المضاربة في سوق الأسهم العالمية

الناقل : heba | الكاتب الأصلى : د. سامي بن إبراهيم السويلم | المصدر : www.saaid.net

المضاربة في سوق الأسهم العالمية

 د. سامي بن إبراهيم السويلم

 
السؤال
أرجو التكرم ببيان الحكم الشرعي للتعامل بالمضاربة بالأسهم في سوق الأسهم العالمية والأمريكية‏،‏ مع العلم بأن عملية الربح والخسارة تكون (عملياً) من خلال ارتفاع وانخفاض قيمة السهم فقط‏،‏ دون أن يكون لهذه الأسهم أية عوائد في نهاية السنة المالية نتيجة للنشاط الجاري للشركة التي تطرح هذه الأسهم في السوق‏،‏ وكأن هذه الأسهم ما هي إلا سلعة تطرحها الشركات تنخفض وترتفع قيمتها حسب العرض والطلب‏،‏ ودون أن تمثل هذه الأسهم أية قيمة من أصول الشركة أو نشاطها، لقد أفتيت من بعض العلماء أن هذه التجارة في حقيقتها ما هي إلا نوعٌ من أخطر أنواع الميسر، حيث يرون أن الأسهم تحولت فعلياً في البورصة العالمية إلى سلع ذات قيمة وهمية تتلاعب بها الأسواق كما تشاء‏،‏ بينما أرى العديد من فقهاء المملكة يجيزونها بشروط (النشاط الحلال وعدم التعامل بالربا) ومنهم من ذهب أكثر من ذلك فأباح شراء أسهم الشركات العالمية والأمريكية التي تستفيد من الربا بشرط تصفية الجزء الربوي من الأرباح (توزيع 20% من الربح في منافع المسلمين).أرجو التفصيل في بيان الفتوى، وشرح كيف يمكن أن يظهر الاختلاف الكبير بين فتاوى العلماء في مسألة واحدة تهم النشاط التجاري لشريحة كبيرة من الناس؟.

الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
السهم يمثل ملكية شائعة في الشركة المساهمة، وهو يستمد قيمته من موجودات الشركة وربحيتها وأدائها، ولولا ذلك لكان عديم القيمة. لكن كأي سلعة أخرى، قد يساء استخدام الأسهم، وقد تخضع لمجازفات تصل إلى المقامرة، كما يحصل ذلك في أسواق السلع والعقارات وغيرها.
أما ما يتعلق بالشركات التي تتعامل بالربا، فلا خلاف بين الفقهاء، القدامى والمعاصرين، أن الربا محرم قليله وكثيره. وإنما وقع الخلاف في أن الشركة إذا اختلطت أموالها الحلال بمال حرام، كالربا وغيره، فهل يجب اجتنابها كلياً أو تكون العبرة بالغالب؟ فهناك من منع كلياً، وهناك من أجاز بشرط غلبة الحلال على الحرام ترجيحاً لمصلحة الاستثمار وتنمية المال على مصلحة التورع وترك الشبهات. ولا غضاضة في الاختلاف في هذه المسائل، لأن الاختلاف هنا ليس في أصل الحكم الشرعي، وإنما في تنزيله على الواقع وتطبيقه عليه، أو ما يسمى "تحقيق المناط". والشريعة الإسلامية تتسع لتعدد الآراء وتنوع الاجتهادات طالما كان ذلك وفق المنهج العلمي في الاجتهاد والاستدلال، وهذا من رحمة الله بهذه الأمة. والله الهادي إلى سواء السبيل.

المصدر : الإسلام اليوم