الإطاحة السلمية بالمبجل كين كوتوراجي

الناقل : elmasry | الكاتب الأصلى : شبابيك | المصدر : www.shabayek.com

في عالم صناعة أجهزة ألعاب الفيديو، تجد ثلاثة متصارعين كبار: سوني و نينتندو و مايكروسوفت. على مدى 12 عاما وشركة سوني تتمتع بالمرتبة الأولى في هذا السوق الغني المتقلب. من قبلها تمتعت نينتندو بهذه المرتبة، حتى أزاحتها سوني عن العرش، بسبب خطأ استراتيجي وقعت فيه إدارة نينتندو (ألا وهو عدم الأخذ بتقنية الأقراص المدمجة سي دي في أجهزتها).
حين بدأت في عام 1998، لم تكن سوني تتوقع كل هذا النجاح من قسم ألعاب الفيديو لديها، والذي حقق أرباحا وفيرة، حين تراجعت مساهمات أقسام أخرى كانت في يوم تدر على سوني الذهب. كانت الأمور تسير على خير ما يرام، حتى جاء وقت إطلاق جهاز الألعاب الثالث، بلايستيشن3.
أرادت سوني أن تخضع المستخدمين والمشترين لمشيئتها، ظنا منها أنها من القوة بمكان بحيث يستجيب الناس لها – وكان هذا هو الخطأ الاستراتيجي الذي اقترفته سوني، ومن قبلها الكثيرون، وينتظر غيرها من بعدها الوقوع فيه.
خلال هذه الفترة، تعلمت سوني أن سعة المشترين هي 300 دولار سعرا لجهاز ألعاب منزلي جديد، تخفض سعره بمرور الوقت، حتى تقف عند حدود 100 دولار، تبدأ بعدها في التجهيز لإطلاق جهاز ألعاب جديد. فعلتها سوني مع بلايستيشن الأول والثاني، ومضت الأمور على أفضل ما تتمناه سوني.
ربما كان القليل من الطمع هو دافع سوني لأن تحيد عن هذه النظرية السعرية، إذ أرادت ضرب عصفورين بحجر واحد: 1- إطلاق جهاز ألعاب جديد، 2- يمكنه عرض أفلام فيديو (بلو راي) تعمل وفق تقنية اخترعتها سوني وتتحكم بالتالي في عوائدها. هذا الطموح جعل سعر بيع جهازها الثالث يتراوح ما بين 500 إلى 600 دولار أمريكي.
خسرت سوني هذا الرهان.
فمن جهة، سبقتها منافستها مايكروسوفت في إطلاق نسخة جديدة من جهاز ألعابها اكس بوكس في الأسواق، قبل سوني بقرابة العام، كما لم تستسلم منافستها القديمة نينتندو، وأطلقت هي الأخرى نسخة جديدة من جهازها (ويي) قبل سوني بفترة قصيرة.
ليس السبق الزمني وحده كافيا، بل كان السعر كذلك، إذ جاء سعر نيتندو رخيصا (نصف سعر سوني) وجاء سعر مايكروسوفت متوسطا (ثلثي سعر سوني).
ليس السعر وحده كافيا كذلك، فخسارة سوني جاءت حين فرضت على المشترين وظيفة إضافية – غالية الثمن – غير منتشرة أو معروفة بعد – لا تجد أفلام كثيرة تستفيد منها، فهي لم تعطي المشترين حرية الاختيار، وهذه خطيئة تسويقية كبيرة في وقتنا الحالي.
لأول مرة منذ أكثر من عقد من الزمن، حلت سوني الثالثة (والأخيرة) في سباق المبيعات في عام 2007، وهو ما لم تعهده من قبل. رغم التصريحات النارية لكبار مديري سوني، لكن الأرقام أكثر صدقا من البشر، ولذا جاءت العاقبة في صورة إقالة إيجابية المدير التنفيذي لقسم ألعاب الفيديو: كين كوتراجي، وتعيينه مستشارا تقنيا لكبير مدراء شركة سوني.
في عالم ألعاب الفيديو، تمتع كوتراجي بشهرة أكبر مما نعرف نحن بيل جيتس (مايكروسوفت) وستيف جوبس (أبل). أراد كوتراجي تسمين بلايستيشن3 فوضع فيه قرصا صلبا للتخزين، ومعالج بيانات وبطاقة عرض تمثلان تحفة تقنية ولا ننس بطاقة التشبيك اللاسلكي، ما جعل فاتورته تصل إلى 600 دولار أمريكي، وهو ما مثل صدمة نفسية لمحبي سوني.
المنافس الشرس نينتندو – كان له وجهة نظر أخرى: من يشتري جهاز ألعاب، فهو لا يشتريه ليشاهد عليه أفلام أو يتصفح انترنت، بل لكي يلعب، ولهذا خفضت نينتندو سعر جهازها لأنها وفرت فيه ما يكفي فقط لتشغيل ألعاب فيديو ممتعة.
ماذا يمكن لنا أن نخرج به من قصة “حزينة” كهذه؟
  • حين خسرت نينتندو السباق، لم تيأس، وثابرت حتى عادت إلى طليعته مرة أخرى – بعد 12 سنة!
  • حين تقبل عليك الدنيا، وتتراكم أرباحك حتى تسد الأفق، لا تجعل الغرور يتسلل إليك ويدفعك لقرارات تظن فيها أن جمهور المشترين هو الطرف الأضعف المفترض به إطاعة ما تمليه عليه.
  • البقاء في مقدمة السباق أشق من بلوغها.
ذات الشيء أظنه سيحدث لشركة مايكروسوفت، فنظام تشغيلها الأخير مرتفع التكلفة، متعدد الإصدارات، متخم بوظائف تحتاج شراء عتاد قوي، والأهم، يتجسس على المستخدم ويمنعه من أداء العديد من الوظائف التي تؤديها أنظمة التشغيل الأخرى المنافسة.
ذات الشيء يمكن أن يحدث للعواصم العربية التي تشهد فورة عوائد أسعار النفط المرتفعة.
ذات الشيء سيحدث لأي شركة تفكر من منطق القوة لها والضعف للمستهلكين لمنتجاتها.
 
تحقيق النجاح سهل، لكن تبديده أسهل !