بسم الله الرحمن الرحيم
وضع المال في البنك ، وأخذ الفائدة عليه ، والتصرف بها
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فقد جمعنا مجلسٌ علمي مع بعض أفاضل إخواننا ، وكان من ضمن الأسئلة التي تدوولت في اللقاء : السؤال عن مدى جواز وضع المال في البنوك الربوية ؟ وهل يجوز لمن اضطر لوضعها أن يخذ الفائدة والزيادة الربويَّة ؟ وأين يتم تصريفها بعد أخذها ؟ وكان من رأيي : أنه لا يجوز للإنسان المسلم ابتداءً أن يضع ماله في البنوك الربويَّة ، وأنه كما أنه يأمن على أهله في البيت ، فإنه من باب ولى أن يأمن على ماله ، إلا إذا كان المال أعز عنده من أهله ! ولم نسمع عن دعوة لوضع الأهل في مكان حين خروج الواحد من أصحاب الأموال خارج بيته ! لذا لا يجوز وضع المال ابتداءً إلا في حال الضرورة القصوى والت يخاف فيها الإنسان على نفسه وأهله وماله . وقد تيسرت في هذا الزمان وسائل كثيرة لحماية الأموال لم تكن معروفة في الأزمنة الغابرة مع كثرة الأموال فيما مضى . وأما الجواب عن الثاني : فهو أنه من اضطر لوضع ماله في البنك فإنه ( يجب ) ! عليه أن يأخذ ما يكون في رصيده من المال الربوي الزائد ، وأنه ( لا يجوز ) له أن يمكن الكفرة أو الفجرة من هذا المال لا لشخصهم ولا لمؤسستهم . وأما الجواب عن الثالث : فهو أنه يجوز أن يتصرف في المال في ( جميع ) وجوه الخير من غير إلزام بجانب معين ، وذلك لعدم وجود الفرق فضلا عن الدليل بين جوانب الخير . فيجوز دفعها طعاماً للفقراء ، أو كسوة للعرايا ، أو قضاءً لدين المدينين ، أو إعانة للمجاهدين . والله أعلم ثم وجدت بعد مجلسنا ذاك بعض فتاوى لكبار علمائنا بمثل ما ذكرت فأحببت ذكرها للفائدة . والحمد لله على توفيقه قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله : أما ما أعطاك البنك من الربح : فلا ترده على البنك ولا تأكله ، بل اصرفه في وجوه البر كالصدقة على الفقراء ، وإصلاح دورات المياه ، ومساعدة الغرماء العاجزين عن قضاء ديونهم ، … " فتاوى إسلامية " ( 2 / 407 ) . سئل الشيخ ابن جبرين حفظه الله : هل جائز شرعاً أن أودع مالي وأخذ فائدة عليه ، وأعطي الفائدة للمجاهدين مثلاً ؟ فأجاب : حيث عرف أن هذه البنوك تتعاطى الربا ، فإن الإيداع عندها : فيه إعانة لها على الإثم والعدوان ، ننصح بعدم التعامل معها . لكن إن اضطر إلى ذلك ولم يجد مصرفاً أو بنكاً إسلاميّاً : فلا بأس بالإيداع عندها ، ويجوز أخذ هذا الجعل الذي يدفعونه كربح أو فائدة ! لكن لا يدخله في ماله ، بل يصرفه في وجوه الخير على الفقراء والمساكين والمجاهدين ونحوهم ، فهو أفضل من تركه لمن يَصرفه على الكنائس والدعاة إلى الكفر والصد عن الإسلام . " فتاوى إسلامية " ( 2 / 408 ، 409 ) . وسئل الشيخ ابن جبرين حفظه الله : كيف أتخلص من الفوائد الربويَّة شرعاً ؟ فأجاب : أرى وأستحسن أخذها من البنوك ، وصرفها في وجوه البر وفي الأعمال الخيرية من مساجد ومدارس خيرية في بلاد إسلامية محتاجة لذلك بدلاً من أن يأكلها أهل البنط وهم السبب ، فيدخل في حديث " لعن الله آكل الربا وموكله " . " فتاوى إسلامية " ( 2 / 409 ) . صرف الفوائد الربوية اتفقت كلمة المشتركين في الملتقى على أن فائدة البنوك هي ربا أما السؤال أنه هل يسحب مبلغ الفائدة من البنوك أو لا يسحب وإذا سحب فما هي مصارفه ؟ فقد اتخذ القرار التالي بهذا الصدد لا يترك في البنوك ما تعطي من المبالغ باسم الفائدة بل يسحب وينفق في المصارف التالية : أولا : ينفق مبلغ الفائدة الحاصلة من البنوك على الفقراء والمساكين بدون نية الثواب اتفقت على هذا كلمة المشاركين جميعا ثانيا : لا يجوز صرف هذا المبلغ في المساجد وشؤونها ثالثا : ذهب معظم المشاركين في الملتقى إلى أن مبلغ الفائدة يجوز صرفه في الأعمال الخيرية ماعدا مصارف الصدقات الواجبة وذهب الآخرون إلى أن يصرف تماما على الفقراء والمساكين لا غير * مجمع الفقه ( الهند ) قرار ( 5 ) . تعليق : رضا أحمد صمدي الأخ إحسان العتيبي حفظه الله ، والأخوة الكرام المشاركين ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . أرجو أن تسمحوا لي بإضافة بعض المفاهيم لتوضيح مأتى الفتوى التي أجمعت عليها المجامع الفقهية بضرورة عدم ترك الفوائد للبنوك الربوية وبخاصة التي أسهمها ملك للأجانب . فأصل الفائدة أو الربا أنه ملك لدافعه ، والواجب رده إليه ، والدافع للربا ليس البنك شرعا وقانونا ، فالبنك عبارة عن شركة مساهمة ، والدافعون للربا هم المساهمون في البنك وكذلك المقترضون ، وقد استقر في عرف الاقتصاد جهالة صاحب الربا المدفوع عينا ، فصار الربا أو الفائدة التي يدفعها البنك لعملائه في حكم اللقطة التي لا مالك لها ، ولما رأى أهل العلم أن غالب البنوك تتصرف في الربا المتروك من أهل التقوى بغير ما أحل الله ، كما تفعله البنوك النصرانية من إنفاق تلك الفوائد المتروكة في بناء الكنائس ونحو ذلك أفتى علماء الأمة في العصر الحديث ولم أعلم لهم مخالفا بعدم جواز ترك الفائدة للبنك ، بل يجب أخذها من باب المصلحة المرسلة ( وهي التي لم يات في الشرع كلام بإثباتها أو نفيها كحالتنا هذه ) ، ويعلم من ذلك أنه لا تعارض بين أخذ تلك الفائدة وبين قول الله تعالى : فلكم رؤؤس أموالكم .. لإن الله تعالى سكت عن ذلك الربا فيما لو لم يكن له صاحب ، إذ لو كان له صاحب فهو أحق به ولا ريب ، ولكن قد علم أن الفائدة المتروكة لن تعود إلى أربابها بل سينفقها البنك فيما يراه صالحا وقد تنفقه بعض البنوك في إقامة حفلات تشرب فيها الخمور وتفعل فيها المنكرات ، فوجب درء المفسدة أو تقليلها كما وجب جلب المصلحة أو تكميلها وهذه هي قاعدة الشرع المطردة ، فالشرع جاء بذلك ووجب رعاية مقاصد الشريعة وعدم الوقف عند النصوص لأنها تدور مع العلة وجودا وعدما . وفي الجملة فترك الفوائد الربوية حرام لا يجوز ، كما أن الإيداع بدون ضرورة حرام لا يجوز ، والضرورة لها صورة ، وقد تنزل الحاجة منزلة الضرورة كحالة بعض الشركات التي لايمكن أن تمارس التجارة كالاستيراد والتصدير والتوريد إلا بخطابات ضمان واعتماد فهذه يرخص لها التعامل مع البنك ولكن يجب البحث عن البنك الإسلامي أي الذي يعمل قوانين الشرع فهو أولى من غيره ، وغالب البنوك ألإسلامية فيها قصور وتقصير ولكنها على أي حال أفضل من غيرها والمسئولية ستقع على اللجنة المراقبة ، فوجب التنبيه على هذا ، كما أن الضرورة تقدر بقدرها ، فلا يجوز التوسع في التعامل مع البنك متى كفى التعامل معه بالقدر المحتاج إليه . وختاما أسال الله تعالى أن ينقي أموال المسلمين من الحرام ، وأن يرزقنا الحلال الطهور ، إنه ولي ذلك والقادر عليه ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . رد : إحسـان العتيـبي الأخ الفاضل رضا قلت : ((، ولما رأى أهل العلم أن غالب البنوك تتصرف في الربا المتروك من أهل التقوى بغير ما أحل الله ، كما تفعله البنوك النصرانية من إنفاق تلك الفوائد المتروكة في بناء الكنائس ونحو ذلك أفتى علماء الأمة في العصر الحديث ولم أعلم لهم مخالفا بعدم جواز ترك الفائدة للبنك )) . وأخبرك أن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله يخالف في هذا ! قال الشيخ رحمه الله : ... فإن دعت الضرورة إلى ذلك بحيث يخشى الإنسان على ماله أن يسرق أو ينهب ، بل ربما خشي على نفسه أن يقتل ليؤخذ ماله : فلا بأس أن يضعها في البنك للضرورة . ولكن إذا وضعها للضرورة : فلا يأخذ شيئاً في مقابل هذا الوضع ، ويحرم عليه أن يأخذ شيئاً ؛ لأنه إذا أخذ شيئاً : فإنه يكون ربا ، وإذا كان ربا : فقد قال الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين . فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس موالكم لا تظلمون ولا تُظلمون } [ البقرة / 278 ، 279 ] . والآية صريحة وواضحة بألا نأخذ شيئاً منها ……الخ " فتاوى البيوع " ( ص 47 ) . ولكلام الشيخ رحمه الله تتمة تعاجزت عن كتابتها ، وفيها ( 8 ) وجه في المنع ! الأخ الفاضل جعفر تسميتهم هذا البيع " بيع المرابحة " ليس هو على ما أراده الفقهاء قديماً ، فهي تسمية محدثة بمعنى محدث لا أصل له – على الصورة المشتهرة - . فبيع المرابحة هو بيع الأمانة وهي التي يحدد فيها الثمن بمثل رأس المال ، أو أزيد ، أو أنقص. وسميت بيوع الأمانة بهذا الاسم لأنه يؤتمن فيها البائع في إخباره برأس المال ، وهو على ثلاثة أنواع : 1. بيع المرابحة : وهو البيع الذي يحدد فيه الثمن بزيادة على رأس المال . 2. بيع التولية : وهو البيع الذي يحدد فيه رأس المال نفسه ثمنا بلا ربح ولا خسارة . 3. بيع الوضيعة : - أو : الحطيطة ، أو : النقيصة - : وهو بيع يحدد فيه الثمن بنقص عن رأس المال - أي : بخسارة - . وإذا دققت النظر علمت أن الصورة لا تنطبق على بيع المرابحة بالمعنى الذي قاله الفقهاء . فإن قلتَ : إن المشتري يأتي للبنك ويتفق معه على ربح معين يضيفه البنك على رأس ماله : قلت لك : إن البنك أثناء هذا الاتفاق ليس مالكاً للسلعة !! وإن رأس مال البضاعة : ليس هو على معرفة به ، بل الذي يحدد رأس المال هو " المشتري " !! نعم هو المشتري وهو الذب يذهب ويماكس صاحب البضاعة ليأتي بأدنى سعر ! هذه حقيقة العقد ، دعك من ظاهره أخي الفاضل اجتماع من ذكرت على حل البيع لا يعني أنه إجماع ! وكيف يكون كذلك وقد خالف في جواز هذا البيع إمامان من أئمة الدنيا وهما : الشيخ الألباني والشيخ ابن عثيمين ؟؟ وهذا البيع مخالفاته للشرع كثيرة ، ومنها : 1. بيع ما لا يملك حيث يشتري البنك من غير مالك البضاعة الشرعي !! كيف ؟ أنا أقول لك – وقد حصل هذا معي ! – إذا أراد أحدٌ شراء سيارة من " الحراج " – وهي الصورة التي حدثت معي – فإنه يذهب لسوق الحراج ، فإذا رأى سيارة وأعجب بها : ماكس صاحبها حتى يحصِّل أدنى سعر فإن فعل : اشترى ودفع " عربوناً " وأخذ السمسار عمولته ! ويفترقان على أن يكون التسجيل للسيارة في الغد أو بعده والآن : من هو المالك الشرعي ! – لا القانوني – للسيارة ؟ إنه " المشتري " ويذهب الاثنان بعدها إلى " البنك الإسلامي " لتتميم البيع هناك وقبض البائع ! الثمن فكيف يتم الاتفاق في البنك ؟ ومن الذي يبيع البنك ؟ وممن يشتري البنك ؟ وممن يشتري المشتري !! مرة أخرى ؟؟ الذي يحصل : أن البنك يشتري السيارة من " البائع " !!!!! وهو لا يملك السيارة ، وكف يملكها وهو الذي باعني إياها بالأمس ؟؟؟ ثم إذا اشترى البنك منه ! باعني إياها !! وكيف يبيعني إياها وأنا مالكها الشرعي !؟ فالبنك اشترى ممن لا يملك ! والبائع باع ما لا يملك !! والمشتري اشترى ما يملك !!! 2. ربح ما لم يضمن وقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم والبنك لا تمر عليه لحظة " ضمان " يضمن فيها البضاعة المشتراة ! فأثناء وجودنا في " الحراج " لا علاقة له بالسيارة ولا بخرابها ولا بتلفها ، وأثناء مجيئنا إليه : كذلك ، وأثناء إإتمام الصفقة في البنك : كذلك ! فيشتري البنك ويبيع ويربح وهو لم يضمن لحظة واحدة ، بل ضمانها إما على البائع وإما على المشتري ! 3. البيع قبل الحيازة والبنك لا يحوز البضاعة لرحله ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم التجار أن يبيعوا السلع حتى يحوزها أحدهم إلى رحله . وهذا ما لا يفعله البنك ففي بعض الأحيان يؤتى بالبضاعة عنده عند " باب البنك " ! وفي أحيان قليلة " يقوم " معه الموظف ليرى البضاعة في " محلها " ! وأما قول بعضهم : إن هذا خاص بالطعام : فيرد عليه من وجهين : أ . عموم قوله " السلع " . ب . قول ابن عباس " ولا أحسب غير الطعام إلا مثله " . والمعروف أن ذكر بعض أفراد العموم بحكم موافق لا يخصص الحكم ، فذكر " الطعام " في حديث آخر بحكم موافق لا يجعل الحكم خاصا في الطعام كما هو واضح بيِّن . 4. فتح باب شر والشرور والمفاسد المترتبة على مثل هذه الصور كثيرة ، ومنها : أن بعض التجار صار يبيع " الفواتير " دون البضاعة ، وهذا يعلمه البنك ، لكن هم تجار كذلك – كما صرح مدير فرع لهم - ولا يهمهم سوى الربح ! وقد جاء بعض إخواننا التجار ليسألني عن حكم بيع الفواتير للبنك الإسلامي ! فلما استفسرت منه قال : إن كثيراً من الناس لا يريدون الشراء الحقيقي ، فيذهبون للتاجر ويتفقون معه على بضاعة وهمية يوقعون الاتفاق عليها ثم يرجعونها إلى التاجر نفسه ! فإذا استلم التاجر ثمنها من البنك : أعطاها للمشتري وأخذ منها نسبة تصل لـ 10 % ! والتاجر أخذ هذه النسبة على " البارد المبرد " فبضاعته عنده ، ومال المشتري والبنك في جيبه !! وإذا كانت لك " واسطة " في البنك : فإن بضاعتك لا تتحرك من مكانها !!! وقد حصلت قصة طريفة عندنا كما في الصورة السابقة ، وهي أن التاجر انقلب على المشتري فلم يعطه المبلغ لطمعه به ، وألزمه بالبضاعة فلم يكن للمشتري رغبة بها ، فقال له التاجر : دع البضاعة عندي ، وأتني كل آخر شهر لأعطيك قسط البنك تدفعه لهم !! 5. مشابهة بني إسرائيل في الحيل والمقصود الحقيقي من هذا العقد : هو ديْن يريده المشتري من البنك ، لكن البنك لأن اسمه ! " الإسلامي " ! لا يعطيه قرضاً حسناً ولا سيئاً يأخذ عليه ربا فاحتالوا بهذه الطريقة للوصول إلى هذا المقصود وللعلم فقد أعلن عن صفقة مولها بعض البنوك الإسلامية لشراء طائرة !! فأسألك بالله هل ذهب البنك ورآها فضلا أن يكون حازها ؟؟ إن الذي يحصل في هذه الصورة من العقد هو الحرام بعينه وهي الحيلة بعينها وكثير من التجار يشترون بضائعهم من الخارج ويتفقون مع المصانع ويدفعون العربون فإذا بقي التمويل والدفع جاء دور البنك !! فهل هذا البنك من التجار !!؟؟ ومما يدل على أنه ليس من التجار : أن موظف هذا القسم يشتري أي بضاعة ! فهل مر عليك " رجل " يفهم في " كل شيء " ؟؟ إن هذا الموظف لا يعدو دوره عن شراء " فواتير " وبيع لفقير لا يملك المال . وقد يكون فيه إضافة أو زيادة لكني أكتب بأصبع واحدة ! فلا أستطيع التكملة وقد لا أرد لأن الأمر واضح وأرجو أن يتضح لك ولغيرك وأذكرك أن العبرة في العقود بمعانيها وحقيقتها لا بألفاظها وظاهرها . والله أعلم
ثم وجدت بعد مجلسنا ذاك بعض فتاوى لكبار علمائنا بمثل ما ذكرت فأحببت ذكرها للفائدة . والحمد لله على توفيقه قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله : أما ما أعطاك البنك من الربح : فلا ترده على البنك ولا تأكله ، بل اصرفه في وجوه البر كالصدقة على الفقراء ، وإصلاح دورات المياه ، ومساعدة الغرماء العاجزين عن قضاء ديونهم ، … " فتاوى إسلامية " ( 2 / 407 ) . سئل الشيخ ابن جبرين حفظه الله : هل جائز شرعاً أن أودع مالي وأخذ فائدة عليه ، وأعطي الفائدة للمجاهدين مثلاً ؟ فأجاب : حيث عرف أن هذه البنوك تتعاطى الربا ، فإن الإيداع عندها : فيه إعانة لها على الإثم والعدوان ، ننصح بعدم التعامل معها . لكن إن اضطر إلى ذلك ولم يجد مصرفاً أو بنكاً إسلاميّاً : فلا بأس بالإيداع عندها ، ويجوز أخذ هذا الجعل الذي يدفعونه كربح أو فائدة ! لكن لا يدخله في ماله ، بل يصرفه في وجوه الخير على الفقراء والمساكين والمجاهدين ونحوهم ، فهو أفضل من تركه لمن يَصرفه على الكنائس والدعاة إلى الكفر والصد عن الإسلام . " فتاوى إسلامية " ( 2 / 408 ، 409 ) . وسئل الشيخ ابن جبرين حفظه الله : كيف أتخلص من الفوائد الربويَّة شرعاً ؟ فأجاب : أرى وأستحسن أخذها من البنوك ، وصرفها في وجوه البر وفي الأعمال الخيرية من مساجد ومدارس خيرية في بلاد إسلامية محتاجة لذلك بدلاً من أن يأكلها أهل البنط وهم السبب ، فيدخل في حديث " لعن الله آكل الربا وموكله " . " فتاوى إسلامية " ( 2 / 409 ) .
صرف الفوائد الربوية اتفقت كلمة المشتركين في الملتقى على أن فائدة البنوك هي ربا أما السؤال أنه هل يسحب مبلغ الفائدة من البنوك أو لا يسحب وإذا سحب فما هي مصارفه ؟ فقد اتخذ القرار التالي بهذا الصدد لا يترك في البنوك ما تعطي من المبالغ باسم الفائدة بل يسحب وينفق في المصارف التالية : أولا : ينفق مبلغ الفائدة الحاصلة من البنوك على الفقراء والمساكين بدون نية الثواب اتفقت على هذا كلمة المشاركين جميعا ثانيا : لا يجوز صرف هذا المبلغ في المساجد وشؤونها ثالثا : ذهب معظم المشاركين في الملتقى إلى أن مبلغ الفائدة يجوز صرفه في الأعمال الخيرية ماعدا مصارف الصدقات الواجبة وذهب الآخرون إلى أن يصرف تماما على الفقراء والمساكين لا غير * مجمع الفقه ( الهند ) قرار ( 5 ) .
تعليق : رضا أحمد صمدي الأخ إحسان العتيبي حفظه الله ، والأخوة الكرام المشاركين ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . أرجو أن تسمحوا لي بإضافة بعض المفاهيم لتوضيح مأتى الفتوى التي أجمعت عليها المجامع الفقهية بضرورة عدم ترك الفوائد للبنوك الربوية وبخاصة التي أسهمها ملك للأجانب . فأصل الفائدة أو الربا أنه ملك لدافعه ، والواجب رده إليه ، والدافع للربا ليس البنك شرعا وقانونا ، فالبنك عبارة عن شركة مساهمة ، والدافعون للربا هم المساهمون في البنك وكذلك المقترضون ، وقد استقر في عرف الاقتصاد جهالة صاحب الربا المدفوع عينا ، فصار الربا أو الفائدة التي يدفعها البنك لعملائه في حكم اللقطة التي لا مالك لها ، ولما رأى أهل العلم أن غالب البنوك تتصرف في الربا المتروك من أهل التقوى بغير ما أحل الله ، كما تفعله البنوك النصرانية من إنفاق تلك الفوائد المتروكة في بناء الكنائس ونحو ذلك أفتى علماء الأمة في العصر الحديث ولم أعلم لهم مخالفا بعدم جواز ترك الفائدة للبنك ، بل يجب أخذها من باب المصلحة المرسلة ( وهي التي لم يات في الشرع كلام بإثباتها أو نفيها كحالتنا هذه ) ، ويعلم من ذلك أنه لا تعارض بين أخذ تلك الفائدة وبين قول الله تعالى : فلكم رؤؤس أموالكم .. لإن الله تعالى سكت عن ذلك الربا فيما لو لم يكن له صاحب ، إذ لو كان له صاحب فهو أحق به ولا ريب ، ولكن قد علم أن الفائدة المتروكة لن تعود إلى أربابها بل سينفقها البنك فيما يراه صالحا وقد تنفقه بعض البنوك في إقامة حفلات تشرب فيها الخمور وتفعل فيها المنكرات ، فوجب درء المفسدة أو تقليلها كما وجب جلب المصلحة أو تكميلها وهذه هي قاعدة الشرع المطردة ، فالشرع جاء بذلك ووجب رعاية مقاصد الشريعة وعدم الوقف عند النصوص لأنها تدور مع العلة وجودا وعدما . وفي الجملة فترك الفوائد الربوية حرام لا يجوز ، كما أن الإيداع بدون ضرورة حرام لا يجوز ، والضرورة لها صورة ، وقد تنزل الحاجة منزلة الضرورة كحالة بعض الشركات التي لايمكن أن تمارس التجارة كالاستيراد والتصدير والتوريد إلا بخطابات ضمان واعتماد فهذه يرخص لها التعامل مع البنك ولكن يجب البحث عن البنك الإسلامي أي الذي يعمل قوانين الشرع فهو أولى من غيره ، وغالب البنوك ألإسلامية فيها قصور وتقصير ولكنها على أي حال أفضل من غيرها والمسئولية ستقع على اللجنة المراقبة ، فوجب التنبيه على هذا ، كما أن الضرورة تقدر بقدرها ، فلا يجوز التوسع في التعامل مع البنك متى كفى التعامل معه بالقدر المحتاج إليه . وختاما أسال الله تعالى أن ينقي أموال المسلمين من الحرام ، وأن يرزقنا الحلال الطهور ، إنه ولي ذلك والقادر عليه ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
رد : إحسـان العتيـبي الأخ الفاضل رضا قلت : ((، ولما رأى أهل العلم أن غالب البنوك تتصرف في الربا المتروك من أهل التقوى بغير ما أحل الله ، كما تفعله البنوك النصرانية من إنفاق تلك الفوائد المتروكة في بناء الكنائس ونحو ذلك أفتى علماء الأمة في العصر الحديث ولم أعلم لهم مخالفا بعدم جواز ترك الفائدة للبنك )) . وأخبرك أن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله يخالف في هذا ! قال الشيخ رحمه الله : ... فإن دعت الضرورة إلى ذلك بحيث يخشى الإنسان على ماله أن يسرق أو ينهب ، بل ربما خشي على نفسه أن يقتل ليؤخذ ماله : فلا بأس أن يضعها في البنك للضرورة . ولكن إذا وضعها للضرورة : فلا يأخذ شيئاً في مقابل هذا الوضع ، ويحرم عليه أن يأخذ شيئاً ؛ لأنه إذا أخذ شيئاً : فإنه يكون ربا ، وإذا كان ربا : فقد قال الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين . فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس موالكم لا تظلمون ولا تُظلمون } [ البقرة / 278 ، 279 ] . والآية صريحة وواضحة بألا نأخذ شيئاً منها ……الخ " فتاوى البيوع " ( ص 47 ) . ولكلام الشيخ رحمه الله تتمة تعاجزت عن كتابتها ، وفيها ( 8 ) وجه في المنع !
الأخ الفاضل جعفر تسميتهم هذا البيع " بيع المرابحة " ليس هو على ما أراده الفقهاء قديماً ، فهي تسمية محدثة بمعنى محدث لا أصل له – على الصورة المشتهرة - . فبيع المرابحة هو بيع الأمانة وهي التي يحدد فيها الثمن بمثل رأس المال ، أو أزيد ، أو أنقص. وسميت بيوع الأمانة بهذا الاسم لأنه يؤتمن فيها البائع في إخباره برأس المال ، وهو على ثلاثة أنواع : 1. بيع المرابحة : وهو البيع الذي يحدد فيه الثمن بزيادة على رأس المال . 2. بيع التولية : وهو البيع الذي يحدد فيه رأس المال نفسه ثمنا بلا ربح ولا خسارة . 3. بيع الوضيعة : - أو : الحطيطة ، أو : النقيصة - : وهو بيع يحدد فيه الثمن بنقص عن رأس المال - أي : بخسارة - . وإذا دققت النظر علمت أن الصورة لا تنطبق على بيع المرابحة بالمعنى الذي قاله الفقهاء . فإن قلتَ : إن المشتري يأتي للبنك ويتفق معه على ربح معين يضيفه البنك على رأس ماله : قلت لك : إن البنك أثناء هذا الاتفاق ليس مالكاً للسلعة !! وإن رأس مال البضاعة : ليس هو على معرفة به ، بل الذي يحدد رأس المال هو " المشتري " !! نعم هو المشتري وهو الذب يذهب ويماكس صاحب البضاعة ليأتي بأدنى سعر ! هذه حقيقة العقد ، دعك من ظاهره أخي الفاضل اجتماع من ذكرت على حل البيع لا يعني أنه إجماع ! وكيف يكون كذلك وقد خالف في جواز هذا البيع إمامان من أئمة الدنيا وهما : الشيخ الألباني والشيخ ابن عثيمين ؟؟ وهذا البيع مخالفاته للشرع كثيرة ، ومنها : 1. بيع ما لا يملك حيث يشتري البنك من غير مالك البضاعة الشرعي !! كيف ؟ أنا أقول لك – وقد حصل هذا معي ! – إذا أراد أحدٌ شراء سيارة من " الحراج " – وهي الصورة التي حدثت معي – فإنه يذهب لسوق الحراج ، فإذا رأى سيارة وأعجب بها : ماكس صاحبها حتى يحصِّل أدنى سعر فإن فعل : اشترى ودفع " عربوناً " وأخذ السمسار عمولته ! ويفترقان على أن يكون التسجيل للسيارة في الغد أو بعده والآن : من هو المالك الشرعي ! – لا القانوني – للسيارة ؟ إنه " المشتري " ويذهب الاثنان بعدها إلى " البنك الإسلامي " لتتميم البيع هناك وقبض البائع ! الثمن فكيف يتم الاتفاق في البنك ؟ ومن الذي يبيع البنك ؟ وممن يشتري البنك ؟ وممن يشتري المشتري !! مرة أخرى ؟؟ الذي يحصل : أن البنك يشتري السيارة من " البائع " !!!!! وهو لا يملك السيارة ، وكف يملكها وهو الذي باعني إياها بالأمس ؟؟؟ ثم إذا اشترى البنك منه ! باعني إياها !! وكيف يبيعني إياها وأنا مالكها الشرعي !؟ فالبنك اشترى ممن لا يملك ! والبائع باع ما لا يملك !! والمشتري اشترى ما يملك !!! 2. ربح ما لم يضمن وقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم والبنك لا تمر عليه لحظة " ضمان " يضمن فيها البضاعة المشتراة ! فأثناء وجودنا في " الحراج " لا علاقة له بالسيارة ولا بخرابها ولا بتلفها ، وأثناء مجيئنا إليه : كذلك ، وأثناء إإتمام الصفقة في البنك : كذلك ! فيشتري البنك ويبيع ويربح وهو لم يضمن لحظة واحدة ، بل ضمانها إما على البائع وإما على المشتري ! 3. البيع قبل الحيازة والبنك لا يحوز البضاعة لرحله ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم التجار أن يبيعوا السلع حتى يحوزها أحدهم إلى رحله . وهذا ما لا يفعله البنك ففي بعض الأحيان يؤتى بالبضاعة عنده عند " باب البنك " ! وفي أحيان قليلة " يقوم " معه الموظف ليرى البضاعة في " محلها " ! وأما قول بعضهم : إن هذا خاص بالطعام : فيرد عليه من وجهين : أ . عموم قوله " السلع " . ب . قول ابن عباس " ولا أحسب غير الطعام إلا مثله " . والمعروف أن ذكر بعض أفراد العموم بحكم موافق لا يخصص الحكم ، فذكر " الطعام " في حديث آخر بحكم موافق لا يجعل الحكم خاصا في الطعام كما هو واضح بيِّن . 4. فتح باب شر والشرور والمفاسد المترتبة على مثل هذه الصور كثيرة ، ومنها : أن بعض التجار صار يبيع " الفواتير " دون البضاعة ، وهذا يعلمه البنك ، لكن هم تجار كذلك – كما صرح مدير فرع لهم - ولا يهمهم سوى الربح ! وقد جاء بعض إخواننا التجار ليسألني عن حكم بيع الفواتير للبنك الإسلامي ! فلما استفسرت منه قال : إن كثيراً من الناس لا يريدون الشراء الحقيقي ، فيذهبون للتاجر ويتفقون معه على بضاعة وهمية يوقعون الاتفاق عليها ثم يرجعونها إلى التاجر نفسه ! فإذا استلم التاجر ثمنها من البنك : أعطاها للمشتري وأخذ منها نسبة تصل لـ 10 % ! والتاجر أخذ هذه النسبة على " البارد المبرد " فبضاعته عنده ، ومال المشتري والبنك في جيبه !! وإذا كانت لك " واسطة " في البنك : فإن بضاعتك لا تتحرك من مكانها !!! وقد حصلت قصة طريفة عندنا كما في الصورة السابقة ، وهي أن التاجر انقلب على المشتري فلم يعطه المبلغ لطمعه به ، وألزمه بالبضاعة فلم يكن للمشتري رغبة بها ، فقال له التاجر : دع البضاعة عندي ، وأتني كل آخر شهر لأعطيك قسط البنك تدفعه لهم !! 5. مشابهة بني إسرائيل في الحيل والمقصود الحقيقي من هذا العقد : هو ديْن يريده المشتري من البنك ، لكن البنك لأن اسمه ! " الإسلامي " ! لا يعطيه قرضاً حسناً ولا سيئاً يأخذ عليه ربا فاحتالوا بهذه الطريقة للوصول إلى هذا المقصود وللعلم فقد أعلن عن صفقة مولها بعض البنوك الإسلامية لشراء طائرة !! فأسألك بالله هل ذهب البنك ورآها فضلا أن يكون حازها ؟؟ إن الذي يحصل في هذه الصورة من العقد هو الحرام بعينه وهي الحيلة بعينها وكثير من التجار يشترون بضائعهم من الخارج ويتفقون مع المصانع ويدفعون العربون فإذا بقي التمويل والدفع جاء دور البنك !! فهل هذا البنك من التجار !!؟؟ ومما يدل على أنه ليس من التجار : أن موظف هذا القسم يشتري أي بضاعة ! فهل مر عليك " رجل " يفهم في " كل شيء " ؟؟ إن هذا الموظف لا يعدو دوره عن شراء " فواتير " وبيع لفقير لا يملك المال . وقد يكون فيه إضافة أو زيادة لكني أكتب بأصبع واحدة ! فلا أستطيع التكملة وقد لا أرد لأن الأمر واضح وأرجو أن يتضح لك ولغيرك وأذكرك أن العبرة في العقود بمعانيها وحقيقتها لا بألفاظها وظاهرها . والله أعلم
كتبه إحسان بن محمد بن عايش العتيبـي أبو طارق