حكم الأموال التي تنذر للقبور والأضرحة
الناقل :
SunSet
| الكاتب الأصلى :
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
| المصدر :
www.binbaz.org.sa
ما حكم الشرع في الأموال التي تنذر للأولياء وتوضع في صناديق أضرحتهم؟ وهل لأحد فيها حق لانتسابه إلى هذا المولى؟
هذه الأموال التي تنذر للموتى ويتقرب بها إليهم هذه نذور شركية باطلة، وعلى من فعلها أن يتوب إلى الله وأن ينيب إليه وأن يستغفره سبحانه؛ لأن النذر عبادة كالصلاة والذبح، كلها عبادات، فالذي ينذر لأصحاب القبور أو للأصنام أو للجن كالذي يدعوهم ويستغيث بهم، وكالذي يذبح لهم كله شرك بالله -عز وجل-، فالواجب الحذر من ذلك. وهذه الأموال التي توضع في الصناديق من النذور يجب أن يأخذها ولي الأمر وأن تصرف في وجوه البر والخير كالصدقة على الفقراء أو في مشاريع خيرية، وأن تمنع منعا باتاً، إذا عثر عليها ولي الأمر المسلم يزيلها ويمنع الناس من هذا الأمر، ويعلمهم أن هذا لا يجوز وما كان موجوداً فيها يوزع في وجوه الخير كما تقدم، ولا يجوز أن يُقر هذه الصندوق بل يجب أن يمنع، وتمنع السدنة الذين يدعون إلى ذلك ويعاقبوا بما يردعهم وأمثالهم وينادى في الناس والخطب والصحف المحلية أن هذا شرك وأنه لا يجوز حتى يرتدع الناس حتى يعلم الناس ذلك، والواجب على العلماء أن يفعلوا ذلك، الواجب على أهل العلم في كل مكان أن يرفعوا هذا اللبس عن الناس بالكلام الطيب في الإذاعة في الصحافة في التلفاز حتى يكون الناس على بينة، على بصيرة، والله يقول -جل وعلا- في كتابه العظيم: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (النحل: من الآية125)، ويقول سبحانه: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَة) (يوسف: من الآية108)، ويقول -عز وجل-: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (فصلت:33)، فالدعوة إلى الله من أهم الأمور، وهي فرض على المسلمين، فرض كفاية إذا قام بها من يكفي سقط عن الباقين، فإن تركها العلماء والدعاة أثموا جميعاً، فالواجب على أهل كل بلد وكل قرية من أهل العلم أن ينشروا العلم، وأن يبينوا للناس ما أوجب الله عليهم من الدعوة، من الإخلاص لله وتوحيد العبادة وعدم صرفها لغير الله كائناً من كان، وتحريم الشرك قليله وكثيره صغيره وكبيره، وهكذا بقية الأوامر والنواهي، يوضحوا للناس وجوب الصلاة وأداءها في الجماعة، وجوب الزكاة، وجوب صوم رمضان، وحج البيت مع الاستطاعة، بر الوالدين، وصلة الرحم، وصدق الحديث، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى غير هذا مما أوجبه الله، كما أنه يجب عليهم أن يبينوا للناس ما حرم الله عليهم من الشرك وترك الصلاة والتساهل فيها، أو عقوق الوالدين أو أحدهما، أو قطيعة الرحم، أو أكل الربا أو الغيبة والنميمة، أو قتل النفوس بغير حق أو شهادة الزور أو غير هذا مما حرم الله، هذا واجب العلماء، والله سائلهم سبحانه وتعالى عما كتموا وعما لديهم من العلم، وهذا أوان نشر العلم، هذا وقت الغربة الآن، وقبل هذا الآن بأزمان كثيرة، الغربة في الإسلام عظيمة ومنتشرة، والعلماء قليل، العلماء بالله وبدينه، أهل البصائر قليلون، فالواجب عليهم مع قلتهم أن ينشروا العلم وأن يتقوا الله في جميع الدول في الدول الإسلامية وفي الأقليات الإسلامية وفي كل مكان، يجب عليهم أن ينشروا العلم وأن يعلموا الناس من طريق وسائل الإعلام، فقد يسر الله للناس اليوم وسائل الإعلام عن طريق الإذاعة والصحافة والتلفاز والخطابة وسائر الأمور الممكنة كالنصيحة في المجتمعات والمحافل ونحو هذا مما يتيسر لطالب العلم إذا اجتمع بإخوانه أو في حفلة وليمة أو حفلة عرس أو غير هذا من أنواع الاجتماعات، المؤمن يستغل الفرص، العالم يستغل الفرص، حتى ينشر العلم وحتى يوضح للناس ما أوجب الله عليهم، وحتى يشرح للناس ما حرم الله عليهم، وبذلك تبرأ ذمته وينتشر العلم، وتقوم الحجة، ويحصل له من الأجور مثل أجور من هداهم الله على يديه، وهذا من فضل الله سبحانه وتعالى، يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (من دلَّ على خير فله مثل أجر فاعله) ويقول عليه الصلاة والسلام-: (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً) والعكس بالعكس -لا حول ولا قوة إلا بالله- يقول -صلى الله عليه وسلم-: (ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً) ويقول -صلى الله عليه وسلم- لعلي -رضي الله عنه- أمير المؤمنين لما بعثه إلى خيبر، لدعوة اليهود وقتالهم إن أبوا، قال له عليه الصلاة والسلام: (فوالله لئن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم)، هكذا يقول المصطفى عليه الصلاة والسلام لابن عمه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الخليفة الراشد رابع الخلفاء وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة -رضي الله عنه- يقول له النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فوالله) يحلف وهو الصادق وإن لم يحلف! لكن للتأكيد (لئن يهدي الله بك رجلاً واحدا خير لك من حمر النعم) فلا يليق بطالب العلم ولا بالعالم أن يتساهل في هذا الأمر مع شدة الحاجة والضرورة إلى العلم، بل يجب أن يُشمِّر أينما كان وأن يتقى الله وأن يراقبه وأن ينشر العلم يريد ما عند الله من المثوبة، يريد أن يهدي الناس وأن يرشدهم وأن ينقذهم مما هم فيه من الباطل، وأن يخرجهم من الظلمات إلى النور تأسياً برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعملاً بأمره. نسأل لله للجميع الهداية والتوفيق.