القروض المحرمة في شركات المساهمة
د. محمد بن سعود العصيمي
السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد نظرا لكثرة المتعاملين في سوق الأسهم السعودية ، وولوج كثير من الشركات في قروض ربوية واستثمارات محرمة .. ولجهل الكثير من المتعاملين في هذا السوق في تحديدنسبة الإقتراض المحرمة للتعامل في أسهم هذه الشركة أو تلك .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته؟ .. الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:فإن الموضوع الذي يطلبه الأخ ليس جديدا على العلماء الكبار، ولا على المجامع الفقهية. وقد استقرأت أقوال العلماء في المسألة على عجالة، وأنا هنا أكتبه ملخصا للفائدة. فأقول: يرى جماهير العلماء المعاصرين جواز شراء وبيع أسهم الشركات المساهمة ذات النشاط المباح، والتي لا تتعامل بعمليات محرمة. أما الشركات ذات النشاط المباح، ولكنها تتعامل بالربا أخذا وإعطاء، فهناك قولان مشهوران للعلماء المعاصرين في حكم تداول أسهمها: القول الأول التحريم، وهو قول: اللجنة الدائمة للإفتاء في المملكة العربية السعودية (في أكثر من موضع)، ومجمع الفقه الإسلامي العالمي، المنبثق من منظمة المؤتمر الإسلامي في جدة، والمجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي في مكة حرسها الله، والهيئة الشرعية لبيت التمويل الكويتي، وكثير من العلماء المعاصرين. وأعضاء مجمع الفقه الإسلامي في مكة حرسها الموقعون على التحريم يزيدون على الستة عشر عالما، منهم: سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز، والشيخ د. صالح الفوزان، والشيخ د. بكر أبو زيد، والشيخ عبدالله البسام، والشيخ د. يوسف القرضاوي، والشيخ محمد السبيل، والشيخ د. أحمد فهمي أبو سنة، وغيرهم. وتحفظ الشيخ د. محمد مصطفى الزرقاء على القرار بقوله: "أتحفظ على القرار لأن الموضوع يحتاج لتفصيل". وقد ذكر القرار علة التحريم فقال: " والتحريم في ذلك واضح، لعموم الأدلة من الكتاب والسنة في تحريم الربا، لأن شراء أسهم الشركات التي تتعامل بالربا مع علم المشتري بذلك يعني اشتراك المشتري بنفسه في التعامل بالربا، لأن السهم يمثل جزءا شائعا من رأس مال الشركة، والمساهم يملك حصة شائعة في موجودات الشركة، فكل ما تقرضه الشركة بفائدة أو تقترضه بفائدة فللمساهم نصيب منه، لأن الذين يباشرون الإقراض والاقتراض بالفائدة يقومون بهذا العمل نيابة عنه، والتوكيل بعمل المحرم لا يجوز." والقول الثاني: الجواز بشروط. وهو قول: بعض المفتين، خاصة في الهيئات الشرعية للبنوك الإسلامية. وأول من قال به من تلك اللجان الهيئة الشرعية لشركة الراجحي المصرفية للاستثمار. وصدر في قرارين، الأول برقم 310، وفيه نص على مسوغات القول بالجواز وهي: عموم البلوى، ورفع الحرج، والحاجة العامة. ونص في القرار على ثلاثة ضوابط للقول بالجواز، ثم صدر القرار رقم 485، وزيد فيه ضابطان جديدان، وإضافات أخرى مهمة. والعلماء الموقعون على القرار 310 هم: فضيلة الشيخ العلامة عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل رئيس الهيئة الشرعية، وفضيلة الشيخ العلامة مصطفى أحمد الزرقا (رحمه الله)، وفضيلة الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالله الزايد، وفضيلة الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله بن عقيل أمين الهيئة الشرعية في حينه. وأما الموقعون على القرار 485 فهم: فضيلة الشيخ العلامة عبدالله بن عبدالعزيز ابن عقيل رئيس الهيئة الشرعية، فضيلة الشيخ عبدالله بن سليمان المنيع، فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن البسام (رحمه الله)، وفضيلة الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالله الزايد، وتوقف في حكم هذا النوع فضيلة الشيخ د. أحمد بن علي سير مباركي، وفضيلة الشيخ د. عبدالرحمن بن صالح الأطرم. ومختصر الضوابط الشرعية من القرار 310 هي: - أن يكون نشاط الشركة مباحا.- أن تكون المديونية الربوية (أي القروض التي اقترضتها الشركة بعقود ربوية) لا تزيد عن ثلث رأس مال الشركة. ثم عدل ذلك في القرار الجديد إلى ربع إجمالي المطلوبات. - أن يطهر نصف ربح القرض الربوي. ثم أضاف القرار الجديد 485 ضابطين جديدين هما:- أن لا يتجاوز الإيراد الناتج من عنصر محرم 5% من إجمالي إيراد الشركة، سواء كان الإيراد فوائد ربوية أو ناتج من ممارسة محرمة. - ألا يتجاوز إجمالي العنصر المحرم –استثمارا كان أو تملكا لمحرم- 15% من إجمالي موجودات الشركة. - مع تأكيد القرارين على تحريم الاشتراك في تأسيس شركات ينص نظامها على تعامل محرم في أنشطتها أو أغراضها. وأكد القراران كذلك على أن التعامل بأسهم تلك الشركات مقيد بالحاجة، فإن وجدت شركات مساهمة تلتزم اجتناب التعامل بالربا وتسد الحاجة فيجب الاكتفاء بها عن غيرها ممن لا يلتزم ذلك. ومع متابعتي للموضوع، فلا أعلم أحدا من العلماء له رأي مكتوب يرى جواز التعامل في الشركات التي تقترض أو تودع بالربا بدون ضوابط. والله أعلم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، المصدر : موقع المسلم