هل التوبة تستلزم إقامة الحد على من تاب ولم يقم عليه

الناقل : SunSet | الكاتب الأصلى : الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز | المصدر : www.binbaz.org.sa

 

بالزر الأيمن ثم حفظ باسم

إذا ارتكب المسلم إثماً يستحق الحد والقصاص أو التعزير ولم يقام عليه هذا العقاب، ولم يعلم عنه أحد ، وتاب توبة نصوحاً ، فهل يعاقب يوم الحساب على هذا العمل أم لا؟


من توبته للقصاص أن يمكن نفسه، حتى يرضى صاحبه أو يقتص، أما بقية المعاصي إذا تاب إلى الله فالله يعفو عنه - سبحانه وتعالى -، لكن إذا كان الحق للمخلوق كالسرقة والقتل ونحوه ، فهذا لابد من إعطاء المخلوق حقه، فإن لم يعطه حقه فالتوبة تسقط عنه حق الله ، وتسقط عنه خطر دخول النار، ولكن يبقى عليه حق القتيل، حق المسروق منه، لابد أن يؤدى عنه، فإن تاب توبةً صحيحة فيرجى له أن الله يؤدي عنه - سبحانه وتعالى -، إذا لم يستطع أداء الحق ، فالله - جل وعلا - يؤدي عنه - سبحانه وتعالى - تلك الحقوق إذا كانت التوبة صحيحة ، وسليمة ، ومستوفي شروطها، مستوفية شروطها، ومن شروطها أن لا يستطيع أن لا يتمكن من أداء الحق للمخلوق، فإن شروطها ثلاثة: الندم على الماضي، والإقلاع من الذنب، والعزم الصادق أن لا يعود فيه، هذه الذنوب متعلقة بالله - جل وعلا -. وهناك شرط رابع يتعلق بالمخلوق كالدم، السرقة، وظلم الأموال والأعراض، فهذا الحق يجب أن يؤدى لصاحبه ، فإذا عجز عنه بأن مات صاحبه، وليس له ورثة يعطيهم حقهم، فإن حق الميت يبقى ، وإذا كانت التوبة صادقة ، فالله يقضيه عنه - سبحانه وتعالى - جل وعلا - ؛ لأنه صادق في محبته للتوبة ، وإعطائه حقه ، لكنه لم يتمكن من هذا الشيء لأنه مات وليس ورائه أحد يقضيه الحق ، فحينئذ يبقى الأمر بينه وبين الله - عز وجل -، والله - سبحانه وتعالى - يتقبل من عبده التوبة الصادقة في جميع الأشياء؛ كما قال الله – تعالى -: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا [(53) سورة الزمر]. لكن إذا كان صاحب الحق موجوداً فلابد من إعطاءه حق أو استباحته ، وإلا فإنه يأخذ من حسناته بقدر مظلمته، كما قال عليه الصلاة والسلام: (من كان عنده لأخيه مظلمة فليتحلله اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم ، إن كان له عمل صالح أخذ من حسناته بقدر مظلمته فإن لم يكن له حسنات - يعني الظالم - أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه). هذا يدل على أن خلق المخلوق لابد من أدائه حيث أمكن، أما إذا لم يمكن فالله يعفو عنه - سبحانه وتعالى -، والتوبة مقبولة ، ونافعة ومفيدة ، ويبقى حق المخلوق الذي لم يستطع أدائه يرضيه الله ، يرضيه الله، يرضي الله صاحبه عنه بأنواع الثواب والخير فإنه سبحانه جواد كريم، والعبد معذور ؛ لأنه لم يتمكن من أداء الحق.