حكم من فعل فعل قوم لوط ثم أقسم بالطلاق على أن يسافر إلى أهله في وقت محدد ولم يسافر

الناقل : SunSet | الكاتب الأصلى : الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز | المصدر : www.binbaz.org.sa

 

بالزر الأيمن ثم حفظ باسم

لقد فعلت ما يغضب الله - تبارك وتعالى - : فعلت فعل قوم لوط، وبعدما فعلت هذه الفعلة أقسمت بالطلاق أن أسافر إلى بلدي في شهر كذا، لكنني ندمت على الطلاق الذي أقسمت به وأنا في حالة غضب؛ لدرجة أنني نظرت المرآة وبصقت على وجهي وقلت: أنا لا يصح أن أكون مسلماً، سؤالي: هل يقع الطلاق إذا لم أسافر في الوقت المحدد؟


أما: أولاً فعمل قوم لوط من أكبر الكبائر، ومن أعظم الفواحش -نسأل الله العافية- قد قال الله في ذلك في قوم لوط: وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ [(28) سورة العنكبوت]. وفي الحديث: (لعن الله من عمل عمل قوم لوط، لعن الله من عمل عمل قوم لوط، لعن الله من عمل عمل قوم لوط). فهي فاحشة عظمى ونكراء- نسأل الله السلامة-. وعليك التوبة إلى الله من ذلك، التوبة الصادقة المتضمنة للندم على ما مضى منك، والإقلاع من ذلك تعظيماً لله وخوفاً منه - سبحانه وتعالى - وطاعة له، مع العزم الصادق أن لا تعود إلى ذلك، هذا هو الواجب عليك -نسأل الله أن يمن عليك بالتوبة-، ولعلك تبت -إن شاء الله- من ذلك. والمقصود أن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، و... من الله عليك بالتوبة الصادقة، فأنت على خير، وعرفت التوبة الصادقة هي المتضمنة لأمور ثلاثة: الأمر الأول: الندم على ما مضى منك من هذا العمل القبيح المنكر. الثاني: الإقلاع منه والحذر منه. الثالث: العزم الصادق أن لا تعود فيه، وينبغي لك مع هذا ويشرع لك أن تتبع هذا بالعمل الصالح؛ لقول الله - عز وجل - : وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [(31) سورة النــور]. ولقوله - سبحانه وتعالى - لما ذكر الشرك والقتل والزنا في سورة الفرقان قال: إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ [(70) سورة الفرقان]. وقال في الآية: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا [سورة الفرقان (68)(69)]. هذا العذاب لهؤلاء للمشرك والقاتل بغير حق والزاني، وإذا كان هذا العذاب للأليم للزاني وهؤلاء الذين معه، فلآئط أشد من ذلك -نسأل الله العافية- ثم قال بعد ذلك - سبحانه وتعالى-: إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا [(70) سورة الفرقان]. فعليك يا أخي بالتوبة الصادقة والعمل الصالح وأبشر بالخير -إن شاء الله والله-، يقول - سبحانه وتعالى - أيضاً في الآية الأخرى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى [(82) سورة طـه].. أما الطلاق فعلى حسب نيتك على الصحيح إن كنت أردت أنك إن لم تسافر فامرأتك طالق، وقع عليها طلقة بكلامك هذا. أما إن كنت أردت حث نفسك والعزم عليها بالسفر ولم ترد إيقاع الطلاق بزوجتك إذا لم تسافر وإنما أردت بهذا أن تسافر أن تحث نفسك وأن تلزمها بالسفر وأن تؤكد عليها حتى تسافر ولم ترد إيقاع الطلاق إلا لتسافر ولم يخطر ببالك إيقاع الطلاق إذا لم تسافر فعليك كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة وإطعامهم يكون بنصف صاع، كيلوا ونصف تقريباً من التمر، أو من الأرز، أو من الحنطة، أو غيرها من قوت البلد أو كسوة الفقراء عشرة كل واحد يعطى قميصاً، وهو المدرعة، أو إزار ورداء أو عتق رقبة مؤمنة من ذكر أو أنثى فإن عجزت وكنت فقيراً لا تستطيع هذه الأمور فعليك أن تصوم ثلاثة أيام، هذه كفارة اليمين. والطلاق لا يقع ما دامت ما أردت إلا الحث والتحريض على السفر ولم ترد إيقاع الطلاق فعليك الكفارة ولا يقع الطلاق أما إن كنت أردت إيقاع الطلاق إن لم تسافر أردته فإنه يقع الطلاق عليها ولك أن تراجعها إذا كنت لم تطلقها قبلها طلقتين فإذا كنت لم يسبق منها طلاق قبل ذلك مرتين فلك أن تراجعها فإن كنت طلقتها قبل ذلك مرتين فهذه الثالثة فلا تحل لك إلا بعد زوج.