 150 عاماً إذا تم التوصل لآليات طبية تساعد في القضاء على %50 من مسببات الأمراض بحسب روبرت فريتاس الباحث في تكنولوجيا الطب. ومن الممكن أن نلاحظ إرهاصات هذه الثورة في وقتنا الحالي من خلال التقدم الكبير الذي يشهده مجال التكنولوجيا العضوية biotechnology التي أسهمت في اكتشاف الطرق التي يمكن بها التصدي للأمراض قبل حدوثها بعد أن يتم رصدها من خلال الهندسة الوراثية. ويسعى العلماء حالياً لبحث كيفية التحكم في كيفية تعبير الجين عن نفسه وهو تعبير يشير إلى العملية التي تنتج بها مكونات الخلية (خاصة RNA والريبوزومات ) البروتينات تبعاً لخطة عمل جينية دقيقة. ويتم التحكم في هذا التعبير عن طريق الببتيدات وهي جزيئات تتكون من أكثر من 100 حمض أميني وشرائط RNA. وقد توصل العلماء بالفعل إلى معرفة كيفية حدوث هذه العملية. كما أن العديد من أساليب العلاج التي تخضع للاختبار تقوم على التأثير على الجزيئات الأمينية إما بتعطيل تعبيرات الجين المسبب للمرض أو بتفعيل جين آخر يكون من القوة بحيث يغطي على تأثير الجين الآخر. كما أن هناك تقنية جديدة تقوم بتدمير أجزاء RNA التي تعبر عن جين معين مما ينتج عنه إبطال عمل هذا الجين. ومن المتوقع أن يمكن هذا التقدم في التكنولوجيا العضوية العلماء من إعادة برمجة جينات البشر بما يفتح الباب أمام فروع أخرى مثل تأثير الجينات Genomics, وفهم والتأثير في دور البروتينات proteomics,واستنساخ أنسجة وأعضاء كاملة إذا تطلب الأمر, والعلاج الجيني بإخماد تعبيرات جينية معينة وإضافة معلومات جينية جديدة, وتصميم المنطقي للأدوية بعمل أدوية تستهدف تغيرات معينة في المرض. كل هذه المجالات وإن كان البحث المخبري قد قطع فيها شوطاً لا يستهان به إلا أن نتائجها ستظهر بجلاء خلال السنوات الماضية كما يجزم نخبة الباحثين. (راي كرزويل) .. نوستراداموس القرن الـ 21 من الصعب –إن لم يكن مستحيلاً- أن يوجد مقال واحد يتحدث عن مستقبل التكنولوجيا دون أن يذكر فيه اسم هذا المخترع أكثر من مرة مهما صغر حجم المقال بفضل سجله العلمي الحافل باختراعاته التي بدأها منذ كان في الخامسة عشرة من عمره. وتكمن شهرة ريموند كرزويل –اسمه الحقيقي- في أن تنبؤاته تصيب دائماً كبد الحقيقة منذ كتابه الأول الذي كتبه في الثلاثينيات من عمره ونشره عام 1990 ولما يزل في الثانية والأربعين حتى أنه كثيراً ما يشبه بالمنجم الفرنسي نوستراداموس صاحب النبوءات الشهيرة منذ قرون. ومن نبوءاته التي ضمنها كتابه الأول (عصر الآلات الذكية) وتحققت تلك التي ربطت بين سقوط الاتحاد السوفيتي وانتشار تكنولوجيا الفاكس والهاتف المحمول دون رقابة السلطات, وتنبأ بالانتشار الواسع للإنترنت في وقت كان لم يكن يزيد عدد المستخدمين على 2.6 مليون فقط, إضافة لما كان يردده عن انتشار الإنترنت لاسلكياً. كما تنبأ بتوظيف جنرالات الحرب للتكنولوجيا في استحداث أسلحة أكثر ذكاءً وهو ما حدث بالفعل بدءاً من حرب الخليج. وكذلك تناوله السيارة التي يتم التحكم فيها بالكمبيوتر دون الاعتماد على سائق فقد أكدت شركة جنرال موتورز أن موديل أوبل فيكترا 2008يحوي نظام توجيه بالليزر. وفي كتابه الثاني (عصر الآلات الروحانية) 1999 تنبأ بظهور ذاكرة الفلاش, وإمكانية تبادل الملفات عبر الإنترنت بسرعة فائقة, كما تنبأ بانتشار أجهزة الكمبيوتر المحمولة –لاب توب- حتى أنه أسهم في مشروع يهدف لنشر تلك الأجهزة بين الطبقة الفقيرة وذلك بإنتاج أجهزة لا يتجاوز ثمن الواحد 100 دولار. وفيما يلي قدر يسير من نبوءاته الخاصة بالقرن الحادي والعشرين * عام 2019: من المتوقع أن يصل الكمبيوتر الشخصي العادي إلى مستوى الذكاء البشري كما أن أجهزة الكمبيوتر لن تصبح مستقلة بذاتها إذ ستدخل ضمن أثاث المنزل أو الحلي. تطرح في الأسواق نظارات وعدسات لاصقة تعطي صورة ثلاثية الأبعاد بحيث تقع الصورة على شبكية العين مع استخدام سماعات هيدفون حتى يتمكن الشخص من الاتصال بالآخرين عن بعد وكذلك استخدام شبكة الإنترنت وتحميل أية مواد لاسلكياً. وبالنسبة للكمبيوتر فيتم التخلي عن لوحة المفاتيح واستخدام إشارات الأيدي بدلاً منها تماماً كما يتعامل البشر مع بعضهم البعض. يستخدم الصم نظارة تقوم بتحويل الصوت إلى نص مقروء أو إشارات, والموسيقى إلى صور. أما المصابون بالشلل فيمكنهم الحركة عن طريق جهاز عصبي يتم التحكم فيه من خلال الكمبيوتر. تصل الترجمة الآلية إلى قمة ازدهارها حتى أنها تستخدم بطريقة روتينية في الحوار العادي. ويتم منع البشر من قيادة سياراتهم في الطرق السريعة ويقوم الروبوت بتلك المهمة. * عام 2029: الكمبيوتر الشخصي يصل إلى معدلات ذكاء تفوق الإنسان بألف مرة. بينما العلماء على وشك التوصل لجميع أسرار العقل البشري. يتم الاستغناء عن النظارات التي كانت تستخدم للتواصل ويحل محلها تقنية زرع نانوبوتس داخل العين أو الأذن. وتبدأ أجهزة الكمبيوتر في الاستغناء عن الإنسان بصورة كبيرة. * عام 2049: تقوم تكنولوجيا النانو بتوفير غذاء يشبه الغذاء الطبيعي إلا أنه صحي ذو قيمة غذائية أكبر. وتضيق الفجوة بين كل ما هو حقيقي وما هو صناعي إلى حد كبير. * عام 2072: تظهر تكنولوجيا البيكو التي تقاس بجزء من التريليون من المتر. * عام 2099: يعلن العلماء أنهم توصلوا إلى جميع أسرار العقل البشري. وبالتالي يتم معالجة الروبوت بحيث لا تصبح للذكاء البشري أية ميزة إضافية. وحتى الحقوق القانونية يحصل عليها الروبوت بصورة مماثلة للإنسان. كما يقوم العلماء بعمل مسح للدماغ يتوصلون من خلاله إلى العديد من المعلومات المهمة عن طبيعة الاتصال بين الخلايا. __________________ المصدر : www.saudiinfocus.com