تفسير قول الرسول ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه
الناقل :
SunSet
| الكاتب الأصلى :
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
| المصدر :
www.binbaz.org.sa
يسأل: عن قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه) نرجو أن تتفضلوا ببيان المقصود من قوله صلى الله عليه وسلم: (وأوتيت مثله معه)؟
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد. هذا الحديث من الأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ومعنى (ومثله معه) يعني أن الله أعطاه وحياً آخر وهو السنة، التي تفسر القرآن وتبين معناه، كما قال الله عز وجل: وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ فهو - صلى الله عليه وسلم - أوحى الله إليه القرآن وأوحى إليه أيضاً السنة وهي الأحاديث التي ثبتت عنه – عليه الصلاة والسلام- فيما يتعلق بالصلاة والزكاة والصيام والحج والمعاملات وغير ذلك. فالسنة وحي ثان أوحاه الله إليه عليه الصلاة والسلام، وهو يعبر عن ذلك بأحاديثه التي بينها للأمة، وتلاها على الأمة عليه الصلاة والسلام، مثل قوله عليه الصلاة والسلام: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكلك امرئ ما نوى) وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)، (لا تقبل صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول) ومثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: (الصلوات الخمس، ورمضان إلى رمضان، والجمعة إلى الجمعة كفارات لما بينهن ما لم تؤتى الكبائر) إلى غير هذا فأحاديثه- صلى الله عليه وسلم - وحي ثان غير وحي القرآن، ومعناها وحي، وألفاظها من النبي عليه الصلاة والسلام. وقد يكون بعضها أحاديث قدسية من كلام الرب عز وجل أوحاه الله لنبيه عليه الصلاة والسلام فتسمى "الأحاديث القدسية" وهي من كلام الله عز وجل، وهي وحي ثان غير وحي القرآن، فالقرآن أنزل للإعجاز، وأما الأحاديث القدسية فهي أنزلت لما فيها من العظة والتذكير والأحكام التي تنفع الأمة فهي وحي ثان من الله عز وجل للرسول عليه الصلاة والسلام، قال تعالى: وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى فالوحي على هذا أنواع ثلاثة: القرآن الكريم والذي جعله الله معجزة عظيمة مستمرة لرسول عليه الصلاة والسلام لفظه ومعناه، وبيَّن فيه أحكامه -سبحانه وتعالى- وهو كلامه عز وجل لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ، والوحي الثاني: أحاديث قدسية من كلام الله عز وجل أوحاها الله لنبيه -صلى الله عليه وسلم- وليس من القرآن، مثل قوله - صلى الله عليه وسلم - عن الله عز وجل أنه قال سبحانه: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عاري إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم، يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني إلى أخره) في أحاديث أخرى عن الله عز وجل. والوحي الثالث: وحي أوحاه الله إليه، وخبر عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- وبينه للأمة، فهو من الله وحي وهو من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - لا من كلام الله؛ مثل ما تقدم في قوله - صلى الله عليه وسلم -: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى) ومثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: (البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركت بيعهما) ومثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تقبل صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول) ومثل قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح يقول عليه الصلاة والسلام: (لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع ولا بيع ما ليس عندك) وما أشبه ذلك من الأحاديث الكثيرة الواردة عنه عليه الصلاة والسلام. فهي كلها وحي لكنها وحي من معنى وألفاظها ألفاظ النبي عليه الصلاة والسلام، وهي من جهة الله أوحاها الله لنبيه وأخبره بها ونزل بها الوحي إليه ليبلغها الناس في أحكام دينهم من العبادات وغيرها. إذاً المثلية من حيث الوحي سماحة الشيخ؟ نعم من حيث الوحي.