من عبد العزيز بن عبد الله بن باز، إلى حضرة الأخ المكرم الشيخ/ ف. ت. زاده الله من العلم النافع والإيمان، آمين، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:[1]
فقد وصلني كتابكم الكريم المؤرخ في 5/11/1387هـ - وصلكم الله بهداه - وما تضمنه من السؤال كان معلوماً:
وقد تضمن خطابكم المذكور السؤال عن حكم شحم الخنزير؟ وذكرتم أنه بلغكم عن بعض علماء العصر حل ذلك.
فالجواب عن ذلك: أن الذي عليه الأئمة الأربعة وعامة أهل العلم هو: تحريم شحمه تبعاً للحمه، وحكاه الإمام القرطبي والعلامة الشوكاني إجماع الأمة الإسلامية؛ لأنه إذا نص على تحريم الأشرف، فالأدنى أولى بالتحريم؛ ولأن الشحم تابع للحم عند الإطلاق؛ فيعمه النهي والتحريم؛ ولأنه متصل به اتصال خلقة؛ فيحصل به من الضرر ما يحصل بملاصقه، وهو اللحم؛ ولأنه قد ورد في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على تحريم الخنزير بجميع أجزائه، والسنة تفسر القرآن، وتوضح معناه، ولم يخالف في هذا أحد فيما نعلم، ولو فرضنا وجود خلاف لبعض الناس، فهو خلاف شاذ مخالف للأدلة والإجماع الذي قبله، فلا يلتفت إليه.
ومما ورد في السنة في ذلك ما رواه الشيخان البخاري ومسلم في الصحيحين عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس يوم الفتح فقال: ((إن الله ورسوله حرم عليكم: بيع الخمر، والميتة، والخنزير، والأصنام))[2] الحديث، فجعل الخنزير قرين الخمر والميتة، ولم يستثن شحمه، بل أطلق تحريم بيعه، كما أطلق تحريم بيع الخمر والميتة، وذلك نص ظاهر في تحريمه كله، والأحاديث في ذلك كثيرة.
وقد كتبنا جواباً في حكمة تحريم الخنزير، نرسل لكم نسخاً منه، مع نسختين من كتابين آخرين في الموضوع للاطلاع عليه.
والله المسئول أن يوفقنا جميعاً للفقه في دينه، والنصح له ولعباده، والدعوة إليه على بصيرة؛ إنه جواد كريم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
[1] أجاب عنه سماحته عندما كان نائباً لرئيس الجامعة الإسلامية.
[2] أخرجه البخاري برقم: 2082 (كتاب البيوع)، باب (بيع الميتة والأصنام)، ومسلم برقم: 2960 (كتاب المساقاة)، باب (تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام).